الملك يهنئ ترامب بالعيد الأمريكي    مجلس النواب يراسل الحكومة بسبب غياب الوزراء ويرفض مخاطبة نائبة ب"لالة"    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    بنك المغرب: ارتفاع الإنتاج والمبيعات الصناعية في ماي.. وتراجع في قطاع النسيج والجلد    افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة    تراجع أسعار النفط في ظل انحسار التوتر في الشرق الأوسط وتوقعات بزيادة الإمدادات    إبادة مستمرة.. إسرائيل تقتل منذ الفجر 46 فلسطينيا بقطاع غزة    إحصائيات مذهلة وأداء استثنائي.. حكيمي يفرض نفسه في سباق الكرة الذهبية    الغلوسي يمثل أمام القضاء بعد شكاية من برلماني عن "الأحرار"    المؤسسة المحمدية لمغاربة العالم تمثيلية عادلة في إنتظار التنزيل التشريعي    والد البلايلي: يوسف لم يرتكب أي جريمة وما تعرض له غير مقبول تماما    افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة        نهاية درامية للملاكم شافيز جونيور.. خسارة نزال واعتقال وترحيل مرتقب    مونديال الأندية: إينزاغي يؤكد ثقته بالهلال أمام فلوميننسي "المنظّم"    حريق المنار بالجديدة يوقظ بمطلب ثكنات إضافية للوقاية المدنية للإنقاذ العاجل    بورصة الدار البيضاء تفتتح بأداء سلبي    توقعات طقس الجمعة بالمغرب    بوريل: مرتزقة أمريكيون قتلوا 550 فلسطينيا في غزة خلال شهر    سبعة مغاربة بربع نهائي الموندياليتو    عميد نادي الزمالك المصري "شيكابالا" يضع حدا لمسيرته في الملاعب        الأعمال المعادية للمسلمين في فرنسا ترتفع بنسبة 75 بالمائة    إسبانيول يبادر إلى "تحصين الهلالي"    لقجع يؤكد طموحات الكرة المغربية    حملة تحذر من الغرق في سدود سوس    المغرب يسعى لتجاوز عوائق التمويل الإسلامي بالتعاون مع شركاء دوليين    مجلس الحكومة يقر مقتضيات جديدة لتعزيز التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة    تحركات احتجاجية تعلن الاستياء في أكبر مستشفيات مدينة الدار البيضاء    إقليم السمارة يكرم التلاميذ المتفوقين    أسر الطلبة العائدين من أوكرانيا تترقب "اللقاء المؤجل" مع وزارة الصحة    أمسية تحتفي بالموسيقى في البيضاء    شح الدعم يؤجل أعرق مهرجان شعري    قيمة مشاريع وكالة بيت مال القدس    البيضاء.. توقيف مواطن ينحدر من إحدى دول إفريقيا جنوب الصحراء بعد اعتراضه الترامواي عاريا    توقيف شخص متورط في تخريب ممتلكات عمومية بمنطقة اكزناية بعد نشر فيديو يوثّق الحادث    حركة غير مسبوقة في قنصليات المغرب    وفاة نجم ليفربول ومنتخب البرتغال في حادث مأساوي    المواد الطاقية تقود انخفاض أسعار واردات المملكة خلال الفصل الأول من 2025    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    غواتيمالا تعتبر مبادرة الحكم الذاتي "الأساس الجاد" لتسوية النزاع حول الصحراء المغربية    إيران تؤكد التزامها معاهدة حظر الانتشار النووي    دعم 379 مشروعا في قطاع النشر والكتاب بأزيد من 10,9 مليون درهم برسم سنة 2025    تمديد أجل طلبات الدعم العمومي لقطاع الصحافة والنشر    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    بعد مراكش وباريس.. باسو يقدم "أتوووووت" لأول مرة في الدار البيضاء    الرجوع إلى باريس.. نكهة سياحية وثقافية لا تُنسى    رئيس الاتحاد القبائلي لكرة القدم يكتب: حين تتحوّل المقابلة الصحفية إلى تهمة بالإرهاب في الجزائر        تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    الراحل محمد بن عيسى يكرم في مصر    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمازيغية الطبيعية والأمازيغية الاصطناعية
نشر في هسبريس يوم 16 - 10 - 2015

يَقول الفصلُ الخامس مِن دُستور المملكة المغربية (2011):
"تظل العربية اللغة الرسمية للدولة.
[...]
تُعَد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشترَكاً لجميع المغاربة، بدون استثناء.
يُحدِدُ قانونٌ تنظيميٌ مراحلَ تفعيلِ الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية."
أيُّ أمازيغية؟ يَتساءل المُواطنُ حائراً، لِأنّه اعتاد على وُجودِها بصيغةِ الجمع (سوسية، أطلسية، ريفية): ثلاثُ لغاتٍ/ ألسنٍ/ لهجاتٍ أمازيغية، وليس واحدة. كما يَتساءل، والفضولُ يَفرض نفسَه في قضية مصيرية كهذه، عنْ هذه الأمازيغية التي يُقال إنها صارت رسمية دستورياً: أين كانت؟ ومِن أين جاءت؟ وهل لها تاريخ؟ ولماذا لم نرَها من قبْل؟ وما علاقتها بالأمازيغيات الموجودة؟ وهل ثمة مخطوطات؟ وهل ستُفرَض على المغاربة أم هي اختيارية؟
وبما أنه لا وُجودَ لِلغةٍ أمازيغيةٍ مُوحَّدة منذ قرون من الزمن، يقف المُواطن مَذهولا عندما يَكتشف بأنَّ الأمازيغية التي تُرشِحها جِهةٌ مُعيّنة للترسيم هِي لسانٌ تمّتْ صناعتُه بطريقة هاوية في "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" (إركام) بأموال عمومية طائلة وموظفين مغاربة (مُعظمُهم مِن منطقة مُعيّنة، أو متحيزين لها). وبذلك تَكُونُ هذه "الأمازيغية الإركامية" عِبارةٌ عَن أمازيغيةٍ رابعةٍ، اصطناعية لأنها لمْ تنبثق مِن أمازيغ المغرب، شمالِه ووسطِه وجنوبِه.
والأخطرُ مِن ذلك أنّ صُناعَ هذه اللغة اعتمدوا في صناعتها أساساً على مَعدنِ جهتهِم (سوس والنواحي) وأرادوا لأمازيغ الجهتيْن الأخريَيْن أنْ يَعتمِدوها لغة رسمية بَدَل الريفية والأطلسية. وهكذا تحوَّلتْ مُهمة الإركام، في غفلة مِن أهالي الريف والأطلس، مِن مُؤسسةٍ استشاريةٍ إلى هيئةٍ تفرِضُ الوِصاية على كافة أمازيغ المغرب: تأمُر وتنهَى في لغتهم وثقافتهم، وتَنطِقُ باسْمِهِم في الداخل والخارج. ويَستغلُّ الإركاميون ومَن وَالاهُم لُبسة العبارة في الدستور (المادة الخامسة) ليقولوا للناس إنَّ الأمازيغية المقصود ترسيمُها هي السُوسية المُأركَمة. ولا عجبَ إذا رأينا المستفيدين من الإركامية يُسَرّعون نُواب الأمة لكيْ يُخرِجوا لهم قانوناً تنظيمياً على هَواهُم.
في مُقابلِ التوجُهِ الأُصولي لمُبتدِعِي ما سَمَّوْهُ "أمازيغية مِعيارية" (الإركامية)، الذي يَستأصِلُ أمازيغية الأطلس وأمازيغية الريف لصالح أمازيغية سوس، نَعُود ونقترحُ التشبثَ بالألسن الأمازيغية الثلاثة والرُقيّ بها إلى التقعيد والتدوين، في الجهات الأمازيغية الكبرى الثلاث بالمغرب. فالتاريخُ والواقعُ والعقلُ يَقولون إنَّ لدينا في المغرب ثلاثةُ ألسنٍ أمازيغية مُستقلة عن بعضها البعض، نُطقاً ومُعجماً، بل وثقافةً، منذ قُرون من الزمن، رغم بعضِ التشابهِ فيما بينها باعتبارِها شَقيقاتٍ مِن أُمّ واحِدةٍ.
بناءً على ما سَبق، يَجب على مُمثِلي الأمّة في البرلمان والسلطة التنفيذية، المَعنيّيِن بإعداد وإخراج القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، أنْ يَستوعِبوا حَساسِيّة وخُطورة هذا المِلف، بَعيداً عنِ العاطفة والارتجال، ويَضعُوا مَصلحة الوطن والمُواطنين قبْل مَصلحة الحِزب والقبيلة فَلا يُغفِلوا بأنَّ الأمازيغية الحقيقية في المغرب هي تلك التي تَوارَثها وتداوَلها أمازيغ المغرب بشكلٍ طبيعي لِمئاتِ السِنين، وليس تلك الاصطناعية التي يُريد مُبتدِعوها وذَوُو المصالح الضيقة أنْ يُطبّعُوا المغاربةَ عليها لأسبابٍ ذاتية وبأساليبَ دِيماغوجية.
على مُمثلي الإرادة الشعبية أنْ يَتعامَلوا مع الألسنِ الأمازيغية الثلاثة برُوحِ الواقعيةِ وعيْنِ العقلِ، بِدُون مُحاباةٍ أوْ تَسَرُّعٍ، فيَعمَلوا على إخراجِ قانونٍ تنظيميٍ يُفَعِلُ الطابعَ الرَّسمي لِلأمازيغية المَوجودة، أيْ لِ"تمازيغت" و"تاريفيت" و"تشلحيت"، احتراماً للمُواطنين الناطقين بكُلِ واحدةٍ مِنها وتمكيناً لهُم مِن استعمالِها في جِهتِهِم استعمالاً رَسمِياً وعمَلِياً في المَرافقِ العمومية والشأنِ الجَماعي والإدارةِ والمَحكمةِ إلخ.
*أكاديمي ومترجِم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.