بدعوة من "منتدى طنجة للدراسات الدولية"، التابع لجامعة نيو إنغلند بولاية ماين، وفرعها بطنجة، قدم الفيلسوف والمحلل النفسي الفرنسي، دانييل سيبوني، محاضرة باللغتين الفرنسية والإنجليزية، موضوعها: "اليهود والمسلمون في التاريخ"، من خلال ثلاثة محاور هي الصراع في الشرق الأوسط، وإقامة اليهود بالدول العربية، وعلاقة القرآن باليهود. ولاحظ سيبوني في البداية أن القرآن أعاد سرد الأحداث الواردة في التوراة بطريقة تجعل اليهود يجردون من قيمتهم، لتصبح صورتهم سلبية جدا، واستشهد بواقعة صنعهم العجل الذهبي في التوراة. وأضاف "كان الرب غاضبا من اليهود، وموسى غاضبا منهم أيضا، ثم قام بمذبحة ضدهم، وطلب من الله أن يسامحهم. الفيلسوف، المزداد في المغرب من عائلة يهودية، أشار أيضا إلى أن "القرآن أعاد كتابة معظم الوقائع الخاصة باليهود، والواردة في التوراة، حتى يبدون دائما خونة"، متابعا بالقول :"حين نبحث في وقائع اليهود في المدينة لا نرى أنهم خانوا محمدا، بل كانوا سلبيين أحيانا، ويصعب أن نفهم لِمَ لعنهم إلى الأبد، فقط لأن بعضهم لم يحسنوا التصرف. ولاحظ المحاضر أن "في القرآن آيات هادئة، منها: "كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، وأيضا: "ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون"، مؤكدا أن اليهود يعيشون في سلام حين لا تكون للمسلمين رغبة في التعبير عن العلاقة الأصلية بالآخر، وعندما يكونون في حاجة إلى التعبير عنها تنتج عن ذلك مذابح. وأكمل "يقال إن سبب مغادرة اليهود للدول العربية نحو إسرائيل هو نشوء الدولة، وأنه لما أنشئت دولة إسرائيل كانت صورة اليهودي في العالم العربي مهينة جدا، فهو من لعنه الله، كما في قول القرآن: "فويل لهم مما كتبت أيديهم"، كما أن القرآن يتهم اليهود بتحريف الرسالة.. واستطرد المتحدث بأن اليهود كانوا يشعرون بهذا التناقض الفكري بقوة، ولعبوا في العراق ومصر الورقة الوطنية، ورغبوا في أن يكونوا مصريين وعراقيين. لكن مع نشوء إسرائيل، التي كسرت صورة اليهودي المتواضع والذليل، والمغلوب على أمره، انتهى أمر الوجود اليهودي في العالم العربي. وتابع سيبوني، "يمكن أن تكون هناك أسباب تدفع العرب إلى إلقاء اللوم على اليهود في ما يخص فلسطين. ولكنني على يقين أن العامل في الدارالبيضاء، أو الشيخ في العربية السعودية، لا يهمه أن يستعيد الفلسطينيونالضفة الغربية. الحقيقة أن المشكل الحقيقي هو أن نعثر على سبيل كي لا يعبر الناس عن الحقد، ولتأكيد الوجود والهوية لا نحتاج كراهية الآخر، وآنذاك تنتصر الحياة." وختم سيبوني بأن الدين دعامة هوية المسلمين، لكن هذه الدعامة تبقى بعيدة إذا تعلقت بالحداثة، حين يأتي مسلم إلى مستشفى من أجل طفل أنابيب، ولكنها تستيقظ خلال أحداث بعينها مثل الصور المسيئة للرسول؛ بينما قضية الهوية معقدة عند اليهودي، حيث إن هناك هويات بعدد اليهود...