بعْدَ مقاطعة الدروس التطبيقيّة والنظرية في مختلف المراكز الجهوية للتربية والتكوين، إثرَ إقدام الحكومة، يوم 23 يوليوز الماضي، على المصادقة على المرسوم 2-15-589، القاضي بفصل التكوين عن التوظيف بالنسبة لطلاب المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين؛ خاض الأساتذة المتدرّبون الذين حجّوا إلى العاصمة الرباط من 41 مركزا جهويا لمهن التربية والتكوين وقفة احتجاجية أمامَ مبنى وزارة التربية الوطنيّة، رافعين شعاراتٍ مطالبة بإسقاط المرسوم الذي أعدته وزارة رشيد بلمختار وصادقتْ عليه الحكومة، قبْلَ أن يخوضوا مسيرة في اتجاه مبنى البرلمان؛ قدّرَ المنظمون عدد المشاركين فيها ب9 آلاف شخص. وطوَّق الأساتذة المتدرّبون أذرعهم بشاراتٍ حمراءَ، وجباههم بأشرطة تحمل عباراتٍ تطالبُ بإسقاط المرسوم 2-15-589، وكذلك المرسوم 2-15-588، القاضي بتقليص المنحة التي كانوا يحصلون عليها، وصافينَ المرسومين ب"المشؤومين"، كمَا رفعوا شعاراتٍ قويّة ضدّ وزيرَ التربية الوطنية والتكوين المهني رشيد بلمختار، مطالبينَ إيّاه بالرحيل. وأبْدىَ الأساتذة المتدربون إصراراً على مواصلة مقاطعتهم للدروس التطبيقية والنظرية داخل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. وقالَ أحدُ مؤطّري المسيرة الاحتجاجية، في كلمة قُبيْل انطلاقها: "نؤكّد أنّ معركتنا مستمرة إلى أنْ يسقط المرسومان ولن يوقفها القمع"، وكانَ يُوجّه خطابه إلى مسؤولي الأمن الذين أطّروا التعزيزات الأمنيّة المكثفة التي واكبت المسيرة. واتّهم الأساتذة المحتجون، في الكلمة ألقيتْ نيابة عنهم، وزيرَ التربية الوطنية والتكوين المهني، ومن ورائه الحكومة، بالسعي إلى "الإجهاز على التعليم العمومي، تحت وصاية الدوائر الغربية، لفتح الباب مشرعا أمام أنياب التعليم الخاص لتنهشَ أجسادنا". وأضافَ مُلقي الكلمة تحت هُتاف الأساتذة المحتجين: "جئنا لنقول للوزير في كلمة واحدة، نحن رافضون ومقاطعون وصامدون إلى حين الاستجابة لمطالبنا، وعليْه أن يأخذ هذا الكلام على محمل الجدّ". وطغتْ نبرةُ التحدّي على شعاراتِ أساتذة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وقالَ المتحدث باسمهم إنَّ مسيرة اليوم التي خاضوها في الرباط "ليست سوى بداية معركة تاليّة ستكون ضاريّة"، وزاد من جرعة التحدّي مضيفا: "لكننا متيقّنون من أننا سننتصر فيها بلا شكّ". وفي رسالة إلى النقابات العمالية والأحزاب السياسية المعارضة، والطلبة المعطلين، أردف المتحدث: "الحكومة تمهّد لإجراءات خطيرة على جميع المستويات، ونحنُ لسنا سوى تلك الرصاصة التي توجدُ في فوّهة البندقية، وستليها رصاصات أخرى". وشُوهدتْ تعزيزات أمنيّة مكثّفة منذ الصباح الباكر في الساحة المقابلة لوزارة التربية والوطنية، حيث انطلقت مسيرة الأساتذة المتدربين، ونشبَ خلاف بيْن مؤطري المسيرة ومسؤولي الأمن، بعدمَا طلبوا منهم تغيير مسار المسيرة إلى شارع مولاي يوسف، بدَلَ الشارع الذي يمرّ منه "الترام"، بداعي عدم عرقلة حركة السير. وقبل أن تنطلق المسيرة ندّدَ الأساتذة المحتجون بما أسموه "القمع الأمني"، وفي تحذير من مغبّة أيّ تدخّل أمني رددوا: "اعتقالات.. استفزازات.. تؤجّج النضالات".