الاحتفال ‬بعيد ‬الاستقلال ‬في ‬ظل ‬الوحدة    عامل الحسيمة يترأس مراسيم تحية العلم بمناسبة عيد الاستقلال    ‬الشعب ‬المغربي ‬يخلد ‬بكل ‬مشاعر ‬الفخر ‬والاعتزاز ‬الذكرى ‬السبعين ‬لعيد ‬الاستقلال ‬المجيد    "التقدم والاشتراكية" يدعو إلى انفراج سياسي وحقوقي لإنجاح مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء    فتيحة خورتال: السياسة المينائية من الرافعات القوية لتعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب    المجلس ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬والبيئي ‬يكشف:‬ 15 ‬ألفا ‬و658 ‬حالة ‬تعثر ‬سجلتها ‬المقاولات ‬الصغيرة ‬جدا ‬والصغرى ‬بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    روسيا تعلن محاصرة قوات أوكرانية    الركراكي: لدينا حالة ذهنية عالية ومجموعة جيدة لخوض كأس أمم إفريقيا    بعد الإطاحة بمالي.. باها يؤكد أن المغرب قادر على الذهاب بعيدا في المونديال    النيابة العامة تنفي أخبارا زائفة عن تزويج قاصر في القنيطرة وتبحث عن الجهة التي مست بخصوصية الطفلة    استعراض حصيلة تنفيذ المخطط الجهوي لمشروع "مؤسسات الريادة" ،بجهة طنجة تطوان الحسيمة    الرئيس ترامب يعلن السعودية "حليفا رئيسيا" من خارج حلف شمال الأطلسي    بن سلمان يقدم رونالدو إلى ترامب    وزارة الصحة تؤمن نقلا جويا استعجاليا لرضيع حديث الولادة من العيون إلى الرباط    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    موظفو "لاراديل" سابقاً يخرجون للاحتجاج بعد إدماجهم في الشركة الجهوية متعددة الخدمات SRM(TTA)    جمعية منار العنق للفنون تنظم مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير في دورته العاشرة    طنجة.. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الأوغندي وديا بأربعة أهداف لصفر    القنصلية العامة في لندن تحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ميناء طنجة المتوسط : إحباط محاولة لتهريب كمية من الذهب    العرائش... مدينة تغرق في أولى زخات المطر : "روغار" مفتوح يفضح تقاعس المسؤولين ويهدد سلامة المواطنين    ولوج الموانئ... تنظيم محكم وترخيص صارم (المادة 49)    رياض السلطان يستضيف جاك فينييه-زونز في لقاء فكري حول ذاكرة المثقف    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    الأمن يضع كاميرات المراقبة لأول مرة في شوارع أكادير    العرائش: رئيس الائتلاف المغربي للسائقين غير المالكين يؤطر لقاء تواصليا لمهنيي سيارات الأجرة    ترامب يوبّخ صحفية لسؤالها عن خاشقجي ويدافع عن بن سلمان.. والأخير يعلن رفع استثمارات بلاده في أمريكا إلى تريليون دولار    العرائش: قسم الاقتصاد و التنسيق يستعد لتنزيل القرار العاملي مطلع السنة المقبلة و مخاوف من سحب المأذونيات من المستغلين في وضعية غير قانونية    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    تأهل سيدات الجيش الملكي لنهائي دوري أبطال إفريقيا بعد تغلبهن على مازيمبي    الجزائر "شاهد زور".. من خان فلسطين فعلاً؟    نبيل باها: المنتخب الوطني قادر على الذهاب بعيدا في المنافسة    ترامب يستقبل ولي العهد السعودي في زيارة رسمية إلى البيت الأبيض    حكيمي يتوج بجائزة "الأسد الذهبي" لسنة 2025    مهدي اغويركات يفوز بجائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 من الأكاديمية الفرنسية    المكتب الوطني للسياحة يفعل إجراءات مهمة استعدادا ل"الكان"    اتحاد طنجة ينفصل عن مدربه هلال الطير    تشكيلة "أشبال U17" أمام منتخب مالي    سعيد التدلاوي يندد بغياب التشاور بين وزارة الفلاحة والغرف الفلاحية    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين        "دينوس ألايف".. المعرض التفاعلي المخصص لعالم ما قبل التاريخ يصل الدار البيضاء    الملك يتوصل بتهنئة رئيس الإمارات    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    الشعب المغربي يحتفل غدا الأربعاء بذكرى ميلاد الأميرة للا حسناء    الإعلان عن الفائزين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في دورتها ال23 بالرباط    الذهب يواصل انخفاضه متأثرا بصعود الدولار    حجيرة: طاقات تصديرية "غير مستغلة"    مشاركة مغربية في ندوة للجيش الإسرائيلي لاستخلاص الدروس من "حرب الإبادة" في غزة    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متحف الشارقة للحضارة الإسلامية .. نقطة ضوء في واقع مظلم
نشر في هسبريس يوم 16 - 11 - 2015

من العراق مآثر لا تنضب، ومن سوريا شواهد إنسانية استوطنت منذ أزمنة غابرة، وحين حل بها المسلمون أبدعوا في حواضرها عمارة وفنا، ومن أقصى الشرق العثماني والفارسي والغرب الأندلسي على حد سواء تحف فنية مبهرة، ومن كل ركن من العالم الإسلامي حركة فنية وعلمية لا تهدأ، إلا مع بلوغ عجلة التاريخ لحظة انحطاط الدول التي حكمت الرقعة الإسلامية وساست شعوبها.
هذه الأزمنة المديدة، وغيرها من اللحظات المشرقة في التاريخ الإسلامي، يروي متحف الشارقة للحضارة الإسلامية سردياتها، وقصص نجاح المسلمين على مدى قرون في امتلاك ناصية الإبداع الفني والنجاح في البحث العلمي، تألقت خلالها مدن عربية وإسلامية، قبل أن ترتد اليوم إلى عهود الانحطاط، بفعل التطرف الديني وقهر نظم الاستبداد.
المتحف الذي كان في الأصل سوقا تقليديا تم تحويله إلى تحفة معمارية تعكس ثراء فن العمارة الإسلامي، بزخارفه التي تمزج أنماطا مختلفة، منها وليدة أقصى الشرق، وأخرى مستوحاة من أنماط البناء في حواضر الغرب الإسلامي.
المتحف الذي افتتح سنة 1996، وأعيد افتتاحه مرة أخرى سنة 2008، ليحمل اسم متحف الشارقة للحضارة الإسلامية بعد إعادة تأهليه مبناه، اجتهد القائمون عليه في اقتناء واستجلاب عدد من القطع الأثرية الفنية الفريدة، التي تؤرخ للإبداعات الفنية والجمالية داخل الرقعة الإسلامية على امتداد حقب وأزمنة عدة، الخيط الناظم بينها ملكة فذة امتلكها مبدعون ترعرعوا داخل الثقافة الإسلامية، وتمكنوا أن يزاوجوا بين انتمائهم الديني، الذي يعد أحد المحددات الأساسية لهويتهم، وبين الفن باعتباره نزوعا فطريا للخلق والإبداع.
ثنائية "الإسلام والفن" التي تنضاف إلى ثنائيات سجالية أخرى ك"العلم والإيمان" وغيرها، وكانت محل خلاف واسع ونقاشات مستفيضة في العالم الإسلامي، بين جواز وتحريم، يحاول متحف الشارقة أن يبرهن، بالشاهد المادي الحي، على أن المجتمع الذي سكن الرقعة الإسلامية جسدها واقعا معاشا، من خلال عرضِ قطع أثرية تسلط الضوء على أهم إنجازات العلماء والمخترعين المسلمين خلال عهود إسلامية مشرقة، كان العرب والمسلمون خلالها يمتلكون زمام المبادرة التاريخية، وثقةً لا تشيخ بقدرتهم على الريادة.
ينقسم المتحف إلى أروقة مختلفة، يحتوي كل منها على قطع أثرية يعود بعضها إلى القرن الأول هجري، فرواق العقيدة يعنى بكل ما يرتبط بأركان الإسلام الخمس، والمبادئ المؤسسة للمعتقد الإسلامي، ولعل أبرزها جزء من ستار الكعبة المشرفة مزين بآيات قرآنية مزخرفة بخطوط ذهبية، إلى جانب صنوف مختلفة من المصاحف القرآنية.
غير بعيد عن رواق العقيدة، تنتصب عدد من الاختراعات العلمية التي أبدعها علماء مسلمون، من بينها آلة الإسطرلاب التي طوروها لأغراض دينية، كتحديد اتجاهات قبلة الصلاة، وأخرى مرتبطة بعالم الفلك والملاحة وأماكن الأجرام السماوية، إلى جانب عرض أدوات استخدمها الأطباء المسلمون في العلاج وإجراء بعض العمليات الجراحية.
ويرصد المتحف ثراء الحضارة الإسلامية، إذ مع توسع المناطق الخاضعة لسيطرة الدول التي تعاقبت عليها انفتحت شعوبها على روافد حضارية أخرى، كالفارسية والتركية وحضارات أقصى شرق آسيا، فانعكس ذلك بشكل جلي على تنوع الفنون الإسلامية وبداعة رونقها.
كما يضم المتحف جناحا خاصا بالفنون الإسلامية، يوثق لعهود ما بعد القرن السابع هجري، إذ شهدت الرقعة الإسلامية تنافسا طاحنا بين قوى إقليمية كبرى حول السيادة على المنطقة، لا تختلف عن تلك الجارية في أيامنا هذه، بين الفرس والعثمانيين، في ظل تهديد مستمر للماغول، إلا أن ذلك انعكس إيجابا على ثراء وتنوع القطع الفنية، في ظل تبادل ثقافي حيوي بين مختلف هذه المكونات الحضارية.
ويعرض المتحف أيضا عددا من الأدوات الحربية التي استخدمها المقاتلون المسلمين في حروبهم وغزواتهم، وسلسلة مميزة من القطع النقدية صكت أقدمها في العهد الأموي.
والمتجول بين أروقة المتحف وجنباته يلمح أسماء حواضر عربية عدة، مقرونة بتحف فنية أو إنجازات علمية، مهدت لما سيشهده الغرب بعدها بقرون من نهضة علمية. هذه الحواضر نفسها كانت في ما مضى موطنا للمدنية ومنشأ للثقافة ومشتلا لو كفت عنه نظم الاستبداد شرورها لأزهرت في رحابه ديمقراطيات سامقة.
وهي المدن ذاتها، التي استحالت اليوم إلى عواصم للقتل لا تنتصب في سماواتها غير أعلامٍ سود، وأخرى تمعن في التذكير بالطائفة والإثنية والعرق، أما شواهد الأمم التي بنت وعمرت على أرضها، طالتها يد الخراب تفجيرا، أو نُهبت آثارها وسرقت خلسة ورُحلت إلى واجهات المتاحف الغربية.
الحاجة للمصالحة مع التراث الإسلامي وإعادة النظر فيه وإليه، من منطلق نقدي، هي الحاجة ذاتها، المتزايدة في أيامنا هذه للتطبيع مع الفنون والذائقة الفنية، والتبصر في ماضٍ عريق، لم يستثنها كأساس لتطور المجتمع ونهضته، وجزء من هوية الشعوب الإسلامية، وهي الرسالة التي يقول متحف الشارقة إنه حريص على نقلها لكل الجائلين بين أروقته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.