مجلس الحكومة يصادق على فتح اعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة        "ذا صن": أتلتيكو مدريد يقترب من ضم نايف أكرد خلال الميركاتو الصيفي        استقرار أسعار النفط مع تقييم المستثمرين لقرار "أوبك+" خفض الإنتاج    كليات الطب تعلن تأجيل الامتحانات استجابة لمطلب الطلبة ولفسح المجال لتطويق الأزمة    مسيرة حاشدة بمكناس تدعو لوقف حرب "الإبادة" الإسرائيلية على قطاع غزة    فوز مرشحة اليسار الحاكم كلاوديا شينباوم بالانتخابات الرئاسية في المكسيك    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بالأخضر    اتحاد الكرة البلجيكي ‬يستبعد عودة كورتوا للمنتخب    المنتخب المغربي مكتمل الصفوف يواصل التحضير لمباراتي زامبيا والكونغو    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية ليوم الإثنين    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب اليابان    صحيفة إسبانية تهتم بتعزيز المغرب دفاعه بإنشاء منطقتين للصناعة العسكرية    ارتفاع أسعار النفط بعد قرار "أوبك بلس"    بعد جدل "القبلة الأسترالية".. مطالب بفتح تحقيق عاجل في الصفقات الطاقية    "أونسا" تحذر المغاربة بخصوص أضحية العيد    رغم الجفاف.. المنتجات الفلاحية تغزو الاتحاد الأوربي    القسم الثاني: مفاجآت عدة تبقي الإثارة متواصلة في مقدمة وذيل الترتيب    السياحة المغربية تواصل نموها.. 31.9 مليار درهم حتى نهاية أبريل    الفنيدق: استعدادات مكثفة لإنجاح الموسم الصيفي    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الإثنين    طلب عروض لبناء 14 حجرة دراسية و4 وحدات للتعليم الأولي بمدينتي الفنيدق ومرتيل    حماية المحيطات.. الأمم المتحدة تدعو إلى تعبئة جماعية    من ضمنها "شات جي بي تي".. بحوث بالذكاء الاصطناعي "تورط" خريجي جامعات    لهذه الأسباب.. تأجيل امتحانات الدورة الربيعية لكلية الطب والصيدلة بطنجة    عمر ‬هلال ‬يفحم ‬مجددا ‬ممثل ‬الجزائر ‬بالأمم ‬المتحدة ‬و ‬يفضح ‬أساليبه ‬الملتوية:‬    120 شاحنة للنقل الدولي تنتصر عبر دول العالم لقضية الصحراء المغربية    المطار الدولي ببني ملال يستأنف نشاطه    "الإهمال" و"الفوضى" يطالان واحة سيدي يحيى بوجدة    اليابان ‬تدعم ‬جهود ‬المملكة ‬لتسوية ‬قضية ‬الصحراء ‬المغربية ‬وكوريا ‬تراهن ‬على ‬المغرب ‬باعتباره ‬بوابة ‬لإفريقيا ‬    إسرائيل توصي مواطنيها بعدم السفر لجزر المالديف    بدعم من اليونسكو ومن أجل نشر المواد الصحفية المتنوعة : المعهد العالي للإعلام والاتصال يطلق منصة بيداغوجية ومهنية لفائدة الطلبة    من هم مساعدو مدرب برشلونة الجديد؟    تعرض صحراويين للقتل من طرف الجيش الجزائري.. إعدام خارج القانون    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الرجاء البيضاوي يعتلي الصدارة في انتظار خطوة واحدة بوجدة    الجامعة الملكية المغربية للملاكمة بطولة المغرب التأهيلية للملاكمة كبار للموسم الرياضي 2024/2023    الدراج العثماني يحل ثانيا في "غاروا"    مداهمة مقاهي للشيشة وسط طنجة وتوقيف أشخاص مبحوث عنهم    موسيقى جهجوكة.. نغمات صوفية من جبال المغرب إلى أبرز مسارح العالم    المؤتمر الوطني الإفريقي يخسر غالبيته المطلقة في برلمان جنوب إفريقيا ويبحث عن ائتلاف    تتويج الفنان والعازف السعودي عبادي الجوهر بجائزة زرياب للمهارات بمهرجان تطوان الدولي للعود    The Village Next to Paradise فيلم من الصومال تتغنى به المواقع السينمائية حول العالم    بعد منع أسماء لزرق من الغناء بتونس.. فنانون مغاربة يطالبون ب"تطبيق المعاملة بالمثل"    انطلاق أعمال القمة الدولية لريادة الأعمال ونهائي برنامج الإيسيسكو لتدريب الشباب بمجال التكنولوجيا    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    «الموسوم الوجيه بأعلام آل الشبيه» : كتاب يتتبع مسار العائلة والزاوية الإدريسية لثلاثة قرون    أول مغربية تقاضي أسترازينيكا تصف الحكم القضائي بالتعويض المالي بالمنصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى رئيس الحكومة
نشر في هسبريس يوم 12 - 12 - 2015


سيادةَ رئيسِ الحكومة،
إلى أين أنتَ سائرٌ بنا؟
اللُّعبةُ واضحة..
العبَثُ مكشُوف..
ولعلّكَ أنتَ فقط، ومعكَ نُخبتُكَ «السياسية»، لا تُدرِكُون المخاطرَ التي تَجُرُّونَ إليها مُجتمعَنا..
وها هي الاحتجاجاتُ تتعالَى من كُلّ القطاعات، وأنتَ ما زلتَ على نفسِ «الاستراتيجية التْشُومْسْكِية»!
لا تُدركُ أنك تُشْعِلُ الشوارع..
وأنّ الوعيَ ينتشرُ أكثرَ فأكثر..
وأنّ التّجاهُلَ لم يعُدْ يُجْدِي..
والمَناعةَ قويّة.. فاعِلة.. فعّالة..
كأنّك لا ترى ولا تسمعُ ولا تقرأُ ما يقولُه الناس.. وما يتبادلُونه من تعاليقَ على سياستِك الاجتماعية..
إنكَ أنتَ ونُخبتُكَ تُنَفّذُون الاستراتيجياتِ العشرة للمفكّرِ الأمريكي «نَعُوم تْشُومْسْكِي»، وقد عَنْوَنَها: «استراتيجياتٌ للتّحكُّمِ في الشعوب»..
أنتَ تُنَفّذُها بالحرف..
تُنَفّذُها سواءٌ كُنتَ تعرفُها، أو تَجهلُها..
وفي الحالتيْن هي تعرفُك!
تعرفُ أنّ سياستَك الاجتماعية تُركّزُ على ما يدفعُ إلى الخلْف..
فكأنك تُريدُ لبلدِنا أن يَبقَى على سُرْعَتيْن: سُرعة تتمثلُ في المشاريع الكُبرى، وسُرعة في الاتجاه المعاكس..
سُرعتان في اتّجاهيْن مُختلفيْن: المشاريع الكُبرى «إلى الأمام»، والقضايا الاجتماعية «إلى الخلف»!
هل أنتَ مع التّطوُّر أم ضدّ التّطوُّر؟
حُكومتُك لا تشتغلُ «إلى الأمام»، من الزاوية الاجتماعية..
أنت تُنَفّذُ حرفيًّا استراتيجياتٍ قد نَبّهَ إلى خُطورتِها المفكّرُ الأمريكي «نَعُوم تْشُومْسْكِي»..
ومن هذه الاستراتيجيات: إبقاءُ المُجتمع في حالةِ تنويمٍ وتخديرٍ وتجهيل.. وحكومتُك تنشرُ المزيدَ من الجهل في أوساط فُقراءِ البلد، بدليلِ أنك لا تحُلُّ مشاكلَ التّعليم العُمومي، بل تُقدّمُ للطبقاتِ الفقيرة، التي وصفَها «تْشُومْسْكِي» بالسُّفْلَى، أرْدَءَ تعليم، لفَصْلِها عن الطّبقاتِ «العُليا»..
وأنت بذلك تُكرّسُ الطّبقيةَ والفَوارِقَ الاجتماعية في بلدِنا..
وهكذا كانت تفعلُ المعابدُ الموغِلةُ في تاريخ العالم، وبَعْدَها النُخَبُ الكنَسِيّةُ القديمةُ في أوربا وغيرِها..
كانت تحتكرُ المعرفة، وتمنعُها من الوصول إلى عامّةِ الناس.. لماذا؟ لأنها لم تكُنْ تُريدُ الناسَ إلاّ جاهلين..
كانتْ لها مصلحة استغلالية في إقصاءِ العامّةِ من المعرفة..
فعندما لا يعرفُ الناس، يستطيعُ رئيسُ الحكومةِ عندَنا مع نُخبتِه في الأحزاب والنقاباتِ وغيرِها، أن يُبرّرُوا فشَلَهُم في التّدبير، أحيانًا بأكاذيبَ تِلْوَ أخرى..
ومن وتيرةِ تردادِ الأكاذيب، قد ينتهي البعضُ إلى تصديقِها..
وهذا ما تسيرُ بنا إليه حكومةٌ تُناوِرُ في حقوقِ المواطنين..
و«المسرحيات» البرلمانية لا تُقدّمُ حلُولاً مُقْنِعة..
وحتى حواراتُك مع نقاباتٍ بشأنِ التّقاعُد، وهذا نمُوذج، تُثيرُ فقط الملفَّ الوظيفي، وتتجنّبُ القطاعَ الخاص، وكأنّ كُلَّ المغاربةِ مُوظّفُون!
ما مصلحتُك في إقصاءِ مُتقاعدي القطاع الخاص؟
الأمرُ واضح، هو أنّ من يُشغّلون فُقراءَ البلد هم أثرياءُ كثيرٌ منهم حصَلُوا على امتيازات.. تعامَلُوا بالرّشوة.. ودَخلُوا في شبكات..
وأنتَ قُلتَ بشأنهم: «عفَا اللهُ عمّا سلَف»!
وهؤلاء لهم شركات، وهي نفسُها لا تؤدّى مُستحقّاتِ الضمانِ الاجتماعي.. ولا الضرائب.. ولا.. ولا...
وبذلك، أنتَ تخلطُ بين الحُقوق والواجبات..
وهذا لا تتحدثُ فيه مع نقاباتِ الحوار.. فكأنّكُما، أنتَ والنقابات، مُتّفقان على توزيعِ أدوار الحوار الاجتماعي..
اللعبةُ مكشُوفةٌ وخاسِرة!
وتُردّدُ أن ليستْ لك ميزانية كافية..
إن بلدَنا ليس فقيرًا..
الفقرُ موجودٌ في سُوء التّدبير.. وفي الفساد.. فلماذا لا تُحارِبُ الفساد؟
إنها الرّداءة!
وهذه أيضًا، من استراتيجياتِ المفكّر «تْشُومسْكِي»..
استراتيجيات تتحدثُ عن الرّداءة: وسياستُك تُشجّعُ استحسانَ الرّداءة لأنها تؤدّي بفئاتٍ من مُجتمعِنا إلى غَباوة، وبالتالي إلى تَعَصُّبٍ وتَطَرُّفٍ وهَمَجيّة..
وأنت تغُضّْ الطرفَ عن تَبِعاتِ سياسةِ الرّداءة!
وإلى هذا تُنفّذُ نُقطةً أخرى من استراتيجياتِ «تْشُومسْكِي»، وهي سياسةُ الإلْهاء.. إلهاءِ الناس بمشاكلَ مُصْطنَعة، ومعلُوماتٍ تافهة، وتفسيراتٍ خاطئة، وبِتَوابلَ من الضحكِ والإضحاك، لكي تُبْعِدَهُم عن مَشاكلهم الحقيقية..
وبتعبير آخر: سياسةٌ حكوميةٌ تدفعُ إلي الانحرافِ عن الطريقِ السّيّار، لكي يتمَّ الانعطافُ بالناس إلي طُرُقٍ فرعية، وبالتالي إبعادُهم عن الهدف.. إبعادُهم عن التّنمية والرّخاء وحقِّ الجميع في حياة كريمة..
وسياسةُ الإلهاء، حسبَ «تْشُومسْكِي»، تجعلُ الناسَ ينشغلُون عن الرّئيسيات، للخوضِ فقط في الثانويات..
والانشغالُ يعني الابتعادَ عن التفكير السويّ، ويعني ألا تَترُكَ لهم المشاكلُ حتى وقتًا للتفكير..
وحكومتُك بالفعل تصنعُ مشاكلَ للناس، بزيادات الأسعار، واستفحالِ الرشوة والزبّونية، والعراقيلِ الإدارية، وإلى هذا استفحال اللصوصية والجرائم، لكي لا يُطالبَ النّاسُ إلا بالأمن، ولو على حساب الحُرّية..
وهذا أيضا من استراتيجياتِ «نَعُوم تْشُومْسْكِي»..
والحكومةُ عندما تُقدّمُ حلُولاً، تُقدّمُها بتضخيمِ الصعوباتِ والعراقيلِ والإشكالياتِ والدّيون وغيرِها، لتصلَ بنا إلى صيغةِ التدرُّج من الفاتحِ إلى الغامق، بحيثُ تستحيلُ تسويةُ إشكالياتِ البطالة والهشاشةِ الاجتماعية..
الحكومةُ لا تُقدّم حلُولا..
هي تُعقّدُ الحُلول..
وتدخُلُ بنا في استراتيجيةِ المؤجَّل، أى تأجيل الحلُول إلى المستقبل..
وهكذا تُمارِسُ سياسةَ الهُروب إلى الغد.. فتقولُ إن المستقبلَ سوف يكونُ أحسنَ من الحاضر، وكلّ شيء سيكونُ أفضلَ في وقتٍ لاحِق..
هذه سياسةٌ تمارسُها حُكومتُنا!
إنها تتعاملُ معنا وكأنّنا غيرُ ناضجين..
تتعاملُ معنا وكأنّنا أطفالٌ أو مُعوّقُون..
وتُوحِي إلينا أنّ ما تفعلُه معنا هو مُجرّدُ مِنّة.. وتَنتظرُ منّا ردَّ فعلٍ انفعالي غيرَ مَنطقي، بعيدٍ عن أي إحساس نقدي..
«تْشُومْسْكِي» تحدَّثَ عن هذا في استراتيجياتِه..
وعن سياسة إثارةِ العاطفة بدَلَ الفكر، في التعامُلِ مع الناس.. وهذا يعني تعطيلَ التحليلِ المنطقي، وتعميقَ الإحساسِ العاطفي الذي يُؤَدّي إلى غرسِ مَخاوفَ في اللاّوعيِ الجماعي، لتكريسِ أنّ المواطنين مُجرّدُ قاصِرين، وبالتالي لا يُعتَمَدُ على ما يصدُرُ عنهم في شوارعِ الاحتجاجات!
وحتى باحتجاجاتٍ مُتحضّرة، يجبُ أن يشعُرَ الفردُ بالذّنب.. وأن يُحِسّ أنهُ هو المسؤولُ عن تَعاسَتِه.. والسّببُ هو نقصٌ في ذكائه وقُدراتِه ومجهُوداتِه..
وهذا يُولّدُ الانغلاقَ لدى الناس..
ويُولّدُ الاكتئابَ الجماعي..
وهذا توضّحُهُ استراتيجياتُ «تْشُومسْكِي»..
وفي نفسِ السياق، تُوحي السياسةُ الحكوميةُ أنها تعرفُ الناسَ أكثرَ ممّا يعرفُون أنفُسَهم.. وهُنا تُوسّعُ الشّرخَ بين مَعارفِ النُخب، ومَعارفِ عامّةِ الناس..
ويُؤدّى هذا إلى كونِ الحكومة تملكُ سُلطةً على الأفراد أكثرَ من تلك التي يملكُونها على أنفُسِهم..
هذه بإيجاز هي الاستراتيجياتُ العشرة للمُفكّر الأمريكي، وهي منشورةٌ في الشّبَكة العنْكبُوتية، ويطّلعُ عليها القُرّاءُ والمستمعُون والمشاهدُون بكُلّ اللُّغات..
وهي مُوجَّهةٌ أصلاً للنّظام الأمريكي، وصرْنا نحنُ أيضا من ضحايا حُكومةٍ تُنفّذُ هذه الاستراتيجيات..
ومن المفروض أن تعي حكومتُنا ونُخَبُها السياسية والاقتاصدية أنّ الشارع يغلي بالمشاكل الاجتماعية المتكاثِرة، وأن الناس أصبحُوا أكثرَ وعيًا، وأكثرَ مَناعةً، وأنّه يتوجبُ عدمُ التّحايُل على الوطنِ والمواطنين، وبالتال تجنيب بلادِنا مَخاطرَ اجتماعيةً أصبحتْ في تصاعُد..
الكذبُ لم يعُدْ يُجدِي..
حبلُ الكذبِ قصير..
فكفَى من العبث!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.