باتت أصداء طبول الحرب التي يقرعها الغرب تمهيدا لتدخله في ليبيا مسموعة أكثر من أي وقت مضى، فعلى الرغم من التصريحات الدبلوماسية بأن الغرب ليست لديه نية التدخل في الأراضي الليبية، إلا أن التحركات على الأرض تفيد باقتراب عملية عسكرية واسعة، تشارك فيها أمريكاوبريطانيا وفرنسا، وحتى إيطاليا، تحت ذريعة محاربة "داعش ليبيا". ولعل اقتراب هذا التدخل هو ما جعل الرئيس التونسي، باجي قايد السبسي، يحذر من خطورة التدخل العسكري على الأمن التونسي الهش أصلا. وبدوره لن يكون المغرب بمعزل عن حمم هذا التدخل الغربي في ليبيا، خصوصا بعد تأكيد مسؤولين مغاربة أن "دواعش" مغاربة في ليبيا يترصدون الفرصة للقيام بعمليات إرهابية في المملكة. وتفيد المعطيات الواردة من واشنطن بأن بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا سترسل قوات خاصة إلى الأراضي الليبية، بالتزامن مع القصف الجوي لأهداف "داعش" في ليبيا، إذ إن الدول الغربية باتت متخوفة من تنامي قوة التنظيم، الذي سيطر على 10 آبار للنفط، كما بات يقترب من الهلال النفطي الممتد على طول الشريط الساحلي الليبي، الذي يضم أكبر الحقول النفطية في البلاد. ويرى منار السليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن المغرب سيتأثر بالضربة العسكرية، على اعتبار أن ليبيا مزيج من الأزمة العراقية والسورية، إذ تتشابه ليبيا مع سوريا في تواجد كل من "داعش" و"القاعدة" على الأرض نفسها، ولكن عكس سوريا فإن العلاقة بينهما في ليبيا تنبني على التعاون، كما تتشابه ليبيا مع العراق في تواجد بقايا أنصار القذافي في العديد من المناطق، الذين يكونون جماعات مسلحة خطيرة. وأضاف السليمي أن الخطر الآخر الذي يمكن أن يرخي بظلاله على المغرب هو وفرة السلاح في ليبيا، التي ارتفع عدد قطع السلاح فيها من 20 مليون قطعة إلى أزيد من 42 مليون قطعة بعد سقوط القذافي، مشيرا إلى تواجد العديد من مخازن الغازات السامة التي بقيت من عهد القذافي، والمتواجدة في جنوب ووسط ليبيا، والتي اقتربت الجماعات الإرهابية من الحصول عليها. وشدد الخبير المغربي على أن ليبيا باتت أكبر تجمع للمقاتلين، بسبب تواجد المقاتلين المغاربيين، وأيضا مقاتلي "داعش" أوروبا، فضلا عن انتقال عدد من قيادات "داعش" من سورياوالعراق. ونبه السليمي إلى أن محيط ليبيا يتكون من دول هشة، إذ يمكن للمقاتلين التنقل في الجنوب الليبي والجنوبالجزائري وصولا إلى شمالي مالي، ثم المنطقة العازلة بين المغرب وموريتانيا، ليخلص إلى أن "درجة الخطر على الحدود مع الجزائروموريتانيا سترتفع بالنسبة للمغرب". ولفت السليمي إلى أن إستراتيجية "داعش" تقوم دائما على القيام بعمليات خارج معاقلها، من أجل تنفيس الضغط عنها، وفي حال اشتدت وطأة الضربات عليها في ليبيا ستلجأ إلى العمليات في الخارج، مردفا بأن عددا من المغاربة المنتمين إلى "داعش" أعلن عن وفاتهم بغرض التمويه، ومن الممكن ظهورهم في ليبيا، "كما أن الخلايا النائمة الإرهابية في المغرب سيحاول عناصرها الالتحاق بساحة القتال في ليبيا عبر موريتانيا". أما عن الدور الذي من الممكن أن يقوم به المغرب في حال تدخلت الدول الغربية عسكريا في ليبيا، أكد رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن المملكة قد تتعاون مع هذه الدول بموجب اتفاقيات مكافحة الإرهاب، مضيفا أن المساعدة المغربية ستتجلى في تشخيص درجة المخاطر في ليبيا. "سيكون للمغرب دور بعد انطلاق العملية العسكرية، إذ إن الإستراتيجية المغربية في مكافحة الإرهاب تقوم على محاربة الخطر الإرهابي قبل وصوله إلى الحدود، بالإضافة إلى توفر المملكة على قاعدة بيانات مهمة تتعلق بالمنتمين إلى الجماعات الإرهابية"، يشدد السليمي، الذي اعتبر أن الدول الغربية تتحفظ من تدخل مصر في العملية، كما أن تونس ليست لديها تقاليد في التدخل في دول أخرى، أما الجزائر فما تزال متشبثة بأن جيشها لا يتجاوز الحدود، علما أنه سبق لها أن دخلت حوالي 80 كيلومترا في الأراضي الليبية إبان حكم القذافي، بسبب خلاف حول حقل نفطي. "ويبقى المغرب الوحيد الذي يمكن أن يساعد على مستوى تشخيص المخاطر فوق الأراضي الليبية" يقول الخبير المغربي.