اعتبر الناقد والروائي التونسي شكري المبخوت أن التجريب الروائي وصل إلى طريق مسدود، مؤكدا إيمانه بالدور المركزي للحكاية في هندسة النص السردي. وعن نعت بعض النقاد لروايته "الطلياني" بالكلاسيكية والنكوص عن الأشكال الجديدة للكتابة، قال شكري المبخوت، خلال استضافته، من قبل المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، إن التجريب الروائي وصل إلى طريق مسدود في الغرب، وكذلك كان مصيره بعد وصوله متأخرا إلى العالم العربي. وأضاف في هذا السياق، خلال هذا اللقاء الذي يندرج ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للدورة 22 للمعرض، "لا أزال كالطفل الذي يحب الحكاية، ويؤمن بالتفاعل بين النص والقارئ" بل إن الروايات الكبرى كلها قامت على قوة الحكاية على الرغم من الإقرار بدور التجريب في تطوير الكتابة. لكنه شدد، في المقابل، على أن الحكاية ينبغي أن تسند دائما بالسؤال الفلسفي الذي يستثير القارئ، فيقوده إلى الجمع بين متعة السرد والمتعة الذهنية والتأملية. "الطلياني"، حسب الكاتب التونسي، ليست سيرة ذاتية ولكنها سيرة جيل، وهي أيضا مسيرة بلد في تحولاته السياسية والمجتمعية، مسيرة تتشابه عناوينها بين البلدان العربية، خصوصا من حيث مسارات اليسار ومأزقه وتطورات الحراك الإيديولوجي داخل الجامعة. وقال إن الرواية تطرح أساسا سؤال الحرية الفردية في مجتمعات محافظة لا تؤمن بالفرد. وتمحورت جل مناقشات هذا اللقاء، الذي أداره الإعلامي محمد جليد، حول الهندسة السردية لرواية "الطلياني" التي حظيت بانتشار واسع. وقال إنه كتبها في ذروة وصول الإسلاميين الى السلطة في تونس ليتساءل عن أسباب فشل اليسار. من جهة أخرى، أقر شكري المبخوت بفضل جائزة البوكر في ضمان انتشار واسع لرواية "الطلياني"، مؤكدا أهمية دور الجوائز الأدبية في تشجيع الكتابة الإبداعية بالعالم العربي. وسلط المبخوت الضوء على رحلته المثيرة من التنظير الأكاديمي إلى الكتابة الإبداعية. وأوضح أنه على الرغم من الاختلاف الظاهر بين الحقلين التنظيري والابداعي، إلا أن بناء النص الروائي لا يقل صرامة ودقة عن صياغة المادة النقدية الأكاديمية. وعما يوجهه نحو اختيار هذا الحقل أو ذاك، استدعى شكري المبخوت رأي الباحث الفرنسي ريجيس دوبري الذي يرى أن الكاتب حين يملك أجوبة للإشكاليات التي تشغله يختار العمل النقدي البحثي، وحين يواجه الحيرة يكتب النص الأدبي. يذكر أن المبخوت صاحب أعمال نقدية كثيرة من أبرزها "سيرة الغائب، وسيرة الآتي" وكتاب "جمالية الألفة..النص ومتقبله في التراث النقدي" و"نظرية الأعمال اللغوية". ويقترح المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، الذي يتواصل إلى 21 فبراير الجاري، عدة جلسات مع كتاب متميزين، مغاربة وعرب، تتيح تواصلا حيا بين المبدع وجمهوره.