دمر الأسد الأب حماة عام 1982م، وفي ليلة واحدة قتل أخاه رفعت الأسد ألف معتقل سياسي في سجن تدمر وهم أسرى في القيد مقرنين. وهناك معتقلون بدون أي محاكمة منذ أكثر من ثلاثين عاما مثل ابن الخالة نور التي رأته مرة واحدة ثم ماتت بعد ذلك، وأنا شخصيا ذقت السجون البعثية أربع مرات فأعرف دموية وشراسة النظام السوري حق المعرفة، ولكن ماصدر إلى السطح قبل فترة أصاب مفاصلنا بالرجفة، فقد اجتمع على السوريين اليوم القيصر الروسي بوطين بطيران دولة عظمى محولا سوريا إلى جروزني جديدة، مع أخبار سربها رجل يدعى القيصر السوري فما حقيقة ماجرى ويجري؟ روت لي ابنتي من نيويورك كيف اشتغلوا لمدة شهر وبالتعاون مع الحقوقي الأمريكي ديفيد كرين لتعيم الصور التي هرب بها المدعو قيصر من سوريا، ويقول القانوني (ديفيد كرين) إنه اجتمع بالقيصر (اسم مستعار) وتحدث معه وهو مختف الآن باسم مستعار في بلد أوربي، ومما روى عن تجاربه أنه لم يعد يتحمل التصوير (11 ألف جثة ماتت جوعا وتعذيبا موثقة ب 55 ألف صورة) فقد كانت مهمته تصوير الجثث وتوريدها للقصر الجمهوري (من الغريب هذا التوثيق الذي قد يفتضح ولكنه يذكر بالعقلية النازية الجهنمية فهتلر لم يكن يرتاح قبل أن يرى النهاية لخصومه أو مايعتبرهم خصومه مصورين بفيلم حي من نوع 8 ملميتر في أيامهم؟). يقول قيصر وفي يوم كان أحد الضحايا صديق لهم فقرر الهرب لأنه سيكون الصورة القادمة والضحية التالية لامفر. يتشكك كثيرا كرين أن يخرق مجلس الأمن للإدانة والتحقيق لمعرفته العميقة بهذا المجلس المنحاز من روسيا وأمريكا لنجاة صديقهم الموهوب في القتل، ولذا قاموا بالتفاف مختلف بالضغط في مجلس النواب الأمريكي والشيوخ حتى قام الجمهوري كريس سميث (Chris Smith) بالتعاون معهم وعرض الفاجعة على لجنة مستقلة. حاليا تم تحضير خمس قضايا للرفع القانوني في وجه الأسد الهارب من العدالة بالفيتو الروسي، ليس فقط في وجه النظام بل أيضا في وجه بعض المجموعات المسلحة مثل النصرة وداعش وحتى الجيش الحر (روى لي صديقي طبيب الأسنان من بصرى الحرير كيف استسلم تسعة جنود للمعارضة المسلحة فقتلوهم ميدانيا). يقول كرين عن خبرته الشخصية أن والده كان ضابطا يخدم في الجيش الأمريكي في ألمانيا الاتحادية ورأى وهو طفل معسكر داخاو الألماني حيث كان يزرب ويصفى المعتقلين. قال لقد شممت رائحة الرعب وما زالت في خياشمي حتى درست الحقوق وكرست نفسي اليوم للسوريين كما فعلت مع المجرم تايلور. وحين يتحدث عن حملة بوش الصغير يقول كنت أنا في وزارة الدفاع حين تم التهيئة لاجتياح العراق الحق أقول لكم كانت من أجل النفط لا أكثر ولاأقل. ومن أعجب مايذكر الرجل عن قضية المجرم تشارلز تايلور (حاكم ليبري السابق المسئول عن قتل مائة ألف أو يزيدون) أن عمله لم يسند من الحكومة الأمريكية بل تمت عرقلته في بعض المراحل، ليكتشف بعجب أن تايلور كان عميلا مدللا ليس عند الاستخبارات المركزية فقط (CIA) بل وأيضا المخابرات المركزية العسكرية (DFA) ، وكان أحب لقلوبهم حتى لو قتل مائة ألف أويزيدونأو مثل بشار البراميلي 470 ألفا من الأنام وعطب مليونين وهريبة عشرة ملايين ؟ ويسرد عجبه أن هناك الكثير من هؤلاء الأمساخ المجرمين الذين لايمكن جرهم لعدل وعدالة ومحكمة وهيئة لأنهم محروسون بالفيتو الخسيس. لينتهي بالقول: إن الطريق لتحقيق العدالة طويل ومليء بالمفاجآت والمطبات، ولكن يكفي أننا نجحنا مرة في جر مجرم عريق إلى العدالة، ووضعنا الأصفاد في عنقه والسلاسل يسحبون، ومن نجح مرة ينجح مرات. كان ذلك في الكتاب مسطورا. من هذه الخلاصة نصل إلى أن الظلم في الأرض عريق، وبين الخلائق مستمر وعتيق، ومن ظلمات هذا الجو كان لابد من مجيء فكرة اليوم الآخر بالأمل حيث لاظلم. ونضع الموازين القسط يوم القيامة ولو كانت مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين.