كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم.. المنتخبان التنزاني والأوغندي يقتسمان نقاط المباراة (1-1)    الشركة الجهوية متعددة الخدمات بالناظور ترفع جاهزيتها لمواجهة فيضانات محتملة    "الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب" تطلب تدخّلًا أمميًا لحماية "استقلال المهنة وحصانة الدفاع"    أرض الصومال تعيش "حلم الاعتراف الإسرائيلي".. ودول إسلامية غاضبة    النيجر يعلن "التعبئة" ضد الجهاديين    لجنة الإشراف تراجع خطة العمل الوطنية للحكومة المنفتحة    رسميا.. الولوج لمدرجات ملعب أكادير الكبير يقتصر على حاملي التذاكر    زخات رعدية قوية مصحوبة بتساقط البرد وتساقطات ثلجية من السبت إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة    ورزازات في الواجهة : العلامة الترابية "زوروا ورزازات" visit OUARZAZATE تتصدر مؤلَّفًا دوليًا مرجعيًا في إدارة العلامات التجارية بين الشركات    القصر الكبير .. تنظيم ندوة فكرية هامة في موضوع "المدرسة المغربية وبناء القيم: الواقع والانتظارات"    مواجهة نيجيريا وتونس.. قمة حاسمة بفاس لاعتلاء صدارة المجموعة الثالثة        الخدمة العسكرية.. الفوج ال40 يؤدي القسم بالمركز الثاني لتكوين المجندين بتادلة في ختام تكوينه الأساسي    التذكرة شرط لولوج ملعب أكادير    بنين تحقق انتصاراً ثميناً على بوتسوانا بهدف نظيف    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    تنديد واسع باعتراف إسرائيل بإقليم انفصالي في الصومال    أمطار رعدية وثلوج مرتقبة بعدد من مناطق المغرب        المسيحيون المغاربة يقيمون صلوات لدوام الاستقرار وتألق "أسود الأطلس"    الركراكي: "علينا ضغط كبير.. ومن الأفضل أن تتوقف سلسة الانتصارات أمام مالي"    للمرة السادسة.. الناشطة سعيدة العلمي تدخل في إضراب مفتوح عن الطعام    تارودانت .. تعليق الدراسة اليوم السبت بسبب سوء الأحوال الجوية    مطالب برلمانية لترميم قصبة مهدية وحماية سلامة المواطنين بالقنيطرة    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    انطلاق فعاليات مهرجان نسائم التراث في نسخته الثانية بالحسيمة    أوامر بمغادرة الاتحاد الأوروبي تطال 6670 مغربياً خلال الربع الثالث من السنة    كوريا الشمالية تبعث "تهنئة دموية" إلى روسيا    فيضانات آسفي تكشف وضعية الهشاشة التي تعيشها النساء وسط مطالب بإدماج مقاربة النوع في تدبير الكوارث    قمة نيجيريا وتونس تتصدر مباريات اليوم في كأس إفريقيا    نسبة الملء 83% بسد وادي المخازن    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    مقتل إسرائيليين في هجوم شمال إسرائيل والجيش يستعد لعملية في الضفة الغربية    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    كيوسك السبت | المغرب الأفضل عربيا وإفريقيا في تصنيف البلدان الأكثر جاذبية    من جلد الحيوان إلى قميص الفريق: كرة القدم بوصفها طوطمية ناعمة    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    جبهة دعم فلسطين تطالب شركة "ميرسك" بوقف استخدام موانئ المغرب في نقل مواد عسكرية لإسرائيل    الأمطار تعزز مخزون السدود ومنشآت صغرى تصل إلى الامتلاء الكامل    التهمة تعاطي الكوكايين.. إطلاق سراح رئيس فنربخشة    انعقاد مجلس إدارة مؤسسة دار الصانع: قطاع الصناعة التقليدية يواصل ديناميته الإيجابية    لا أخْلِط في الكُرة بين الشَّعْب والعُشْب !    التواصل ليس تناقل للمعلومات بل بناء للمعنى    «كتابة المحو» عند محمد بنيس ميتافيزيقيا النص وتجربة المحو: من السؤال إلى الشظيّة    الشاعر «محمد عنيبة الحمري»: ظل وقبس    تريليون يوان..حصاد الابتكار الصناعي في الصين    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    إلى ساكنة الحوز في هذا الصقيع القاسي .. إلى ذلك الربع المنسي المكلوم من مغربنا    الحق في المعلومة حق في القدسية!    أسعار الفضة تتجاوز 75 دولاراً للمرة الأولى    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في بيت أم آدم

التجاهل والتعتيم هي السياسة التي اختارتها الدولة، للتعامل مع عائلات ما يسمى بالسلفية الجهادية المضربة عن الطعام منذ 6 يونيو. وهي سياسة لا يمكن أن يفهم منها سوى رسالة واحدة، أن من يسمون بالسلفية الجهادية، ليسوا مواطنين ولن يتمتعوا بأي حق من حقوق المواطنة، وليسوا معنيين بأي إصلاحات أو وعود، ومن ثم فعليهم القبول بالعيش كلاجئين، أو كأسرى حرب لا تشملهم معاهدة جنيف، أو ليرحلوا وليتركوا الدولة المغربية الإسلامية، الديمقراطية، دولة الحق والقانون والعدل والمساواة، تمضي في مسيرتها التنموية والإصلاحية، ولا يفسدوا عليها علاقاتها مع الدول الصديقة ويحرجوها معها.
من جهة أخرى، لإن كان موقف الدولة مفهوم، بل أقول مقبول بالنظر إلى تاريخها، لأننا تعودنا منها التجاهل التام والازدراء لشعب بأكمله، بل التعدي عليه وظلمه. إلا أن غير المفهوم، هو أن تسلك نفس المسلك، جهات تتشدق بالدفاع عن حقوق الإنسان، وجهات تدعي تأطير المواطنين، وأخرى تدعي خدمتهم، من جمعيات المجتمع المدني، وأحزاب سياسية ومنظمات حقوقية. رغم أن الأمر أيضا لا يدعو للاستغراب، لأن أحدا لا يثق بهذه الجهات الوصولية الانتهازية، ولا أدل على ذلك أن تنفي جهات وجود معتقل تمارة وقد كانت من قبل تثبته، بعد أن تبدل حالها غير الحال. لكن كلامنا هذا من باب، "من التزم شيئا لزمه".
لقد تعودنا من الدولة ومن يأثث مشهدها ويدور في فلكها، نكث العهود ونقض المواثيق والكيل بمكاييل عدة، وإلا فما معنى أن يصرح ملك البلاد بحصول تجاوزات في ملف السلفية الجهادية، ولا يشكل هذا التصريح أي فارق، وما معنى أن يدعو الملك لضمان شروط المحاكمة العادلة، وتجريم التعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، وكل أشكال التمييز والممارسات المهينة للكرامة الإنسانية، ونحن نرى ذلك في ازدياد وتصاعد، هل هي تصريحات من الدولة لذر الرماد في العيون، أم هناك من يعتبر نفسه فوق هذه التصريحات، وما معنى أن يوعد الأسرى بإطلاق سراحهم، ليفاجأ المغاربة بعد مدة باختطافهم وإخفائهم، وتتسرب الأخبار عن تعذيب بشع بحقهم، أهونه وأقله تقديم الطعام الرديء في سطل المرحاض ملطخا بالعذرة، وتعريتهم وضربهم وإهانتهم، وحقنهم بالمواد السامة، وصولا إلى منعهم من أداء الصلاة، وسب الدين والرب وتدنيس المصحف الكريم.
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان
وعندما يسأل ابن هاشم عن كل هذا، يقول أنه تأديب وليس تعذيب، عجبي، فلتسمها تنشيط أو تكريم حتى، هل يغير من بشاعتها شيئا. وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ".
كان هذا غيض من فيض مما سمعته من أمهات وزوجات المعتقلين الإسلاميين، في زيارتي لهن ببيت أم آدم المجاطي، في اليوم الرابع عشر على انطلاق إضرابهن المفتوح، ورغم أن معنويات المضربات مرتفعة وعالية، وأملهن في الله وحده كبير. إلا أن ذلك لم يمنع من إحساسهن بالمرارة والحزن والضيق، لهذا الظلم والقهر والضيم، المسلط عليهن. إحساس ترجمته أم زارلي بقولها: إن كانوا يعتبروننا غير مغاربة، فليقتلونا ليرتاحوا ويريحونا، ليبيدوا الآلاف ممن لا يعجبهم فكرهم وتوجههم، وليحتفظوا فقط بمن يروه صالحا لهم، لمشاريعهم ومخططاتهم وصفقاتهم. وأضافت بمرارة والعبرات تخنق كلماتها، أنها ستكون مرتاحة وسعيدة إن أعدموا ولديها وسلموها جثتيهما، لتدفنهما وترتاح من هذا العذاب المقصود والمتعمد الذي تسلطه عليها الدولة.
هذا الإحساس وهذا الشعور الذي عبرت عنه أم زارلي بهذه المرارة، هو السائد عند كل عائلات الأسرى، حيث عبرت أم آدم عن دهشتها من تعاطي وسائل الإعلام، والمنظمات الحقوقية، مع إضرابهن، مقارنة مع الاهتمام والمتابعة والضجة التي صاحبت إضراب آمنة حيدر. وطالبت إحدى المضربات بتطبيق القانون الذي تتشدق الجهات المسئولة باحترامه، وتساءلت أخرى، متى سنصبح أبناء لهذا الوطن؟ واستغربت إحدى المضربات، إعلان الدولة بدأ صفحة جديدة، وتدشين ورش الإصلاح الكبير، ودعوة المواطنين للانخراط في الإصلاح والتغيير، والدعوة للتصويت بنعم على الدستور، لتخلص في الأخير حسب قولها، أن الدولة لا تقصدنا ولا تعنينا بهذه المشاريع، إذ يبدو أن لها مواطنين بمواصفات أخرى تخاطبهم، ونبهت خديجة مساعد منسقة تنسيقية الحقيقة، من أن الدولة لا تنتقم فقط من السجناء، وأن سياسة الانتقام تطال العائلات بأكملها، بنسائها وأطفالها وشيوخها، وتساءلت لمصلحة من يتم هذا الانتقام.
لهذه الدرجة بلغت مأساة هاته العائلات، التي لم يكن الإضراب عن الطعام وحده من ترك أثره على صحتهن وقواهن المنهكة، بل إن سياسة الدولة الانتقامية في حقهن وحق ذويهن، تركت الأثر البليغ والجرح الغائر، الذي لن ينسى ولن يندمل، أجساد منهكة وذكريات مرعبة ومستقبل مجهول، أحالهن إلى بقايا نساء، لم يكلف أحد من (رجال) البلد نفسه عناء زيارتهن ومواساتهن، إلا من رحم الله من الأحرار الشرفاء.
في الأخير أهمس في أذن كل من يهمه الأمر، اتقوا دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب، واتعظوا بما حصل لجيرانكم، فوالله إنها سهام الليل، ودموع الثكالى، وآهات المظلومين، وأرزاق الجوعى، وأعراض الحرائر.
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لا تنم
أقول هذا وأنا متيقن أن لا خير ولا أمل يرجى من هؤلاء المسؤولين.
ورسالة أخرى لأفاضل هذا البلد وأحراره ودعاته وعلمائه وقادة الحركات الإسلامية، وأخص بالذكر منهم الشيخ الفيزازي الذي ذاق الظلم وجربه وعرف المعاناة وخبرها، والأستاذ عبد السلام يسن والدكتور الريسوني والشيخ المغراوي والأستاذ عبد الإله بن كيران وأتباعهم ومريديهم وتلامذتهم، هل وصل بكم الأمر أنكم أصبحتم لا تكترثون لمظلوم ، أصبحتم تخافون وتتحرجون حتى من مواساته، هل هذا هو الإسلام الذي تبشرون به وتدعون إليه، إسلام يتبرأ من المظلوم، إسلام يفتقد للتضامن والتآزر والتكافل الاجتماعي، لا يعرف مواساة مؤمن مستضعف، ولا التخفيف عن مظلوم مبتلى، ولا الرحمة لامرأة مهيضة الجناح ضعيفة.
طيب ها أنتم تختلفون مع هذه الشريحة من الناس، أيلغي هذا إسلامهم، أيلغي إنسانيتهم، أيلغي مغربيتهم، وماذا عن المظلومين منهم، ماذا عن أهاليهم ونسائهم وأطفالهم، التي تتفنن الدولة في تشريدهم وتضييعهم وإرهابهم.
أختم بهذه الآية الكريمة لعلها تذكر و توقظ من كتب الله له الانتفاع بها، قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.