شنوف يتباحث مع مسؤولين أردنيين    فضائح الأدوية تضع وزراء الصفقات الكبرى تحت المجهر    المنتخب المغربي النسوي U20 يهزم الأردن بثلاثية ويتأهل لنهائي اتحاد شمال إفريقيا    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش: فيرجيني إيفيرا وكيارا ماستروياني تدعوان إلى سينما حرة ومتحررة من هاجس الربح المادي    بنكيران: حكومة العثماني كانت "معاقة" ولفتيت أصبح وزيرا لأنه "تدابز" مع "البيجيدي" وأخذوا منا حوالي 30 مقعدا    591 خرقًا إسرائيليًا لوقف النار في غزة    شوكي يهاجم : فوبيا اسمها التجمع الوطني للأحرار... والحزب يسير ولا يزحزحه أحد    نتنياهو يطلب العفو رسمياً من رئيس الدولة    البواري: إصلاحات أخنوش أنقذت الفلاحة والمغرب مقبل على طفرة مائية غير مسبوقة    تحويلات الجالية المقيمة بالخارج تسجل رقما قياسيا جديدا        رائحة كريهة تقود إلى 3 جثث بالسوالم    أخنوش: الحكومة لم تعد تكتفي بتدبير نقص المياه ولكنها تجد حلولا جذرية وطويلة المدى لتأمين الموارد    يوسف ميهري خارج حسابات المغرب في كأس العرب واسم لامع يشارك بدلًا منه!    صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد يترأس حفل عشاء أقامه جلالة الملك بمناسبة الافتتاح الرسمي للدورة 22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    أخنوش يكشف أرقامًا مبشرة حول الزيتون والدعم للفلاحين    توقعات بارتفاع حجم الاستثمارات الإسبانية في طنجة خلال منتدى مدريد المرتقب    بووانو يدعو للكف عن التشويش على "المنتخب" ويُطالب الجماهير بالتعبئة خلفه لتحقيق كأس افريقيا    انتخاب خالد العلمي الهوير كاتبا عاما جديدا للكونفدرالية الديمقراطية للشغل    عبد الرحمن الصناغي يُكرَّم بالدكتوراه الفخرية تقديراً لجهوده في تطوير التعاون الرياضي والثقافي بين الصين وإفريقيا    توقيف المعارضة التونسية شيماء عيسى تنفيذا لحكم ضدها بالسجن 20 عاما    بركة في أسبوع التضامن: المغرب ثابت في دعم فلسطين ورسالة الملك خارطة طريق لحل عادل ودائم    أخنوش من تيسة: مسار الإنجازات يقترب من المواطنين... و2026 سنة الحسم في بناء الدولة الاجتماعية    رحيمي يتوج بجائزة الأفضل أمام الشارقة    أكاديمية المملكة تنصب 7 أعضاء جدد    ثورة منتظرة في بث "الكان".. وكاميرات عنكبوتية بإشراف دولي غير مسبوق    االجامعة الوطنية للصحة تستنكر "الأزمة الخانقة" داخل الوكالة المغربية للأدوية وتحذّر من تهديد استقرار المنظومة الصحية    أخنوش: نجوب كل مناطق المغرب لنقترب من واقع المواطنين ونستمع لمتطلباتهم حتى نضمن لهم حياة أفضل    اختتام مهرجان الدوحة السينمائي 2025    في جلسة نقاشية حول بناء منظومة سينمائية إقليمية مستدامة تؤكد على أهمية تعزيز التعاون:    فيلم "الخرطوم" يثير شعوراً قوياً بالوحدة بين الجمهور السوداني في مهرجان الدوحة السينمائي    الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب تتجاوز 27 مليار درهم        النيابة العامة تُلزم بتحديد تاريخ ارتكاب الجريمة في أوامر الإيداع بالسجن    قافلة كان المغرب 2025 تنطلق في جولة من لندن في غياب تمثيلية مغربية        إدارية فاس تحدد تاريخ النطق بالحكم في طلب عزل رئيس جماعة تارجيست    ترامب يعلن إغلاق المجال الجوي الفنزويلي وكراكاس تندد: "هذا تهديد استعماري"    الصين/آسيان: إطلاق قاعدة للابتكار لتعزيز التعاون في الصناعات الناشئة    كاليفورنيا .. إطلاق نار يوقع قتلى ومصابين خلال حفل عائلي    أخنوش: تأمين الماء أولوية وطنية ومشروع الربط المائي أنقذ 12 مليون مغربي من العطش    اعتماد الزاهيدي: حزب الأحرار خلق دينامية غير لا يمكن المزايدة بشأنها    الجماعة الترابية للبئر الجديد تفنّد إشاعات عزل رئيسها وتؤكد استمرار عمله بشكل طبيعي    إحباط محاولة للهجرة السرية بجماعة أولاد غانم إقليم الجديدة بتنسيق أمني محكم    لقاء يناقش كتاب "إمارة المؤمنين"    إصابة سيدة بحروق في اندلاع حريق داخل شقة سكنية بطنجة بسبب تسرب غاز    مراكش تحتفي بأيقونة السينما الأمريكية جودي فوستر    جامعة غزة تخرج من تحت الأنقاض وتعيد طلابها إلى مقاعد الدراسة بعد عامين من حرب الإبادة (صور)    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    المغرب .. 400 وفاة و990 إصابة جديدة بالسيدا سنويا    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتجاجات في الشوارع المغربية .. رغبات نفسية ونزعات اجتماعية
نشر في هسبريس يوم 17 - 06 - 2017

يجمع علماء النفس والاجتماع على أن الإنسان ابن بيئته ومدني بطبعه، يتأثر بمن حوله ويؤثر فيهم سلبا وإيجابا، أي إنه يخضع للجو العام السائد في جماعته، ويخضع آخرين داخل جماعته إليه. وبين الخضوع والإخضاع تنشأ سلوكات ونظم تحدد موقع الفرد داخل الجماعة وموقع الجماعة داخل المجتمع وموقع المجتمع داخل المنتظم الدولي.. في هذا الموقع يكون الفرد في جماعته إما عزيزا أو ذليلا، وتكون الجماعة إما مرفوعة الرأس وإما مهانة تابعة لغيرها. وحينما نقول الجماعة نقصد بها الأسرة الصغيرة ومحيط الأصدقاء والمجتمع .
هذه السلوكيات والنظم التي أشرنا إليها تقف وراءها عادة الرغبة في إشباع الحاجات الفطرية أو الحاجات العاطفية، كحب الظهور بمظهر ما، وحب الشهرة أو الرغبة في التقبل (تقبل الآخرين للفرد) والاهتمام به... وهلم جرا، ومع هذه الطموحات التي لا حدود لها - والتي غالبا ما تكون بشكل أو آخر على حساب آخرين - تنتهك حرمات وتتجاوز حدود وتنشأ عادات تؤدي في مجملها إلى التهميش والإذلال والقهر والقمع وقس على ذلك، وتكون النتيجة خلق جروح نفسية أخرى تضاف إلى جروح الطفولة، والتي غالبا ما تؤدي في النهاية إلى انفجار نفسي واجتماعي يتيه فيه الفرد والجماعة معا، انفجار تعمى فيه البصائر والأبصار وسط عاصفة في وضوح النهار، هوجاء لا تبقي ولا تذر.
وحتى نكون أكثر دقة نعود قليلا إلى الرغبات والنزعات. ونقول إن هذه الرغبات أو النزعات تبقى معقولة إلى حد ما إذا لم تخرج عن إطارها الطبيعي، لأنها رغبات تشترك فيها جميع الكائنات الحية، ولأن الحق في العيش عليه تدندن جميع الكائنات الحية، إنساناً كانت أم حيوانا، وطيورا كانت أم زهورا، سواء في البر أو البحر. فالخبز والماء والنزوات الجنسية والمآرب النفسية وقضاء الحاجات قواسم مشتركة بين جميع المخلوقات، إلا أن ما يدعو إلى القلق والريبة هو الإفراط في إظهار هذه الحاجات والرغبات بما ينتهك الحرمات. ونأخذ كمثال على ذلك - حتى يتسنى للقارئ الكريم تحديد الإطار الذي نتحدث فيه - جشع المفسدين في تحقيق الذات على حساب المستضعفين في الأرض، ونأخذ المغرب كنموذج.
يذهب علماء النفس والاجتماع إلى أن جميع الطاقات داخل المجتمع، سواء كانت فردية أو جماعية، تنشأ من التركيب الأسري للفرد، وعليه فكلما كانت البنية الأسرية مبنية على أسس روحية قوية وسليمة من العاهات النفسية كلما انعكس ذلك على المجتمع كله انعكاسا إيجابيا (ثقة عالية في النفس، جرأة في اتخاذ القرار، تفكير سليم، السير بخطى ثابتة نحو النجاح...)، وكلما كانت البنية الأسرية قائمة على أرضية هشة، حيث يسود الظلم والضرب والتجويع والتقليل من الشأن والاحتقار، كلما انعكس الأمر على المجتمع سلبا (كالخوف المفرط، التردد، عدم الجرأة في اتخاذ القرار، الفشل في كل الاتجاهات...).
وإذا أخذنا واقع الحال بالنسبة للمغرب كنموذج وأسقطنا الأمر على سياسييه نجد أن أغلبهم - إلا من رحم ربي - قد ترعرعوا في جو أسري مشحون بالاختلالات والاضطرابات النفسية، مليء بالظواهر اللاأخلاقية، كالخيانة الزوجية والعنف الأسري والمكر والخداع واللصوصية وعدم الالتزام بمبادئ الدين والارتماء في أحضان الرذيلة وعدم وجود ارتباط وجداني عاطفي بينهم وبين آبائهم، نظرا لعدم وجود ثقافة الاهتمام أصلا بالأطفال لدينا في المجتمع، وهلم جرا.
ويدخل في عدم الاهتمام هذا كذلك توفير كل شيء للطفل بنوع من الدلال (الفشوش)، وعدم مرافقته اجتماعيا وتوجيهه أخلاقيا بغية التخلص من قلقه، وهذا أكبر خطا. فترى الابن في واد والأب في واد آخر. وهذا ما يطلق عليه في علم النفس غياب نظرية التعلق (والتعلق نظرية تصف طبيعة العلاقات بين البشر وتعتقد بأن الطفل بحاجة إلى تكوين علاقة مع شخص واحد على الأقل من مقدمي الرعاية لكي يحصل على النمو العاطفي والاجتماعي بطريقة طبيعية، فهي تشرح كيف تؤثر علاقة الطفل بأبويه على نموه).. من عاش الحنان رق قلبه ومن عاش الحرمان شح جيبه.. وفاقد الشيء لا يعطيه.. وقد ضل من ظن العميان ستهديه .
في مرحلة الطفولة هذه بالذات تبدأ طريقة تفكير المرء في التشكل سلباً أو إيجاباً وتبدأ معها مشاكل السلوك، فالسلوك إما حسن وإما غير ذلك، سلوك سيء عدواني. وهكذا تبدأ تظهر أنواع الاضطرابات الأخلاقية في المجتمع، فتصاب القيم بالتصدع، إذ يبدأ التمرد على القيم الدينية والتملص من عراها، فينتشر العري والسفالة ويتم التحريض بغية التخلص من المنتقدين لهذه الظواهر عن طريق تكميم الأفواه والتهديد والوعد والوعيد، ويبدأ النهب والسرقة والنصب والاحتيال والترهيب والقمع والقتل والسجن وكل المسميات التي تترجم الانحراف السلوكي المجتمعي الناتج عن عدم التوافق الاجتماعي بسبب أمراض نفسية باطنية، وعليه يكون سلوك السارق - اقصد الصغير والكبير - السياسي- ترجمة حرفية لما عاشه من الحرمان والجوع في صغره. ويكون سلوك الظالم المعتدي- المخزن- نسخة أصلية لما تعرض له من ضرب واغتصاب في طفولته، ويكون اللامبالي بك - رئيس الحكومة - قد عاش اللامبالاة وتم التخلي عنه، ويكون الذي يعد ولا يفي بوعده - قد كذب عليه أبوه لما كان صغيرا كأن يقول له سأشتري لك كذا وكذا ولا يفعل، وهكذا دواليك.
إذن، نرى أن آراء علماء النفس والاجتماع متداخلة جدا ويصعب الفصل بينها . ويمكن هنا أن نستشهد بضراوة الحرب الفيسبوكية بين أبناء المجتمع المغربي، وهو نوع من العنف والعنف المضاد بين المتظاهرين والسلطة؛
فالجروح النفسية في الطفولة عند الساسة المغاربة وعند أبناء الشعب حاصلة وظاهرة للعيان، والسؤال المطروح هل يمكن لهذه الجروح أن تلتئم وكيف؟.
إن الجواب على هذا السؤال لا يحتاج إلى تفكير طويل، فمن وجهة نظر علماء النفس ينبغي أن تكون أسس العلاقة السليمة بين الأب والأبناء مبنية على ثلاثة مفاهيم:
أن يرسل الأب إلى أبنائه إشارات تبين لهم أنهم مهمون في حياته ومهتم بهم ومرئيون.
- أن يلبي الأب لأبنائه حاجاتهم وفقا لما يكفله لهم الشرع والقانون.
أن ينشط الأب حاسة سمعه ويرهفها لأبنائه، لأن لامبالاته بهم تقتلهم نفسيا ووجدانيا، فتصبح ردود فعلهم تجاهه إما باهتة وإما قاسية.
*العرائشي الفخور من السويد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.