"مكاين لا نشطاء ولا لجنة كاين جماهير شعبية"، عبارة كتبها أحد رواد موقع "فيسبوك" الريفيين تفاعلا مع بلاغ للجنة الإعلام والتواصل للحراك الشعبي بالريف، كانت كافية لإثارة جدل في أوساط المحتجين في الحسيمة، الذين نفذ عدد منهم، وأغلبهم قاصرون، وقفة احتجاجية أمس الأحد على رمال شاطئ "اصفيحة" بأجدير أمام حضور القوات العمومية. وأثارت عبارة نشرتها الصفحة الرسمية للحراك الشعبي في الحسيمة التي تحمل اسم "ناصر الزفزافي"، الشهير بلقب "أيقونة الحراك الريفي"، والتي كان يطل عبرها قبل اعتقاله بفيديوهات يعلن من خلالها مواقفه المعارضة لتوجهات الدولة في الملف المطلبي لساكنة الإقليم، (أثارت) جدلا واسعا في صفوف المحتجين بعدما أوردت أن "الأشكال النضالية التي تخص الحراك الشعبي يقرها نشطاء الحراك بمعية الجماهير الشعبية". وتابعت العبارة بالقول: "أي شكل لم تعلن عليه لجنة الإعلام والتواصل فهو مرفوض (...)، وأي دعوة لشكل آخر فنشطاء الحراك لا يتحملون فيه أي مسؤولية"، وهي الدعوة التي يبدو أنها لم تنل تجاوبا كافيا؛ حيث واصل المحتجون، يوم السبت الماضي، تنفيذ شكل "الطنطنة" الاحتجاجي من فوق بعض المنازل لم يتخذ زخماً جماهيريا كبيرا. ومع ذلك، فصبيحة يوم الأحد كان المحتجون مرة أخرى على موعد مع شكل آخر للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين. المرتضى إعمراشا، أحد أبرز نشطاء الحراك المتابعين في حالة سراح، ممن يميلون إلى صف الهدنة وإتاحة الفرصة للحكومة من أجل مباشرة وعودها في تنفيذ مشاريع تنموية للمنطقة، بشروط أولية، ضمنها "سحب القوات العمومية من ساحات وشوارع الحسيمة"، قال: "رفعت العسكرة عن ساحة الشهداء (ساحة محمد السادس وسط الحسيمة) بعد دعوات التهدئة لأجل فتح الطريق أمام حل شامل بمنطق رابح/رابح". ووجه الناشط الريفي نداءً، عبر صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، إلى سكان الحسيمة، خاصة الراغبين في الاستمرار في النزول إلى الشارع من أجل الاحتجاج، جاء فيه: "أرجو من كل شباب المدينة التحلي بالمسؤولية لأجل إنجاح هذه المبادرة التي لن تنتهي إلا بسراح جميع المعتقلين وتنفيذ الملف المطلبي -أرجو التحلي بالحكمة والصبر -والله الموفق". وتابع المتحدث، وهو يوضح مبادرته لتهدئة الأوضاع، قائلا: "السعي لخلق أجواء مناسبة ولو نسبيا لحل الأزمة.. ليس تراجعا ولا تنازلا عن قضية المعتقلين ومطالب الحراك، إنما هي فرصة مؤقتة للجميع لالتقاط الأنفاس، وقطع للطريق أمام دعاة التصعيد غير المسؤول (سواء لدى دوائر القرار أو بعض المتظاهرين)، الذي تدفع ثمنه الحلقة الأضعف"، معتبرا أن الخطوة أيضا "إحراج للحكومة وكل المتدخلين الذين يتذرعون بغياب الجو الملائم لإنهاء الوضع المأساوي الذي نعيشه جميعا". وفي يوم الجمعة الماضي، أصدرت لجنة الإعلام والتواصل للحراك الشعبي بالريف بلاغا يدعو إلى تحديد شكل احتجاجي واحد، مخصص لمقاطعة أحد الأسواق التجارية المغربية الكبرى بالحسيمة، إلا أن الدعوة لم تلق تجاوباً من طرف المحتجين، قبل أن توجه الصفحة بيانا لاحقا يعتبر أن أي احتجاج آخر "مرفوض"، وأن "أي دعوة لشكل آخر، فنشطاء الحراك لا يتحملون فيه أي مسؤولية". ورغم هذا الجدل والاختلاف في وجهات النظر بين المحتجين والنشطاء في الحسيمة حول استمرار الأشكال الاحتجاجية وتوقيتها، إلا أن المطلب الذي يوحد المعنيين هو "ضرورة إطلاق سراح كافة المعتقلين والتخفيف من مظاهر العسكرة كشرط أساسي مسبق لا يمكن التنازل عنه"، إلى جانب "تشبثنا بالحوار وسيلة لحل الأزمة"، مع التنديد بما وصفوه "مظاهر العسكرة والحصار" في الحسيمة ونواحيها. وكان رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، قد وجه نداءه إلى ساكنة الحسيمة ونواحيها، في مناسبتين، بضرورة توفير أجواء من الهدوء؛ "لأن الدولة تأخذ بكل جدية تنمية المنطقة، وتهتم بتسريع المشاريع التي بدأت"، وشدد على أسفه للتدخل الأمني الذي طال المحتجين يوم عيد الفطر المنصرم، مع اعتذاره عن التصريحات المثيرة التي خرج بها عدد من زعماء أحزاب الأغلبية في ماي المنصرم، والتي اتهموا من خلالها من يتزعمون الحراك الشعبي بالريف ب"الانفصال وخدمة أجندات خارجية".