دعما لنظام بشار الأسد المظلوم وضدا على شعبه المتآمر، وإسهاما في ترويج الدعاية الإعلامية للنظام البعثي، فإننا نؤكد قدوم سفن فضائية تقل مخربين ومندسين متجهة صوب المدن والبلدات السورية لترويع المواطنين وإجبارهم على التظاهر وتخريب مؤسسات الدولة. نتساءل، كم يلزم من القتلى والجرحى والمشردين والأيتام والأرامل حتى يتحرك داعموا النظام البعثي الدموي لإيجاد حل فوري لحقن دماء المواطنين العزل وإيقاف آلة القمع التي تبيد وتهجر وتحاصر؟ لقد اختار نظام بشار وحلفاؤه في إيران ولبنان وروسيا والصين, أن يكونوا شركاء رئيسيين في الجريمة، واستحقوا بذلك أن يقبعوا في النصف الآخر من الكرة الأرضية حيث لا يزال الظلم سائدا والحق مغتصبا والقيم الإنسانية النبيلة لا وزن لها ولا اعتبار. إن أقصى ما تسمح به عقيدة هذا الحلف من قيم بئيسة، هو إبداء التأسف إزاء الضحايا الذين سقطوا من الجانبين خلال أعمال الشغب، هكذا دون أن يرف لهم جفن وكأننا بصدد عملية إعادة إنتاج بربرية للقتل والعدوان، ولو من قبل من يفترض نعثهم بأنهم داعموا حركات التحرر في العالم. ومادامت الأيام دول بين الناس، فسيأتي زمن، ترد فيه المشاعر بمثلها والكلمات التضامنية بأحسن منها، فقد نظم الشاعر أبياتا في هذا المعنى قائلا: لا تأمنن من الزمان تقلبا """ إن الزمان بأهله يتقلب حسب الكريم مهانة ومذلة """ ألا يزال إلى لئيم يطلب هل يعتقد الواقفون وراء هذا النظام المتهالك، وبعد كل ما اقترفته أيادي رموزه من بشاعات في حق أبناء الشعب السوري الأعزل، أنه ما زال بمقدوره ضمان المصالح، وتأدية نفس الدور المحوري السابق بالمنطقة؟ إن مصير أي نظام قائم على مراكمة الجثث والجماجم هو الزوال المحتوم، والبراهين شاخصة في أكثر من دولة عربية، وأن المستقبل الحقيقي يكون مع الشعب وأن العلاقات الاسيراتيجية المستمرة هي التي يؤسس لبنائها مع الشعوب، أما التعويل على أنظمة غير ممثلة لإرادة شعوبها فهي بلا شك مجرد كبوات تاريخية سرعان ما تحكم عليها الجماهير بالأفول. إن أعظم خدمة قدمها نظام بشار الأسد للأمة هي نجاحه في الكشف مبكرا عن حقيقة حلفائه في المنطقة ونزع اللثام عن خطورة أجنداتهم، وهم الذين سعوا، ولعقود من الزمن، إلى نحث صورة ناصعة في قلوب العرب والمسلمين تجاه حضارتهم ومشروعهم الممانع عبر الاستثمار الضخم في المنابر الإعلامية والدعوة لعقد المؤتمرات الدولية، وتمويل الأعمال الخيرية. لقد باتت الصورة النمطية الراهنة لهذا الحلف متلازمة ومظاهر القمع والتنكيل واغتصاب العفيفات وتعذيب الأطفال حتى الموت والتخلص من جثث الشهداء بحرقها أو إلقائها في المجاري والأنهر, وغيرها من الأعمال البربرية التي وثقت، وكنا نخالها مضت ولم يبقى لها وجود بسقوط النازية والشيوعية. فالوجود الإيراني المباشر فيما يقع في سوريا من انتهاكات لحقوق الإنسان، تحت يافطة مشروع الممانعة الموجه ضد المخططات الصهيو-أمريكية المستهدف للعرب والمسلمين، قد اكتسب بدوره الطابع الدموي الذي ظل لصيقا بالكيان الصهيوني مما سيجعله مقاوَما من لدن الشعوب, فلم يبقى لإيران في سبيل تحسين صورتها سوى المراهنة على ما راهنت عليه إسرائيل؛ النسيان وتدخل الذاكرة القصيرة للشعوب. وحين يصر الأسد على ملاحقة الإرهاب فهو بذلك يوهم نفسه بأنه بلغ مستوى مقارعة زعماء الدول الكبرى في الإصرار والعزيمة, من أمثال أوباما وكاميرون وساركوزي الذين يستخدمون هذه الورقة لحشد الجيوش والعتاد من أجل المصلحة الإستراتيجية لبلدانهم، فيما يشهرها الزعيم السوري ضد أبناء شعبه الذين يحكمهم هو وعائلته بقبضة من حديد. لقد أخطأ أسد سوريا كما أخطأ فرعون مصر من قبل، حين ظن أنه يواجه شعبا أعزل لا حول له ولا قوة وعجز بذلك عن إدراك قوة التدخل الإلهية المباشرة التي حركت الناس وألهبت فيهم معاني العزة والكرامة على امتداد العالم العربي، فانتقلوا بفضلها من حالة الجبن والقهر التي عاش آباؤهم تحت وطأتها لعقود متوالية، إلى حالة من الإقدام والتحرر أضحى معها الموت والحرية مفردات مستقاة من قاموس ثوري بليغ المعاني والدلالات. *مدون مغربي