كأس العالم 2030.. أخنوش: المشروع يتجاوز الرياضة ويجسد قدرتنا على البناء المشترك    أخنوش وسانشيز يرسمان ملامح مرحلة متقدمة بين المغرب وإسبانيا    مدريد.. التعاون الثنائي محور سلسلة مباحثات مغربية-إسبانية على المستوى الوزاري    خريبين "يخربها" على قطر وسيناريو صادم يهدد "العنابي" ونسور قرطاج بالخروج المبكر من مونديال العرب    السلطات تُطلق حملة لإيواء الأشخاص بدون مأوى بجهة طنجة    تاريخ تسريح اللاعبين ل "كان 2025" يتغير.. فيفا يصدر قرارا جديدا يخدم الأندية    "مازاغان" يحتفي ب"البوناني" بإيقاعات إفريقية وذوق فريد    عام 2024 هو الأشد حرارة على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    مجلس المستشارين يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2026    التامني: غلاء أسعار السكن و"النوار" يفرغان الدعم المباشر من أهدافه وعلى الوزارة التدخل    أشادت إسبانيا بالإصلاحات التي قام بها المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكذا بالمبادرات الملكية من أجل إفريقيا    المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797    "المستشارين" يقر مشروع قانون المالية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    العنف النفسي يتصدر حالات العنف المسجلة ضد النساء    إيطاليا ماريتيما تطلق خطا بحريا مباشرا بين المغرب وإسبانيا    شهادة في حق الفنانة خلود البطيوي بمناسبة تكريمها في الدورة 14 للجامعة السينمائية بمكناس    شهادة في حق الأستاذ حفيظ العيساوي الرئيس الأسبق للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب    حميد بناني: شاعر الصورة وفيلسوف الوجود    سانشيز يشيد بالروابط القوية مع المغرب    مفاجآت في ملف "إسكوبار الصحراء"    المغرب وإسبانيا يطلقان حقبة جديدة من الشراكة الاقتصادية بدعم المشاريع ذات الأولوية    مبادرة "Be Proactive" تعزّز الوقاية من حساسية الأسنان في عيادات المغرب    هولندا.. ثلاثة قتلى في حادث مروع خلال مطاردة للشرطة        اعتقال المعارض التونسي أحمد نجيب الشابي    وزير الخارجية الإسباني يستقبل بوريطة ويؤكد: العلاقات مع المغرب تعيش لحظة تاريخية    مونديال 2026 .. أنظار العالم تتجه صوب واشنطن لمتابعة سحب قرعة مرتقب بشدة    بين الراي والراب الميلودي... Wrapped 2025 يرصد التحولات الموسيقية بالمغرب    المغرب وإسبانيا يُعززان تعاونهما القضائي عبر مذكرة تفاهم جديدة        مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تعزيز التعاون المائي محور مباحثات مغربية–صينية في المؤتمر العالمي التاسع عشر للمياه بمراكش        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ماكرون قلق بعد سجن صحافي بالجزائر    تقرير يكشف ضغط ترامب على نتنياهو بشأن غزة وسوريا    كورتوا: محظوظ لأن مبابي يلعب معي وليس ضدي    "فيفا" يعلن عن منع الزمالك من التعاقدات لثلاث فترات    قرار قضائي يهزّ جامعة الكراطي... والصباري يعيد الاعتبار لجهات الجنوب    قافلة نحتافلوا كاملين تحط الرحال ببرشيد    "حبيبتي الدولة".. من تكون؟!: في زمن التشظي وغياب اليقين    البنك الإفريقي للتنمية يمنح ضمانة 450 مليون أورو لدعم "الاستثمار الأخضر" ل"أو سي بي"    مشاهير عالميون يطالبون إسرائيل بإطلاق سراح القيادي الفلسطيني البارز مروان البرغوثي    وقفة احتجاجية في المحمدية للتنديد بانتهاك إسرائيل لاتفاق وقف النار بغزة    "قمة دول الخليج" تشيد بجهود الملك    إصابتان في معسكر "المنتخب الوطني" بقطر..    الصين: مدينة ايوو تسجل رقما قياسيا في حجم التجارة يتجاوز 99 مليار دولار    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    الشرفي يلقي خطاب عضوية "أكاديمية المملكة" ويرصد "غزو علمنة المجتمع"    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغرب ما بعد الدستور ومخاطر انتخابات ما بعد الفراغ

كيف هي حالة مغرب ما بعد المصادقة على الدستور؟ دعونا نستعمل لغة السينما في حقل القانون والسياسة ونأخذ زاوية لتأمل بعض الصور من المنظر السياسي لمغرب زمنية ما بعد فاتح يوليوز تاريخ الاستفتاء الدستوري .
الصورة الأولى ، دستورية مرتبطة بقرار المجلس الدستوري رقم 815 الصادر بتاريخ 14 يوليوز والمعلن في مضمونه عن نتائج الاستفتاء ،فهذا القرار،المفترض فيه البت في صحة عمليات الاستفتاء ، لم يشر نهائيا إلى ما سمته الأمانة العامة للحكومة ب"الخطأ المادي" لما أدخلت تصحيحات على نص مشروع الوثيقة يوم 30 يونيو بمعنى يوم واحد قبل عرضه على الاستفتاء ، فالمجلس الدستوري لم يستطع أن" يبيض" قانونيا هذا العمل الذي يبدو من خلاله أن الأمانة العامة للحكومة وضعت نفسها فوق لجنة تعديل الدستوري والآلية السياسية للتتبع ،صورة المجلس الدستوري لانه سيكون أمام قضايا قانونية كبرى منها اللائحة الوطنية التي تجمع الشباب والنساء و أمام مضمون قانون الأحزاب السياسية ومشروع قانون المالية القادم بوجود مقتضيات دستورية جديدة و غياب قانون تنظيمي جديد للمالية لحد الآن .
الصورة الثانية ، سياسية ،وتتمثل في مفاوضات لا شكلية بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية حول الانتخابات القادمة ،هذه المفاوضات التي عرفت العديد من المناطق الرمادية وتبين فيها لأول مرة أن وزارة الداخلية في حالة دفاع لما قادت لقاءات طويلة جمعتها أحيانا بالأغلبية وأحيانا بالمعارضة وأحيانا منفردة ببعض الأحزاب السياسية بدون تدليل القضايا الكبرى المرتبطة باللائحة الوطنية والعتبة وموعد الانتخابات .
لكن المثير للانتباه ،هو ان اختيار وزارة الداخلية لهذه المقاربة التفاوضية التي تسميها الأحزاب السياسية بالبحث عن التوافق تثير التساؤل عن وظيفة البرلمان،وما هو دوره وصورته فيما يجري ؟ بمعنى كيف سيكون الحال لما تحال عليه قوانين يفترض أنها كانت موضوع مفاوضات واتفاقات ؟
الصورة الثالثة، تواريخ وزارة الداخلية بخصوص الانتخابات التشريعية المقبلة، التي يبدو أن اثنين منها أعلنا بصفة رسمية واحد ك "فرضية سياسية" والثاني موعد نهائي ،هذه التواريخ التي تثير تساؤلات حول لماذا لم يتم احترام الأجندة الدستورية التي تعطينا تاريخ 7 أكتوبر؟ ومن أين تستمد بعض الخطابات 52 يوما لتجديد اللوائح الانتخابية؟ وكم من الناخبين المفترضين ينتظر تسجيلهم على بعد شهور قليلة من العملية التي ارتبطت بتعديل الدستور؟
والحال، ان تجاوز تاريخ السابع من اكتوبر،الذي أصبح الآن غير وارد ، سيجعلنا أمام صورة غير عادية لبرلمان سيجتمع في دورة استثنائية منتظرة خلال شتنبر للمصادقة على قوانين نوقشت لمدة زمنية طويلة خارج المساطر بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية، ثم تفتح دورته الخريفية في الأسبوع الثاني من شهر اكتوبر لينطلق في مناقشة مشروع قانون المالية في أواخر شهر اكتوبر في مجلس ينتظر ان تعود نسبة ما يقارب 80 في المائة من نوابه، بمعنى ان القانون سيناقشه الفراغ وهو قانون سيلزم حكومة قادمة لن تكون حاضرة في نقاش حوله وستكون مطالبة بتنفيذه.
أضف إلى ذلك ،إن دراسة مشروع قانون المالية لا يمكن أن تتم دون إنتاج قانون تنظيمي جديد للمالية ، فالمقارنة بين مضامين الفصل الخمسين من دستور 1996 ومضامين الفصل الخامس والسبعين من دستور 2011 ،تبين أن تنزيل الفصل 75(إصدار القانون السنوي للمالية) يحتاج إلزاميا إلى قانون تنظيمي جديد للمالية، وذلك بناء على ست حجج على الأقل منها :
1 - من الناحية الشكلية ،يلاحظ ان القانون التنظيمي الحالي يحيل الظهير الشريف الصادر بتنفيذه على فصلين من الدستور (الفصل 26 و56 الفقرة الأخيرة منه) لم تعد لهما نفس المضامين في الدستور الجديد ،بمعنى تغيرت هندستهما الدستورية ،وهو ما يطرح إشكالا دستوريا وقانونيا على مستوى المطابقة بين الدستور الحالي (يوليوز 2011 والقانون التنظيمي الحالي ومشروع قانون المالية المقبل ) .
2 - توجد في القانون التنظيمي الحالي مساطر متبادلة بين مجلس النواب ومجلس المستشارين لم تعد موجودة في النص الدستوري الجديد ،(مثال حالة عدم التطابق بين المادة 34 من القانون التنظيمي للمالية والفصل 84 من الدستور الجديد (الفقرة الأخيرة منه).
3 - الفصل 75 يتضمن عبارة إن "قانون المالية، الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب، بالتصويت من قبل البرلمان، وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي.." ،هذه العبارة إذا وضعت في سياق ثنائية المجلسين (النواب والمستشارين) وهندستهما (العدد) وسلطاتهما، توضح ان شروط دراسة قانون المالية ستكون مختلفة بين المجلسين ،وهي الشروط التي يجب ان توضع قبل مناقشة القانون السنوي للمالية في القانون التنظيمي الجديد.
4 - إن الفصل 75 من الدستور الجديد يحدد على عكس الفصل 51 السابق (وثيقة 1996) هندسة ومضامين للقانون التنظيمي لما ينص على ان القانون التنظيمي يحدد "طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول مشروع قانون المالية"، فالدستور هنا، ينص على ممارسة لم تكن موجودة في القانون التنظيمي وان كانت وزارة المالية قد دأبت على تقديم مجموعة وثائق (كممارسة)،فالأمر هنا مختلف لان الدستور ينص على التحديد ويشير الى المجالات (المعلومات والوثائق والمعطيات) ويربطها بوظيفة تعزيز المناقشة .
5 - مصطلحات" المخططات التنموية الإستراتيجية" و"البرامج المتعددة السنوات" ،كمصطلحات جديدة تحتاج الى تحديد مضامينها في القانون التنظيمي للمالية،فهي غير موجودة في القانون التنظيمي الحالي للمالية .
6 - تضاف إلى ذلك صعوبة أخرى لإعمال القانون التنظيمي الحالي مقابل الدستور الجديد ،وهي المتعلقة بالمرجعية التي يفحص بها المجلس الدستوري مدى مطابقة القانون السنوي للمالية للدستور والقانون التنظيمي للمالية ،في حالة الطعن فيه .
إنها صعوبات قانونية تتعلق بقانون استراتيجي في حياة الدولة، لم ينتبه إليها الذين اختاروا تاريخ 25 نونبر، ليس لها مخرج قانوني.
الصورة الرابعة ، سوسيولوجية ،وهي أن المشهد الاجتماعي بات يشهد نوعا من الاصطفاف الطبقي الاجتماعي لأشكال الاحتجاج الجديدة المتمثلة في احتجاجات المدن العمالية ،وبالتالي ،فالمخاطر الآن لم تعد مرتبطة باحتجاجات حركة 20 فبراير، ولكن بدينامية 20 فبراير التي يمكن ان تعود في أي لحظة، خاصة في شهور صعبة نفسيا واجتماعيا مثل شتنبر وأكتوبر ونونبر ودجنبر .
إن تعثر وطول النقاش حول الانتخابات المقبلة والأجل المحدد غير المحسوب سياسيا يمكن ان يدخل المغرب السياسي في حالة فراغ ،وبالتالي بدل أن توضع الانتخابات في دينامية الإصلاح الدستوري ،فإنها قد تأتي بعد الأزمة .
نحن نعيش لحظة نقاش سياسي تحاول بعض الأحزاب السياسية ان تعطي فيه نفسها مشروعية في إطار مشروعية مختلفة ينتظرها المجتمع وهي مشروعية القوانين السوسيولوجية الجيلية الجديدة ،هناك لحظة تاريخية تحدث فيها أمور كثيرة ،ولكن يبدو لحد الآن من خلال هذه الصور انه ليس هناك تطور في الاتجاه الصحيح، لان الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية لم يحددا في نقاشهما ماذا نريد من الانتخابات ؟ وما هي الزمنية الملائمة لأجرائها ؟ هل في إطار دينامية ما بعد الإصلاح الدستوري ؟ ام بعد حدوث الفراغ ؟ ثم ما هي تكلفة انتخابات لازالت هناك مناطق رمادية كبرى في نصوصها، قد تفتح المجال في حالة اللائحة الوطنية مثلا المجال أمام مجلس للنواب فيه الجد والجدة والأب والزوجة والحفيد والحفيدة ، مادامت الصورة الكبرى الموجودة أمامنا في المغرب حاليا هي وجود نخب قديمة تصر على الاستمرار وترفض الخضوع للقوانين السوسيولوجية لانتقال المجتمعات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.