أصدرت جمعية السكري وقاية وتكفل، بمناسبة اليوم العالمي لداء السكري الذي يوافق 14 نونبر من كل سنة، كتيباً حول "القدم السكرية"، تحذر فيه من مواجهة المصابين بهذا المرض لخطورة بتر أرجلهم في حالة الإهمال وعدم المتابعة. وبحسب رئيس الجمعية، الصديق العوفير، فإن هذا الكتيب، الذي وزع مجاناً خلال الأسبوع الماضي، يهدف إلى "تعميق التثقيف الصحي والتوعية بسبل الوقاية من مرض السكري ومضاعفاته الخطيرة، وإلى ملء الفراغ الثقافي لدى المرضى في مسألة بالغة الأهمية وشديدة التأثير على حياتهم؛ ألا وهي القدم السكرية". ويقصد ب"القدم السكرية" قدم المريض المصاب بمرض السكري، التي تكون معرضة للإصابة بالتقرحات والالتهابات والغرغرينا بسبب انسداد في الأوعية الدموية يؤدي إلى نقص التروية في القدم، مما يقلل من تدفق الدم إلى الأنسجة والخلايا، فتتعرض القدم للتلف، وبالتالي يصبح ضروريا بترها جزئيا أو كليا. ويحدث هذا الأمر بسبب داء السكري إذا لم تتم السيطرة على ارتفاع مستوى السكر في الدم عن طريق النظام الغذائي الصحي، والنشاط الرياضي المنتظم، والعلاج الدوائي الفعال. وقد صيغ هذا الكتيب، وهو الثالث الذي تصدره الجمعية، بأسلوب مبسط في متناول الجميع، بغض النظر عن مستوياتهم الدراسية، وبلغة فصيحة سليمة، ومنهجية تعتمد على تبسيط المفاهيم العلمية من أجل استيعابها. ويؤكد الكتاب، الذي أشرف عليه ثلة من الأطباء المغاربة المتخصصين، أن خطورة مرض السكري لا تكمن فيه بحد ذاته، لكن في المضاعفات المزمنة التي تحدث على المدى الطويل نتيجة إهماله وعدم علاجه وعدم الالتزام بمتابعة التحاليل والفحوصات الخاصة به. ويعتبر مرض السكري السبب الرئيسي للفشل الكلوي وفقدان البصر وبتر الأطراف السفلية والأزمات القلبية والسكتات الدماغية وكثرة الإصابة بالالتهاب؛ وهو الأمر الذي يشكل عبئاً كبيراً على المريض والأسرة والمجتمع على حد سواء. وأشارت الجمعية إلى أن المريض يعيش بعد البتر حياة صعبة مُقعداً على كرسي متحرك يشعره بأن وظيفته في الحياة قد شارفت على الانتهاء. ومرض السكري يأتي بسبب زيادة نسبة السكر في الدم عن معدلها الطبيعي، نتيجة عدم قدرة البنكرياس على القيام بوظيفته في إفراز نسبة كافية من الأنسولين في الدم، أو انخفاض حساسية أنسجة الجسم لهذا الهرمون. وركزت الجمعية على القدم السكرية (le pied diabetique) في هذا الكتيب، حيث يؤدي الداء إلى إحداث تلف في الأعصاب والأوعية الدموية الموجودة في القدمين ينتج عنه فقدان الإحساس بالألم عند إصابتهما بأي جروح أو حروق، ولا ينتبه المريض لحدوث الجروح والتشققات؛ الأمر الذي يسمح للميكروبات بأن تهاجم أي جرح بسيط في القدم، فتتحول الإصابة البسيطة إلى التهاب خطير قد ينتج عنه في بعض الحالات بتر جزئي أو كلي للقدم. وتؤكد الجمعية أن اكتشاف مشاكل القدم ومعالجتها باكراً يساعد على تفادي مضاعفاتها الخطيرة من خلال التوعية الصحية والتحكم الجيد في مستوى السكر وضغط الدم والكولسترول والدهون الثلاثية، ويكون ذلك بالالتزام بتناول الأغذية الصحية والأدوية العلاجية الموصوفة من قبل الطبيب المتخصص، وإجراء التمارين الرياضية المناسبة ومراقبة مستوى سكر الدم. وترى الجمعية أنه ينبغي مراعاة التنوع في الأطعمة وتجنب تناول نوع واحد لفترات طويلة، لإمداد الجسم بكافة العناصر الغذائية، إضافة إلى إنقاص الوزن لتخفيف الضغط على القدمين، الذي ينتج عن التراكم الناتج عن عدم التوازن بين السعرات الحرارية المتناولة من الطعام والسعرات الحرارية التي يقوم الجسم باستهلاكها يومياً؛ وذلك بسبب قلة الحركة وعدم ممارسة أي نشاط بدني، والإفراط في تناول الأغذية الغنية بالدهون والنشويات. كما تشدد الجمعية على ممارسة الرياضة الملائمة بانتظام لمرضى السكري، لأن مفعولها معادل لمفعول الأدوية التي يصفها الطبيب لهم. ويؤكد الأطباء في هذا الكتيب على ممارسة الرياضة بشكل منتظم لنصف ساعة يومياً على الأقل خمسة أيام في الأسبوع؛ وذلك لتسريع ضربات القلب ومعدل التنفس للمساهمة بدرجة عالية في خفض نسبة السكر في الدم عن طريق نقله إلى الخلايا. كما دعا الأطباء إلى العناية بالقدمين بالغسل بالماء الدافئ والصابون الطبي كل ليلة قبل النوم، والابتعاد عن الماء الساخن، إضافة إلى تجفيف القدمين بمنشفة نظيفة وناعمة، وارتداء أحذية مناسبة ومريحة. جدير بالذكر أن ما يقارب 422 مليون شخص في العالم مصابون بهذا الداء، وسيصل هذا الرقم إلى حوالي 552 مليون شخص بحلول سنة 2030، أي ما يعادل شخصا واحدا من كل عشرة أشخاص. وفي المغرب، فإن أكثر من مليوني شخص يفوق سنهم 25 سنة مصابون بداء السكري، 50 في المائة منهم يجهلون إصابتهم بهذا الداء، وتمثل المرأة 50 في المئة. وتقوم وزارة الصحة بتوفير العلاجات والأدوية الخاصة بالسكري بالمجان لحوالي 748.000 مريض مصاب بهذا الداء، بينهم 64 في المائة من النساء. وأكثر من 325.000 مصاب يعالجون بواسطة الأنسولين، حيث تخصص وزارة الصحة سنوياً غلافاً مالياً قدره حوالي 156.700.000 درهم لشراء الأدوية الخاصة بداء السكري.