فضائحُ بالجملة في مجال الاستفادة من بطائق الإنعاش الوطني كشفت عنها التحركات الأخيرة للسلطة المحلية في مدينة بوجدور، بعد قدوم عامل جديد إلى الإقليم، حيث جرى اعتقال مستشاريْن جماعيين وموظف بمندوبية الإنعاش الوطني ببوجدور، متهمين بالتورط في المتاجرة ببطائق الإنعاش الوطني المخصصة لدعم الأسر الفقيرة والمعوزة. خيوط نسيج النصب والاحتيال المُحاك من لدن شبكة المتاجرة ببطائق الإنعاش الوطني في بوجدور انكشفت بعد هروب مستشارة جماعية تدعى "ر ، ش" خارج المغرب، كانت تبيع لزبنائها الراغبين في كَسْب دخل شهري بدون جُهد بطائق الإنعاش الوطني بمبالغ كبيرة، تصل إلى خمسة ملايين سنتيم للبطاقة الواحدة. وتُدرّ بطاقة الإنعاش، التي تعرف في الأوساط الشعبية ب"كارطية"، على حاملها مبلغا ماليا يتراوح ما بين 2100 و2300 درهم شهريا؛ وهو ما دفع متزعمي شبكة المتاجرة في بطائق الإنعاش إلى خلق "سوق" تباع فيها هذه البطائق من لدن الشبكة التي تتزعمها مستشارة ومستشار جماعيان، إضافة إلى موظف بالإنعاش الوطني، للباحثين عن دخْل شهري بدون أي مقابل أو بذل جهد. ضحايا شبكة المتاجرة ببطائق الإنعاش الوطني ببوجدور دخلوا في اعتصام أمام باب منزل المستشارة الجماعية "ر، ش" المنتمية إلى حزب الاتحاد الدستوري، بعد شيوع خبر فرار المعنية إلى الخارج، مطالبين باسترجاع الأموال التي سلموها إياها من أجل الاستفادة من بطائق الإنعاش الوطني. وحسب المعلومات التي حصلت عليها هسبريس، فإن سيّدة تدعى "فاطمتو" اشترت من "ر، ش" خمس بطائق إنعاش مقابل 540 ألف درهم، لفائدة أبنائها وإخوتها. كما اشترى منها شخص آخر يدعى أحمد بطاقتيْ إنعاش مقابل 100 ألف درهم، استلف جزء منها من إحدى وكالات القروض الصغرى. ووفق المعلومات ذاتها، فإنّ هروب المستشارة الجماعية، التي جرى اعتقالها في موريتانيا، كان مخططا له منذ تغيير عامل بوجدور السابق وتعيين عامل جديد على رأس الإقليم؛ وهو ما وضع "تجار الكارطيات" في موقف صعب، بعدما أصبح الموظف المسؤول بمندوبية الإنعاش الوطني ببوجدور يجد صعوبات إدارية ومحاسباتية في صرْف "الأجرة الشهرية" لزبناء الشبكة. شريكا "ر، ش" جرى تقديمهما أمام وكيل الملك بمدينة العيون، وأطلق سراحهما بكفالة مساء يوم أمس السبت، بعدما كان قد وُضعا في الحراسة النظرية. ويُنتظر أن يسفر تفجّر هذا الملف عن مفاجآت جديدة، وسقوط رؤوس أخرى، إذا أخذ التحقيق مساره الطبيعي، خاصة أن الأخبار الرائجة في بوجدور تقول بأن شبكة المتاجرة ببطائق الإنعاش الوطني تتشكل من رؤوس أكثر وأكبر من الرؤوس الثلاثة التي سقطت إلى حد الآن. وحسب المعطيات التي حصلت عليها هسبريس، فإنّ المستشار الجماعي الثاني، المتورط إلى جانب "ر، ش" في فضيحة المتاجرة ببطائق الإنعاش الوطني، والمنتمي إلى حزب الاستقلال، ارتأى إرضاءَ ضحاياه بتسديد المبالغ المالية التي تسلّمها منهم، على شكل أقساط؛ وهو العرض الذي رفضه الضحايا، مطالبين بتسلم المبالغ المالية التي دفعوها كاملة. ويتساءل المتابعون لأطوار فضيحة التلاعب ببطائق الإنعاش الوطني ببوجدور حول ما إن كان التحقيق في هذه الفضيحة سيذهب إلى أبعد مدى، ويطالَ الرؤوس الكبيرة التي تحرك الشبكة التي تظهر في الواجهة من خلف الستار، خاصة أن الأمر يتعلق بتزوير شواهد مدرسية وشواهد السكنى، فضلا عن كون العملية في الأخير تشكل نصبا واحتيالا على الضحايا في منطقة جد حساسة. وتفيد المعلومات، التي حصلت عليها هسبريس من مصادر متطابقة من بوجدور، بأن التلاعب لا يطال فقط بطائق الإنعاش الوطني؛ بل يطال أيضا التوظيف في سلك الشرطة والقوات المساعدة، حيث توجد شبكة تبيع الوهم للضحايا، بالتوسط لهم لتوظيف أبنائهم في هذين السلكين، أو التوسط للعاملين ضمنهما قصد تنقيلهم إلى أماكن أخرى.