التقدم والاشتراكية يطلب مثول وزير الصحة من جديد أمام لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب    أداء إيجابي في بورصة الدار البيضاء    ترحيب إسباني باتفاق المغرب وأوروبا    إسرائيل تطلق نشطاء وتحتفظ بمغربيين    فوز ثلاثة علماء بجائزة نوبل في الفيزياء    وزارة النقل توضح موقفها من خدمات النقل عبر التطبيقات الذكية    كيوسك الثلاثاء | إصلاح المدرسة العمومية رهين بانخراط الطاقات التربوية الخلاقة    استقالة الحكومة وإصلاح شامل للتعليم والصحة والقضاء.. شباب "جيل زد" يبسطون الخطوط العريضة لمطالبهم    محكمة تونسية تطلق سراح مواطن حُكم عليه بالإعدام بسبب انتقاده للرئيس    تنسيق التشغيل يتهم السكوري ب"العجز" في إدارة الحوار الاجتماعي    "لوموند": أخنوش أصبح في عزلة والشارع ينتظر خطاب الملك أمام البرلمان    المغرب ‬يصوب ‬التوجهات ‬الفلاحية ‬لأوروبا.. ‬حين ‬تتحول ‬الحقول ‬المغربية ‬إلى ‬رئة ‬غذائية ‬لبريطانيا ‬ما ‬بعد ‬البريكست    مقاطع تعذيب تُروَّج ضد الأمن الوطني ومصدر أمني يكذب ويكشف الحقيقة    تقرير غوتيريش يوصي بتمديد ولاية "المينورسو" ويكشف موافقة أممية على بناء ملاجئ عسكرية مغربية في الصحراء    الإشكال ‬الكبير ‬ليس ‬اقتصادياً ‬فحسب ‬بل ‬هو ‬في ‬جوهره ‬إشكالُ ‬القيم    67 قتيلا حصيلة انهيار المدرسة في إندونيسيا مع انتهاء عمليات البحث    مولودية وجدة يحقق فوزه الأول وشباب المحمدية يتعثر    المفوضية الأوروبية تشيد بتوقيع الاتفاق الفلاحي المعدل مع المغرب    المغرب ‬وجهة ‬سادس ‬أكبر ‬ناقل ‬بحري ‬في ‬العالم ‬لفتح ‬خط ‬تجاري ‬جديد    من باريس إلى الرياض.. رواية "جزيرة القارئات" الفرنسية بحرف عربي عبر ترجمة مغربية    حركة "جيل زد" تلجأ إلى سلاح المقاطعة للضغط على أخنوش    انطلاق "دوري الملوك" في السعودية    ارتفاع الذهب إلى مستوى قياسي جديد وسط الطلب على الملاذ الآمن    جيل Z اخترق الشارع، والإعلام .. ودهاليز الحكومة    عمدة مدينة ألمانية يقترح إشراك التلاميذ في تنظيف المدارس    طقس حار في توقعات اليوم الثلاثاء بالمغرب    مجلس جهة الشمال يصادق على ميزانية 2026 ومشاريع تنموية كبرى    جدل بتطوان حول ميزانية 2026 بين الأغلبية والمعارضة    مباحثات إسرائيل و"حماس" "إيجابية"    هذا الموريسكي .. سر المخطوط الناجي (2)    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    منتخب المغرب يبدأ التحضير للبحرين    الخلايا التي تمنع أجسامنا من مهاجمة نفسها.. نوبل الطب 2025 تكرّم اكتشاف "فرامل المناعة"        أهم نصائح التغذية لشهر أكتوبر    استقالة رئيس الحكومة الفرنسية بعد أقل من 24 ساعة من تعيينه تعمّق الأزمة السياسية بفرنسا            دار الشعر بمراكش تنظم الدورة السابعة لمهرجان الشعر المغربي    وزارة الصحة تحيل ملف وفيات بمستشفى أكادير على القضاء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء        الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    "الأشبال" أمام كوريا في ثمن "المونديال"    الدوري الإسباني.. الزلزولي يقود بيتيس للفوز على إسبانيول    نادية صبري مديرة جديدة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    98 منظمة حول العالم تطالب بالإفراج عن نشطاء أسطول الصمود.. ودعوات لتدخل رسمي من أجل حماية عزيز غالي    دراسة: فحص بسيط يكشف عن خطر الإصابة بالخرف قبل عقود من ظهور الأعراض    منتخب U17 يستعد للمونديال في السنغال    غالي وبنضراوي واعماجو: سفراء مغاربة للضمير الإنساني.. تحرك يا بوريطة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب    منح جائزة نوبل في الطب لثلاثة علماء عن أبحاثهم في مجال التحكم في الجهاز المناعي        العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ الفزازي لجماعة العدل والإحسان: أما آن لنا نتحاور؟
نشر في هسبريس يوم 03 - 10 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
في الحقيقة لا أعرف فيما إذا كان هناك حوار أو تفاوض أو شيء من هذا القبيل مع جماعة العدل والإحسان. سواء من جهة النظام، أم من أي جهة أخرى. فإن كان قد حدث فلا أعلم أنه تم بصفة علنية. والواجب أن يكون على الملأ.
دواعي الحوار كثيرة ومؤكدة، بل هي ضرورة يمليها الدين وتفرضها مصلحة الأمة. فالجماعة لها من الكوادر والأطر... ومن الرؤى والطموحات... ومن المشاريع السياسية والاجتهادات... ومن القواعد الشعبية والمريدين... ومن التاريخ النضالي... ما يجعل تجاهلها أو الاستخفاف بها كمن يغطي الشمس بالغربال.
وفي المقابل، التهويل من شأنها، والنفخ في أرقام أعدادها، وعدم وضعها في حجمها الحقيقي، والقفز على المكونات الإسلامية والشعبية الأخرى، مثل الحركات الإسلامية العاملة من داخل المؤسسات كحزب العدالة والتنمية والنهضة والفضيلة، أو من خارجها كالسلفيين في الجملة، والصوفيين على اختلاف طرقهم وطرائقهم... والمتحزبين في شتى الأحزاب الوطنية لا سيما الكبيرة منها كحزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والحركة والأحرار... وغيرهم، والذين لا ينتمون إلى أحد إلا إلى وطنهم وهم السواد الأعظم من الشعب، والجمعويين على اختلاف مكوناتهم... فضلا عن المؤسسات العسكرية والأمنية... أقول إن القفز على كل هذه المكونات وهؤلاء المغاربة ليس عدلا ولا توصيفا منصفا.
إن وضع جماعة العدل والإحسان بقَضّها وقضِيضِها في كفة ووضع ما تبقى من الشعب في كفة يعطينا الصورة الحقيقية للمعادلة بين الجانبين إن صح أن أقول إنهما جانبان. والخلاصة التي لا ينكرها أحد بما في ذلك الجماعة نفسها هي أننا أمام أقلية قلية من الشعب في معارضة من خارج المؤسسات لنظام ليس ككل النظم، ولدولة ليست ككل الدول. فإذا كانت الجماعة ذات خصوصية تميزها عن كل فئة معارضة أخرى، وهي كذلك، فإن الدولة المغربية أيضا ذات خصوصيات تميزها عن كل دولة أخرى... تاريخيا ودينيا وجغرافيا... ولا بد من استحضار كل هذا ونحن نتحدث عن ضرورة الحوار.
من أبجديّات الحوار أن نعرف من نحاور ونحترمه وأن نضع للحوار أهدافا معقولة... ونحدد مرجعيات لهذا الحوار نرجع إليها إثر الاختلاف طلبا للتوافق والاتفاق. وبما أن الجماعة إسلامية سنية مرجعها الكتاب والسنة يسهل التحاور معها على هذا الأساس {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله} وفي هاتين الآيتين الكريمتين التعبير بأنكر النكرات (شيء) أي أن مرد الخلاف إلى الكتاب والسنة عند التنازع في أي شيء مهما كان صغيرا جدا هو الباعث على الوحدة والاتحاد ونبذ الفرقة. فكيف إذا كان الخلاف في الأمور العظيمة التي يؤول إليها مصير البلاد والعباد؟
فالجماعة وإن كانت أقلية بالنظر إلى باقي مكونات الشعب المغربي فهي تتميز بصرامة التنظيم وقوة الولاء لشيخها الأستاذ عبد السلام ياسين والتفاني في الانضباط والطاعة لاعتبارات عقدية وولائية أكثر من كونها تنظيمية أو مصلحية... وهنا تكمن قوتها بالتحديد.
ما دعوت إليه جماعة العدل والإحسان من حوار في رسالتي الأولى وقبله الأستاذ أرسلان، إنما فعلته بصفتي فاعلا دينيا مهتما بالسياسة... وصاحب رصيد دعوي طويل أوجد لي حضورا مؤثرا في غير قليل من أبناء وطني... وهذا هو سر قبول الأستاذ أرسلان بالحوار معي ابتداء... كما هو سر زيارة المستشار السياسي في السفارة الأمريكية لي قبل أيام في بيتي... فضلا عن تقدير كثير من السياسيين والنخبة الوطنية مشكورين. أقول هذا جوابا عن سؤال طرح علي مؤخرا يستفسرني عن الصفة التي أشتغل بها لا سيما في المجال السياسي. إذن أطراف الحوار هم كل من يهمهم أمر هذا الوطن واستقراره وتطهيره من الفساد والاستبداد والحيلولة دون وقوع الفتنة التي هي أشد من القتل. وأنا شخصيا أجزم أن الجماعة لا ترغب في فتنة، ولا أي عاقل يرغب فيها... غير أن الإنسان قد يجد نفسه في ورطة يصعب الخروج منها فيندم ولات حين مندم... من هنا كانت ضرورة الحوار اتقاء للأسوء.
أما التنظيمات الإلحادية التي تخرج في حركة 20 فبراير فلا أرها شيئا ذا بال، فقط، هي حفنة من الشواذ لا حاضر لهم ولا مستقبل... بخلاف شباب الحركة "الفبراييرية" المخلصة لدينها وأمتها وملكها والتي لها مطالب معقولة ومقبولة ومشروعة أيضا باعتراف أعلى سلطة في البلد، وهي نفسها مطالب الشعب وإن اختُلِف في بعض جوانبها...
والحديث عن حركة 20 فبراير وجماعة العدل والإحسان، ومن يركب على من، وتباين المطالب الرئيسة بينهما حتى وإن اتفقا في محاربة الفساد والاستبداد... ونحن معهما في هذه المحاربة... إلا أن هذا التباين لا بد أن يؤدي إلى "طلاق" بائن بيونة كبرى أو إلى "خلع" لا "قران" بعده عاجلا أو آجلا. ذلك لأن منطق الأشياء ينطق بذلك. فما بين الفئتين (الجماعة والحركة) أشبه ما يكون ب"زواج متعة" تمليه المصلحة السياسية لا غير، الشيء الذي يدفع ببعض التصادم بين المنظمين من الفئتين إلى الطفو فوق سطح الأحداث بين حين وآخر.
وما يعنيني هنا هو جماعة العدل والإحسان بالذات والتي تشكل السواد الأعظم في الحركة.
فبالإضافة إلى عنصر قوتها المتمثل في دقة التنظيم وعمق الولاء والتفاني في الطاعة... تشتغل الجماعة على عناصر قوية داعمة لها تمدها بالغذاء والأكسجين لمواصلة الاحتجاج والتظاهر مثلها في ذلك مثل حركة 20 فبراير.
هذه العناصر يمكن حصرها في الفساد المستشري في البلاد، وفي البطالة التي ضربت كل أسرة مغربية في فرد من أفرادها أو يزيد، (أنا مثلا، عندي ستة أولاد ذكرانا وإناثا، أعمارهم بين 21 سنة و37 كلهم في بطالة مستدامة، اثنان منهم متزوجان) وفي بعض مظاهر التبذير للمال العام ونهبه من بعضهم، وعدم محاسبة المتورطين في ذلك، وإفلات بعض الوجوه الفاسدة من العقاب، وفي الظلم الذي تعرفه بعض محاكمنا لسبب أو لآخر، وفي كثير من مظاهر الفسوق والإباحية في المجتمع.. مع ضعف المؤسسة الدينية الرسمية وتحجيم خطابها... (الفقر والجريمة والبيروقراطية والأمية والجهل ومشاكل السكن...) كل هذا يعطي الجماعة والحركة المادة الأدبية للاشتغال، والوقود والطاقة للاستمرار...
إلا أن التطاول على ملك البلاد ورفع شعارات إسقاط النظام تصريحا، أو تلميحا عبر شعارات (الله يبارك في عمر شعبي) أو (يحيى الشعب) أو (الله الوطن الشعب) مثلا، وهي العبارات المتعارف عليها أنها تخص الملك، فيه استفزاز للشعب الذي يحب ملكه أكثر من استفزاز الملك شخصيا. كما أن بخس الدولة حقها في كثير من منجزاتها العملاقة في البنية التحتية والتنمية البشرية والعمران والصناعة والازدهار الملحوظ في شتى الميادين على الرغم من الأزمة المالية العالمية وعلى الرغم من أننا لسنا دولة نفطية... فيه عدم العدل في القول وتحامل بطعم زرع التيئيس والعدمية. على حين تكفي مقارنة بسيطة مع جيراننا (ليبيا والجزائر) الذين لهم من الغاز والبترول والعملة الصعبة ما يجعلهم يعيشون فوق سطح القمر ومع ذلك فالمغرب يبدو أنه أرقى وأنقى. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن النظام المغربي ليس بذلك السوء الذي يستدعي "إسقاطه". لا سيما وهو لم ينزل إلى الشارع بدبابات ولا مدرعات ولا راجمات صواريخ كما يفعل آخرون. ثم من يملك إسقاطه أو يستطيع أصلا وهو محمي بأغلبية الشعب قبل أي شيء آخر. ولا أقول بالعسكر والبوليس ووسائل القمع... كما هو حال غيره في بلاد العرب والأمازيغ بل بأغلبية الشعب.
والجدير بالذكر هنا، هو أن الملك قد شرع في الإصلاحات بالشكل الذي يعرفه الجميع قبل هذا الربيع العربي بسنين عديدة (الطرق السيارة والميناء المتوسطي نموذجا). والجديد في الأمر هو الإسراع في الوتيرة بعد مطالب حركة 20 فبراير... وهذا جميل.
صحيح ليس كل شيء على ما يرام، ولا يزال هناك الكثير والكثير جدا مما يجب فعله الآن وفورا... وهو في المتناول، لا يكلف أكثر من الحسم في القرار، مثل إطلاق سراح المسجونين الأبرياء الذين لم يتورطوا في دم. وعدم ترك المفرج عنهم في مهب الريح، بدون تعويض ولا تشغيل... ومثل قطع الطريق على لصوص المال العام وإخوان الشياطين المبذرين له كيفما اتفق كالإنفاق بسخاء على بعض المهرجانات التافهة... مع الشروع الجدي والفعلي في إنقاذ منظومتي التعليم والصحة من السكتة القلبية.
لكن لا يجب أن ننسى ما تراكم في المؤسسات والمجتمع من فساد عظيم طال كل المجالات والإدارات والأحزاب والمرافق والهيئات... ولم ينج إلا من رحم ربك. فلا يجوز والحالة هذه تحميل النظام وحده كل المفاسد كأنه شيطان يحكم ملائكة، ولا تكليف الملك فوق ما يطيق. لأنه لا يملك عصى سحرية يكفي أن يلوح بها لننتقل إلى مستوى السويد أو النورفيج، ولا هو قادر إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. لا هو ولا غيره كائنا من كان. إلا رب العالمين. قليلا من الإنصاف أيها الناس. وصدق الله عز ثاؤه {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى} {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى}.
إذن، الحكمة تقتضي أن ننظر بواقعية وأن ننخرط جميعا في مشاريع الإصلاحات التي هي جدية هذه المرة بسبب ضغط الحراك العربي من جهة، وبسبب عزم الملك على المضي قدما في درب الإصلاحات.
إذا أردنا نزع فتيل الفتنة فهذا هو السبيل.
السيد فتح الله أرسلان الناطق باسم الجماعة أكد أنه مع الحوار، وقد أعلن عن القبول بذلك صراحة في التعليق على رسالتي الأولى إلى جماعة العدل والإحسان... وغير قليل من الفاعلين السياسيين والعلماء وشخصيات نخبوية وأكاديمية وحقوقية وإعلامية... كلهم مستعدون لهذا وينتظرونه على أحر من الجمر. وهناك متطوعون لتنظيمه والسهر على إنجاحه...
فماذا ننتظر؟
أملي كبير في منظري جماعة العدل والإحسان أن يستجيبوا عمليا وفي أقرب وقت ممكن لهذه المبادرة عسى أن يصلح الله بها الأحوال التي لا تبشر بخير إذا بقي الوضع على ما هو عليه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
الموقع الخاص:
www.elfazazi.com
البريد الإلكتروني:
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.