ما زالت الشروط الجديدة التي فرضتها "الفيفا" لتنظيم مونديال 2026، والمتعلقة باحترام حقوق الإنسان في البلد المحتضن لنهائيات كأس العالم، خاصة في الجانب الذي يخص الحريات الفردية والمثلية الجنسية، تثير جدلا واسعا؛ ففي الوقت الذي أخذ فيه الملف الأمريكي المشترك المنافس على شرف تنظيم "العرس الكروي" هذه المسألة على محمل الجد، بحيث أقر بمعالجة كل مشاكل حقوق الإنسان، يبدو أن المغرب لم يحسم بعد في هذه المسألة "الحرجة" التي قد تضعف حظوظه في سباق المونديال؛ وهو ما دفع عددا من المثليين والمدافعين عن الحريات الفردية إلى الخروج إلى العلن. صمت مغربي بالرغم من أن الملف المغربي الذي رُفع إلى "فيفا" لم يتضمَّن أي تفسيرات حول المثلية الجنسية ومدى احترام المثليين وغيرها من الأمور التي تتعلق بهذه الفئة، فإن الوفد المغربي المكلف بالملف سيكون مضطرا إلى مناقشة هذه النقطة خلال الجولات المقبلة، بسبب إقرار الأمانة العامة لل"فيفا" شرط جديد يتعلق باحترام حقوق الإنسان في البلد المحتضن لنهائيات كأس العالم، بحيث يجب أن "تكون بطولات كأس العالم في بيئات خالية من "التمييز القائم على التوجه الجنسي"، كما ينص القانون الجديد للفيفا؛ وهو ما يشكل نقطة ضعف بالنسبة إلى الملف المغربي لاحتضان نهائيات سنة 2026، نظرا لتجريم القانون الجنائي المغربي للمثلية الجنسية. وفي المغرب، تنص المادة ال489 من القانون الجنائي على أن كل "مَن ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه"، ما بين 6 أشهر و3 سنوات، وغرامة من 200 إلى 1000 درهم؛ وهو المعطى حاول الوفد الأمريكي أن يستغله لإضعاف حظوظ المغرب في كسب رهان المونديال، حيث قال مسؤول في الوفد الأمريكي إن "هناك مخاوف جدية بالمغرب بشأن قضايا المثلية الجنسية وازدواجية التوجه الجنسي والتحول الجنسي وحقوق المرأة". هذه المخاوف تقرها ابتسام لشكر، رئيسة حركة مالي "الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية"، التي قالت إن "السياق الحالي يفرض فتح نقاش حقيقي يكون حول الحريات الفردية والحقوق الجنسية؛ لأنه لا يعقل أن يعتقل الناس لأنهم مثليون أو لأنهم لا يصومون"، موردة أنه "ستكون هناك مبادرات للضغط على الحكومة والدولة لإقرار تغييرات على المواد التي تجرم المثلية والحريات الفردية إذا ما فاز المغرب بمونديال 2026". وأضافت لشكر أن المطلوب الآن هو "العمل على المطالبة بإلغاء المثلية من نص قانون العقوبات؛ لأنها لا تمس حريات المثليين فحسب، بل الحريات الجنسية والشخصية بشكل عام، مشيرة إلى أن "الحركة ستلجأ إلى المنظمات الدولية للعمل على إجبار الحكومة للإنصات لمطالبنا". الحقوقية ذاتها تقر بأن "تجريم المثلية يحرم فئة كبيرة من المشاركة في المجتمع، خاصة في حال تنظيم المغرب للمونديال؛ لأنه يرافقه اعتداءات وعقاب جسدي وأفعال كراهية وانتهاك للحريات الخاصة يشكل خطراً على الفرد من جهة وعلى المجتمع بشكل عام"، موردة أن "المثليين يجدون صعوبات في ولوج إلى العمل والمرافق العمومية، ولا يمكنهم التعايش داخل المجتمع مع فئات أخرى". حصر تجريم "المثلية" مرفوض سفيان فارس، ناشط حقوقي في الحريات الفردية، يعتبر حصر تجريم المثلية الجنسية مناسبتيًا مع مونديال 2026 أمرا خاطئاً ومرفوضاً، وقال: "لا نريد حريات فردية ذات استعمال واحد خلال المونديال فقط، بل نريدها دائمة في المجتمع"، مستبعدا في السياق أن "يسير المغرب بعيدا في هذه الخطوة في ظل وجود مؤشرات مقلقة تعكس رفض المجتمع لهذا المعطى". وسيكون على المغرب في حال فاز بتنظيم المونديال أن يعمل على حماية حقوق المثليين الوافدين إليه من أوروبا وأمريكا لحضور مباريات بلدهم، وتوفير كل الظروف لحمايتهم من الاعتداءات الجسدية واللفظية التي قد يتعرضوا لها طوال مقامهم في المملكة، وبهذا الخصوص، يقول فارس: "لا يمكننا أن ننتظر المونديال حتى نرفع مطالبنا؛ لأنه سيكون من الغريب إلغاء تجريم المثلية في فترة محددة". وبدوره، يقول إسماعيل بلقياحة، الناشط المثلي، في تصريح لجريدة هسبريس، إن "تنظيم المغرب لمونديال 2026 سيكون فرصة مواتية لنا لطرح مطالبنا، ونحن كمغاربة سنكون عند حجم هذه التظاهرة العالمية؛ لكن لا يمكن أن يعيش المثليون في ظروف غير آمنة"، قبل أن يستطرد قوله: "يجب توفير الأمن لهذه الفئة". ويرى الناشط أن "الحكومة تحاول استغلال الملتقيات الدولية حتى تروج لنفسها صورة وردية على أنها تحترم حقوق الأقليات، وهذا ما حدث خلال المؤتمر العالمي لحقوق الانسان بمراكش؛ لكننا سنرد عليها خلال تظاهرة المونديال من خلال إطلاق الحملات التحسيسية".