انطلقت قبل خمسة أيام، حملة "الحب من حقوق الإنسان"، التي أطلقتها مجموعة "أقليات"، لمناهضة التجريم والتمييز ضد الأقليات الجنسية والدينية، بمشاركة عدد من المتطوعين المثليين من مختلف مناطق المغرب، وبعض المواطنين المتعاطفين معهم، الحاملين لمشعل الحريات الفردية في المغرب، وهي الحملة التي رافقها جدل كبير، بحيث، لأول مرة، يخرج المثليون إلى الشوارع في محاولة للبحث عن "الاعتراف". وفي الوقت الذي يرى فيه هؤلاء أن مبادرتهم تصنف في "خانة الحرية الفردية"، يعتبر آخرون أن ما يفعله هؤلاء هو "فسق وفجور يحرمه الدين ويعاقب عليه القانون". مثليو المغرب.. رحلة البحث عن "الحب" "اليوم24" إلتقى، زوال أمس الاثنين، بمجموعة من المثليين وسط العاصمة الرباط، تحديدا في شارع محمد الخامس، ورافقهم في رحلة استثنائية، تشكل سابقة في المغرب، تتعلق بتوزيع منشورات يصفونعا ب "التوعية" بالعلب البريدية في العمارات السكنية، وأخرى وُضعت على زجاج السيارات، بينما سلمت أخرى مباشرة إلى المارة في الشارع العام. "شادية"، المثلية الجنسية، التي تحب مناداتها باسم "زكرياء"، قالت إنها تشارك في الحملة بصفتها متطوعة ومثلية، وتحاول من خلال مجهوداتها "انتزاع" الاعتراف من المجتمع، لأن مثلي الجنس على حد تعبيرها "ليس من يمارس الجنس مع شخص من الجنس نفسه برضاه، وإنما من يغتصب قاصرا في عمر الثلاث سنوات"، على حد تعبيرها. وأضافت أن "المثلية الجنسية ليست موضوعا حديثاً، وإنما هي موجودة منذ وجود الإنسان"، وأن مثليي الجنس "بينهم وبين مولاهم"، ولا داعي لأن يقوم المواطنون بدور "المحامي". من جهته، أكد الشاب محمد، البالغ من العمر 19 سنة، أنه تعرض للعديد من المضايقات منذ أن كان صغيرا، وأنه يواصل "معركة إثبات الذات وسط المجتمع"، على حد تعبيره، و"فرض" نفسه على الرغم من ميوله الجنسي. وإلى جانب شادية ومحمد، رافق لحسن، شاب منحدر من تارودانت، المتطوعين في رحلة "التوعية"، وقام بدوره بلقاء عدد من الناس، والحديث معهم، كما اختار الحديث إلى كاميرا "اليوم24″، باللغة الأمازيغية حتى "تصل رسالتي ومعاناتي إلى الأمازيغيين"، منهيا كلامه ب"مثلي وأفتخر". علماء الدين.. الحملة تشجيع على "الفساد" و"الفجور" وتعليقا على هذه الحملة، اعتبر الشيخ السلفي حسن الكتاني، أن ما يطالب به المثليون ليس حقا وإنما "فجور"، و"خروج عن الطريق السوي"، على حد تعبيره، مشددا على أن الحق يعطيه الشرع "نحن المسلمون لنا شريعة تبين الحلال من الحرام، ومن بين الأمور المحرمة، المثلية الجنسية، والشذوذ الجنسي". وأضاف الكتاني في حديث مع "اليوم24″، أن حملة "الحب من حقوق الإنسان" التي دعت إليها مجموعة "أقليات"، "إفساد للمجتمع"، و"نشر الأمراض الخطيرة الناتجة عن العلاقات الجنسية بين شخصين من الجنس نفسه"، مشددا على أن الحب الذي يتحدث عنه مثليو الجنس "لا يعنينا نحن المسلمين" لأن الهدف منه خلق "الفتنة". وأضاف الشيخ السلفي، أن مثل هذه الحملات منتشرة بشكل كبير، منذ زمن بعيد في أوربا، وهي الآن "تصل إلى المغرب لإفساد المجتمع"، على حد تعبيره دائما. كما أكد لحسن السكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخريات تمارة، أن الحملة دعوة مباشرة إلى مخالفة السنن الكونية، والفطرة، و"الدعوة مرفوضة شرعا وخلقا"، معتبرا أن ما يدعون إليه ليس البحث عن الحب كحق من حقوق الإنسان وإنما "الحب كشعور متبادل بين الرجال والنساء، لكن ليس إلى درجة الممارسة الجنسية، هم لا يدعون إلى الحب وإنما إلى ممارسة الجنس، وهي ممارسات شاذة"، وضرب المثال بعدم بحث الحيوانات عن حيوانات أخرى من الجنس نفسه "الذكر يميل إلى الأنثى والأنثى إلى الذكر". وشدد السكنفل، أن من الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الإصابة بالسيدا، هي العلاقات الجنسية الثنائية بين أشخاص من الجنس نفسه. الحريات الفردية وتعديل القانون الجنائي.. وبين النقاش الدائر حول الجنس والدين، دعا المحامي زهير أصدور، إلى التفكير في حل قانوني بخصوص "الشذوذ الجنسي"، خصوصا ونحن مقبلون على تعديل القانون الجنائي، حيث طالب أصدور بالموازنة بين الحريات الشخصية للفرد وحريات المجتمع بصفة عامة. وأضاف المتحدث نفسه، أن توزيع المنشورات من طرف متطوعين مثليين، يدخل في إطار الحرية الشخصية "من حق هؤلاء أن يدافعوا عن الحريات التي يؤمنون بها، ماداموا لا يحدثون عن أي ضرر بالآخر"، مؤكدا أنه ضد الاعتداء عليهم في الشارع العام، لمجرد نشر منشوراتهم، "وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء"، على حد تعبيره. مجموعة أقليات.. تحرك لمحاولة "البحث عن اعتراف"! طارق الناجي، مؤسس مجموعة "أقليات"، قال إن الحملة يشارك فيها العديد من المثليين من مختلف بقاع العالم، على رأسهم الناشطة الإماراتية سارة، المقيمة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلى جانب الإمام الجزائري لودفيك محمد زاهد، الذي ناقش، أخيرا، أطروحة دكتوراه حول "الإسلام والمثلية"، والناشط العراقي حسين الراضي، الذي ساعد عددا من المثليين، الذين تم اختطافهم إلى سوريا، إضافة إلى الناشطة الجزائرية دليلة فريدي. وأضاف الناجي أن متطوعين غير مثليين، لكنهم متعاطفون مع قضية المثليين، في مدن كالدارالبيضاء، والرباط، ومكناس، وطنجة وأكادير ومراكش، يساهمون في حملات التواصل، إذ "بعد يوم واحد من الإعلان عن انطلاق حملة "الحب من حقوق الإنسان"، توصلنا بعدد كبير جدا من الطلبات للمشاركة، لكننا اخترنا الأشخاص الذين نثق بهم، خوفا من المشاكل"، مضيفا أن المتطوعين، الذين تجاوز عددهم الثلاثين، وزعوا، المئات من المنشورات. ومما ورد في الرسالة، المكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية تحت عنوان "رسالة للمجتمع"، يتوفر "اليوم24′′ على نسخة منها، كلمات أن "المثلي إنسان طبيعي، ومواطن مثلكم.. هو صاحب الدكان في حيّكم، والأستاذ الذي يدرس ابنكم، وطبيبكم الذي يشرف على صحتكم النفسية والجسدية، أو إمام مسجدكم.. المثلية الجنسية ليست اختيارا، لكنها طبيعة".