اختتمت فعاليات الدورة الأولى من معرض التراث والمخطوطات والوثائق والقطع الخزفية، الذي نظم بمناسبة اليوم العالمي للمعالم والمواقع التاريخية والمتاحف بمدينة أسفي تحت شعار "عودة إلى الماضي ونظرة إلى المستقبل". واشتمل المعرض على أربعة زوايا، الأولى خصصت للمخطوطات والوثائق والكتب القديمة، وتضمنت 30 مخطوطة إسلامية قديمة متنوعة في القرآن الكريم وعلوم القرآن وعلوم الحديث والفقه والرياضيات والفلك والشعر والزجل وغيرها، يراوح عمرها بين 200 و400 سنة. ومن بين المخطوطات المعروضة مخطوط كتب سنة 1026 هجرية مجهول المؤلف والناسخ وبخط مغربي، وآخر لأبي اسحاق ابراهيم بن عبد الرحمان الغرناطي في علم الكلام كتب عام 1192ه، ومخطوط: "شرح الالفاظ الجرومية في أصول علم العربية"، لخالد بن عبد الله بن أبي بكر الأزهري، ومخطوط ابن عاشر انتهى من نسخه سنة 1131ه، ونسخة فريدة طبق الأصل من القرآن الكريم لابن البواب. ومن ضمن المعروضات في الزاوية الثانية مجموعة من القطع الفخارية والخزفية تحمل توقيع عدد من صناع مدينة أسفي، أمثال السوسي وبوجمعة العملي والفخاري بن براهيم والسرغيني والغريسي والزواني الجيلالي وبن جلون، وغيرهم من الصناع المهرة لهذه المدينة التي اشتهرت على المستوى الوطني والعالمي بصناعة الخزف. أما الركن الثالث في المعرض فضم مجموعة من المسكوكات المعدنية المغربية والنقود الورقية، بدءا من نقود رومانية وبيزنطية وفارسية، إلى مسكوكات الدول التي تعاقبت على الحكم بالمغرب انطلاقا من دولة الأدارسة والمرابطين والموحدين والمرينيين والوطاسيين والسعديين والعلويين، قدمت للزائر لمحة على تاريخ المغرب من خلال المسكوكات وتطور النقود الورقية المغربية. وخصص بالمعرض جناح للبريد يسلط الضوء على البريد المخزني المغربي الذي يبرز للزائر تطور مسيرة الخدمات البريدية، كما احتوى على الطوابع البريدية المغربية من قبل الحماية وإبان فترة الاستعمار وفي عهد الاستقلال، وأيضا في عهد السلطان المولى الحسن الأول (1290 -1311ه) ( 1873 – 1894م) الذي شكل مرحلة هامة في تاريخ قطاع البريد المغربي؛ إذ في عهده تأسست سنة 1891م أول مصلحة للبريد الشريف المغربي تحت اسم "البريد المخزني"، خاصة بعدما استطاع اليهودي المغربي إسحاق برودو خلق أول خط بريدي يربط بين مدينتي مازاكان ومراكش، على غرار المكاتب القنصلية الأوروبية. وعلى هامش هذا المعرض، نظمت ندوة علمية تحت عنوان المسكوكات الذهبية التي ضربت بمدينة أسفي"، بمشاركة كل من الباحث محمد الحضري، وخالد افقهي، المحافظ الإقليمي للمباني التاريخية بأسفي، كشف خلالها الحضري الستار عن كنز "بوترا " الذي تم اكتشافه مؤخرا بالصدفة في صقلية الاسبانية، وهو محفوظ في إحدى الجامعات الألمانية، ويعود إلى العصر المريني، وهو عبارة عن مسكوكات ذهبية من نصف دينار وفئات أخرى من ربع دينار، مؤكدا أن هذا الاكتشاف جديد وفريد من نوعه. وأورد الحضري أن المسكوكات يرجح أن تعود إلى بداية أواسط القرن 15 في عهد السلطان أبي سعد المريني في القرن 15م، وتحمل اسم محمد المسعود، وقد تكون ضربت نهاية الدولة المرينية أواخر القرن الثامن الهجري بعد نهاية عهد أبي سعد العثمان، وأكد في مداخلته أهمية هذا الاكتشاف الذي يبرز القيمة الكبيرة لمدينة أسفي على المستوى التاريخي والتجاري. من جانبه، سلط الأستاذ خالد افقهي الضوء على الكثير من المعطيات المهمة التي ارتبطت بتسمية أسفي، والشعوب والحضارات التي تعاقبت عليها من فنيقيين وقرطاجيين وغيرهم، وتطرق كذلك إلى التراث اللامادي المنقول وغير المنقول.