أكد المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، في تقريره الاستراتيجي لعام 2018، أن المغرب ، الذي يولي أهمية خاصة للتعاون جنوب-جنوب ، يضع افريقيا في صلب أولويات سياسته الخارجية . وأوضح التقرير، الذي يحمل عنوان" من أجل تنمية ذاتية بافريقيا"، أن الملك محمد السادس لطالما دعا الى تنمية ذاتية لإفريقيا "ذات بعد إنساني" ، ترتكز على التعبئة الجماعية للبلدان الافريقية لكسب رهان الوحدة وإرساء ريادة إفريقيا على المستوى الدولي . وهكذا ، فإن السياسة الافريقية للمغرب تقوم على تعزيز شراكات مفيدة للطرفين مع البلدان الافريقية، وكذا على الانخراط الجاد للمغرب في خدمة قضايا القارة. وقد خصص التقرير للتنمية المستقلة لافريقيا،. فالاستقلال الذاتي لا يعني أن تكون مستقلا، وإنما يجسد قدرة إفريقيا على أن تقرر ما تريد لنفسها وأن تسمع صوتها في المحافل الأممية. وكان ملك المغرب قد ذكر، في خطابه أمام القمة ال 28 للاتحاد الإفريقي يوم 31 يناير 2017، "لقد حان الوقت لكي تستفيد إفريقيا من ثرواتها. فبعد عقود من نهب ثروات الأراضي الإفريقية، يجب أن نعمل على تحقيق مرحلة جديدة من الازدهار"، مضيفا: "بلدي اختار تقاسم خبرته ونقلها إلى أشقائه الأفارقة. وهو يدعو، بصفة ملموسة، إلى بناء مستقبل تضامني وآمن". ويروم الجزء الأول من التقرير "الذي تم إعداده وفق مقاربة إفريقية، مختلفة عن النظرة الغربية المعتادة عن إفريقيا" فهم القارة الإفريقية، وتعدد ثقافاتها والروابط المشتركة بين شعوبها. وبخصوص الجزء الثاني، وهو ذو طبيعة استشرافية، فهو مخصص للرهانات التي سوف تواجه إفريقيا بحلول 2050 ، ويبرز بالإضافة إلى التغير المناخي، ثلاث إشكالات رئيسية مستقبلية: الضغط الحضري، والتحول القروي وكذا تحدي الأمن والحكامة. وبناء على هذا المشهد العام، يسعى الجزء الثالث من التقرير إلى تحديد روافع التنمية الذاتية في إفريقيا، من قبيل التحول الطاقي، والانتقال الرقمي، والتحول الاقتصادي والحكامة الاقتصادية، وكذا مقومات التنمية الذاتية المتمثلة في الرأسمال البشري، وتطوير المبدإ الإنساني "أوبونتو" ومصالحة إفريقيا مع نفسها ومع الطبيعة. ويسلط الضوء، من جانب آخر، على المساهمة الحالية للمغرب وكذا الدور الذي يمكن أن تضطلع به المملكة، في المستقبل، لفائدة التنمية الذاتية لهذه القارة المهمة. واعتبر التقرير، الذي تم إعداده انطلاقا من تشخيص كون إفريقيا تعرف حركية وهي في حاجة لكي تصبح مستقلة بذاتها، إلى رؤية جديدة للعالم تكون إفريقية، لفائدة مشروع إفريقي كوني وحضاري، أنه إلى جانب تغيير الرؤية حول الذات وتعزيز قدراتها البشرية، فإنه يتعين على إفريقيا، لكي تصبح مستقلة بذاتها، تخطي المراحل في مجالات التنمية لترسم مسارا آخر نحو النمو. إن التفكير في إفريقيا يعتبر تحديا حقيقيا، بالنظر إلى شساعتها، ولكن، بالخصوص للتنوع الاستثنائي لشعوبها، وتاريخها، وثقافتها، وتضاريسها ، وثرواتها. وأبرز التقرير أن مساهمة إفريقيا في خلق الثروة الاقتصادية العالمية مرتفعة سواء من خلال المواد الأولية التي تزود بها بقية العالم أو عبر الموارد البشرية التي تنشرها داخل القارة و خارجها.