للوصول إلى منطقة "تماسين" باثنين الثوالث أولاد بوزيري، لا بد أن تسلك الطريق الإقليمية رقم 3615 انطلاقا من مدينة سطات.. على جوانب الطريق، حقول فلاحية خصبة تضم النعناع، وأخرى للزيتون، ورعاة يحرسون الأغنام لتتغذى على بقايا الكلأ اليابس قبل أن يتدخل الفلاحون لتقليب الأرض وتسميدها استعدادا لموسم فلاحي جديد. بعد قطع مسافة تقارب 30 كلم جنوب مدينة سطات، وصلنا إلى مركز "تماسين"، بوادر الجفاف بادية، آبار جافة ومهجورة ومضخات منتشرة هنا وهناك، وحقول الصبار قضت عليها الحشرة "القرمزية"، في حين أن أشجار رمان "تماسين" بالثوالث المعروفة بالجودة، منها ما "مات" واقفا، ومنها ما لا يزال يقاوم في شموخ، ينتظر قطرات ماء المطر أو جلب الماء من وادي أم الربيع القريب من المنطقة أو التنقيب عن المياه والسماح بحفر الآبار. هسبريس زارت منبع الماء "العين" الذي جفّ عن آخره، بعدما كان يعتمده الفلاحون في سقي بساتين الرمان، المعروف بجودته على الصعيد الوطني، إلى جانب رمّان عين بلال ببني مسكين الغربية الذي قل إنتاجه هو الآخر بفعل الجفاف، والذي كان يزوّد الأسواق المحلية على مستوى الطريق الوطنية رقم 9 وأسواق الإقليم أو على المستوى الوطني...، "شوف أوليدي هذا الجنانات التي كانت مصدر رزق سكان المنطقة منذ زمان.. اليوم العين جفت والناس بسطاء ولا حياة لمن تنادي في صفوف المسؤولين.." يقول شيخ طاعن في السن بحرقة وأسف لهسبريس. إنقاذ أشجار الرمان عبد الكريم أبو سير، فاعل جمعوي بمنطقة تماسين، قال، في تصريح لهسبريس، إن المنطقة كانت مشهورة بفاكهة الرمان والزيتون والتين، بالإضافة إلى بعض المغروسات الموسمية التي تعتمد على السقي، إلا أن العين التي كان يعتمد عليها السكان في الريّ جفّت منذ ما يقارب 9 سنوات، دون الدفاع عنها من قبل المسؤولين. وقال المتحدث لهسبريس إن إحدى التعاونيات سبق أن راسلت الجهات المختصة بوزارة الفلاحة، من أجل الاعتناء بالعين، بعد جفافها الذي أدى إلى ركود النشاط الفلاحي والتجاري بالمنطقة ككل، خاصة أنها تعتبر مصدر رزقهم وإعالة أبنائهم وتدريسهم، بعد بيع منتوجاتهم من أنواع فاكهة الرمان بمختلف أنواعها الأربعة. وطالب الفاعل الجمعوي، الذي أوضح أن العين جفت والاعتماد على الآبار يصطدم بتعقيد مسطرة الترخيص، بإيجاد حلول لإنقاذ الناس الذين باتوا يفكرون في الهجرة مقترحا السماح بحفر الآبار وتزويد المنطقة بماء السقي من واد أم الربيع. وأضاف أبو سير أن العين كانت مكانا لممارسة بعض العادات المنتشرة في المنطقة بخصوص الزواج، حيث كان ينتقل العريس في يوم زفافه رفقة شبّان القبيلة وأقربائه إلى مكان بالعين يدعى "الحمّام" ويباشر مجموعة من عمليات النظافة هناك استعدادا لليلة الزفاف، وسط فرحة المرافقين له، لقد كان لها دور كبير في المنطقة يعود بالنفع على حياة السكان في مجالات عدّة. الباب مفتوح للجميع محمد لمقدمي، المدير الإقليمي للفلاحة بسطات، أوضح، في تصريح لهسبريس، أن باب المديرية مفتوح للجميع، من أجل التواصل والإنصات والتوجيه في إطار الاختصاصات، مشددا على أن دور المديرية الحفاظ على منتوج الرّمان بمنطقة تماسين المعروف بجودته على الصعيد الوطني. وأضاف المدير الإقليمي للفلاحة بسطات أن المديرية تنتظر مبادرة الفلاحين لعرض مشاكلهم، وتشخيصها والعمل على التنسيق مع باقي المتدخلين كالحوض المائي لتحديد مصدر الماء الممكن لربط مزارع الفلاحين وتحديد الاختصاص في الترخيص من أجل دخول وزارة الفلاحة على الخط لدعم الحفر والتجهيز بالسقي بالتنقيط أو طلب قرض من الوزارة لتجهيز قنوات الري، وفق المساطر القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات. واستحضر المقدمي الدور التأطيري للفلاحين، الذي تقوم به المديرية من أجل توضيح الرؤية للفلاحين الذين يقبلون على وضع الملفات قصد الدراسة وتحديد الإعانات، وفق محورين أساسيين لخصهما المتحدث في مشاريع المخطط الأخضر في دعامته الثانية الخاصة بإعانة صغار الفلاحين، إضافة إلى الإعانات التي تقدمها الدولة في إطار صندوق التنمية الفلاحية الخاص باستثمارات الفلاحين. ودعا المدير الإقليمي الفلاحين المعنيين ببساتين رمّان تماسين بمنطقة الثوالث بالتوجه إلى المديرية للاستفادة من حقوقهم المضمونة، بعد فتح نقاش في الموضوع مع الهيئات المجتمعية المعنية أو السكان الراغبين في انتعاش منتوج الرمان بالمنطقة، في إطار اقتراح مشروع من قبل تنظيم حامل لذلك، مع قابلية تحقيق المشروع على أرض الواقع إضافة إلى لائحة المستفيدين والوعي بالمشروع إلى غيرها من الشروط الذاتية والموضوعية، كما الشأن باقتراح مشروع الزيتون بجماعة أولاد فارس الحلة ناحية سطات.