حنق كبير يسود صفوف الحركة الأمازيغية بعد قرار مجلس النواب إلغاء اعتماد مجلس المستشارين لإصدار أوراق مالية تتضمن حروف "تيفيناغ"، وذلك بعد معارضة قادتها الأغلبية الحكومية وحزب الاستقلال داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالغرفة الأولى، فيما ساند الاعتماد برلمانيو كل من فيدرالية اليسار وحزب الأصالة والمعاصرة. وراهنت الفعاليات الأمازيغية على مبادرة حزب الأصالة والمعاصرة من أجل انتزاع مكتسب رمزي سيجعل المغاربة يتعاملون مع حروف "تيفيناغ" في مجال حيوي يفتح الباب أمام مرور التفعيل الرسمي لدسترة الأمازيغية في ميادين أخرى لا تقل أهمية عن المالية والاقتصاد، وسيمكن اللغة من تراكم أكبر على مستوى الممارسة التي ستسمح لها بانتشار أوسع، كما تنصح بذلك المؤسسات الدولية. عبد الله بادو، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة "أزطا"، قال إن "الرفض يبين بالملموس أنه لا فرق بين أحزاب الأغلبية والمعارضة، حيث لا تمتلك جميعها أي إرادة أو نية تتجه نحو تنزيل الأمازيغية"، متسائلا: "ماذا سيكلف الدولة طبع النقود الجديدة متضمنة حرف تيفيناغ الذي يجسد عمق اللغة الأمازيغية وتاريخها؟". وأضاف بادو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "التخوفات التي يبديها الفاعلون على الدوام في محلها؛ فالتنظيمات الحزبية تقوم بمعارك صورية شكلية فارغة بخصوص الأمازيغية"، مستغربا قرار حزب الاستقلال الأخير بالانسحاب من لجنة الثقافة بسبب التماطل على مستوى قانون الأمازيغية وتصويته ضد تيفيناغ. وأوضح الفاعل الحقوقي أن "معركة الأوراق النقدية عادية، لكن لها رمزية وتبين أن الأحزاب لن تعطي أدوارا كبرى للأمازيغية مستقبلا"، مشددا على أن "العملة الوطنية عليها أن تعكس البعد الهوياتي لجميع المغاربة، والسياسيون بقرار مثل هذا لا يدركون جيدا معاني الهوية الوطنية (...) لقد فُضحت كل التنظيمات في علاقتها بالأمازيغية". وأشار بادو إلى أن "الجميع يعرقل الأمازيغية، وكل الشعارات موجهة للاستهلاك؛ فالأحزاب غير جادة، والحركة الأمازيغية وكل الديمقراطيين عليهم الابتعاد عن هذه التنظيمات، لأنها تجسد مواقف عنصرية بادية للجميع". بدوره، اعتبر عبد الواحد درويش، فاعل أمازيغي، أن الأمازيغية تعيش "بلوكاج" غير مفهوم لا يتماشى مع مقتضيات دستور 2011، قائلا: "الجميع ينتظر قوانين تنظيمية قد تأتي أو لا تأتي، في تلاعب جلي بملايين المغاربة الذين صوتوا بنعم للدستور، حيث تعتبرهم الحكومة بقرار مثل هذا مواطنين من الدرجة الثالثة". وأضاف درويش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "القرار عنصري وتمييزي، لكنه يقرأ على ضوء المرجعيات المؤطرة لحكومة سعد الدين العثماني"، متعجبا من "السكيزوفيرينا التي تعيشها الأحزاب؛ فالتنظيمات نفسها صوتت لصالح القانون بمجلس المستشارين، ومررته إلى الفرق نفسها في مجلس النواب التي ردت عليها برفضه". وأورد الفاعل الأمازيغي أن "الأحزاب لا تستطيع الاحتفاظ بقرارها السيادي"، مشددا على أن "قرار المستشارين هو الصائب، أما ما أورده النواب فهو خطأ فظيع يمس دستور 2011".