رسمياً.. عبد اللطيف العافية يكتسح عمر العباس ويظفر بولاية جديدة على رأس عصبة الشمال لكرة القدم    المغرب والصين يرسيان حوارا استراتيجيا بين وزارتي خارجيتهما    كأس الكاف.. أولمبيك آسفي يعود بفوز ثمين من خارج الديار    برادة: 800 مؤسسة مؤهلة هذا العام لاستقبال تلاميذ الحوز    الحسيمة.. موعد طبي بعد أربعة أشهر يثير الاستياء    زخات رعدية قوية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة اليوم الجمعة بعدد من المناطق (نشرة إنذارية)            سيدي بنور.. حظر جمع وتسويق المحار بمنطقة سيدي داوود    بعد الجزائر وموسكو .. دي ميستورا يقصد مخيمات تندوف من مدينة العيون    إعادة إنتخاب ادريس شحتان رئيسا للجمعية الوطنية للإعلام والناشرين لولاية ثانية    وهبي: لاعبون رفضوا دعوة المنتخب    إنفانتينو يزور مقر الفيفا في الرباط    العداءة الرزيقي تغادر بطولة العالم    سلطة بني ملال تشعر بمنع احتجاج    حقوقيون يبلغون عن سفن بالمغرب    جمعيات تتبرأ من "منتدى الصويرة"    "الملجأ الذري" يصطدم بنجاح "لا كاسا دي بابيل"    سي مهدي يشتكي الرابور "طوطو" إلى القضاء    تأجيل محاكمة الغلوسي إلى 31 أكتوبر تزامنا مع وقفة تضامنية تستنكر التضييق على محاربي الفساد    "حركة ضمير": أخنوش استغل التلفزيون لتغليط المغاربة في مختلف القضايا        مشروع قانون يسمح بطلب الدعم المالي العمومي لإنقاذ الأبناك من الإفلاس    ترسيخا لمكانتها كقطب اقتصادي ومالي رائد على المستوى القاري والدولي .. جلالة الملك يدشن مشاريع كبرى لتطوير المركب المينائي للدار البيضاء    منتخب الفوتسال يشارك في دوري دولي بالأرجنتين ضمن أجندة «فيفا»    أخبار الساحة    الصين تشيد بالرؤية السديدة للملك محمد السادس الهادفة إلى نهضة أفريقيا    بعد طنجة.. حملة أمنية واسعة تستهدف مقاهي الشيشة بالحسيمة    حجز أزيد من 100 ألف قرص مهلوس بميناء سبتة المحتلة    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    ثقة المغاربة في المؤسسات تنهار: 87% غير راضين عن الحكومة و89% عن البرلمان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    ثماني تنظيمات نسائية حزبية تتحد لإصلاح النظام الانتخابي وتعزيز مشاركة النساء    شركة عالمية أخرى تعتزم إلغاء 680 منصب شغل بجنوب إفريقيا    المغرب والصين يطلقان شراكة استراتيجية لإنشاء أكبر مجمع صناعي للألمنيوم الأخضر في إفريقيا    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        السجن المؤبد لزوج قتل زوجته بالزيت المغلي بطنجة        زلزال بقوة 7.8 درجات يضرب شبه جزيرة كامتشاتكا شرقي روسيا    الدّوخة في قمة الدّوحة !    إشهار الفيتو الأمريكي للمرة السادسة خلال عامين ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة يزيد عزلة واشنطن وإسرائيل دوليًا    سطاد المغربي يعين الصحافي الرياضي جلول التويجر ناطقا رسميا    "لا موسيقى للإبادة".. 400 فنان عالمي يقاطعون إسرائيل ثقافيا    أسعار النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب    المغرب في المهرجانات العالمية    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    فيلم «مورا يشكاد» لخالد الزايري يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان وزان    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسعار تلتهب في الصيف وتعكّر مزاج مرتادي مدن شمال المملكة
نشر في هسبريس يوم 14 - 07 - 2019

تشهد المدن السّاحليّة بشمال المغرب، في كلّ موسم صيفيّ، لهيبا في الأسعار، يعكّر مزاج مرتاديها، ويزيد جيوبهم استعارا، نظرا لسعي أصحاب عدد من المشاريع الخدمات إلى استنزاف هؤلاء بفرض أثمنة جدّ مرتفعة تنافس القدرة الشّرائيّة بأوربا في الغالب، ولا تشجّع على استقطاب سياح المدن الدّاخلية، الّذين غيّر معظمهم وجهته نحو سواحل إقليم شفشاون.
جولة استطلاعيّة بمدينتي مارتيل والمضيق، الواقعتين على السّاحل المتوسّطي بشمال غرب المملكة، كشفت لهسبريس أحد نماذج الجشع والاستغلال، الّتي صارت سمة معظم المشاريع المرتبطة بمناطق السّياحة الموسميّة بالمغرب عموما، خاصّة تلك الواقعة على المدن السّاحليّة، بما فيها المحلّات التّجاريّة والمقاهي والمطاعم، بل حتّى دكاكين الموادّ الغذائيّة، الّتي لجأ عدد منها إلى رفع أثمان بعض الموادّ الاستهلاكيّة بشكل جاوز السّقف الذّي حدّدته لجان حكوميّة مختصّة.
وينتقد كثير من أبناء تلك المناطق هذا السّلوك الاستغلاليّ، حسب وصف عدد ممّن استقت هسبريس آراءهم بمارتيل والمضيق وتطوان، معتبرين إيّاه ضربا للقدرة الشّرائيّة للمواطن البسيط، الّذي له الحقّ هو الآخر في الاستمتاع بمباهج العطلة الصّيفيّة، وفق حدود قدراته المادّيّة. كما اعتبروا أنّ هذا التّحرير المطلق للأسعار بالمدن، الّتي تشهد حركة سياحيّة موسميّة خلال فصل الصّيف، من شأنه أن يضرب السّياحة الدّاخليّة نفسها.
فصل الصّيف موسم الاستغلال
دفعت الأثمان المرتفعة الّتي فرضتها المقاهي على مشروباتها سعيد الحضري إلى نشر فيديو يستنكر فيه هذا الغلاء الفاحش، الذّي اعتبره نصبا، بعدما اضطرّ وأصدقاؤه إلى دفع مائة درهم ثمنا لخمسة فناجين قهوة، بسعر عشرين درهما لكلّ فنجان.
سعيد، الّذي يعتبر أحد أفراد الجالية المغربيّة العائدين إلى أرض الوطن، والخبير في الصحة والسلامة والوقاية من الأخطار المهنيّة، قال في الفيديو، الّذي نشره على صفحته الشّخصيّة بالعالم الأزرق، إنّ "قطاع السّياحة الدّاخليّة بالمضيق يشهد فوضى كبيرة، فالجميع يقول إنّ المضيق فيها غلاء، وكأس قهوة فقط بعشرين درهما"، مضيفا "أنا كفرد من الجالية المغربيّة، عشت في أوربا، ولا يوجد فيها مثل هذا الثّمن".
ووجّه المتحدّث ذاته رسالة إلى كلّ من باشا المدينة، ووزارة السّياحة، لإعادة النّظر في الأثمنة، ووضع مراقبة عليها، مشيرا إلى ضبط الضّرائب. وأضاف "دفعت عشرين درهما لفنجان قهوة بمسقط رأسي، في غياب أيّ إشهار للأثمنة، ودون أن يعلمنا النّادل، وبالتّالي فقد تمّ النّصب علينا".
ووجّه سعيد، عبر الفيديو ذاته، كلامه إلى وزيرة الأسرة والتضامن، بسيمة الحقاوي، الّتي كانت قد ذكرت في مشاركة لها بإحدى النّدوات السّنة المنصرمة، أنّ "من يربح عشرين درهما في اليوم لا يعاني الفقر الحادّ"، حيث قال: "أيّتها الوزيرة، عشرون درهما في اليوم هي ثمن قهوة بالمغرب"، داعيا إلى فرض مراقبة دوريّة تضبط الأثمنة.
أسعار أوربا تواجه القدرة الشّرائيّة بالمغرب
وفي تصريح لهسبريس، وصف حسن الفيلالي، أحد النّشطاء المعروفين بمدينة مارتيل، الأثمنة الّتي تعرضها مقاهي "الكورنيش" ب"الخياليّة"، مبرزا أنّ "فنجان قهوة أو شاي يكلّف عشرين درهما، فيما الفطور، سواء كان فاسيّا أو بلديّا، يتراوح ثمنه بين خمسة وأربعين أو خمسين درهما".
وأوضح حسن أنّ معظم زبائن تلك المقاهي من أفراد الجالية المغربيّة القاطنين بالخارج، "لأنّ السّياح المغاربة، خاصّة من القادمين من جنوب البلاد، معظمهم يشعرون بالصّدمة من هذا الارتفاع المهول في الأثمان"، مضيفا أنّ الشّيء الإيجابيّ الوحيد في هذا الأمر على مستوى مارتيل هو أنّ هذا النّوع من المقاهي يشهر أثمنة مشروباته عبر قوائم معدّة للغرض.
وعن أسباب هذا الارتفاع المهول في الأثمنة، قال النّاشط المرتيليّ: "منذ حرّرت حكومة بنكيران الأسعار، أصبح كلّ واحد يفعل ما يشاء، بشرط أن يشهر تلك الأثمنة في قائمة معروضة للعموم"، مشيرا إلى أنّ المدينة تشتغل على السّياحة الموسميّة، "وحيث إنّ لهذه المقاهي زبائنها، وجلّهم غرباء عن المدينة، فإنّ الأمر لا يؤثّر بتاتا على هذا النّوع من السّياحة"، يقول حسن، مضيفا أنّ "مارتيل تستقبل، تقريبا، نفس عدد الزّوار كل موسم صيفيّ، وقد يزيد قليلا أحيانا، وهم الزّبناء الفعليّون لأصحاب تلك المقاهي صيفا، فيما نعتبر نحن زبائن من الدّرجة الثّانية، لكوننا نرتادها في المناسبات، المرتبطة عادة بمشاهدة مباريات كرة القدم في الشّتاء".
وأوضح الفيلالي أنّ ساكنة مارتيل تتحاشى عادة الجلوس في هذه المقاهي، لكون غالبيّتها من الطّبقة البسيطة، مشيرا إلى وجود أماكن أخرى "لا تختلف، حقيقة، في طبيعة الخدمات الّتي تعرضها عن سابقتها، فيما فرق الأسعار يبقى شاسعا، حيث تعتبر أرخص بكثير، وهي معروفة لدى سكّان المدينة".
الغلاء يفقد المنطقة جاذبيّتها السّياحيّة
وقال منعم محفوظ، وهو نقابيّ وموظّف بجماعة تطوان، لهسبريس، إنّ "الاستغلال الفاضح للقدرة الشّرائيّة للمواطنين المغاربة، الّذين يقصدون المنطقة بكثرة للاصطياف والاستجمام، عبر رفع أثمنة المشروبات خلال موسم الصّيف إلى مستويات غير مقبولة، انعكس مؤخّرا على قدرة المنطقة على جلب الزّوّار المصنّفين ضمن الطّبقة المتوسّطة"، مضيفا أنّ "معظمهم يفضّل قضاء عطلته الصّيفيّة بالضّفّة الشمالية للمتوسّط، حيث تتوفّر خدمات سياحيّة أفضل، مقارنة بما عليه الحال عندنا، مقابل أثمان معقولة وتشجيعيّة".
وتساءل منعم عن دور الجهات الموكول إليها مراقبة الأسعار، وطالب بضرورة تدخّلها طبقا للصّلاحيّات الّتي يخوّلها لها القانون "من أجل حماية المستهلكين المغاربة والأجانب على حدّ سواء"، مشيرا إلى أنّ هذا التّدخّل يعتبر "حماية لتنافسيّة المنطقة، كواجهة جذب سياحيّة ينبغي تحصينها من هذه السّلوكيّات المشينة الّتي تنفّر الزّوّار، وتقلق راحة أبناء المنطقة على حدّ سواء".
مراقبة الأسعار ضرورة ملحّة
وأجمعت معظم الآراء بمنطقة الشّريط السّاحليّ الممتدّة بين مارتيل والمضيق على ضرورة فرض مراقبة على الأسعار بالمنطقة، نظرا إلى تأثير هذه الأسعار، الّتي يتم رفعها مقابل خدمات جدّ عاديّة، على القدرة الشّرائيّة للمواطن البسيط من جهة، وعلى المستوى المعيشيّ للمنطقة ككلّ من جهة أخرى، "لأنّها تدفع أصحاب مشاريع أخرى إلى سلك الدّرب نفسه، وبالتّالي ترسّخ ثقافة اقتصاديّة ستلحق الضّرر بنا أكثر ممّا قد تدرّه من ربح للمنطقة"، تقول وفاء إحدى من استقت هسبريس آراءهم.
وأضافت وفاء، بنت مدينة المضيق، أنّ معظم المشاريع الّتي أطلقت بالمدينة خلال السّنوات العشر الأخيرة، "إن لم تكن مقهى ستكون مطعما، لأنّهما من المشاريع الّتي تترك هامشا كبيرا للرّبح لأصحابها"، مشيرة إلى أنّ "هامش الرّبح الصّيفيّ فقط قد يغني هذه الفئة من النّاس عن العمل عاما كاملا".
وأوضحت المتحدّثة أنّ "الجشع الملموس في فرض أثمان خياليّة لمنتجات وموادّ معروف سلفا قيمتها في السّوق بإمكانه أن يوفّر ثراء لا محدودا، وهو أمر في صالح أرباب تلك المشاريع، يشجّعه غياب أيّ نوع من الرّقابة على الأسعار، فيما يبقى الضّحيّة هو العامل والمواطن معا، لأنّ لا أحد منهما يستفيد من الوضع".
ودعت بنت المضيق الجهات المعنيّة إلى تفعيل دور لجان مراقبة الأسعار من أجل وضع حدّ لمرضى الجشع ومقتنصي الفرص، ممّن يؤثّرون سلبا على المردوديّة السّياحيّة بالمنطقة، معتبرة لجوء عدد من مرتادي المدينة في السّنوات الأخيرة إلى شواطئ إقليم شفشاون نتاج لهذه الممارسة المشينة.
وحاولت هسبريس دقّ أبواب أصحاب المقاهي بكلّ من مارتيل والمضيق لتعرف وجهة نظرهم بخصوص مواقف النّاس حول موضوع ارتفاع الأسعار، خاصّة بمجالهم، غير أنّ الأبواب كانت موصدة في الغالب، فمنهم من اعتذر، ومنهم من كان غائبا، وكان الحاضر الأوّل في كلّ الأحوال هو النّادل الّذي يظلّ مجرد مستخدم بسيط، قد تصيبه حظوظ الإكراميّات إن كان الزّبون من المرفهين، وقد يخيب إن كان الّزبون "لا يزال تحت تأثير صدمة ثمن فنجان الشّاي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.