تتوالى رسائلُ ناصر الزّفزافي، قائد الاحتجاجات الميدانية في الحسيمة المدان بعشرين سنة سجناً نافذاً، من داخلِ السّجن؛ هذه المرّة جاءت لمُباركة تأهّل المنتخب الجزائري إلى نهائي كأس إفريقيا للأمم في كرة القدم، ومساندة حراك الجارة الشرقية الذي يستمرُّ على مدى أشهر ضدّ "أشباه الرجال عباد الكراسي". الرّسالة التي دبّجها الزفزافي، المعتقل بسجن رأس الماء بفاس، نشرَ مضامينها والده أحمد الزّفزافي، عبّر فيها عن عشقه لشُموخِ الجزائريين وشهامتهم وشجاعتهم، وأعلنَ عن حبّه لجرأتهم وشراستهم، واصفاً إياهم ب "أحفاد عبد القادر الجزائري وماسينيسا ونوميذيا وديهيا، لإيمانكم القوي بحقكم في التغيير"، وفق تعبير الرّسالة. وباركت الرّسالة الجديدة الحراك الشّعبي الجزائري، داعية المحتجين إلى "مزيد من الصمود كما عهدناكم لتحقيق أهداف حراككم المجيد، وأكيد بالعزيمة والإرادة ستسحقون أشباه الرجال عباد الكراسي، كما سحق منتخبكم منافسيه، وإن شاء الله تعالى سيكون كأس إفريقيا من نصيبكم". وهنّأ الزفزافي بلد المليون ونصف المليون شهيد ب "شعبه العظيم وبحراكه المجيد وبمنتخبه الكبير وبمعلق محترف اسمه عبد الحفيظ الدراجي"، مضيفا: "دام لكم ولنا النصر ودمتم ودمنا جميعا أحرارا وحرائر لأوطاننا أوفياء وللحق أوصياء وعلى الظلم أشداء"، داعيا المحتجين الغاضبين إلى "التّمسك بنهج السلمية" كخيار لتحقيق مطالبهم المشروعة. وتزامناً مع السّياق السّياسي الصّعب الذي تمرّ منه البلاد، استطاع منتخب "محاربي الصّحراء" أن يضمن له مكاناً في نهائي "الكان" بعد تفوقه على المنتخب النيجيري بهدف قاتل سجّله المهاجم رياض محرز. ويغلي الشّارع الجزائري غضباً ورفْضاً لرموز النّظام القديم؛ ففي آخر جمعة للغضب الجزائري، تظاهر مئات الآلاف من المواطنين في العديد من المدن، وفي جميع أنحاء البلاد، على الرغم من الحرارة المرتفعة وتزامن الحراك مع العطل، ورغم أن الكثيرين قضوا الليلة التي سبقت هذه المظاهرات في احتفالات كبيرة بتأهل المنتخب الوطني إلى الدور نصف النهائي من "كان 2019". وكان الزّفزافي قد وجّه رسالة سابقة إلى مناصري الحراك الجزائري، خاطبَهم فيها بالقول: "ولتعلموا يا أحفاد عبد القادر الجزائري العظيم أنه حتى لو فصلت بيننا سياسة الحدود سنبقى شعبا واحدا وأمة واحدة نتقاسم نفس الهموم والصعاب ولا نبتغي إلا مصلحة شعوبنا وأوطاننا التي حارب من أجلها أجدادنا". ودعا أيقونة حراك الريف المحتجين إلى مزيد من الصمود والعزيمة والإرادة قائلاً: "ستنتصرون وسينصر الله جل جلاله نضالاتكم، وإني أسأله تعالى أن يحفظ وطنكم من شر الدكاكين وفرعونية الجنرالات. ويقينا إن شاء الله تعالى ستعود الجزائر التي تحبونها حرة، جزائر تتسع للجميع".