الريال يعلن نقل مبابي إلى المستشفى    ‪حريق غابوي ضواحي تطوان يلتهم هكتارات.. و"كنادير" تواصل الطلعات    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بمدونة السير على الطرق بشأن المركبات    الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يؤكد على التحديات وجهود المملكة المغربية في مكافحة الجريمة المنظمة        بيت الشعر في المغرب يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر    الحكومة تصادق على إحداث المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي    نشرة إنذارية.. طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح يومي الخميس والجمعة بعدد من مناطق المملكة    تفكيك شبكة مغربية-إسبانية لتهريب البشر والمخدرات تستعمل قوارب الفانتوم    هشام بلاوي: الجريمة المنظمة تهديد متصاعد يتطلب تعاونًا قضائيًا دوليًا فعالًا    بنيله شهادة البكالوريا من خلف أسوار السجن، نزيل يخطو أولى خطواته على سكة إعادة الاندماج (بورتريه)        نشرة إنذارية..طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح بعدد من مناطق المملكة    معرض بكين للكتاب: اتفاقية لترجمة مؤلفات حول التراث المغربي اللامادي إلى اللغة الصينية    الدوزي يُطلق العدّ التنازلي ل"ديما لباس"    كتل هوائية صحراوية ترفع الحرارة إلى مستويات غير معتادة في المغرب    ميداليات تحفز "بارا ألعاب القوى"    الشعب المغربي يحتفل غدا الجمعة بالذكرى ال55 لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد    دلالات ‬تجديد ‬مجلس ‬حقوق ‬الإنسان ‬دعمه ‬لمغربية ‬الصحراء    الذهب يصعد وسط التوتر في الشرق الأوسط    التصعيد بين إسرائيل وإيران يعيد للواجهة مطالب إحياء مصفاة "سامير" لتعزيز الأمن الطاقي    مجموعة "فيسين" تطلق طرحا عاما أوليا في بورصة الدار البيضاء    طنجاوة يتظاهرون تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة وإيران    رائحة دخان تجبر طائرة على الهبوط في ميونخ    "حزب الله" يدين التهديد بقتل خامنئي    العيون ‬تحتضن ‬منتدى ‬إفريقيا ‬لبحث ‬الآفاق ‬الاقتصادية ‬والتجارية ‬بالقارة    جوفنتوس يكتسح العين الإماراتي بخماسية    إصابة حكم ومشجعين في فوضى بالدوري الليبي    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية يوقعان شراكة لتعزيز الشمول المالي الفلاحي بالمغرب    فرحات مهني يكتب: الجزائر الإيرانية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    بنهاشم بعد مواجهة مانشستر سيتي: لعبنا بشجاعة وخرجنا بدروس ثمينة رغم الخسارة    لقجع: المغرب ملتزم بجعل كأس العالم 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    رحيمي وحركاس وبنعبيد ضمن قائمة أغلى اللاعبين العرب في مونديال الأندية    إيران تستهدف مستشفى بجنوب إسرائيل ونتانياهو يتوعدها بدفع "ثمن باهظ"    الصين تدفع نحو مزيد من الانفتاح السياحي على المغرب: سفارتها بالرباط تتحرك لتعزيز توافد السياح الصينيين    ندوة علمية تناقش موضوع النخبة المغربية في زمن التغيير    بيب غوارديولا في تصريح أعقب مواجهة الوداد الرياضي المغربي، إن "المباراة الأولى في دور المجموعات دائما ما تكون صعبة    برلمان أمريكا الوسطى يُجدد دعمه الكامل للوحدة الترابية للمغرب ويرد على مناورات خصوم المملكة    برلمان أمريكا الوسطى يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ردا على المناورات    مجموعة العمل من أجل فلسطين تعقد ندوة صحفية تحضيرا لمسيرة وطنية الأحد بالرباط    مربو الدجاج يثمنون توجه الحكومة لإعفاء الفلاحين الصغار ويدعون لإدماجهم الفعلي في برامج الدعم    كارثة صامتة .. ملايين الهكتارات العربية على وشك الضياع    طنجة.. سيارة تدهس "مقدّم" بعدما دفعه متشرد نحو الطريق    إطلاق الهوية الجديدة ل "سهام بنك" خلفًا ل "الشركة العامة المغربية للأبناك"    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثروة إميضر تتحول إلى نقمة .. قصة أطول اعتصام في تاريخ المغرب
نشر في هسبريس يوم 22 - 07 - 2019

وكأنهم بدؤوا اعتصامهم بالأمس فقط، لم يفتُر حماسهم ولم تنطفئ بداخلهم جذوة الرغبة في الدفاع عن حقوقهم إلى ما لا نهاية. قضّوا زهاء ثماني سنوات فوق قمّة جبل ألبّان وما زالوا مصرّين على الوفاء للوعد الذي قطعوه على أنفسهم بعدم فك اعتصامهم الأطول من نوعه في تاريخ المغرب إلا إذا تحققت مطالبهم الرئيسية، وهي تمتيعهم بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
أطول اعتصام في تاريخ المغرب
يوم 20 غشت 2011، حمل سكان بلدة إميضر، الواقعة نواحي مدينة تينغير في الجنوب الشرقي للمملكة، أمتعتهم وصعدوا إلى جبل ألبّان، احتجاجا على استنزاف ثروتهم المائية من طرف شركة "معادن إميضر"، التي تستغل مَنجما ضخما في عين المكان تُستخرج منه الفضّة ومعادن أخرى، بحسب إفادات سكان إميضر.
بعد قرارهم خوض اعتصامهم المفتوح، قام سكان بلدة إميضر بإغلاق القنوات التي تنقل المياه من بئر على بُعد بضع مئاتِ أمتار من جبل ألبان إلى صهريج ضخم بُني في قمة الجبل، ومنه تُضخّ إلى المنجم الذي تستغله شركة معادن إميضر. كلّف ذلك عددا من شباب بلدة إميضر سنوات من السجن، لكن ذلك لم يُثنهم عن الاستمرار في الاعتصام للسنة الثامنة على التوالي.
فوق جبل ألبّان بنى سكان بلدة إميضر بيوتا بسيطة وصغيرة، واستقروا فيها تاركين بيوتهم الأصلية عند قدم الجبل. أنشؤوا طريقا ضيّقا بسواعدهم، عبره تتنقل سيارة "بيكوب" اقتنوها بعد أن جمعوا مساهمات مالية، وعلى متْنها يجلبون الماء والخبز ومؤونتهم الغذائية وغيرها من حاجياتهم اليومية.
لا يدخل أي وافد قادم على متْن عربة إلى معتصم جبل ألبّان إلا بعد المرور من بوابة محروسة، يُرفع حاجزها بعد التحقق من هوية الوافد، وثمّة أربع نقط أخرى للحراسة أقيمت عند حافة الجبل وهي مخصصة للمراقبة الليلية. عند بوابة المعتصم يرفرف العلَم الأمازيغي، دلالة على انتماء أهل المنطقة، وفي الجهة الأخرى من قمّة الجبل يرفرف العلَم المغربي. "نحن مغاربة أمازيغ"، يقول عمر، أحد شباب إميضر.
على واجهات البيوت الطينية التي يتخذها سكان بلدة إميضر مساكنَ لهم، يافطات كُتبت عباراتها بكلمات احتجاج ساخطة، بالعربية والأمازيغية والفرنسية، من قبيل "عاش إميضر ولا عاش من خانه"، و "إميضر ليست للبيع"، وهي عبارة تعني تمسّك السكان بحقهم في نصيبهم من ثروة أرضهم، وعدم استعدادهم للتنازل عنها، وعبارات أخرى تحث على الصمود والتحدي، مثل "قد تستطيعون قطف كل الزهور، لكنكم لن تستطيعوا وقف زحف الربيع".
الشعارات المكتوبة على واجهات البيوت الطينية الواطئة يتردد صداها على ألسُن المعتصمين، شيبا وشبابا. يقول خينيت محمد، المعروف بعمي بوطاهر، وهو شيخ تخطى عمره عتبة السبعين، متحدثا بالأمازيغية: "نحن لا نطالب سوى بحقوقنا التي يكفلها لنا القانون، ونؤكد أن مطالبنا مشروعة، وعلى الجهات التي بيدها القرار أن تتدخل لتُنصفنا".
"مياه مستنزفة وسموم منتشرة"
السبب الأول الذي أخرج سكان بلدة إميضر من بيوتهم ودفعهم إلى خوض احتجاجات أمام مقر المجلس الجماعي للبلدة يوم فاتح غشت 2011، واستمروا في الاحتجاج مدة تسعة عشر يوما قبل أن يصعدوا إلى قمة جبل ألبّان ويدخلوا في اعتصام ما زال مستمرا إلى اليوم، هو الماء، بعد أن نضبت مياه الآبار بسبب استنزاف شركة معادن إميضر للفرشة المائية بالمنطقة، كما يقول المعتصمون.
يروي عمي بوطاهر أن سكان بلدة إميضر طرقوا جميع الأبواب، واستغاثوا بالجهات المعنية لإنصافهم دون جدوى، وعندما انقضى صبرهم قاموا بإغلاق الأنابيب التي تمر عبرها المياه نحو منجم الفضة الذي تستغله شركة معادن إميضر، وحينها عادت آبار الفلاحين لتمتلئ مجددا، لكن الشركة عمدت إلى حفر بئر جديدة قريبة من منجم الفضة الذي تستغله، تربض بالقرب منه على الدوام سيارة للقوات المساعدة للحيلولة دون الاقتراب منه.
بحسب رواية عمر، فإن شركة معادن إميضر كانت تستغل البئر بعَقد استغلال مع المجلس الجماعي مدته خمس سنوات، من 2004 إلى 2009، وبعد انتهاء مدة العقد لم يتم تجديده، ما حدا بالسكان إلى الاعتراض على استغلال المياه الجوفية لبلدتهم في سنة 2011، وقطعوا الماء عن المنجم، ودخلوا في مفاوضات مع الشركة ومع السلطات المحلية من أجل الاستجابة لمطالبهم.
الملف المطلبي الذي وضعه سكان بلدة إميضر على طاولة الحوار مع السلطات المحلية وشركة معادن إميضر لم يتضمن فقط مطلب حماية الفرشة المائية، بل تضمن أيضا مطالبَ اجتماعية واقتصادية وبيئية، "فأرض بلدتنا تكنز الفضة ومعادنَ نفيسة، وفيها مقالعُ للرمال، وكلها ثروات تستغلها شركة معادن إميضر، لكن نحن، سكان المنطقة، لا يصلنا من هذه الخيرات حتى الفتات"، يقول موحا تاوجا، أحد الشباب المؤطرين لمعتصم إميضر.
يواكب موحا مستجدات معتصم إميضر كل يوم، بصفته مسؤولا باللجنة الإعلامية لحركة على درب 96 المؤطرة لاحتجاجات السكان، ويقدم تفاصيل مستجداته عبر صفحته في موقع "فيسبوك". بالنسبة لهذا الشاب الذي تقطر تدويناته غضبا لا تعكسه ملامح وجهه الهادئة، فإن سكان بلدة إميضر لن يفكوا الاعتصام الذي يخوضونه منذ ثماني سنوات، وهم مستعدون للمكوث فوق جبل ألبان لسنوات أخرى إن اقتضى الأمر، خاصة وأن الاعتصام قد أحرج الدولة أمام الرأي العام الوطني والدولي.
ثاني سبب دفع السكان إلى الدخول في اعتصام مفتوح فوق جبل ألبّان هو مشكل تلويث البيئة، بسبب النفايات المعدنية السائلة والصلبة التي يلفظها المنجم الذي تستغله شركة إميضر للمعادن، بحسب إفادة موحا تاوجا.
وأوضح المتحدث ذاته أن مخلفات المنجم يتم التخلص منها في الهواء الطلق دون أن تخضع لأي معالجة، "وهو ما يجعل الصحة العامة لساكنة إميضر مهددة بالأمراض والتسمم الناجم عن المواد الملوثة من مخلفات المعادن كالزئبق والرصاص والزرنيخ، التي تنفذ إلى مياه الشرب وإلى تربة الأراضي الفلاحية...".
وعبّر موحا تاوجا عن غضب ساكنة بلدة إميضر من تعاطي شركة مناجم مع مطالب الساكنة، قائلا: "في الوقت الذي دمرت فيه الشركة الاقتصادَ المحلي، وقضَت على الفلاحة التي يتخذها الناس موردَ عيشهم الأصلي، لم تقدم أية بدائل لهؤلاء الناس المتضررين، ولم تقم حتى بتعويضنا عن هذه الأضرار بتشغيلنا في المنجم على الأقل"، مضيفا أن "سكان بلدة إميضر لا يمثلون سوى خمسة عشر في المئة من المستخدمين في المنجم الموجود على تراب بلدتهم، وهذا إقصاء ممنهج وغير مبرّر".
ويوجه سكان بلدة إميضر اتهامات إلى شركة مناجم بكونها تستحوذ على ثوراتهم الطبيعية، ولا تساهم في تنمية منطقتهم رغم المردودية الهائلة لمنجم الفضة الذي تستغلّه، وهو الأكبر من نوعه في القارة الإفريقية. هذه الاتهامات ترفضها الشركة المعنية، التي تحرص على نشر مشاريعها التنموية في المنطقة، لكن موحا تاوجا يقول إن "أوراش التنمية التي تنفذها الشركة ضعيفة جدا مقارنة مع الاستفادة التي تجنيها من منجم الفضة ومقالع الرمال، ومقارنة مع الخسارة البيئية والأضرار الصحية التي نتكبدها. الخسارة أكبر بكثير من الإفادة التي تدّعيها الشركة"، على حد تعبيره.
"شركة معادن إميضر ذبحتنا"
المدّة التي دام معتصم إميضر دفعت بساكنة البلدة الصغيرة إلى الاهتمام بالشأن السياسي. فوق جبل ألبّان حيث يقام المعتصم لا تخلو المجالس من أحاديث تتناول مواضيع سياسية، يخوض فيها الشبان ذوو الشهادات الجامعية والشيوخ الذين لم تطأ أقدامهم المدرسة قط، لكن النضال في سبيل استرجاع حقوقهم جعلهم يفتحون أعينهم على أمور لم يكونوا يكترثون لها في السابق.
يلتقي عمر مع سيّدة في العقد السادس من عمرها، متدثرة بملحفة سوداء، ويتجاذبان أطراف الحديث حول مستجدّات معركتهم النضالية.
تقول السيدة المعروفة وسط المعتصمين ب"المناضلة عائشة"، بعد نقاش مستفيض: "أريد فقط أن أفهم لماذا لم يتدخّل مَن بيدهم القرار لإنصافنا؟ هل لأنّ المجلس الجماعي لا يدافع عنا أم لأنّ صوت الناس هنا لا يصغي إليه المعنيون بصرخاتنا؟"، وتضيف: "نطلب من الله أن ينصفنا وأن يُظهر الحق".
تنتقد المناضلة عائشة بحدة ما تتعرض له ساكنة بلدة إميضر، قائلة: "فقدنا مياهنا، وقطعان مواشينا، وضاعت فرص العمل التي كانت توفّرها الفلاحة، وهُجّر أبناؤنا"، ثم تناشد الملك "أن يهديه الله لينصفنا، وأن يتدخل لدى مسؤولي الشركة لرفع الضرر عنا ومنحنا حقوقنا، فنحن لسنا عصاة للملك ولا للمخزن، ولسنا ضد الدولة، نطالب فقط بإنصافنا، وإذا تدخل سيدنا وقال لنا إن الحقوق التي نناضل من أجل استرجاعها غير مشروعة، فلن نعترض على كلامه".
تتنهّد المناضلة عائشة حين كان عُمر يتحدث عن استنزاف الثروة المائية التي هي عصب حياة ساكنة بلدة إميضر، المكوّنة من سبعة دواوير، وما تلا عملية الاستنزاف من آثار سلبية على الفلاحة وعلى مختلف مناحي حياة السكان، وتقول بعبارة لخّصت فيها الوضع: "لقد ذبحونا (تقصد شركة معادن إميضر)"، وتضيف وهي تحاكي بيدها عملية الذبح: "الناس يذبحون الأنعام من العنق، ونحن ذُبحنا من الرقبة وبسكين غير حادة، ليتهم ذبحونا بسكين حادة لنهنأ إلى الأبد".
"حوار للمساومة"
بعد تزايد زخم احتجاجات ساكنة بلدة إميضر، جلست السلطات الإقليمية والمحلية ومسؤولو شركة معادن إميضر مع المحتجين، ممثلين ب"حركة على درب 96"، لكن جلسات الحوار بين الطرفين لم تُفض إلى نتيجة، "لأن غاية السلطات ومسؤولي شركة مناجم هي إقناعنا بالسماح للشركة باستغلال المياه التي قطعناها، وربطوا الوعود التي قدموها لنا بهذا الشرط، ولكن كنيديرو حْسابنا كنلقاو بلي كياخدو مية دريال باش يعطيونا خمسين ريال"، يشرح موحا تاوجا.
ويضيف: "لم تكن أجواء الحوار ملائمة، حيث طغى عليها الطابع البوليسي، لكننا ألزمنا أنفسنا بالجلوس إلى طاولة الحوار، ولكن بعدما تبيّن لنا أن هدفهم هو الاستمرار في استغلال ثرواتنا بأي ثمن وإيجاد تسوية لأطول معتصم في تاريخ المغرب بالمساومة، وليس بحلول معقولة، رفضنا الأمر، وقلنا لهم إذا أردتم استغلال مياهنا، فعليكم أن تلجؤوا إلى القانون، وليس دعوتنا إلى توقيع اتفاقية، أما نحن فمطالبنا واضحة، وهي تمتيعنا بحقوقنا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأن تكون هذه الحقوق مضمونة".
لدى موحا تاوجا، كغيره من المعتصمين في قمة جبل ألبّان، ثقة عالية في أن القانون يضمن لهم الحقوق التي يطالبون بها، ويقول مؤكدا ذلك: "القانون يضمن لنا الحقوق التي نطالب بها بعيدا عن أي مساومات وبعيدا عن أي ضغوط للتخلي عن مياهنا ورمالنا وأراضينا الفلاحية، لن يمنّ علينا أصحاب الشركة ببعض الامتيازات"، مضيفا: "هم يقولون نحن نرفض الحلول التي يقدمونها، وفعلا نحن نرفض الحلول المساوِمة، لأنها بعيدة عن أن ترقى إلى الحقوق التي يُفترض أن تضمنها أي دولة يسود فيها الحق والقانون لمواطنيها".
لا يعارض سكان بلدة إميضر استمرار شركة مناجم في استغلال منجم الفضة الواقع على تراب بلدتهم، "فالمنجم يحتوي على ثروة ينبغي الاستفادة منها، وهو قطاع اقتصادي مهم"، كما يرى عمر، لكن هذا الاستغلال، يردف المتحدث، ينبغي أن يكون مُعقلنا، وتراعَى فيه المصلحة العليا لأصحاب الأرض، مضيفا أن "استغلال أي منجم لا بد أن تواكبه انعكاسات سلبية وإشكالات، لكن الإشكال الأكبر يكمن في غياب معالجة وتدبير جيّدين لهذه الإشكالات".
وبالرغم من أن جلسات الحوار التي جمعت الأطراف المعنية لم تثمر نتائج ملموسة، ورغم إصرار المعتصمين بجبل ألبّان على المضي قدما في شكلهم النضالي، فإن شباب "حركة على درب 96" يؤكدون أن أيديهم ما زالت ممدودة إلى مسؤولي شركة معادن إميضر وإلى السلطات المحلية من أجل إيجاد تسوية لهذا الملف الذي عمّر طويلا، حيث قدموا مقترحَ حل إلى الجهات المعنية غايته إنهاء الاحتقان الاجتماعي الذي يسود المنطقة.
وأوضح عمر أن المقترح الذي قدمته "حركة على درب 96" يتضمن نقطتين محوريتين؛ أولهما الدعوة إلى توقيع اتفاقية لإنهاء الاحتقان الاجتماعي بين الأطراف المعنية، والثانية تتعلق بتحديد كيفية استغلال الموارد الطبيعية بالمنطقة مستقبلا، بما فيها المياه ومنجم الفضة ومقالع الرمال، مشددا على أن الاتفاق على كيفية الاستغلال يجب أن يتمخض عن تفاوض وحوار بين الأطراف المعنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.