أخنوش: "المغرب بقيادة جلالة الملك يواصل تعزيز إصلاحاته الهيكلية في المجالات ذات الأولوية"    قوانين الصحافة على طاولة مجلس الحكومة المقبل    "لارام" تطلق 4 خطوط جوية جديدة إلى أوروبا وإفريقيا    إقليم اشتوكة أيت باها.. حريق بواحة "تاركانتوشكا" يتسبب في إتلاف أزيد من 6 هكتارات من النخيل    البيضاء : حفل En Vogue يختتم ستة أيام من العروض الموسيقية المبهرة    نشرة إنذارية.. موجة حر مع الشركي من الاثنين إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    تحسن النمو إلى 4,8 % لا يحجب تفاقم العجز الخارجي وضعف الادخار الوطني    رئيس الوزراء الفلسطيني يشيد بالدعم الموصول للملك للقضية الفلسطينية    الجزائر تُصعّد القمع: سبع سنوات سجناً لصحفي فرنسي بسبب تحقيق رياضي    المتحدثة باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي تقطع الشك باليقين: لا اعتراف ب"جمهورية البوليساريو".....    بعد أن توّج بكأس العرش لأول مرة في تاريخه .. أولمبيك آسفي يكتب اسمه في قائمة الأبطال ويفتح صفحة جديدة من تاريخه الكروي    التصعيد المعلن في السمارة: وحدة الانفصال والإرهاب!    محكمة الجديدة تستقبل وكيل الملك الجديد محمد مسعودي في جلسة رسمية    بعد حضورها الباهت في "موازين".. محامي شيرين يهدّد منتقديها    15 عملا من المغرب ضمن قائمة ال18 لأفضل الأعمال في مختلف فئات جائزة كتارا للرواية العربية    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بالعيد الوطني لبلاده    فرنسا تعلّق على اعتقال صحفي فرنسي في الجزائر    300 مليون أورو من البنك الإفريقي لدعم التشغيل ومواجهة تغير المناخ بالمغرب    المنتخب المغربي لمواليد 2000 فما فوق يخوض تجمعا إعداديا من 29 يونيو إلى 4 يوليوز    القضاء ينتصر للوزير.. المهداوي يدان بسنة ونصف وغرامة ثقيلة    لشكر: هناك مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية    بعد ضغوط مقاطعة منتدى الرباط.. الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تُعلق عضوية الإسرائيليين    وزير خارجية إسرائيل: نرغب بالتطبيع مع سوريا ولبنان لكننا لن نتنازل عن الجولان    القضاء البريطاني يرفض طلب منظمة غير حكومية وقف تصدير معدات عسكرية الى إسرائيل    تراجع طفيف في أسعار الإنتاج بقطاع الصناعات التحويلية    تراجع أسعار الذهب إلى أدنى مستوى في شهر    سِنْتْرا: حانَةُ المَغرب المُغترب    الادخار الوطني يسجل 26.8% من الناتج الداخلي الإجمالي في الربع الأول من 2025    اختتام فعاليات رالي "Entre Elles" الأول بدرعة تافيلالت        بنسعيد: الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية جريمة تمس الذاكرة الجماعية وتُغذي الإرهاب والجريمة المنظمة    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    حسين الجسمي: علاقتي بالمغرب علاقة عمر ومشاعر صادقة    أمين الكرمة: بعد 104 سنوات من الوجود.. كان الوقت قد حان للفوز بهذا اللقب العريق    بايرن ميونيخ يتجاوز فلامنغو ويضرب موعداً مع سان جيرمان في ربع نهائي المونديال    الكاف يكشف عن المجسم الجديد لكأس أمم إفريقيا للسيدات الأربعاء المقبل    التامني تحذر من تكرار فضيحة "كوب 28"    ميسي يقرر الاستمرار مع إنتر ميامي رغم اهتمام فرق الدوري السعودي    قيوح ‬يجري ‬العديد ‬من ‬اللقاءات ‬والأنشطة ‬الوزارية ‬الهامة ‬في ‬إطار ‬منتدى ‬الربط ‬العالمي ‬للنقل ‬بإسطنبول    مقتل شخصين في إطلاق نار بشمال ولاية أيداهو الأمريكية    ماذا يجري في وزارة النقل؟.. محامٍ يُبتّ في ملفات النقل خارج الوزارة والسماسرة يُرهقون المهنيين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    أمن طنجة يتدخل بساحة أمراح لردع الوقوف العشوائي وتحرير مخالفات في حق المخالفين    الأمير مولاي رشيد يترأس نهائي كأس العرش بين نهضة بركان وأولمبيك آسفي بفاس    حريق مهول بمنطقة خضراء بحي الشرف شمال طنجة تسبب في اختناق سيدتين    عبد اللطيف حموشي يطلع على الترتيبات الأمنية لمباراة نهائي كأس العرش بفاس    بدر صبري يشعل منصة سلا في ختام موازين وسط حضور جماهيري    اشتداد موجة الحر في جنوب أوروبا والحل حمامات باردة وملاجىء مكيفة    حفل شيرين يربك ختام "موازين"    القفز بالرأس في الماء قد يسبب ضرراً للحبل الشوكي    طبيب يحذر من المضاعفات الخطيرة لموجة الحرعلى صحة الإنسان    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حجيب فرحان و"العيطة الشعبية" .. عبق التاريخ وذاكرة الأسلاف
نشر في هسبريس يوم 02 - 11 - 2019

يرجع تاريخ تشكل الأغاني الشعبية المغربية، ومنها فن العيطة، ببلادنا إلى قرون عديدة، وتطورها في شكله الحالي لم يكن بمحض الصدفة، بل له ارتباطات وامتدادات ضاربة في عمق التاريخ، ذلك أن الدراسات المهتمة بالبحث في هذا الفن بالمغرب تروم نحو كون هذا النمط الغنائي (العيطة) له جذور تؤسس لأصالته الفنية، وقذ ذهب الباحث "حسن نجمي" إلى اعتبار التحولات البنيوية التي أحدثها استقرار العناصر العربية على امتداد الساحل الأطلسي، وما حصل من اندماج وانصهار مع القبائل الأمازيغية بكل من مناطق الغرب والشاوية ودكالة والشياضمة وأحواز مراكش (...) أفرز أنماطا غنائية جديدة كانت من حيث أسلوب أدائها مزيجا من التقاليد الموروثة والممارسات الوافدة.
في السياق نفسه، فإن فن العيطة بالمغرب في شكله الحديث يستنبط إيحاءاته من عبق التاريخ ومن مخزون ذاكرة أسلاف شيوخ هذا الفن، وإذا أمعنا النظر في أغاني الفنان حجيب فرحان نلفي كون جل إيقاعاته مستلهمة من أصول رواد العيطة القدماء، كالشيخة خربوشة والشيخة حادة، ولحسن المسكيني، والشيخ الدعباجي، وخديجة مركوم، وفاطنة بنت الحسين، وولد امبارك الخريبكي، والشيخ عليوة، وولاد بنعكيدة، وولاد البوعزاوي، وغيرهم بكثير.
وللتدليل على هذا المعطى التاريخي، نلفي الفنان حجيب في بعض مقاطعه الغنائية يستوحي الموروث ويحن إليه إيقاعا ولحنا وإنشادا باستحضاره المقطوعات و"الوجبات" التي تدخل في إطار التغني برمزية أجواء المواسم والأولياء في تجاوب تام ومنسجم مع جدلية وأنطولوجية قداسة الأسماء والمكان:
مولاي عبد القادر الوالي
حنا جينا نزوروك
هبط راس المجبد
بالين الموسم جابد
بانوا ليا السرود
سلاحات كيف الياقوت
جانا قايد العونات
جانا قايد ولاد فرج
جانا القايد اجعيدات
جاو القواسم حكام الطير الحر
كلوا شريفي في الزاويا
جيت طالب العفو
مولاي عبد الله الوالي حنا جينا نزورك.
يستنطق في هذا الصدد الفنان حجيب التراث الغنائي المغربي الشعبي القديم ويحافظ على مضمونه بشكل متناسق رغم توظيفه لآلات موسيقية عصرية، وهذا لا يعني بتاتا كون الفنان لا يحاول التجديد والتطوير في أغنية العيطة المغربية، بل نلفيه طبعا في بعض أنشطته يؤسس لنمط غنائي جديد مع حرصه على الحفاظ على أصالة المضمون والدلالة واللغة رغبة منه في استكشاف عوالم إنشادية غنائية شعبية متطورة، مبررنا في هذا الطرح أغنية "اسمع آسيدي أسمع"
اسمع آسيدي أسمع
هلا يورينا فيك باس
أنا وانت والسامعين
وجميع الناس الحاضرين
اليوم الجمعة اليوم الاثنين
... ما داروا عوين
اليوم الجمعة اليوم الثلاث
خرجوا لبنات الهايجات
نطلب الله والنبي
السلطان الله ينصرو
ايدوم علينا سلامتو
المير كلمتو مسموعة
بلارج في السما
تيقلب على تهديدة
أسمع آسيدي اسمع.
هكذا يوازي الفنان بين الموروث الأصيل وبين تطوير أدائه الغنائي الشعبي في سمفونية متكاملة. هذا وإن دلالات وكلمات ومعجم أغاني حجيب تستمد عناصرها اللغوية من الواقع الاجتماعي المرتبط بفضاءات البادية المغربية، حيث كان الأجداد يضربون الأمثال للتعبير عن واقعهم المثخن بشتى العوائق المعبر عن فترات عصيبة وحرجة عاشها الشعب المغربي في مواجهته للمستعمر وأذنابه الذين كانوا يعيثون في البلاد والعباد فسادا وسطوا.
من هذا المنظور ذهب بعض الباحثين الأجانب إلى تعريف الأغنية الشعبية بكونها "الأغنية الشائعة أو الذائعة في المجتمع الشعبي، وأنها تشمل شعر وموسيقى الجماعات والمجتمعات الريفية التي تتناقل آدابها عن طريق الرواية الشفهية دونما حاجة إلى تدوين أو طباعة"، وهي في الآن نفسه تعبر عن جراحات الطبقات الشعبية المكلومة بالآهات والآلام بواسطة أفكار ومأثورات شعبية متداولة على الألسن وفي غالب الأحيان تكون مجهولة الأصل.
وعلى هذا الأساس، فإن أغاني حجيب بدورها تنحت مقوماتها الأسلوبية اللغوية من خطى واقع الحال الاجتماعي، فهو يعيد ترجمة العلاقات الإنسانية بواسطة لغة شعبية موسيقية مكسوة بأزياء تقليدية وعصرية ومعبرة عن رؤية اجتماعية، وفي غالب الأحيان تختزن وتمتلك بين ثناياها دلالات إنسانية ملؤها التسامح والتضامن والبحث عن الحرية.
*باحث في التراث الشعبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.