برلمان مجموعة "سيماك": مغربية الصحراء لا نقاش حولها    برلماني يطالب بالإعفاء الكلي لديون صغار الفلاحين    ترامب يحسم في دخول الحرب ويهدد ايران بمهاجمتها في بحر أسبوعين    رواندا تقبض على زعيمة المعارضة    محكمة تثبت "حرس ترامب" في لوس أنجليس    طقس حار وزخات رعدية بعدد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    رسمياً.. إدراج التروتينيت والدراجات الكهربائية في مدونة السير مع معايير تقنية صارمة لتعزيز السلامة المرورية    كيوسك الجمعة | حلقات إلكترونية في آذان الماشية لتتبع القطيع ومحاصرة التلاعب    الرباط تعزز تنقلها الحضري بمرآب تحت أرضي جديد بساحة روسيا    الداخلية تتحرك لوقف استغلال شقق سكنية كمراكز عبادة غير مرخصة بالدار البيضاء    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    وزراء خارجية أوروبيون يعقدون لقاء مع إيران في جنيف    النيابة العامة توجه دورية لحماية الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والتصدي للاعتداءات ضدهم    ندوة نقابية تسلط الضوء على قانون الإضراب وتدعو إلى مراجعته    البنين تشيد بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء المغربية    مخيمات الصحراويين تحترق    الدبلوماسية الجزائرية في واشنطن على المحك: مأدبة بوقادوم الفارغة تكشف عمق العزلة    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    تتبع التحضيرات الخاصة ببطولة إفريقيا القارية لكرة الطائرة الشاطئية للكبار    سان جرمان يسقط في فخ بوتافوغو    موكب استعراضي يبهر الصويرة في افتتاح مهرجان كناوة    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    تطورات حريق عين لحصن.. النيران تلتهم 20 هكتارًا والرياح تعقّد جهود الإطفاء    مؤسسة بالياريا تقدّم في طنجة مختارات شعرية نسائية مغربية-إسبانية بعنوان "ماتريا"    ميسي يقود ميامي إلى هزم بورتو    انطلاق فعاليات النسخة الأولى من ملتقى التشغيل وريادة الأعمال بطنجة    رئيس النيابة العامة يجري مباحثات مع وزيرة العدل بجمهورية الرأس الأخضر    حكومة أخنوش تصادق على إحداث "الوكالة الوطنية لحماية الطفولة" في إطار نفس إصلاحي هيكلي ومؤسساتي    تغييرات في حكامة "اتصالات المغرب"    ماركا: ياسين بونو "سيد" التصديات لركلات الجزاء بلا منازع        المغرب والولايات المتحدة يعززان شراكتهما الأمنية عبر اتفاق جديد لتأمين الحاويات بموانئ طنجة المتوسط والدار البيضاء    الأحمر يلازم تداولات بورصة البيضاء    نشرة إنذارية تحذر المواطنين من موجة حر شديدة ليومين متتاليين    أخبار الساحة    هل يعي عبد الإله بنكيران خطورة ما يتلفظ به؟    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    بيت الشعر في المغرب يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر    تعدد الأصوات في رواية «ليلة مع رباب» (سيرة سيف الرواي) لفاتحة مرشيد        الحكومة تصادق على إحداث المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي    معرض بكين للكتاب: اتفاقية لترجمة مؤلفات حول التراث المغربي اللامادي إلى اللغة الصينية    الدوزي يُطلق العدّ التنازلي ل"ديما لباس"    إصابة حكم ومشجعين في فوضى بالدوري الليبي    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    ست ميداليات منها ذهبيتان حصيلة مشاركة الرياضيين المغاربة في ملتقى تونس للبارا ألعاب القوى    بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية يوقعان شراكة لتعزيز الشمول المالي الفلاحي بالمغرب    بنهاشم بعد مواجهة مانشستر سيتي: لعبنا بشجاعة وخرجنا بدروس ثمينة رغم الخسارة    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقاش تحت الصفر في زمن كورونا
نشر في هسبريس يوم 21 - 04 - 2020

في الوقت الذي فتحت فيه نخب دول عديدة مساحات نقاش كبيرة في جرائدها ومجلاتها وفضائياتها وإذاعاتها لإنقاذ البشرية من الخطر المحدق بشعوبنا جراء تفشي واحد من أخطر الفيروسات في صفوف البشر، والبحث عن حلول ناجعة تمكن من ربط عنق هذا الوباء الذي فتك بكبريات الدول العالمية، وخلف آلاف القتلى، انهمك تياران بالمغرب في سجال عقيم مستغلين الظرف الإنساني للثأر الإيديولوجي متناسين حساسية الموقف.
تيار يمجد لشخص خرج ينصح المغاربة بغير الطب الحديث ويوجههم إلى استعمال أمور ووصفات لم يكلف نفسه عناء نشر بحوثه حولها، هذا التيار يرى في مرجعية الأخير سببا كافيا لجعله مقدسا من النقد لا تصله سهامه ولا تمسه شظاياه مما عجل بظهور تيار آخر استغل الظرف أبشع استغلال لتوجيه لكماته إلى المدافعين عن المذكور وعن فكره الديني الرجعي الذي يخالف توجهات العصر الحديث.
في الحقيقة، المشهد مؤلم لا يليق بمغرب القرن الحادي والعشرين ولا بنخب كان الأولى بها البحث عن الحلول إلى جانب الدولة لملايين المغاربة الذين يعانون ويلات الحصول على قوت يومهم ولآلاف التلاميذ والطلاب الذين أرغموا على الانقطاع عن دروسهم والبقاء في منازلهم حفاظا على أمنهم.
لا يرقص على الجثث إلا من قلوبهم من حجر، ولا غيرة لها على البشر، وشغلهم السهر في الليالي والضرب على الوتر، وهذا مؤسف يا بشر.
السجال الحقيقي، في اعتقادي، هو أن هناك نظرة سلبية وانتقامية في بعض الأحيان تجاه فئة الأطباء أفرزتها أوضاع كثيرة وأمور أعتقد تكره الناس في الأطباء والطب الحديث وتترك المجال لتطاول العديدين على الطب يزداد وهي التي أدت إلى تزايد شعبية أمثال الفايد والرقاة ومنتحلي الصفة وغيرهم على حساب العلماء الباحثين الحقيقيين. ومن أسباب هذه النظرة السلبية.
أولا: البنية الصحية مهترئة، وهو الشيء الذي أدى إلى تراجع ثقة المواطنين في المستشفيات وفي أطبائها، وهو الذي أدى إلى إفراز نخبة تميل ميلا إلى الطب البديل ليس لفعاليته ولا لاقتناعها به بل انتقاما من الطبيب كممثل لهذه البنية الصحية وكيف لا وهو في الصفوف الأولى لمواجهة أمراض ملايين المواطنين.
ثانيا: الجشع الذي أصبح يتسم به القطاع الخاص في ظل رداءة خدمات القطاع العام؛ وهو ما يزيد منسوب الكره لدى المواطنين في الطب الحديث، ويفسر هذا الكلام النقد اللاذع الذي يتفوه به آلاف المغاربة تجاه المصحات الخاصة يوميا.. هذا الحقد وإن كان مشروعا في بعض؛ لكنه لا يجب أن يسقطنا في فخ كره منظومة صحية حديثة هي الحل لأمراضنا وهي الدواء لدائنا، فلا يجب للمغاربة أن يفكروا بمنطق رجعي بمجرد ضعف بنياتهم الصحية.
ثالثا: قلة الموارد البشرية، خصوصا الأطباء المتخصصين وانعدام نظام تشجيع الأطباء والأطر الصحية والتمريضية؛ فكيف يعقل أنه في زمن الكل ينادي برد الاعتبار للطبيب والأطر التمريضية الصحية بمختلف تشكيلاتها لا تزال المملكة غير قادرة على استيعاب 1600 ممرضة قابلة يوجدن في عطالة وأزيد من 3000 ممرض في جميع التخصصات ليس هذا فقط بل إنه في الوقت الذي يوجد فيه عشرات الأطباء الداخليين في الصفوف الأمامية يستقبلون مرضاهم بانتظام لم يتقاضوا منحهم الشهرية منذ 3 أشهر ونصف منهم من يستغيث بعائلته من أجل مصاريف التنقل إلى المستشفيات.
رابعا: الأمية والجهل المتفشيان في صفوف قواعد المجتمع، قلة الوعي وانعدام القراءة والاطلاع الضعيف على المستجدات العلمية يساهم في شكل كبير في تراجع الثقة بالصحة الحديثة والتشبث بالترهات وبالأفكار الزائفة والخطابات المغلفة بالشعبوية المستعملة استعمالا بشعا للدين. ولعل البنية الدينية للمجتمع التي يطبعها الحنين إلى الماضي وإلى ترهات العصر الحجري هي المساهم الأول في تفشي هذا النوع من الفكر الهدام الذي ساهم مثله بالشرق في آلام ما بعدها آلام، وطبعا الآلية المستعملة هي النص القرآني والديني المحرف لغايات في نفس يعقوب، بنظري أدى الفهم السيء للنصوص الدينية واستغلال الدين من طرف الرقاة والمشعوذين والفقهاء المزيفين وبعض منتحلي صفة العلم إلى تعاظم شأن أمثال الفايد وتراجع شعبية العلماء الذين يشتغلون في صمت بعيدا عن الأضواء.
خامسا: ضعف بنية البحث العلمي بالمغرب؛ ما أدى إلى ندرة المعلومة العلمية الناجعة والمؤكدة. وهذا بتقديري هو سبب جهل غالبية الناس بما لهم وما عليهم، حفظ الصحة والأبدان من مقاصد الإسلام السمحة، والركن الأساسي لتحقيق هذه الغاية هي محاربة الجهل والأمية على أساس قاعدة إسلامية صريحة "اقرأ"، وهي أول ما نزل الله في كتابه المحكم، وهذا ليس عبثا لأن الناس ما أحوجها إلى القراءة أكثر من السمع؛ فليس مقاطع الفيديو التي يدعي فيها بعض منتحلي صفة الطب تمكنهم العلوم هي الوسيلة الأنجع لمحاربة الأمية، لا بد من القراءة والاطلاع. وهذا لن يتحقق باستثمار الدولة لأموالها في دعم البحث العلمي وتشجيعه ودعم الابتكار والطاقات الشابة.
سادسا: طبيعة العقلية الثقافية للمجتمع المغربي التي يطبعها الشفهي تجعل أصحاب اللسان الأكثر تأثيرا من أصحاب القلم والعلم. وهذا وجب الرجوع بخصوصه إلى علماء الاجتماع وعلماء النفس وعلماء التاريخ والثقافة والعلوم الإنسانية والآداب؛ حتى نتمكن من دراسة طبيعة بسيكولوجية الإنسان المغربي في البوادي أو في المدن، في الجبال أو في السهول.
اعتقادي تأثير الناس اليوم بالقول أكثر من المكتوب راجع إلى ضعف منسوبية الاطلاع، فقلما تجد المواطنين منهمكين في كتابة تاريخ عائلاتهم وسيرهم وضبط وتحقيق وقائع مجتمعاتهم الصغيرة عكس ما هو موجود في الدول المتقدمة، وهذا مؤشر لا يمكننا من ولوج مستويات التقدم المنشودة، نجد أن الناس تعتمد الروايات الشفوية أكثر من الكتب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.