الركراكي: "لست قلقاً من غياب حكيمي..والبدائل جاهزة لسدّ الفراغ"    تقرير: الاقتصاد المغربي يدخل مسار تعاف متدرج مع توقع تسارع النمو إلى 5.5% بحلول 2027    يومية "آس" الرياضية الإسبانية: براهيم دياز.. قائد جديد لجيل واعد    حموشي يصرف منحة لموظفي الأمن    نشرة إنذارية من مستوى يقظة "برتقالي"    انتقادات حقوقية لتراجع تصنيف المغرب في تنظيم الأدوية واللقاحات    مقاييس الأمطار بالمغرب في 24 ساعة    تحقيق ل"رويترز": في سوريا الجديدة.. سجون الأسد تفتح من جديد بمعتقلين جدد وتعذيب وابتزاز    أزيلال .. القوات المسلحة الملكية تطلق خدمات المستشفى العسكري الميداني بجماعة آيت محمد    ريدوان يطلق أولى أغاني ألبوم كأس أمم إفريقيا "ACHKID"    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا مع توقع استمرار خفض الفائدة الأمريكية    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    موجة البرد القارس: أزيد من 14 ألف أسرة بجهة فاس مكناس تستفيد من مساعدات مؤسسة محمد الخامس للتضامن    أمام صمت الوزارة وعدم تفاعلها مع بيانات التنسيق النقابي.. الشغيلة الصحية تصعد    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    المغرب يضع "الكان" في الصدارة عالميًا    رغم انخفاضها عالميا.. المحروقات بالمغرب تواصل الارتفاع والمستهلك يدفع الثمن    الصحافة الدولية تشيد بالتنظيم المغربي وتضع رهان التتويج ب"الكان" في الواجهة        بنكيران: "البيجيدي" استعاد عافيته ويتصدر المشهد.. ولم يبق إلا تثبيت النصر        العزيز: مشروع قانون التعليم العالي سيحول الجامعة إلى "بنية إدارية محكومة بمنطق السوق"    نهائيات كأس إفريقيا للأمم تعيد خلط أوراق العرض السينمائي بالمغرب    كأس إفريقيا للأمم 2025.. الدار البيضاء على إيقاع الاحتفالات    ارتفاع أسعار النفط    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    تيسة تحتضن إقامة فنية في الكتابة الدرامية والأداء لتعزيز الإبداع المسرحي لدى الشباب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات اسفي إلى 40 واطلاق برنامج ملكي لاعادة التاهيل    تفاصيل جديدة بشأن "مجزرة بونداي"    إعلام إسرائيلي أمريكي: نتنياهو يسعى لتفويض من ترامب لمهاجمة إيران    الدار البيضاء.. مرصد يحذر من مخاطر "مغاسل الميكا" على صحة المواطنين    جريمة قتل مروعة تهز منطقة بني يخلف نواحي المحمدية    اغتيال جنرال روسي في انفجار قنبلة        انقلاب حافلة يودي بأرواح 16 شخصا في جزيرة إندونيسية    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    سعر الذهب يسجّل مستوى قياسيا جديدا    الركراكي: المباراة عرفت توترا كبيرا خاصة في الشوط الأول بسبب تضييع ضربة الجزاء وخروج سايس مصابا لكننا حققنا المهم    الجديدة تستضيف الدورة الأولى للمؤتمر الدولي حول الفيزياء الكمية والابتكار الطاقي    انتصار البداية يعزز ثقة "أسود الأطلس" في بقية مسار كأس إفريقيا للأمم    الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر    أدب ومحاكمة ورحيل    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"القاسم الانتخابي" والقطبية السياسية بالمغرب.. أية علاقة
نشر في هسبريس يوم 21 - 10 - 2020

تشهد الأحزاب السياسية بالمغرب في الآونة الأخيرة جدلا سياسيا أثاره مقترح مراجعة كيفية احتساب "القاسم الانتخابي" الذي يعد عنصرا أساسيا في أي نظام انتخابي، الذي يعتمد الاقتراع اللائحي النسبي، والذي على أساسه يتم توزيع المقاعد البرلمانية بين الأحزاب المشاركة في الانتخابات.
وفي إطار لقاء تشاوري جمع زعماء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان برئيس الحكومة ووزير الداخلية، للتداول في التعديلات التي يمكن إدراجها في القوانين الانتخابية استعدادا لاستحقاقات التشريعية 2021، برزت نقاشات واسعة بين التنظيمات الحزبية حول مجموعة من القوانين، ولعل أبرزها كيفية اعتماد "القاسم الانتخابي"، حيث ذهبت عدة أحزاب، سواء من الأغلبية أو المعارضة، في اتجاه تأييد احتساب "القاسم الانتخابي" بناء على عدد المسجلين، بينما عارض حزب العدالة والتنمية ذلك، ودافع على الإبقاء على احتسابه بناء على عدد الأصوات الصحيحة، باعتبار أن الانتخاب يفيد مجموعة من المحطات المتلازمة بدءا من التسجيل في اللوائح ثم المشاركة والتعبير عن الإرادة بالتصويت وليس التسجيل وفقط.
وبالرجوع إلى نتائج الانتخابات التشريعية ل 2016، نجد أن حزب العدالة والتنمية أكد حضوره بقوة في المشهد السياسي، إذ حصل على 125 مقعدا من أصل 395 مقعدا في مجلس النواب، بحيث أضاف الحزب إلى رصيده 18 مقعدا مقارنة مع نتائج آخر انتخابات جرت سنة 2011، وجاء حزب الأصالة والمعاصرة في المركز الثاني ب 102 مقعد والذي أصبح هو الآخر رقما صعبا في الساحة السياسية رغم حداثة تجربته، أمام تراجع العديد من الأحزاب التي ظلت تؤثث المشهد السياسي لعقود طويلة، سواء منها التقليدية (أحزاب الحركة الوطنية) أو تلك المعروفة بالأحزاب الإدارية.
وبهذا أخذت الحياة السياسية منحى جديد، يتجه نحو تكريس ثنائية حزبية جديدة، بمعنى آخر ثنائية " قطبية هشة"، ذلك أن الحديث عن قطبية سياسية حقيقية يستوجب قوى متنافرة بمشاريع مختلفة، صحيح أننا أمام حزبين يختلفان في الهوية نسبيا، أحدهما يدعي أنه "إسلامي" والآخر يدعي أنه "حداثي" لكنهما يتقاسمان مجموعة من المبادئ الليبرالية والحداثية.
كما أن الرهان على الاستمرار في هذه الثنائية المتأرجحة بين قطب "إسلامي" في مواجهة قطب "حداثي"، وتحويل الفعل الانتخابي من أداة لإقرار الشرعية الديمقراطية إلى حقل للتصارع الديني والعقائدي، رغم المراجعات والجهود التي قام بها حزب الأصالة والمعاصرة للابتعاد عن هذا الطرح، فهذه الثنائية الهجينة قد تؤثر لا محالة على مبادئ التعددية السياسية والفكرية للبلاد.
وعطفا على ما سبق، إن اعتماد أسلوب احتساب "القاسم الانتخابي" على أساس المسجلين، سيؤدي حتما إلى تقليص حظوظ حزب معين في الحصول على مقعدين في نفس الدائرة الانتخابية؛ وهذه الحالة ستنطبق على حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، على أساس أنهما قد حصلا في الانتخابات التشريعية ل 2016 على مقعدين في مجموعة من الدوائر الانتخابية، وبالمقابل، هدا الأسلوب سيمنح حظوظا أكثر للأحزاب الصغرى.
ولعل هذا ما يفسر الضجة والانقسام التي أثارها اعتماد هدا الأسلوب في مواقف الأطراف المشاركة في مناقشة "القوانين الانتخابية"، والتي أعقبها اندلاع حرب التراشق بالبيانات، كالعادة، بين قيادات الأحزاب المعنية.
والأكيد، أن صناعة هذه القوانين هو اختصاص أصيل للبرلمان في النهاية، لكن لا يمكننا أن نغفل أنها تحال عليه، وهي مسؤولية رئيس الحكومة المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، ومسؤولية الحكومة التي تتمتع بأغلبية مريحة داخل البرلمان، وأنها مسؤولة دستوريا بشكل جماعي وتضامني في اختياراتها ومواقفها من هذه القوانين.
مما لا شك فيه أن مناقشة القوانين الانتخابية عملية مؤطرة بمعايير دستورية وإجرائية، ومرتبطة بموارد بشرية ومادية محددة، إلا أنها تظل عملية سياسية محضة، تتجاوز تقنيات الخبراء وإجاباتهم الحسابية في ترجيح هذا النمط أو ذاك، وبطبيعتها تكون اللحظات السابقة لأي استحقاق انتخابي حاملة لتوترات وحوارات ساخنة، مع ما تتيحه من مساحات للتفاوض تم التوافق حول مخرجات مربحة للجميع، فإنها مع ذلك، حسب مجموعة من النظريات، تسمح ببزوغ بعض التعبيرات السجالية وبعض مظاهر التدافع والصراع، حيث تتنافس الأطراف الفاعلة على الأداء الجيد لأدوارهم الدرامية، وتبني دور الضحية أحيانا، والتهديد بالانسحاب أو مقاطعة الانتخابات أحيانا أخرى، وغيرها من المسوغات التي يعج بها المعجم الانتخابي عموما.
خلاصة القول، إن الاستحقاقات الانتخابية بالمغرب، بوصفها تندرج في سياق مسار تراكمي في إطار المسلسل الديمقراطي للبلاد، ينبغي أن تكون عنوانا لترسيخ قواعد الشرعية الانتخابية التي جاء بها دستور 2011، وعلى جميع الفاعلين السياسيين الإسهام في تأهيل المشهد السياسي بما يضمن تعددية حزبية حقيقية، بعيدا عن البلقنة المقيتة، وبتعبير أحد الباحثين، تصبح التعددية تعدديات داخل نفس التعبير الإيديولوجي ونفس المضمون السياسي المشكل للحزبية بالمغرب.
* باحثة في العلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.