في غياب 333 نائبا ونائبة.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المسطرة الجنائية        طارق السكتيوي يتراجع عن الاعتماد على لاعبي مواليد 2000 فما فوق في "الشان" المقبل    توقيف مواطنين كنديين بمطار محمد الخامس بتهمة التهريب الدولي للمخدرات والمؤثرات العقلية        الدورة 11 من مهرجان الناظور المتوسطي تحتفي بالذكرى ال26 لعيد العرش    ارتفاع أسعار اللحوم والأسماك والفواكه.. والعيون وبني ملال أغلى المدن المغربية في تكاليف المعيشة    غزة تموت جوعا.. وفاة 15 فلسطينيا بسوء التغذية خلال 24 ساعة    اليونان تحظر العمل في الخارج بسبب ارتفاع الحرارة    قضية "مجموعة الخير".. استئنافية طنجة تؤيد الأحكام وتستثني تعويض الضحايا    مجلس النواب يمرر قانون المسطرة الجنائية بموافقة 47 نائبا خلال قراءة ثانية    مارسيليا يرفض عرضا "مهينا" من نادي إسباني لضم أوناحي    المغرب ‬2030 ‬ فرص ‬ثمينة ‬بأعلى ‬سقف ‬ومسار ‬تنموي ‬بلا ‬حدود    ‬مرسوم ‬تحديد ‬أسعار ‬الأدوية ‬يواصل ‬إثارة ‬ردود ‬الفعل ‬في ‬أوساط ‬المهنيين ‬والرأي ‬العام ‬    وفق ‬تقرير ‬حديث.. ‬المغرب ‬منصة ‬إفريقية ‬واعدة ‬ووجهة ‬موثوقة ‬للمستثمرين ‬الإسبان ‬    بعد ‬جهة ‬الرباط- ‬سلا- ‬القنيطرة.. ‬ المغرب ‬يواصل ‬توقعاته ‬المستقبلية ‬مع ‬الكوارث ‬بتدشين ‬منصة ‬جهوية ‬بمراكش    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مرتيل.. انطلاق أيام القافلة الأولى للتعريف بمنطقة الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق    لجنة برلمانية تُقر تنظيما جديدا للمجلس الوطني للصحافة    الإبادة مستمرة.. إسرائيل تقتل 37 فلسطينيا بهجمات متفرقة على غزة    الأمم المتحدة.. الجوع وسوء التغذية بلغا مستويات غير مسبوقة في غزة    تراجع أسعار النفط مع تزايد المخاوف بشأن الطلب على الوقود    حجيرة يدعو الشركات المغربية إلى التوسع في الأسواق العالمية والاستفادة من الفرص التجارية    رسميا.. الوداد يعلن عودة أبو الفتح بعقد يمتد لموسمين        92 مؤسسة للرعاية الاجتماعية للمسنين في المغرب تستقبل 7900 نزيل    بورصة البيضاء تستهل التداول بارتفاع        لجنة التعليم والثقافة والاتصال تصوت بالأغلبية على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    بطولة انجلترا: الكاميروني مبومو ينتقل لمانشستر يونايتد    منظمة الصحة العالمية تقول إن "هجوما" استهدف مقرها بوسط غزة        السكتيوي يكشف عن قائمة "الأسود المحليين" الأربعاء استعدادًا ل"شان 2025″    دعم دولي متصاعد لمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي: توافق عالمي لإنهاء النزاع الإقليمي    مقدونيا الشمالية تشيد بالإصلاحات المغربية والمبادرات الأطلسية الملكية لتعزيز التنمية والاستقرار في إفريقيا    "اللبؤات" يختمن الإعداد لمواجهة غانا    إسرائيل ترفض دعوة 25 دولة لإنهاء حرب غزة.. وغوتيريش "مستاء"    غوتيريش: "آخر شرايين الحياة" لسكان قطاع غزة على شفا الانهيار    وزير الصحة: التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح بخفض ملموس لأسعار الأدوية    المنتخب المغربي يتوج ببطولة إفريقيا ويتأهل إلى بطولة العالم للتنس    ليلة العيطة تجمع نجوم التراث الشعبي على منصة واحدة بالعاصمة    تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية لغزة    "سوبر مان" يواصل تصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    روما الإيطالي يعلن تعاقده مع المغربي نائل العيناوي    ما حقيقة إصابة الفنانة أنغام بسرطان الثدي؟..بيان رسمي يوضّح    مجموعات تراثية في فن لوناسة تضيء سماء تارودانت    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة    "المهرجان السوسيو ثقافي لمقريصات في دورته التاسعة..منصة لإبراز تنوع وغنى الموروث الثقافي للمنطقة "    مصرع 18 شخصا بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية        دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سئمنا الدماء.....
نشر في هسبريس يوم 13 - 09 - 2012


سئمنا الدماء...
سئمنا الأشلاء ...
سئمنا كل هذه الأخبار والأنباء ..
سئمنا أن يكون القتل خبز يومنا، وعنوان حضارتنا، والخبر الرئيسي الذي يتصدر نشراتنا، ويتوسط الصفحات الأولى في جرائدنا ومجلاتنا...
نحن أصحاب حضارة عريقة لا يمكن اختزالها في فصول القتل والخراب والدمار...
ونحن أهل دين يحرم قتل الإنسان: أي إنسان..
فلئن كان بعض أبناء جلدتنا قد أدمنوا القتل في الماضي، وصبغوا صفحات تاريخنا بلون الدماء القاني،فإن ذلك لم يكن غيرة على دين الله، فدين الله لا يُنصر بسفك دماء الأبرياء. ولم يكن تنفيذا لأمر الله، لأن الله لم يوكل لأحد مهمة قتل العباد.
إن القتل مُدان... مدان. والدماء محرمة... محرمة .وسفك الأرواح جريمة.. وأية جريمة.
لا يهم من القاتل .. وتحت أية يافطة أو أي مسمى هو يقوم بجريمة القتل. القتل سلوك مشين ومحرم و من يقوم به عدو للإنسانية كلها، وخطر على كل البشرية.
كما نتبرأ من القتلة الذين أساؤوا إلى الأمة في الماضي، نتبرأ من القتلة الذين مازالوا يمارسون القتل ضد الإنسان في كل مكان. لا يحل سفك دم أي إنسان ، ولا ينبغي أن يصبح قتل الإنسان مجرد ممارسة يومية تتساوى وشرب قهوة أو تدخين سيجارة.
ربما ترتفع بعض الأصوات لتبرر ما يحدث في عالمنا العربي والإسلامي بكونه مجرد رد فعل على القتل الممنهج الذي مارسه ويمارسه أعداء الأمة ضد أبناء الأمة، أو هي مؤامرة ضد العرب والمسلمين.
وفي كلا الحالين، لا ينبغي ربط ما يحدث في العالمين العربي والإسلامي بمواقف القوى الكبرى والاستعمارية منها على وجه الخصوص . فلا يعقل ، لا دينا و لا عقلا و لا خلقا أن يستمر سفك الدماء، العربية والمسلمة في كثير من الأحيان، بأيد عربية ومسلمة ، والمبرر أن عدوا غاشما اعتدى علينا ،وغزا أرضنا، وتطاول علينا. إن الدفاع عن الحمى، ومواجهة القوات الغازية، هي حقوق للشعوب المستضعفة تضمنها قوانينُ الأرض وشرائعُ السماء. لكن كيف يصبح تفجير الأبرياء، وقتل النساء والشيوخ والأطفال من أبناء الوطن بعمليات إرهابية جبانة ... كيف تصبح مثل هذه الممارسات نوعا من "الجهاد"، وصنفا من "المقاومة" ؟ .
وكل ما في الأمر أنه نوع من الأحقاد الطائفية، وحرق للأبرياء والمغفلين في "جهنم" السياسة المتخلفة التي تهدف إلى حرق الخصم وجعله رمادا تذروه الرياح. إنها جرائم في حق الإنسان، وتطاول على شريعة خالق الإنسان.
لنكن صرحاء مع أنفسنا نحن معشر العرب والمسلمين. إن عمليات القتل ومواجهة الخصم فقط بلغة السلاح والإيمان بالقوة المادية سبيلا وحيدا لحل الخلافات السياسية والإيديولوجية والمذهبية ... هذه العمليات ليست وليدة اليوم القريب. بل مارسها كثير من أبناء جلدتنا عبر تاريخنا الطويل، مرة باسم الجهاد، ومرة باسم درء الفتنة، ومرة باسم الحفاظ على بيضة الإسلام، وأحيانا أخرى في إطار مسلسل قتل مبرمج انتقاما من بقايا الدولة المنهزمة ( مثل ما حدث من إبادة للأمويين على يد بني العباس ) ،أو صراعا على كراسي الحكم كما حدث في الأندلس، وسجل لنا التاريخ ما عرف بملوك الطوائف.
حدث هذا ولم تكن ( إسرائيل ) ،التي ننسب لها كل بلاوينا، كيانا قائم الذات. ولم يكن في العالم إمبراطورية قوية اسمها الولايات المتحدة الأمريكية. أي أنها ثقافتنا المتخلفة، التي تدمن عبادة القوة، وتتوسل القوة الخشنة البشعة وحدها لحل الخلافات التي استطاع غيرنا أن يقنن طرقا كثيرة لحلها، ليس بينها حتى رفع الصوت دون اللازم.
رجاء ألف مرة ، لا تُلقوا باللائمة على الغرب ولا على الشرق. لا تسبوا أمريكا ولا الكيان الصهيوني . لا تكرروا أساطير عبدالله بن سبإ ولا حكايات الماسونية والمؤامرات الرهيبة. كأن العالم ليس له من هم إلا الكيد لنا، وخلق الصراعات بيننا. العالم منشغل باختراعاته واكتشافاته وعلومه وتقنياته. ونحن غارقون في خلافاتنا ومحكومون بصراعات مجنونة، وسادرون في غينا كلما انطفأت حرب أشعلنا حربا بعدها أكثر ضراوة لنهلك الحرث والنسل ونفسد في الأرض ونسفك الدماء البريئة بغير حق.
لا بد أن نواجه انفسنا في مرآة الحقيقة لننظر إلى صورتنا كما هي. وإن بداية الحل أن نقر ونعترف بهذا المرض الخطير الذي ينخر كيان الأمة ككل، ويمنعها من الاقتداء بباقي الأمم الراقية. وهذا الداء أصله عبادة القوة، والإيمان حد اليقين أن إفناء المخالف وإبادته، وحدها الوصفة السحرية لحل كل الخلافات حتى ما كان منها تافها.
فلا لوم على أمريكا ... ولا لوم على ( الكيان الصهيوني ). فهؤلاء ، إن ناصبونا العداء أو اعتدوا على أرضنا وقاتلونا، يكون هذا غزوا قبيحا يحق لنا أن نجابهه و نواجهه بكل ما أوتينا. لكن كيف نفسر سفك بعضنا لدم بعض ؟ كيف نتفهم موقف جزار سوريا الذي يحرق الأخضر واليابس؟ كيف نفهم قتله للأطفال والنساء والشيوخ والمسالمين الذين كل مناهم العيش بسلام ؟ كيف نفهم هذه العمليات الإجرامية بحيث يزج بالمغفلين في معارك وهمية لقتل الأبرياء وفي ظنهم أن ذلك طريقهم للجنة ؟
لنكن صرحاء ....
( قل هو من عند أنفسكم)
هذه البداية... حصوننا مهددة من داخلها. وثقافتنا مطعمة ببعض الجينات التي تستعصي على كثير من الأمصال ولم تعد تجدي معها نفعا. علما أن طريق القوة المادية وإشعال الحروب لتحقيق الأهداف الباطلة، لو كان هذا طريقا سالكا لكانت اليابان وألمانيا اليوم من أكبر الإمبراطوريات العسكرية. لكن ها نحن نرى كيف سلكت اليابان وألمانيا سبلا أخرى ، وهما الآن تتبوآن مراكز الصدارة في كثير من الصناعات والاختراعات دون إطلاق رصاصة واحدة في حروب عبثية. لقد كانت الحروب دروسا قاسية في مسارهما التاريخي. واقتنع القوم هناك أن الحرب مجرد عبث وخراب ودمار.
فياليت العرب والمسلمين الذين يومنون بقوة السلاح ويسعون إلى فرض قناعاتهم وآرائهم بقوة الرصاص والديناميت، ويؤمنون بالقتل و إفناء الآخر ... ليتهم يقرؤون التاريخ ويتدبرون فصوله. ليتهم يفهمون مراد الخالق سبحانه وتعالى من خلق الإنسان، وبعث الأنبياء والرسل، وتنزيل الكتب والرسالات ...إنه سبحانه وتعالى لم يخلق هذا الإنسان ليصبح وقود حرب لا تنتهي، ولا لكي يسفك القويُ دمَ الضعيف، بل خلقنا للتعاون والتعارف وفعل البر والخيرات.
وإن أول بر نصنعه بأنفسنا نحن معشر المسلمين، و إن أجمل معروف نقدمه لغيرنا، أن نصر على رسالة السلام والتواصي بفعل الخير ونبذ قانون القوة والإكراه.
فكم هي المجالات التي نحن فيها صفر. وحري بنا أن نبدأ بما هو أهم.
فهل يأتي علينا يوم قريب تُحفظ فيه حرمات كل الناس، وتُصان كرامتهم، وتُقدس أرواحهم ... ولا تسيل – عبثا – كل هذه الدماء...
اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.