لوديي يستقبل وزيرة الدفاع الليبيرية    وفاة الممثل المغربي القدير عبد القادر مطاع عن عمر 85 سنة    كمبوديا تشيد بريادة جلالة الملك محمد السادس وتدعم المبادرات الملكية الأطلسية    هذا المساء فى برنامج "مدارات" لمحات من سيرة الأمير الشاعر أبي الربيع سليمان الموحدي    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    الذهب يتراجع عن مستوياته القياسية مع جني المستثمرين الأرباح    نيكولا ساركوزي يدخل سجن لاسانتيه في سابقة لرئيس فرنسي    رئيس المخابرات المصرية يلتقي نتانياهو في القدس وبرنامج الأغذية العالمي يدعو إلى فتح كل المعابر ل"إنقاذ أرواح"    دوري أبطال أوروبا في جولة جديدة    ترويج الكوكايين يطيح بشخصين في تطوان    رسالة ‬شكر ‬وامتنان ‬‮..‬ ‬إلى ‬كل ‬من ‬شاركنا ‬فرحتنا ‬الوطنية ‬الكبرى ‬في ‬المؤتمر ‬12    هيئات: مصادقة الحكومة على مشروع إعادة تنظيم "مجلس الصحافة" خطأ سياسي ودستوري    بين الأعلام والمطالب.. الجيل الذي انتصر في الملعب واتُّهم في الشارع    رابطة ترفض "إقصاء الفيلم الأمازيغي"    بين "أوتيستو" و"طريق السلامة" .. المهرجان الوطني للفيلم يستقبل الهامش    أبطال الجاليات العربية يخوضون نهائيات الدورة التاسعة من "تحدي القراءة"    "مالية 2026″… عجز متوقع ب48.7 مليار درهم    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    حزب التقدم والاشتراكية يدعو الحكومة إلى تحويل مشروع قانون المالية 2026 إلى سياسات ملموسة    إصلاح المستشفيات بدون منافسة.. التامني تتهم الحكومة بتجاوز مرسوم الصفقات العمومية    مشروع قانون المالية ل2026 ينص على إحداث 36 ألفا و895 منصبا ماليا جديدا    البنك الدولي يقدّر كلفة إعادة الإعمار في سوريا ب 216 مليار دولار    المغرب يرفع "ميزانية الدفاع" إلى 157 مليار درهم    شباب المحمدية يستغل سقوط م. وجدة أمام "الماط" وينفرد بالصدارة    لقجع لمنتخب الناشئين: "انتزعوا الكأس... واستمتعوا بالمجد"    الحكومة تمدد إعفاءات استيراد الأبقار وتضاعف الحصة إلى 300 ألف رأس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    "أونسا": الجبن المخصص للدهن يخضع لمراقبة صارمة ولا يشكل خطرا على المستهلك    "لارام" تدشن خطا مباشرا بين الدار البيضاء وميونيخ    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    من ينقذ موسم سيدي بوعبد اللي..؟    كنزة الغالي.. سفيرة بروح وطنية عالية تجسد الوجه المشرق للمغرب في الشيلي    بعد التتويج بكأس العالم.. هل خسر المغرب موهبة القرن أم ربح مشروعاً يصنع الأبطال؟    الأمين العام لجامعة الدول العربية: فوز المغرب بكأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة إنجاز يستحق الإشادة والتقدير    السكوري: نظام التكوين بالتدرج المهني مكن من توفير 39 ألف منصب شغل خلال شهري غشت وشتنبر    عاجل.. استقبال شعبي وملكي اليوم للمنتخب المغربي بعد إنجازه التاريخي في الشيلي    رياضي سابق يفارق الحياة في مقر أمني بأمريكا    إسرائيل تؤكد تسلم جثة ضابط صف    تعيين مسؤولين ترابيين جدد في دكالة والشرق    تاكايشي أول رئيسة للوزراء باليابان    المغاربة يترقبون ممراً شرفياً لكأس العالم للشباب في الرباط...    القصر الكبير : حجز أزيد من 30 كيلوغراما من مادة محظورة داخل مرايا معدة للتصدير    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    كيوسك الثلاثاء | مشروع قانون المالية لسنة 2026 يكشف عن خطة الحكومة للتشغيل    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    الصين تدعو الولايات المتحدة لحل الخلافات التجارية عبر الحوار    المعادن النادرة ورقة ضغط بخصائص صينية ...    عن أي سلام يتحدثون؟    عمور: المغرب يستقبل 15 مليون سائح ويسجل رقما قياسيا ب87.6 مليار درهم    إلى ذلك الزعيم    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلخ ممثل الأمّة أم سلح على الديمقراطية بالرّمة
نشر في هسبريس يوم 03 - 01 - 2013

في سابقة خطيرة، تزامن الاعتداء الشنيع على السيد عبد الصمد الإدريسي المحامي، والنائب البرلماني، وعضو الأمانة العامة في حزب العدالة والتنمية، والعضو في منتدى الكرامة لحقوق الإنسان مع الهجوم على المقر المركزي لحزب العدالة والتنمية. وإذ يشهد المغرب هذه الواقعة في ظل الدستور الجديد فإن المتتبعين للوضع قد أصابتهم ارتجاجات في الميزان القيمي، وأصيبوا بالدوار لهول الصدمة التي فاقت كل التوقعات، وهتكت عرى كل الأعراف والقوانين والقيم.
ومنذ البداية يذهب ظني بأن هذا العمل الذي يضرب صميم العملية الديمقراطية، ويفرغ السياسة من محتواها لا دخل للدولة فيه على المستوى الرسمي؛ لكون هذه الممارسات، أولا، لا تخدم التوجه الحالي للدولة العصرية بل تضرب مصداقية الصفحة الجديدة للمغرب داخليا وخارجيا، وثانيا لأننا لم نخرج سالمين من موجة الربيع العربي بعد لكون الارتدادات الجانبية ما زالت تتداعى، ولا أحد يمكنه التكهن بآفاقها.
فأن يُسب ويُضرب ويُهان نائب برلماني في واضحة النهار أمام الملإ في أشهر شارع في العاصمة لهو فضيحة بكل المقاييس. وبطريقة حسابية بسيطة، فإن النائب البرلماني في المغرب يمثل حوالي ثمانين ألف شخص، و تعنيفه والحط من قيمته هو بمثابة ضرب للشعب واختياراته، واحتقار لمؤسسة هي مؤشر الديمقراطية، والقلب النابض للدول المتحضرة. كما يعتبر الحدث بمثابة توجيه ضربة قاصمة للحكومة المنبثقة عن الشعب في حال عدم قدرتها على وضع الإصبع على الداء واجتثاثه من جذوره، والانكباب على تنزيل الدستور، والضرب على أيادي كل من سولت له نفسه العبث بالمكتسبات التي كانت ثمرة لسنوات من النضال ونكران الذات، وما رافق ذلك من تنكيل وقمع وسجن واختفاءات ما زال المغاربة يتحملون تبعاتها.
ليس من المستبعد أن تكون للواقعة حسابات جانبية بين المعتدين والمعتدى عليه، أو خلافات في المرجعيات المؤطرة، أوالخلفيات السياسية آلت إلى التصفية العضلية ولكن ما نتمناه هو أن تكون الحادثة معزولة لأن الظرفية والحيثيات التي تمت فيها الحادثة لم تكن تسمح للمعتدين للاتصال برؤسائهم بقدر ما تصرفوا من تلقاء أنفسهم اللهم إلا إذا فصلت اللحظة التي أدلى فيها النائب ببطاقة التعريف مدة زمنية كافية لمهاتفة الباشا والعميد من هم في مراكز القرار لإعطائهم الأوامر بالضرب والإهانة وهذا ما ستكشف عنه التحقيقات وتغنيينا بتفاصيل الملابسات.
أما مداهمة مقر حزب العدالة والتنمية فبدوره لا يمكن اتهام الدولة بذلك لكون الحزب حزبا معترفا به، ويعمل في إطار من الشفافية والوضوح، ثم لكون الدولة تعلم كل أسرار الأحزاب بوسائلها الخاصة من دون اللجوء إلى مثل هذه الأساليب القديمة والمنحطة. وما هذا التصرف المتهور إلا عمل أشخاص فقدوا كل وسائلهم الديمقراطية المتمثلة في القلم واللسان وصناديق الاقتراع، وجنحوا في حال الانهزام والانكسار والفشل إلى أسلوب الترهيب والتجسس والتلصص عسى أن يجدوا ما يبتزوا به خصومهم.
وفي هذه العجالة لا يمكننا أن نتهم أشخاصا بعينهم ولا مؤسسات بيد أن نباهة الشعب المغربي، وذكاءه الفطري، وقدرته الخارقة على الرؤية الثاقبة من خلال تتبعه للشأن العام في البرلمان، وفي اللقاءات، وفي الشارع، يعلم الجهة التي يمكن أن تصدر عنها مثل هذه الأفعال، ولكنها قد تكون متعلقة بأشخاص لا بمؤسساتهم. والبحث النزيه هو وحده الكفيل برفع الغطاء عن هذه الهمجية والأسلوب المرفوض. وما دام أن الدستور الجديد يربط المسؤولية بالمحاسبة فإننا ننتظر من القضاء أن يقول كلمته ليعلم الشعب المغربي قاطبة ما محله من الإعراب في خريطة المستجدات؟
ونحن الآن أمام امتحان لا ندري نتائجه، ولكن العاقبة بإحقاق الحق وإيقاف المعتدين عند حدهم، ومصارحة الشعب المغربي إن كانت هاتان الحادثتان معزولتين أم أن الأمر خلاف ذلك. ويجب أن نقطع مع الشك في مؤسساتنا، وأن تكون الدولة وأجهزتها على مسافة واحدة من جميع المكونات السياسية، وأن تبين لنا بالملموس أن الماضي قد ولى بجميع سلبياته، وأنها عازمة على المضي قدما في تطبيق القانون تطبيقا لايستثني أحدا.
وكأننا بهؤلاء أرادوا بفعلهم هذا تجريب الحكومة، وجس نبض فعاليتها، ومعرفة مدى إمكانية تحملها مسؤولياتها كاملة أم أن الدستور في واد والحكومة في واد آخر. ومعرفة إن كان رئيس الحكومة رئيسا فعليا لكل القطاعات الحكومية أم ما زالت هناك وزارات تشذ عن القواعد الدستورية ومن بينها وزارة الداخلية التي كانت تسير بمنطق التوجيهات والتعليمات بدلا من القانون.
والأكيد أنه إذا سارت الأمور على هذا الشكل، وأفلت المفسدون ومحرضوهم من العقاب، فإن المسيرة الديمقراطية التي انطلقت بعد تفاعل الملك مع مطالب شعبه لن يكتب لها النجاح، وسوف تتحكم في مصير البلاد ''جيوب المقاومة" و"التماسيح والعفاريت'' أو تتجه الأمور إلى دوامة لا أحد يستطيع التكهن بخاتمتها.
وبناء على هذا، يصعب على المرء أن يرى ما وقع ولا يشعر بعدم الرضى على مسيرة المغرب المتعثرة. ويعسر عليه أيضا العيش من دون توجس ورهبة من الحاضر والمستقبل لأن أمثال هؤلاء يريدون زرع بذور اليأس في نفوس الشعب، وتحسيسهم بالهزيمة، وفقدان الثقة ليس في الحكومة فحسب بل في المستقبل أيضا؛ إذ حين يرى المواطن البسيط ممثل الأمة يضرب في الشارع العام لن يثق في الأمن والدرك ولا في المؤسسات لأنه سيدور في خلده أنه إذا كان هذا الشخص بكل ما يحمل من صفات (المحامي، النائب البرلماني، المستشار في منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، عضو الأمانة العامة للحزب...) يتعرض للإهانة والضرب والسب في الشارع أمام الجمهور فما بالك بما يمكن أن يقع لشخص عاد أو ما وقع ويقع بالفعل في الدهاليز أو الأماكن المحاطة بالأسوار والأسرار.
يجب على الشعب المغربي أن يقف وقفة رجل واحد، وأن يتصدى لأمثال هؤلاء الذين يريدون اختطاف البسمة من على وجوه البسطاء والضعفاء، والذين يأملون في سد باب الأمل في آخر النفق، لا لشيء سوى لكونهم اندحروا في الانتخابات اندحارا لن تقوم لهم بعده قائمة إلا إذا تصالحوا مع الذات والآخر. لقد أرادوا أن يقايضوا واقعهم الميأوس منه بمستقبل المغرب والمغاربة، وهذه رهانات خاسرة لأسباب متعددة منها:
_ يقظة الشعب المغربي وحمايته لاختياراته بالشكل المناسب.
_ معرفة الأمة المسبقة بسجل هؤلاء الذين يؤثرون مصالحهم على مصلحة الشعب.
_ ملكنا سريع التجاوب مع شعبه ويمثل الحياد.
_ التشبث بالمكتسبات ومحاولة إثرائها وعدم الرجوع إلى الوراء.
وخلاصة القول: إن القافلة تسير والعصا لن توقف عجلتها لأن الشعب يقهر المعيقات، ويتحدى المثبطات، ويكسر كل الحواجز. والتاريخ شاهد على فتوحات الشعوب وإنجازاتها. أما من يقف في وجه التيار فإنه سوف يجد نفسه بعد هدوء العاصفة في الطمي منغمسا أو تتبعه اللعنات في مزبلة التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.