زلزال الحوز.. إقليم شيشاوة نموذج للصمود والتعبئة الجماعية    فيدرالية اليسار بالفقيه بن صالح تتضامن مع أحد أعضاءها وتدين الاستدعاءات المتكررة    منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن معتقلي الحراك وتعرض الوساطة        هيئات مهنية ونقابية تصعد ضد مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    أخبار الساحة    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى الرئيس البرتغالي على إثر الحادث المأساوي لخروج القطار المائل السياحي عن مساره    جديد الشاعرة المغربية سعاد الرايس: «لوحات الإبحار» اهتمامات إنسانية وعشق للكتابة بقلق وجودي    أعمال أدبية وفنية مغربية تستفيد من منح الصندوق العربي للثقافة والفنون    أنا وأنا وما بينهما .. رسائل بين عبدالله المتقي ومحمد بوحوش    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الفانوس " يضيء ليالي مهرجان المسرح التجريبي والضنحاني يوقع النسخة العربية والإنجليزية للمسرحية    الركراكي: جئنا لزامبيا متأهلين وسعداء.. لكن أمامي 3 أشهر لاختيار قائمة "الكان"    روسيا تعلن جاهزية أول لقاح ضد السرطان    مسؤول أممي يحرج الأنظمة العربية: دعمها للاجئين الفلسطينيين يتراجع 90% ودعوة عاجلة للتحرك    فيلم مريم التوزاني يمثل المغرب بأوسكار 2026    مايكروسوفت تحذّر من بطء محتمل لخدمة الأنترنيت جراء انقطاع كابلات بحرية في البحر الأحمر    طقس الأحد: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى الرئيس البرازيلي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    المغرب ثالث أكبر منتج للأفوكادو في إفريقيا بإيرادات صادرات بلغت 179 مليون دولار    تونس.. تأجيل انطلاق أسطول "الصمود العالمي" الذي ينقل مساعدات إلى قطاع غزة    زخات رعدية متوقعة في عدة أقاليم    آسفي.. إيقاف شخصين ظهرا في فيديو يوثق تبادلهما للعنف بالشارع العام    إطلاق خط بحري جديد بين المغرب وأوروبا الغربية بإشراف دي بي وورلد    غزو القضاء يتواصل بإطلاق 24 قمرا اصطناعيا جديدا    المكتب المسير لمولودية وجدة يعبر عن رغبته في إعادة سندباد الشرق لأمجاده    سلا.. تفكيك شبكة لترويج المخدرات وحجز أكثر من 1200 قرص مهلوس وكوكايين    "غروب".. مسرحية تفتش في وجع الإنسان وتضيء انكساراته بلوحات شعرية    رصد فلكي غير مسبوق لمذنب يقترب من المجموعة الشمسية    الأمم المتحدة: هلال يختتم بنجاح المفاوضات بشأن الإعلان السياسي للقمة الاجتماعية الثانية المرتقبة في الدوحة    زيادة ملحوظة في حركة المسافرين عبر مطار الحسيمة الشريف الإدريسي        المغرب يستقبل شحنات جديدة من الأعلاف الروسية    السطو المسلح يقود ستة أشخاص للإعتقال بالدار البيضاء    تواصل أشغال الربط السككي بميناء الناظور غرب المتوسط ب111 مليون درهم    الفتح الرباطي يدخل الموسم الجديد بطموح المنافسة على الألقاب    المغرب يسجل واحداً من أعلى معدلات السمنة في إفريقيا.. والنساء الأكثر تضرراً    إقليم فكيك يتصدر مقاييس الأمطار    المراهق الإيطالي الراحل كارلو أكويتس يصبح أول قديس لجيل الألفية    تل أبيب: وقف الحرب مرهون بشروط    الجمارك تحجز باخرتين بالأبقار البرازيلية وتطالب بملياري سنتيم ضريبة    هزائم تدفع رئيس وزراء اليابان للتنحي    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    المنتخب الوطني المغربي يصل إلى ندولا استعدادا لمواجهة زامبيا    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    أسعار المحروقات تتراجع دوليا وتباع بضعف قيمتها محليا    المغرب.. جدل متصاعد حول التمويل العمومي للأحزاب مع اقتراب انتخابات 2026    العصبة الاحترافية تفرج عن برنامج الجولتين الأولى والثانية من البطولة الوطنية    البراهمة: "استمرار اعتقال نشطاء الريف ينص جرحا مفتوحا في مسار العدالة والحقوق بالمغرب"    منير الحدادي يفاجئ الجميع بتوقيعه لفريق إيراني    فيليز سارسفيلد يحرز لقب كأس السوبر الأرجنتيني بفوزه على سنترال كوردوبا    المهرجان السينمائي الدولي للبندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    نقد مقال الريسوني    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطابي والمنفى
نشر في هسبريس يوم 02 - 06 - 2013

في مثل هذين اليومين من سنة 1947، كانت باخرة "كاتومبا" قد وصلت إلى ميناء بور سعيد بمصر، وعلى متنها الزعيم والبطل ابن عبد الكريم وحوالي 40 من أفراد عائلته، قادمة من جزيرة لارينيون القابعة في أقصى أقاصي القارة السمراء، وهي الباخرة التي كانت متوجهة عبر خليج عدن وقناة السويس نحو مدينة مارسيليا جنوب فرنسا، حيث قررت هذه الأخيرة نقل الأمير الخطابي إلى هناك، بعد أن قضى مدة 21 سنة من المنفى السحيق، وما أدراك ما المنفى، حيث امتد من سنة 1926 إلى غاية 1947.
ففي خضم الأحداث والتحولات المتسارعة التي عاشها العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945، وما تمخض عن هذه التحولات من إفرازات على مستوى الخارطة الدولية آنذاك، كانت فرنسا، الدولة الاستعمارية، قد قررت، على ضوء ذلك، نقل محمد بن عبد الكريم من منفاه إلى إحدى المدن الفرنسية، وبالضبط إلى جنوبها حيث توجد مارسيليا. قرار، بطبيعة الحال، تحكمت فيه خلفيات استعمارية مرتبطة بسياق الظروف القائمة آنذاك، وهنا يمكن تسجيل عدة اختلافات في هذا الصدد بين المؤرخين في شأن دواعي إقدام فرنسا على نقل الخطابي وأسرته من المنفى، وهو اختلاف موزع بين القول بأن فرنسا كانت تروم من وراء ما أقدمت عليه إلى استعمال الأمير كورقة ضغط، وبين القول بأن هذه الدولة الاستعمارية كانت تسعى إلى التخلص منه، خاصة بعد المدة الطويلة التي قضاها بالمنفى وما ترتب عن ذلك من مضاعفات على وضعه الصحي، وبين التأكيد على أن فرنسا كانت تهدف إلى تحسين صورتها في البلدان المستعمَرة، خاصة دول العالم الإسلامي، من خلال السعي إلى إرجاع الأمير إلى بلده وإطلاق سراحه، بالنظر للسمعة والرمزية التي كان قد تمتع بها رمز كفاح الشعوب المستضعفة في مختلف بقاع العالم.
وبين الاختلاف القائم على هذا الصعيد، تتباين القراءات والآراء أيضا على صعيد تسمية ما حدث أثناء توقف الباخرة التي كانت تقل الأمير ابن عبد الكريم ببورسعيد بأرض الكنانة، تسمية تختلف وتتوزع ما بين اعتبار الأمر على أنه "نزول" و"هروب"، وبين القول بأنه "لجوء سياسي"، وتأكيد من جانب آخر على أن الأمر يتعلق ب "إنزال" محبك و"اختطاف" مقنن،...إذ أن هناك غموض كبير يحوم حول الكثير من ملابسات إنزال الخطابي بمصر، بعد أن بعث أحد اليمنيين برسالة من عدن، حيث كانت قد توقفت الباخرة التي تقله، إلى الفلسطيني محمد علي الطاهر يخبره فيها بأن الباخرة "كاتومبا" ستمر عبر قناة السويس وعلى متنها الزعيم محمد بن عبد الكريم، حيث أبلغ محمد علي بدوره المغاربة الذين كانوا يتواجدون بالقاهرة إذاك، ومنهم على سبيل الذكر: ابن عبود وعبد الكريم غلاب وعبد المجيد بنجلون..الخ، حيث بدأت ترتيبات الإنزال المذكور من طرف هؤلاء، وقد اختلفوا في روايتهم لما حدث !
ما يهم من ذلك كله، ونحن نعيش الذكرى الخمسينية لرحيل البطل الهمام، هو أن ابن عبد الكريم حتى وإن تخلص من رقبة المنفى الإجباري السحيق الذي وضعته فيه المستعمرَة فرنسا، بعد وصوله إلى مصر الملك فاروق حينذاك، فإنه لم يستطع التخلص من قدر المنفى الاضطراري الذي لازمه بقية حياته، بل وحتى بعد مماته وهو يرقد في مقبرة العباسية بالقاهرة، بعد أن حرم ولو من شبر من الأرض التي كافح من أجل تحريرها واستقلالها ! منفى يمتد لأزيد من 87 سنة، أي منذ رحيله عن الريف سنة 1926.
إنها، إذن، قصة استثنائية لمحارب ورمز وبطل استثنائي مع المنفى الإجباري والاضطراري. فهل يا ترى سيأتي اليوم الاستثنائي الذي سيعانق فيه الأمير الهمام وطنه؟ ذلك في حكم المحال، لو استمر الأمر على ما هو عليه. فرحم الله شيخ المقاومين وزعيم الشهداء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.