أثار حادث الاعتداء الذي تعرضت له مساعدة في العلاج خلال مداومتها بمصلحة العزل الصحي الخاص ب"كوفيد-19′′ بالمركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني بالداخلة من طرف مرافقي أحد المرضى، يوم الجمعة الماضي، استنكارا واسعا في صفوف الأطر الصحية. وراسلت النقابة الوطنية للصحة العمومية وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، محملة إياه مسؤولية "التدهور الخطير والانحدار الشديد الذي يعرفه القطاع من جراء تقصير وزارة الصحة في معالجة مشاكل الأطر الصحية وتركها في مواجهة مفتوحة مع المواطنين الغاضبين بسبب تدني الخدمات الصحية وضعف الكثافة الطبيبة والتمريضية، ومحدودية العرض الصحي، وغياب أدوات ومستلزمات العمل، والاكتظاظ وطول المواعيد". حمزة الإبراهيمي، الإطار النقابي بالقطاع الصحي، قال إنه على الرغم من كون الأطر الصحية منهمكة بكل قواها وقوتها في التصدي والإسهام بكل تضحية ونكران للذات في دحر وباء "كوفيد-19′′، "إلا أن ذلك لم يشفع لها من التعرض للاعتداءات والتهجم بالعنف الجسدي واللفظي أثناء قيامها بواجبها المهني". وأضاف الإبراهيمي في تصريح لهسبريس، قائلا: "نحمل وزير الصحة والحماية الاجتماعية مسؤولية هذا التدهور الخطير والانحدار الشديد الذي يعرفه القطاع من جراء تقصير وزارة الصحة في معالجة مشاكل الأطر الصحية وتركها في مواجهة مفتوحة مع المواطنين الغاضبين". وتابع: "لقد استمرت شكوى المهنيين بالتعرض للاعتداءات بشكل كبير، علما أن الأزمة الصحية المنبثقة عن الوباء أكدت لعموم المواطنات والمواطنين أن الأطر الصحية مغلوب على أمرها وهي الحلقة الأضعف في ظل منظومة صحية متجاوزة ومتهالكة". واعتبر أن "لحظة الاعتداءات هي مدخل الحقيقة التي طالما اشتكت وحذرت منها الأطر الصحية والهيئات النقابية لسنين عديدة"، مبرزا "التناقض بين الخطاب والرسالة الرسمية للمسؤولين المتعاقبين على القطاع والواقع المزري الذي يصدم به يوميا المواطن والمرتفق بالمؤسسات الصحية الاستشفائية والوقائية، الحضرية منها والقروية". وأكد الإبراهيمي أن حجم الضغط النفسي وعدم الرضى عن العرض الصحي وجودة الخدمات، وطول المواعيد، وافتقار بنيات الاستقبال الصحية للمعدات والأدوية، والنقص الحاد في مقدمي العلاجات، والمطالبة بالأداء، "كلها أسباب أدت إلى توتر العلاقة بين المواطنين والأطر الصحية، وكان من نتائجها الآلاف من حوادث الاعتداء الجسدي واللفظي التي خلفت ندوبا جسدية ونفسية عميقة لدى مهنيي الصحة، وأدت مما لا شك فيه إلى رغبة العديد منهم مغادرة سفينة القطاع بحثا عن أفق مهني أرحب، سواء بالقطاع الخاص الذي تعد فيه الاعتداءات (في موقف غريب جدا) محدودة جدا، أو الهجرة خارج المغرب". وأدان المتحدث "ظاهرة الاعتداءات الجسدية واللفظية وتزايد حوادث العنف داخل المؤسسات الصحية على امتداد التراب الوطني بشكل يومي ومستمر، دون أن يظهر أي أثر أو تضامن ملموس من طرف السلطات الصحية، حيث نسجل بكل أسى تملص مصالح الوزارة محليا، جهويا ومركزيا من مواكبة ودعم ومؤازرة ضحايا الاعتداءات، وكذا غياب أي مقاربة فعلية للتصدي والحد من التنكيل المستمر واستباحة حرمة وكرامة الأطر الصحية بشكل فضيع في جميع المستشفيات والمراكز الصحية الحضرية والقروية". وعبرت المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة الداخلة-وادي الذهب عن إدانتها للاعتداءات المتكررة على مهنيي الصحة أثناء قيامهم بعملهم، معلنة أنها قررت متابعة المعتدين ومقاضاتهم. وقال ائتلاف 190 من أجل عالم شغل خال من العنف والتحرش: "يكاد يصبح العنف الممارس على شغيلة قطاع الصحة معتادا. مرة أخرى تتعرض ممرضة بالمستشفى الجهوي بالداخلة وادي الذهب إلى العنف والتعسف من طرف ابن أحد المرتفقين، حيث ضربها بطريقة هستيرية على مرأى ومسمع شهود سجلوا فيديوهات له وهو يركلها ويجرها من شعرها". وطالب الائتلاف وزير الصحة والحماية الاجتماعية بأن يعمل على حماية الشغيلة الصحية من التذمر النفسي والعنف الجسدي اللذين يمارسان عليها، داعيا النيابة العامة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمتابعة الجاني. من جانبها، دقت الجامعة الوطنية للصحة ناقوس الخطر بسبب ما أسمته "غياب أي استراتيجية وطنية حقيقية لحماية موظفات وموظفي قطاع الصحة والحماية الاجتماعية، وذلك على جميع المستويات القانونية والتنظيمية". وقالت النقابة ذاتها: "بقي الأمر كما هو عليه، لنتفاجأ في كل وقت وحين بحوادث تعنيف وضرب وسحل لأطر قدموا الغالي والنفيس في ظل عدم قدرة المسؤولين المحليين حتى على التخفيف النفسي على ضحايا الاعتداءات".