هؤلاء أهم النجوم الذين يُتوقع اعتزالهم بعد يورو 2024    الجيش الإسرائيلي تسبب في مقتل أزيد من 200 فلسطيني في عملية تحرير 4 رهائن    إقصائيات كأس العالم 2026 (المجموعة السادسة/الجولة الثالثة) .. غامبيا تفوز على السيشل (5-1)    الدريوش.. حادثة سير بين شاحنة وسيارة وسط بوفرقوش ترسل شخصين للمستعجلات    حوارات جامعة القاضي عياض تسلط الضوء على السياحة في مراكش وما بعدها    صحافة بيروفية: موقف البرازيل من مغربية الصحراء يعري فشل أطروحة الانفصال    شلل بمستشفيات المغرب بعد تصعيد 8 نقابات صحية    ماذا يحدث لجسم الإنسان حال الإفراط في تناول الكافيين؟    إدارة السجن المحلي الأوداية تنفي ما تم ترويجه بخصوص وفاة سجين بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش    دولة إسلامية تغير موعد عيد الأضحى    موسم الحج 1445: السلطات السعودية اتخذت جميع التدابير لضمان سلامة وأمن ضيوف الرحمان    حسم الصعود للقسم الوطني الأول يتأجل بين الدفاع الجديدي والكوكب المراكشي    وفاة الأمين العام ل"مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار عن عمر ناهز 53 عاما    بايرن ميونخ يحسم في مصير مزراوي مع النادي    حزب التقدم والاشتراكية يربط "التعديل الحكومي" بضرورة إصلاح المقاربات    قيمة "الأسود" تتجاوز 400 مليون يورو    الأمن يفكك عصابة مخدرات بالرشيدية    "موازين" يتيح اللقاء بأم كلثوم مرتين    "التراشق بالبالونات" يشهد التصعيد على الحدود بين الكوريتين    استطلاع: الرضا عن خدمات الصحة يتضاعف بالمغرب .. والفساد يخلق الاستياء    وزارة الصحة تعلن حالة وفاة ب"كوفيد"    4170 مستفيدا من منحة الحج لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين    يوم إفريقيا ببوليفيا: المبادرة الأطلسية تعكس التزام المغرب الثابت بالتعاون جنوب-جنوب    زياش والنصيري يعتذران للركراكي أمام لاعبي المنتخب المغربي    "لبؤات U17" يخسرن أمام زامبيا في تصفيات المونديال    "زمن قياسي".. الجزائر تسحب سفيرها في مصر بعد يوم واحد من تسليم أوراق اعتماده    فرنسا.. مرشحة تبلغ من العمر 9 سنوات تجتاز امتحانات البكالوريا    "فوكس" المتطرف يصر على تصعيد التوترات بين إسبانيا والمغرب بسبب مليلية        الحج 2024: خمسة آلاف طبيب يقدمون الرعاية الصحية للحجاج عبر 183 منشأة    مطالب بصرف الدعم الاجتماعي قبل عيد الأضحى    ظهور جثة لاعب كرة قدم من مرتيل بعد محاولة فاشلة للسباحة إلى سبتة    أربع أندية أوروبية تتنافس على نجم البطولة المغربية    الفنان خالد بدوي يستحضر فلسطين في المهرجان الدولي للعود في تطوان    السلاح المغربي المتطور يغري الرئيس التونسي قيس سعيد    خبراء برنامج "نخرجو ليها ديريكت": المغرب مقبل على أغلى عيد أضحى في تاريخه بسبب ارتفاع الأسعار    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    بعد منعها من الغناء بتونس.. نادي الفنانين يكرم أسماء لزرق    الباحثة أمينة الطنجي تحصل على شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا بتطوان    بووانو: ما قامت به الحكومة ليس إصلاحا للمقاصة بل زيادة في الأسعار فقط    الأمم المتحدة تقرر إدراج جيش الاحتلال الإسرائيلي على "قائمة العار"    استئناف المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمريكي سيتم في الأيام المقبلة    الإيسيسكو تستضيف أمسية فنية للاحتفاء بمدينة شوشا عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة: "متى يحل عهد أفريقيا" لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    لاغارد: مصاعب ترتبط بكبح التضخم    أداء "روبوتات الدردشة" كأداة تعليمية يسائل الفرص والعقبات    السلطات الدنماركية توقف رجلاً اعتدى على رئيسة الوزراء في كوبنهاغن    مشروع مبتكر .. اطلاق أول مشروع مبتكر الالواح الشمسية العائمة بسد طنجة المتوسط    كيوسك السبت | المغرب سيشرع رسميا في إنتاج الغاز المسال مطلع 2025    ارتفاع مؤشر أسعار الأصول العقارية بنسبة 0,8 في المائة برسم الفصل الأول من 2024    الأشعري في قصص "الخميس".. كاتب حاذق وماهر في صنع الألاعيب السردية        الأمثال العامية بتطوان... (619)    وفاة أول مصاب بشري بفيروس "اتش 5 ان 2"    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    فيتامين لا    الدكتورة العباسي حنان اخصائية المعدة والجهاز الهضمي تفتتح بالجديدة عيادة قرب مدارة طريق مراكش    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش الفرنسي يدخل إلى تندوف
نشر في هسبريس يوم 17 - 11 - 2021

حينما تعجز عن تسيير الدولة وفق الأعراف الديمقراطية الكونية، وتنفضح أمام الداخل والخارج –وقد أصبحا مطبخا واحدا – فمارس هواية صنع الدول وفق المقاييس التي تروق لك؛ ومنها:
ألا يمشي أحد في دولتك الملفقة إلا بأحذية ثقيلة.
وألا يكون ورش الصناعة في خرائطك الأصلية؛ حتى لا ينقلب السحر على الساحر؛ وتظهر أعناق أخرى قبائلية وطارقية وحتى أباضية خارجية.
حتى وأنت تتمتع بغنيمة تندوف، وتدعيها لك؛ تقر من حيث لا تقصد بأنها ليست لك. السياسة خداعة وحمالة أوجه.
مارس هواياتك كما تشاء، أيها النظام العسكري المتعفن؛ ما دمتَ بغير أخلاق الفرسان.
لكن التاريخ يشاء أيضا، وله منطق لا تعرفه؛ وهو يشاء ما لا تشاء..
ولا بأس أن أعيد تذكيركم، من جديد، ببعض خرائط هذا التاريخ؛ كما رسمها المستعمر، وأفسد بها التاريخ والجغرافيا معا.
العنف الذي لا ينحني إلا للعنف
ستظل جزائر الأحذية الثقيلة، الجاثمة بكلكلها فوق الجسد الشعبي الجزائري المثخن، ترفع في وجه المطلب الحدودي المغربي –وقد شُبه لها أنها قتلته ودفنته في الصحراء الشرقية-اعتراضها الخبيث والغادر: استقرار ا لحدود الموروثة عن الاستعمار؛ وهو القرار الذي تبنته منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1964، لتقطع به دابر الصراعات الحدودية بين الدول الإفريقية الحديثة العهد بالاستقلال. إن كون هذا القرار جنب القارة الكثير من الحروب الحدودية لا يعني أنه سليم.
ومهما يكن فان ما كان بين المغرب والجزائر من انصهار قديم، وما هو قائم بينهما من روابط عديدة، ولو نائمة؛ ومعاناتهما من المستعمر نفسه، ومعرفتهما الدقيقة بخرائطهما؛ يضاف إلى هذا تميزهما الحضاري الواضح عن الدول الإفريقية السوداء، التي كانت تعاني من توترات الحدود، والتي استدعت سياسة ارتكاب أخف الأضرار، باعتماد مبدأ جائر؛ يُسكت البنادق لكنه لا يزيل الألغام؛ كل هذا يجعل من إدلاء الجزائر – استكبارا- بخرائط المستعمر خطابا غامضا، يظهر خلاف ما يضمر.
ويؤكد هذا الخطاب أن الجزائر العميقة لا تزال تنهل من مدرسة المستعمر التي ما كانت لتغادرها –مكرهة- لولا الدروس التأطيرية ودعم حركات التحرر في العالم، ومنها الحركة الوطنية المغربية، التي نبهت الأشقاء إلى أن قدرهم ليس أن يظلوا مستعمَرين.
هم الذين قهرهم الاستعمار التركي، وجفف لقرون كل منابع الوطنية الأصيلة فيهم، والثقافة المغاربية، حتى بدت لهم عساكر فرنسا الكولونيالية وكأنها ملائكة الرحمة حلت بسمائهم.
علمتهم مدارس الحاكم العام الفرنسي كيف يقنعون ويفخرون بكونهم فرنسيي الدرجة الثانية؛ واختاروا لنا من الأسماء "لمراركة" حتى ترتسم حدود عالمين منفصلين لا شيء يجمع بينهما.
وحينما استعادت الأوكار الاستعمارية بأروبا طيورها الجارحة، تمسكوا هم بدفاتر التربية الاستعمارية، وبمداد الحقد على الجيران المغاربة، الذين بددوا لذتهم – بل وهْمَهم- وأيقظوهم من حلم وردي عمر مائة وثلاثين عاما، وأقاموا للوطنية جامعات لا قبل لهم بها ولأحلامها المغاربية. حقد سيظل متواصلا، تواصل دولة العسكر؛ وما الحدود والصحراء إلا حلقتين في مسلسل طويل ابتدأ سنة 1830، واضطر مخرجه إلى استبدال أبطاله، ومسار أحداثه، في 5 يوليوز 1962.
ولعلهم حينما يعضون بالنواجذ على "الحدود الموروثة عن المستعمر" ينساقون – وإن لا شعوريا- مع وهمهم إلى مداه المرضي؛ ويمارسون فرنسيتهم المستنسخة؛ وهم يتمسكون بمدن وصحاري مقتطعة من المغرب؛ يعرفونها كما يعرفون أبناءهم . وقد صدق ابن خلدون حينما أكد أن المغلوب منقاد أبدا للغالب. وهم هنا غير منقادين فقط بل متماهون معه.
لم يستفيدوا من فرانتز فانون F.FANON شيئا، على الرغم من فرنسيته ونضاله ضد الكولونيالية، ممارسا نُصرة لم يرغبوا فيها؛ لأنهم يفضلون أن يكونوا مع الأسود – ولو وجبة دسمة- على أن يكونوا مع مغاربيين مستضعفين.
"إن الكولونيالية ليست آلة للتفكير، ولا جسدا يحكمه المنطق. إنها العنف في شكله البدائي المتوحش؛ ولا يمكن لها أن تنحني إلا أمام عنف أقوى."
فانون: المعذبون في الأرض.1961
غادرت فرنسا الجزائر، لكننا ما زلنا نعاني من عنفها الذي يرفع الراية الجزائرية اللاشعبية.
متى دخلت فرنسا إلى تندوف المغربية؟
ما زلت مقيما في الأرشيف الرقمي الفرنسي الاستعماري، المدني والعسكري؛ مما مكنني من إصدار كتابي "من أسرار الأرشيف الاستعماري الفرنسي". أرافق العلماء وحملات الاستكشاف والتطويع، ورحلات المخبرين والمغامرين لأكمل ملء بياضات كثيرة في تاريخنا الحديث؛ ولأفهم لماذا يصر قادة الجزائر على أن يتحدثوا معنا بلغة استعمارية ظالمة، حينما يتعلق الأمر بصحرائنا الشرقية، وبلغة حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، حينما يتعلق الأمر بصحرائنا الغربية؟
في إطار محاولة الفهم هذه، رافقت فرقة عسكرية فرنسية، بقيادة قبطان فرنسي، في رحلة استكشاف الصحراء المغربية. أنجزت الرحلة سنة 1925 ومكنت عسكر فرنسا من الوصول –لأول مرة- إلى مدينة تندوف؛ التي سبق أن عثرت بخصوصها على أوراق قديمة لعالم الصحراء تيودور مونود يتحدث فيها عن ثلاث مدن مغربية بتندوف؛ وقد نشرت سابقا موضوعا بهذا العنوان.
من 1830، سنة استعمار الجزائر، إلى 1925، قرابة قرن من الزمان، يقوم شاهدا على من يملك تندوف؛ ومن اختطت قوافله مسار مراكش تومبوكتو، المؤثث بعشرات المراكز والآبار؛ وبآلاف الحكايا والقصائد الصحراوية التي ترسم خريطة الثقافة التي لا يمكن أن يملكها المستعمر ولا يمكن أن يورثها حتى لتلامذته النجباء.
لنستمع إلى القبطان "لوهيرو"LE HURAUX وهو يتحدث:
"في إطار تنسيق الجهود الرامية إلى تهدئةpacification الصحراء الغربية، انعقدت بمراكش, في يناير 1925، ندوة حضرها ممثلو الدول الثلاث المعنية بالمسألة: إفريقيا الغربية الفرنسية، المغرب والجزائر.
تقرر في هذه الندوة أن تقوم فرقة الجمالة العسكرية méhariste بحملة استكشاف في منطقة تندوف، التي بقيت إلى يومنا هذا خارج نفوذنا. تمت العملية في أبريل وماي 1925 بمساعدة مفرزة detachement قوامها مائة وثلاثون جنديا تحت قيادة القبطان "ريسوت RESSOT"؛ وتتضمن أيضا ثلاثة ضباط، طبيبا، وجيولوجيا هو السيدMENTCHIKOFF.
بعد بلوغ ضواحي "المحجز"، في 9 أبريل، عبرت المفرزة الجزائرية "الداورة"، لتصل إلى "تنفوشي"، التي سبق أن وصلنا إليها، للمرة الأولى، سنة 1920. ومن هناك دخلت منطقة مجهولة تماما من طرفنا، مما جعلها تسلم قيادها لحظها السعيد، ولنباهة دليلها التدجكاني المرافق لها. شرعت المفرزة في عبور جبل الورقزيز محققة، عبر مسارها، تواصلا سلميا مع دواوير قبيلة أولاد عريب.
انطلاقا من بئر "زمول" انحدرت الفرقة الاستكشافية صوب النجود العليا لدرعة، لتصل إلى تندوف في 27 أبريل؛ حيث مكثت ما يكفي من الوقت لتجميع – لأول مرة- الوثائق والمعلومات المتعلقة بهذه المدينة الصحراوية الصغيرة التي ظلت بكراinviolée.
بعد هذا استكشفت "الضاية الخضراء"؛ لكنها أوقفت مسارها صوب الجنوب الغربي، عند بلوغها بئر "تنوشت"، لأنها وبعد مغادرة تندوف دخلت منطقة بها – دون شك- مضارب كثيرة لقبيلة الركيبات.
وقع الاحتكاك مع الركيبات أثناء العودة إلى الضاية الخضراء. لقد استقبل الركيبيون المفرزة بطلقات نارية، لكنهم سرعان ما أوقفوا القتال وفروا مخلفين قطعانهم التي وقعت غنيمة جيدة بين يدي المفرزة.
اتجهت الفرقة الجزائرية، بعد هذا، شمالا وبين يديها غنيمة من أربعمائة (400) جمل وناقة؛ لتعبر مرة ثانية جبال الورقزيز/ وصولا إلى "تبلبالة" tabelbalaفي 19 ماي؛ بعد أن قطعت أكثر من 1600 كلم، على مدى 43 يوما.
كان لهذه الجولة الاستكشافية الرائعة انعكاس مهم على كل المنطقة التي لم تخضع بعد؛ فإذا استثنينا "تنفوشي" مناطق الورقزيز، النجود العليا لدرعة؛ فإن تندوف والضاية الخضراء لم يحصل أبدا أن استكشفتا من قبل.
يضاف إلى هذا أن أعمالا مهمة أنجزت خلال هذا الاستكشاف، من المناسب أذكر منها: تجميع عينات طوبوغرافية، وإنجاز تصميم لتندوف، ودراسة جيولوجية مع تجميع عينات، وكذلك دراسة نباتيةbotanique؛ وأخيرا دراسة حول تندوف والتادجاكنتيين.
خلال هذا الربيع نفسه من سنة 1925، أنجزت مجموعة "توات" استكشافا حول الحافة الغربية ل"العرك شاش"؛ معتمدة فرقة متنقلة بقيادة اليوتنان Flye Sainte Marie.
على مدى أربعة أشهر، قُطعت فيها مسافة 2000كلم مشيا، عبر الفيلق منطقة "العرك شاش" بالغة الصعوبة، ووقف على آبار "كريزيم" و"الزميلة" وتارمانانت وتوفورين .
المرجع:
Capitaine Lehureaux : Les français au Sahara ;les grandes reconnaissances.
No 16. juiet 1935
Bulletin trimestriel


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.