مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات.. صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، ممثلة جلالة الملك، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يترأسان بنيس قمة "إفريقيا من أجل المحيط"    الشغب الرياضي يقود ثلاثة شبان للاعتقال بالدار البيضاء    ديستانكت وJul يطلقان أغنية "Princessa"    شركة إيطالية تفوز بعقد ضخم لتطوير البنية التحتية لمشروع القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش    إسبانيا تستدعي دبلوماسيا إسرائيليا    إلغاء لقاء منتخب تونس بالدار البيضاء    كرة القدم.. المنتخب الوطني لمواليد 2000 فما فوق يفوز على تشاد (6-0)    ريال مدريد يضم الموهبة المغربية عبد الله وزان من أياكس    الملك محمد السادس يدعو إلى مراجعة استراتيجية للدور البحري الإفريقي    مفتش شرطة يطلق النار بمدينة فاس    حادثة "تريبورتر" السراغنة: الوزير قيوح يوفد لجنة مركزية من 12 مسؤولا إلى عين المكان    ساحة سور المعكازين تكلف 500 مليون وسلطات طنجة توضح    ارتفاع ليالي المبيت السياحي بالصويرة    رغم غياب الأضاحي.. كرنفال بوجلود الدولي يعود في دورته الثامنة بنفس متجدد وإشعاع عالمي    تشانغشا.. بوابة الصين نحو إفريقيا عبر طريق التجارة الحديثة    التوت الأزرق المغربي.. فاكهة صغيرة بعوائد بملايين الدولارات تغزو الأسواق العالمية    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى عاهلي المملكة الأردنية الهاشمية بمناسبة عيد الجلوس الملكي    المغرب يستقبل تدفقاً غير مسبوق للسياح الصينيين في 2025 مع زيادة قياسية في الحجوزات    مهرجان الدارالبيضاء للفيلم العربي يستقطب نجوم الصف الأول للتحكيم    وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا: الأوضاع الأمنية في طرابلس "مستقرة" عقب تحركات ميدانية في بعض المناطق    "هولوغرام موازين" يشعل الخلاف بين عائلة عبد الحليم حافظ والمنظمين    بما في ذلك الناظور، الدريوش والحسيمة.. الداخلية تحدد موعد الحسم في مقاعد شاغرة ب80 جماعة ترابية        تقرير.. قادة من الوليساريو يتسللون إلى صفوف "داعش" ويهددون أوروبا من داخل الساحل    سيارة أجرة تصطدم ب"رونو كليو" قرب سطيحة.. إصابات وخسائر مادية    إمبرودا: إغلاق المغرب للجمارك دمّر 60% من اقتصاد مليلية    مباراة المغرب وبنين.. التوقيت والقنوات الناقلة    العراق يحظر رواج "الكاش" في مؤسسات الحكومة    بعد نصف عام من "سقوط الأسد" .. سوريا تواصل تشكيل الأحلام المؤجلة    لوس أنجليس تواجه "قوات ترامب"    مشجع يفارق الحياة في نهائي دوري الأمم الأوروبية    رونالدو: لعبت وأنا أعاني من إصابة.. ولا شيء يضاهي هذا التتويج    المغرب يضاعف رهانه على صناعة السيارات الكهربائية: لتصل إلى 60% من إجمالي الإنتاج في أفق 2030    الجامعة الملكية تكرم قدماء "أسود الأطلس" في فاس وتُعزز جسور التواصل بين الأجيال    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    تحطم طائرة تقل 20 شخصا في ولاية تينيسي الأمريكية    كأنك تراه    طفولة مخيمات تندوف بين فكي الدعاية السياسية والإستغلال الإيديولوجي تحت غطاء "عطل في سلام"    دبلوماسية الإنسان للإنسان: مزارعو آيوا يرون في العلاقات المباشرة جسراً لإنعاش التجارة بين الصين والولايات المتحدة    المغرب يحتفي بثقافته في قلب الصين عبر ألحان التراث وإيقاعات الفلكلور    الشركات الأجنبية في الصين تواصل تعزيز تجارتها خلال شهر ماي        تعزية إلى الكولونيل رضوان أحصاد في وفاة شقيقته    موجة حر تقود إلى مأساة في إقليم العرائش: وفاة طفل وشاب غرقًا في حادثين متفرقين    البرتغال بطلة للمرة الثانية بتغلبها على إسبانيا بركلات الترجيح    التحذير من ارتفاع إصابات كوفيد19 بسبب متحور جديد والدعوة لتشديد إجراءات وقائية    مايا تطلق "فحلة".. عمل فني يحتفي بالمرأة التونسية    عيد لصاحبة القبر    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات "كوفيد-19" بسبب متحور جديد وتدعو لتشديد الإجراءات الوقائية    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    صادرات المغرب الفلاحية نحو إسبانيا تسجل رقما قياسيا    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "الربحة"    كلب مسعور تسلل من الناظور يستنفر سلطات مليلية المحتلة    هولندا.. اكتشاف مزرعة سرية وحجز أضاحي في ثاني أيام العيد    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    









تكييف شرعي لبعض وسائل الاحتجاج والتظاهر المعاصرة (ح5)
نشر في هوية بريس يوم 23 - 10 - 2014


هوية بريس – الجمعة 05 شتنبر 2014
* متى يكون للمتظاهرين حكم البغاة؟
تقدم معنا أن الخارجين على الإمام الشرعي إما أن يكون خروجهم:
1) بتأويل ومنعة، فهم: البغاة.
2) أو بتأويل وتكفير للمسلمين، فهم في حكم البغاة عند الجمهور، وهؤلاء هم الخوارج.
3) أو بلا تأويل، فهم: قطاع الطريق.
4) أو بتأويل بغير منعة، فهم: في حكم قطاع الطريق.
فمتى يكون للمتظاهرين حكم البغاة؟
للجواب عن هذا السؤال نحتاج لمعرفة معنى البغي عند الفقهاء، لننظر مدى صحة هذا الإطلاق على المتظاهرين. وسأكتفي بأصحاب المذاهب الأربعة لشهرتها، وانتشارها في العالم الإسلامي.
* "البغي" في المذهب الحنفي:
قال الحصكفي: "البغي لغة: الطلب، ومنه: "ذلك ما كنا نبغي" (سورة الكهف: الآية 46). وعرفا: طلب ما لا يحل من جور وظلم. وشرعا: (هم الخارجون عن الإمام الحق بغير حق) فلو بحق فليسوا ببغاة". (الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 6/314-315).
وقد تقدم من كلام ابن الهمام الحنفي ما يدل على أن الحنفية يشترطون في البغاة: التأويل والمنعة، فإن لم يكن لهم تأويل فهم قطاع طريق، وإن لم تكن لهم منعة فهم في حكم قطاع الطريق واللصوص حتى وإن كان لهم تأويل فيما يصيبون من دماء وأموال.
– قال السرخسي: "وإذا لم يكن لأهل البغي منعة، وإنما خرج رجل أو رجلان من أهل مصر على تأويل يقاتلان ثم يستأمنان؛ أخذا بجميع الأحكام، لأنهما بمنزلة اللصوص. وقد بينا أن التأويل إذا تجرد عن المنعة لا يكون معتبرا؛ لبقاء ولاية الإلزام بالمحاجة والدليل أنهما معتقدان الإسلام، فيكونان كاللصين في جميع ما أصابا". (المبسوط 10/231).
وظاهر قول السرخسي: (إنما خرج رجل أو رجلان…) يدل على أن المنعة تتحقق مع الكثرة.
ويظهر أن الحنفية يجعلون التحيز داخلا في المنعة:
– قال ابن عابدين : "قال محمد رحمه الله تعالى: إذا تابوا أفتيهم أن يغرموا، ولا أجبرهم على ذلك لأنهم أتلفوه بغير حق، فسقوط المطالبة لا يسقط الضمان فيما بينه وبين الله تعالى، وقال أصحابنا: ما فعلوه قبل التحيز والخروج وبعد تفرق جمعهم يؤخذون به لأنهم من أهل دارنا، ولا منعة لهم كغيرهم من المسلمين، أما ما فعلوه بعد التحيز لا ضمان فيه لما بيننا اه.
قلت (القائل ابن عابدين): فتحصل من ذلك كله أن أهل البغي إذا كانوا كثيرين ذوي منعة وتحيزوا لقتالنا معتقدين حله بتأويل سقط عنهم ضمان ما أتلفوه من دم أو مال دون ما كان قائما، ويضمنون كل ذلك إذا كانوا قليلين لا منعة لهم أو قبل تحيزهم أو بعد تفرق جمعهم، وتقدم أن ما أتلفه أهل العدل لا يضمنونه، وقيل يضمنونه وقدمنا التوفيق". (حاشية ابن عابدين 6/322).
ويشترط الحنفية في البغي أن لا يكون خروجا بسبب ظلم الإمام، فإن كان بسبب ظلمه فإنه لا يسمى بغيا، ولكنه لا يجوز مع ذلك، ولهذا لا تجوز إعانتهم على خروجهم.
قال الشِّلْبٍي: "…بيانه أن المسلمين إذا اجتمعوا على إمام، وصاروا آمنين به، فخرج عليه طائفة من المؤمنين، فإن فعلوا ذلك لظلم ظلمهم؛ فهم ليسوا من أهل البغي، وعليه أن يترك الظلم وينصفهم، ولا ينبغي للناس أن يعينوا الإمام عليهم؛ لأن فيه إعانة على الظلم، ولا أن يعينوا تلك الطائفة على الإمام أيضا؛ لأن فيه إعانة لهم على خروجهم على الإمام، وإن لم يكن ذلك لظلم ظلمهم، ولكن لدعوى الحق والولاية، فقالوا: الحق معنا؛ فهم أهل البغي، فعلى كل من يقوى على القتال أن ينصر إمام المسلمين على هؤلاء الخارجين". (حاشية الشلبي على تبيين الحقائق 2/294).
القول بعدم جواز الخروج هو الصحيح الذي دلت عليه النصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، خلافا لما ذهب إليه بعض الحنفية من جواز الخروج على الإمام إن جار، ووجوب إعانة الخارجين عليه، فإن هذا القول خلاف ما عليه أهل السنة من الحنفية، ولهذا قال الطحاوي الحنفي: " قوله: (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة) (الطحاوية مع شرح ابن أبي العز ص379).
قال ابن أبي العز الحنفي في شرح كلام الطحاوي السابق: "وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير، السيئات ومضاعفة الأجور، فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد بالاستغفار والتوبة وإصلاح العمل…".
يتلخص مما سبق أن الحنفية يشترطون في البغي:
1- عدم حصول ظلم من الإمام.
2- التأويل.
3- المنعة وتتحقق بالقوة مع الكثرة والتحيز في جهة.
وعلى هذا فلا يصح تسمية الخارجين في مظاهرة بغاة عند الحنفية إذا كان خروجهم بسبب ظلم الحاكم، فإن كان الحاكم المسلم لا يأذن في التظاهر، لم يكن خروجهم في المظاهرة جائزا عند أهل السنة من الحنفية -وإن لم يسموا هذا الخروج بغيا بسبب ظلم الحاكم- كما يدل على ذلك قول الطحاوي: "ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية".
قال الحصكفي: "… لأن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية فرض فكيف فيما هو طاعة".
قال ابن عابدين محشيا: " والأصل فيه قوله تعالى: {وأولي الأمر منكم} [النساء:59]، وقال -صلى الله عليه وسلم- «اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي أجدع» (الدر المختار مع الحاشية 6/319- الحلاق).
والتظاهر بغير إذن الحاكم المسلم خروج عن طاعته في غير معصية.
فإن لم يكن ظلم من الحاكم، وكان للمتظاهرين بغير إذنه شبهة وتأويل، لم يسم هذا التظاهر عند الحنفية بغيا أيضا وإن كان غير جائز لما تقدم.
فإذا انضاف إلى عدمِ ظلم الحاكم، ووجود تأويلِ المتظاهرين، وجودُ منعة، التي تتحقق بالقوة مع الكثرة والتحيز، انطبق عليهم حينئذ وصف البغي عند الحنفية. والله أعلم.
فمن خرج في مظاهرة من غير إذن الحاكم بسبب ظلم الحاكم لا يكون باغيا عند الحنفية إلا إذا كانت عند الخارجين في المظاهرة قوة وكثرة وتحيزوا عن الحاكم. والله أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.