مونديال الشباب: وهبي يؤكد أن مجهودات اللاعبين والتزامهم يقوي حظوظ الفوز        توقعات أحوال الطقس غدا السبت    فعاليات مدنية تطالب بتكريم المخرج الراحل محمد إسماعيل ابن تطوان    فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام    إسرائيل تبدأ الانسحاب من أجزاء من غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار    الحكومة الإسرائيلية تصادق على اتفاق غزة لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن    مركز حقوقي يطالب الحكومة المغربية بالتدخل لإطلاق سراح معتقلي أسطول غزة    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تدعو لإلغاء عقوبة الإعدام في اليوم العالمي لمناهضتها    المغرب يحبس أنفاسه.. في انتظار خطاب الملك!    المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة يتأهل إلى ربع نهائي المونديال    متوسط عجز السيولة البنكية يرتفع بنسبة 4,44 في المئة من 2 إلى 8 أكتوبر    نقابة تستنكر "التدهور المقلق" للخدمات الصحية بجهة سوس ماسة وتوجه اتهامات للوزارة    ارتفاع أسعار الذهب للأسبوع الثامن على التوالي    فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام 2025    متشرد ينهي حياة تلميذ بتازة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    أرفود تستعد لاحتضان الدورة 14 للملتقى الدولي للتمر بالمغرب    هل تُعاقَب فجيج لأنها تحتج؟    مركز دولي: احتجاجات جيل Z ترفض البنيات السياسية القائمة ولا تقبل النموذج السلطوي السائد    المنتخب المغربي يعادل رقم إسبانيا وألمانيا القياسي ب 15 انتصارا متتاليا    الزعيمة الفنزويلية ماريا ماتشادو تفوز بجائزة نوبل للسلام لعام 2025    محكمة ألمانية تنظر في دعوى جماعية ضد "ميتا" بعد تسريب بيانات    بروكسل تطلب معلومات من منصات إلكترونية بشأن حماية الأطفال    زلزال عنيف بقوة 7.4 درجات يضرب جنوب الفلبين وسط تحذيرات من وقوع تسونامي    انسحاب جزئي لإسرائيلي من قطاع غزة    ولاية أمريكية تنفذ أول إعدام منذ 15 عاماً بحق مدان باغتصاب وقتل مراهقة    قرار يثبّت سعر بيع "الدقيق المدعوم"    "مؤسسة منتدى أصيلة" تصدر كتابا تكريما لمحمد بن عيسى تضمن 78 شهادة عن مسار الراحل    مهرجان فيزا فور ميوزيك يكشف عن برنامج دورته الثانية عشرة        متدخلون يبرزون من نيويورك دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي        تواصل ارتفاع أسعار الأسماك والخضر والفواكه يزيد من إنهاك القدرة الشرائية للمغاربة    تفاصيل فرار متهم أثناء إعادة تمثيل جريمة قتل بطنجة    أشبال الأطلس يطيحون بكوريا ويتأهلون بجدارة إلى ربع نهائي المونديال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يكتب التاريخ ويتأهل إلى الربع النهائي على حساب كوريا الجنوبية    أزمة في مركز تحاقن الدم بتطوان بسبب تراجع مخزون الأكياس الحيوية    انتشال جثة مهاجر جديدة من مياه سبتة    من طنجة إلى "الأطلسي الإفريقي" .. نحو ميثاق للوعي البحري المشترك            القصر الصغير.. البحر يلفظ كميات ضخمة من "الشيرا" واستنفار أمني لتتبع خيوط شبكة دولية    "الترجمة في سياق الاستشراق" .. قراءة جديدة في علاقة المعرفة بالهيمنة    أطعمة شائعة لا يجب تناولها على معدة خاوية        فوز المجري لازلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل للآداب    المؤتمر الوطني الثاني عشر للاتحاد الاشتراكي: من البناء التنظيمي إلى الانبعاث السياسي    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دلالات التقارب المصري مع الانقلابيين الحوثيين
نشر في هوية بريس يوم 23 - 03 - 2015


الإثنين 23 مارس 2015
المراقب للسياسة الخارجية التي تتخذها مصر في عهد ما بعد الثالث من يوليو عام 2013م، يجد أنها متطابقة تمامًا مع سياساتها الداخلية التي اعتمدت على الشرعية الإقصاء والاعتقال خارج إطار القانون.
وتطابق السياستين أمر منطقي تمامًا؛ لأن المخطِّط والقائد وراسم السياسات واحد، وللأسف فإن توجهات السياسة الخارجية المصرية في دول الجوار وخاصة الدول التي بها أحداث ساخنة وملتهبة، كلها توجهات خاطئة وضد الأمن القومي المصري.
فإذا كانت السياسة الخارجية المصرية تعتمد الاشتراك في حصار غزة، ودمغ حركة المقاومة الرئيسة بها "حماس" وجناحها العسكري "كتائب القسام" بأنهما منظمتان إرهابيتان، كما تراهن على شخصية فلسطينية مشبوهة وعميلة وهو محمد دحلان كي تدعوه للحوار وتفاوضه وتقيم معه جسور العلاقات، فإن هذه السياسة الخارجية هي نفسها التي تخاصم الثورة الليبية، وتنحاز إلى دولة القذافي العميقة بقيادة "خليفة حفتر" .. بل ونفذت هجومًا عسكريًّا على مدينة درنة أدى إلى سقوط قتلى مدنيين أبرياء.. بحجة ضرب الإرهاب .. وأيضًا تتحالف مع أحد أعمدة نظام القذافي وهو أحمد قذاف الدم وتقيم معه الحوارات السرية وتمنع محاكمته في مصر كما تمنع تسليمه إلى الثوار الليبيين.
وهذه السياسة الخارجية هي التي تؤيد بشار الأسد وتدعم بقاءه في سوريا وتخاصم فصائل الثورة، وهذه السياسة الخارجية هي التي تدعم الحكومة الشيعية الطائفية في العراق التي تستأصل أهل السنة وتمارس ضدهم جرائم القتل والتهجير القسري والتطهير المذهبي، وهذه السياسة الخارجية هي التي أدارت ظهرها للثورة اليمنية وللرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وأخذت تنسق مع الحوثيين الانقلابيين، ومع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
فقد حملت لنا الأخبار والتقارير، أن الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح أرسل وفدًا إلى القاهرة، برئاسة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا للقاء مسؤولين مصريين للتنسيق بشأن المرحلة الجديدة، قبل أن يتمكن الرئيس اليمني الشرعي عبدربه منصور هادي من مغادرة العاصمة اليمنية صنعاء وهو ما غيَّر المعادلة السياسية كليًّا، وأربك خطط القوم.
لكن الذي كان كاشفًا وفاضحًا هو التنسيق بين النظام المصري والحوثيين، فقد أكد عضو المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله" الحوثية محمد البخيتي، في مقابلة مع صحيفة "الشروق" المصرية، أن هناك لقاءً تم بين ممثلين للجماعة مع السفارة المصرية في اليمن، وأسفر اللقاء عن تفاهمات كبيرة.
ومضى البخيتي يقول: عندما سئل حول الملاحة في باب المندب، بأنها لم ولن تتأثر "لأننا حريصون على تأمينه لكونه ممرًّا دوليًّا وحيويًّا لكل دول المنطقة بما فيها اليمن ومصر، وأي إخلال بأمنه سيؤثر سلبًا على الجميع. كما نحرص على توطيد العلاقات اليمنية المصرية، وليس هناك أي نوايا لغلق ممر باب المندب خصوصًا أن هناك ما يجمعنا بمصر وهو مواجهة الإرهاب المتمثل في القاعدة وداعش" كما قال.
والمؤكد أن وفدًا من جماعة الحوثي قد قام مؤخرًا بزيارة إلى القاهرة لعقد لقاءات مع مندوب اليمن لدى الجامعة العربية ومسؤولين مصريين، لبحث التطورات السياسية اليمنية، وفي محاولة لحشد تأييد بعد زيارات سابقة لطهران وموسكو، فقد أكد عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي عبد الملك العجري أن وفدًا من جماعته وصل إلى القاهرة للقاء مندوب اليمن الدائم بجامعة الدول العربية لبحث آخر التطورات السياسية على الساحة اليمنية ومناقشة كيفية فتح علاقة مع القيادة المصرية لبحث سبل التعاون المشترك، وضم الوفد إضافة لممثلي الحوثيين أعضاء من حزب المؤتمر الشعبي العام، وهو حزب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وأيضًا عن حزب اتحاد القوى الشعبية.
وإذا كانت الخارجية المصرية قد نفت أن يكون الوفد الحوثي قد تم استقباله رسميًّا، بعد أن استشعرت الحرج، فإن المؤكد أن الوفد الحوثي التقى بجهات بالدولة المصرية غير وزارة الخارجية، يمكن أن تكون المخابرات على سبيل المثال.
ومما يؤكد هذا التقارب أن الحكومة المصرية لم تتوقف عند الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة اليمنية، وبينما كانت الدول العربية والأجنبية تسحب سفراءها من صنعاء، وفي الوقت الذي كانت فيه دول مجلس التعاون الخليجي تفتح سفاراتها في عدن، كانت الحكومة المصرية ترسل سفيرها الجديد يوسف أحمد الشرقاوي إلى صنعاء في ظل سيطرة حوثية على العاصمة ومؤسسات الدولة اليمنية، وفي ظل وجود رئيس البلاد الشرعي في عدن.
السفير المصري الجديد أقيم له حفل استقبال وترحيب بالغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة، ومن المؤكد أن الحوثيين وراء تنظيمه، وخلال الحفل أكد السفير على العلاقات المتميزة بين اليمن ومصر ومجالات التعاون في العديد من المجالات، منوهًا بأن الوقت قد حان لإقامة شراكة إستراتيجية بين البلدين!
ولم يكن من قبيل المصادفة إرسال السفير الجديد إلى صنعاء في هذا التوقيت الحساس وفي هذه الظروف المعقدة والانقلابية، حيث تعاني السلطات الحوثية من شبه عزلة من دول الجوار العربية، خصوصًا دول الخليج التي سحبت دبلوماسييها احتجاجًا على الانقلاب والسطو على مؤسسات الدولة، وإنما جاء القرار المصري متناسقًا تمامًا مع الحكومة وفلسفتها في الإدارة والتحالفات والعلاقات الخارجية.
السفير المصري الجديد لدى صنعاء أدلى بتصريحات مهمة حملت رسائل شديدة الوضوح للأطراف المعنية، بقوله: إن الأوضاع في صنعاء هادئة وآمنة ولا مشاكل على الإطلاق تواجه البعثات الدبلوماسية، وكأنه هو وحده الذي يرصد ويحلل ويعي دون بقية الدول والسفراء الذين غادروا صنعاء استشعارًا بالخطورة الأمنية.
كما كان السفير غير هازل وإنما يقصد ويعني ما يقول حينما يضيف أن الوقت قد حان لإقامة شراكة إستراتيجية بين مصر واليمن، فلماذا لم تقم مصر هذه الشراكة الإستراتيجية مع الحكومات اليمنية السابقة؟ أم أنها انتظرت حتى يحدث الانقلاب الحوثي فتعلن أنه قد حان وقت هذه الشراكة؟
والعجيب أن الحوثيين الانقلابيين يلعبون على نفس موجة وتردد ونغمة الانقلاب المصري، فعندما سُئل الصحافي اليمني عابد المهذري، المؤيد لميليشيات الحوثي، على شاشة قناة "الجزيرة"، عن قصة استيلاء الحوثيين على طائرات الجيش اليمني روسية الصنع، أجاب: دعوني أولًا أهنئ النظام المصري بنجاح ضرباته الجوية على ليبيا، وأقدم التعازي في الضحايا الأقباط، وحينما لفت المذيع نظره إلى أن هذا ليس موضوع النقاش، واصل الرجل: إن السفير المصري الجديد في صنعاء أكد اليوم عمق الروابط بين النظام المصري ونظيره الحوثي، وأعلن أن الحوثيين لا يشكلون أي تهديد لمصر عند باب المندب.
أحد المتحدثين باسم الحوثيين تحدث أكثر من مرة عن الرابط المشترك الذي يربط جماعته بالنظام المصري، وخاصة بعد أن ضربت الطائرات المصرية مدينة درنة الليبية، انتقامًا لمقتل الأقباط السينمائي على يد "داعش"، فقال: إن الحوثيين يواجهون إرهاب تنظيم "القاعدة" في اليمن، كما يواجه النظام المصري تنظيم "داعش" في مصر وليبيا، ونسي هذا المتحدث الحوثي أنه قد قلب الأمور وخلط الأوراق والحقائق، ونسي أن جماعته جماعة انقلابية وأن الانقلابي إرهابي بجداره.. بل هو أخطر أنواع الإرهابيين، لأنه استخدم السلاح في فرض إرادته على رئيس منتخب وفي السطو على مؤسسات الدولة، بل وفي سرقة أسلحة الجيش اليمني وإرسالها للتخزين في مستودعات ومقار الجماعة في صعدة.
وإذا كان الانقلاب الحوثي قد قام وتوطدت أركانه برعاية روسية إيرانية، إذ يتزامن تعيين سفير مصري جديد، مع تواتر أنباء عن شحنات سلاح روسية وإيرانية تنهمر على صنعاء، لتثبيت أركان الانقلاب الحوثي، فإن المعلوم هو أن التقارب المصري الكبير بل والتعاون الإستراتيجي بين مصر وروسيا قد أصبح حقيقة يتحدث عنها العالم، كما تؤكد الأنباء أن النظام المصري يقيم جسورًا الآن للحوار وتحسين العلاقات مع إيران.
الخطير في الأمر أن مصر تحاول التنسيق مع المحور الشيعي الروسي ضد المحور السني، وهذا تقزيم لدور مصر، أحد الأقطاب الثلاثة الرئيسة للمحور السني (مصر – السعودية – تركيا)، بل وانقلاب على دورها التاريخي في قيادة المحور السني.
وإذا كان كثير من الخبراء الإستراتيجيين المصريين المؤيدين لسلطة 3 يوليو، يرون أن مصر متخوفة من قيام الحوثيين بإغلاق مضيق باب المندب، وهو ما يؤثر سلبيًّا على مصر وعلى الملاحة في قناة السويس، ولذلك فإنها لن تسمح بإغلاق مضيق باب المندب من قبل الحوثيين وستتدخل عسكريًّا إذا استدعى الأمر، حفاظًا على أمنها القومي والملاحي كما حدث في ليبيا، فإن هذا كلام ليس دقيقًا، ومصر لا يمكنها فعل ذلك، لأنها ستفتح على نفسها جبهة حرب جديدة، بل ستجعل نفسها في مواجهة مباشرة مع إيران.
ومن ناحية أخرى، فإن نجاح الانقلاب الحوثي وسيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب، إنما هو تجلي وانعكاس ونتيجة مباشرة للخطأ المصري والخليجي الفادح في اليمن، الذي ترك المؤامرة الحوثية تكتمل حلقاتها دون أي تدخل، ربما نكاية في إخوان اليمن وحزبهم "التجمع اليمني للإصلاح"، والآن يعض الجميع أنامل الندم.
العقلاء من الخبراء الاستراتيجيين يعتبرون أن خطر الحوثيين أصبح الآن أكبر من خطر تنظيم "داعش"، نظرًا للدعم الإيراني للحوثيين من خلال سيطرتهم على أهم المناطق الحيوية باليمن وفى مقدمتها مضيق باب المندب، الممر الملاحي للبحر الأحمر، بعد استهدافهم لمدينة تعز القريبة من المضيق بعد فرض سيطرتهم على مدينتي ذمار وإب اليمنية.
(المصدر: مفكرة الإسلام).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.