المجلس الحكومي للخميس المقبل يستمع إلى عرض حول "الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2035"    ماكرون يمهل رئيس الوزراء المستقيل حتى مساء الأربعاء لإجراء "مفاوضات أخيرة"    98 منظمة حول العالم تطالب بالإفراج عن نشطاء أسطول الصمود.. ودعوات لتدخل رسمي من أجل حماية عزيز غالي    ثقة إفريقية مطلقة بالمغرب.. موتسيبي: المملكة جاهزة لتوقيع أنجح نسخة في تاريخ الكان    أكرد يتعرض لمحاولة اعتداء بمطار مارينيان الفرنسي    وزارة الصحة تحيل ملف وفيات مستشفى أكادير على القضاء وتوقف المعنيين مؤقتاً    مأخوذة من فيلم تمثيلي.. مصدر أمني: صفحات وحسابات أجنبية تنشر صورا ومقاطع فيديو مضللة على أنها أعمال عنف وتعذيب مارسها موظفو الأمن ضد المتظاهرين    بعد إعلان وزير الصحة توقيف دعم المصحات.. تفاصيل مرسوم يخصص 30 في المائة كدعم للاستثمار    دراسة: فحص بسيط يكشف عن خطر الإصابة بالخرف قبل عقود من ظهور الأعراض    انعقاد المؤتمر المحلي لحزب الاستقلال بمدينة إمزورن تحت شعار: "المقاربة التشاركية أساس التنمية المحلية"    منتخب U17 يستعد للمونديال في السنغال    غالي وبنضراوي واعماجو: سفراء مغاربة للضمير الإنساني.. تحرك يا بوريطة    المغرب ضمن أكثر عشر دول استقطابا للاستثمارات الأجنبية في إفريقيا    أرباب المصحات الخاصة ينفون استفادتهم من أي دعم حكومي ويطالبون وزير الصحة بنشر لائحة المستفيدين    في ختام تصفيات إفريقيا.. 7 منتخبات على أعتاب حسم التأهل إلى كأس العالم    ‬"القوى التقدمية المغربية" تطلق مُشاورات موسعة قبل محطة "الجبهة الشعبية"    التهراوي ينبه إلى "ممارسات مخالفة" في نقل وتحويل المرضى بالمستشفيات    إسرائيل تعلن ترحيل 171 ناشطا إضافيا    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب    التشكيلي محمد حميدي يودع دنيا الناس    "أكديطال" تنفي تلقي دعم الاستثمار            عاجل.. وزارة الصحة تحيل ملف وفيات مستشفى أكادير على القضاء وتوقف المعنيين مؤقتاً    ضحايا زلزال الحوز يخرجون مجددا للاحتجاج ويتهمون الحكومة بتجاهل معاناتهم منذ عامين    مصيبة.. جماعة الرباط تعتزم تفويت بقعة أرضية كانت مخصصة لبناء دار للشباب ودار للنساء لفائدة البنك الدولي    منح جائزة نوبل في الطب لثلاثة علماء عن أبحاثهم في مجال التحكم في الجهاز المناعي    جماعة الدار البيضاء تطلق مرحلة جديدة من برنامج مدارس خضراء    أصداء السودان تتردد في مهرجان الدوحة السينمائي 2025    توقيع اتفاقية بين الجامعة الملكية المغربية والاتحاد الكوري للتايكواندو    12 عرضا مسرحيا من 10 دول في الدورة الثالثة لمهرجان "جسد" بالرباط    حين تنحسر حرية التعبير... يسهل قلب المفاهيم    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية    "أشبال الأطلس" يصطدمون بكوريا الجنوبية في ثمن نهائي المونديال    منظمة "تجمعية" تشيد بإصلاح الصحة    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    نقلة ‬نوعية ‬حقيقية ‬في ‬الترسانة ‬القانونية ‬المغربية ‬لمكافحة ‬الاتجار ‬بالبشر    مدرب آيندهوفن: "أنس صلاح الدين لاعب ممتاز ويقدم أداءً رائعا"    التصعيد ‬يشتد ‬بين ‬الصيادلة.. ‬ الكونفدرالية ‬تهدد ‬الفيدرالية ‬باللجوء ‬للقضاء ‬    من أصول مغربية.. نعيمة موتشو تتولى وزارة التحول والوظيفة العمومية في فرنسا    مناورات شرقي 2025.. تعاون عسكري مغربي فرنسي لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات العابرة للحدود    الصين تفعل استجابة طارئة بعد اجتياح الإعصار "ماتمو" لمقاطعتين جنوبيتين    المغرب ‬ينتصر ‬في ‬بروكسيل ‬ويكرس ‬الاعتراف ‬الأوروبي ‬بمغربية ‬الصحراء    الزلزولي يقود بيتيس للفوز على إسبانيول (2-1)        توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    عملية إطلاق نار في سيدني تسفر عن سقوط 20 جريحاً            العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنبيه الأنام على فضل قيام شهر الصيام
نشر في هوية بريس يوم 29 - 04 - 2020

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛ فقد اعتاد كثير من المسلمين في شهر رمضان ارتياد المساجد وحضور صلاة التراويح مع الأئمة وسماع أصواتهم الشجية التي كانت تصدح بالقرآن الكريم طوال شهر رمضان المبارك، وكان ذلك مما يسهل عليهم مشقة صلاة القيام، بل يستعذبونها وبعض الناس تنشط نفوسهم إلى العبادة إذا كان الإقبال عليها جماعيا، وقد تكسل إذا انفردت بالطاعة.
وأكثر المسلمين هذا العام لم يتمكنوا من أداء صلواتهم في المساجد بسبب ظهور هذا الوباء الفتاك – نسأل الله عز وجل أن يرفعه عنا وأن يرحمنا برحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه- وهذا مما قد يجعل البعض منا قد يتكاسل عن صلاة التراويح أو صلاة القيام في بيته بمفرد أو مع أهل بيته لذا أحببنا أن نذكر أنفسنا وإخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات بفضل هذه العبادة خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بفضل القيام فيه بقوله: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».[1] ولكي لا نضيع هذه العبادة في شهر رمضان أقف بعض الوقفات الآتية:
أولا: حث القرآن على صلاة القيام
لقد ورد الحث على قيام الليل في آيات كثيرة من القرآن الكريم منها قوله تعالى ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾[السجدة: 16] قال ابن كثير "يعني بذلك: قيام الليل، وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة."[2] وقال تعالى في وصف عباد الرحمن ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾[الفرقان: 64-65] "في الآية مدح قيام الليل والثناء على أهله، وفي قوله لِرَبِّهِمْ إشارة إلى الإخلاص في أدائها وابتغاء وجهه الكريم."[3] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ثانيا: ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة التراويح
رغب النبي صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان، وبين لهذه الأمة ثمرات وفوائد من جاهد نفسه لأداء هذه العبادة فمن هذه الفوائد:
1-دخول الجنة: سأل أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَنْبِئْنِي بِعَمَلٍ إِذَا أَخَذْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَالَ: «أَطِبِ الْكَلَامَ وَأَفْشِ السَّلَامَ وَصِلِ الْأَرْحَامَ، وَصَلِّ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، ثُمَّ ادْخُلِ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ»[4]
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الغرف التي أعدها الله تعالى لمن داوم على قيام الليل
عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا»، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هِيَ لِمَنْ قَالَ طَيِّبَ الْكَلَامِ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ»[5]
2- مغفرة الذنوب: فمن ثمرات قيام ليالي رمضان مغفرة الذنوب قال صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
3- من داوم على صلاة التراويح في رمضان كان له أجر الصديقين والشهداء: منزلة الصديقية ومنزلة الشهداء عظيمة عند الله تعالى والموفق من وفقه الله تعالى والمحروم من حرم نفسه من هذا الخير العظيم هذه الاعمال قليل الا ان اجرها عظيم عند الله سبحانه وتعالى وقد قال ربيعة الجرسي" إِنَّ اللهَ جَعَلَ الْخَيْرَ مِنْ أَحَدِكُمْ كَشِرَاكِ نَعْلِهِ، وَجَعَلَ الشَّرَّ مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ وَمِمَّا يُعَدُّ مِنْ مَسَانِيدِه"ِ[6] وفي ثواب قيام رمضان يخبر النبي صلى الله عليه وسلم الرَجُلَ الذي جاء يسأل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأَدَّيْتُ الزَّكَاةَ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَقُمْتُهُ، فَمِمَّنْ أَنَا؟، قَالَ: «مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ»[7]
4- قيام الليل شرف المؤمن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «شرفُ المؤمنِ قيامُ الليلِ»[8]
" وسبحان الملك!، هذا سبيلٌ يتشرف به الإنسان ليكون عند الله شريفًا، وإن البحث عن هذه الصفة، والانشغال بالوصول إليها، والانتساب إلى هذا الاسم؛ لواجب حتم على كل من يبتغي الرفعة؛ فهيا إلى قافلة الشرفاء، وواظب على قيام الليل تكن من الشرفاء."[9]
5– من قام رمضان لم يكتب من الغافلين
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ من المقنطرين»[10] فهذه "رحمات الله قريبة في متناول يدك تطلب إليك قطفها، قيام الليل بعشر آيات فحسب كاف ليخلع عنك ثوب الغفلة، فإن واصلت إلى المائة ألبسك ثوب القانتين، فإن ذقت حلاوة الوصال فأتممت الألف خلع عليك خلع المقنطرين.. سبحانه ما أعظم كرمه وما أسخي جوده، ألا فتعرضوا نفحات الكرم والجود يا معشر الفقراء."[11]
ولأجل هذه الفضائل العظام كان سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام يوقظ أهله ويحث أصحابه ويرغب أمته على قيام الليل فعن علي بن أبي طالب أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمَا: «أَلَا تُصَلِّيَانِ؟» قَالَ عَلِيٌّ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:144] حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ لَهُ، وَلَمْ يُرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] "[12] "قال الطبري لولا ما علم النبي صلى الله عليه وسلم من عظم فضل الصلاة في الليل ما كان يزعج ابنته وبن عمه في وقت جعله الله لخلقه سكنا لكنه اختار لهما إحراز تلك الفضيلة على الدعة والسكون امتثالا لقوله تعالى وأمر أهلك بالصلاة"[13]
ثالثا من روائع القصص
كان الصحابة والصالحون من هذه الأمة يستعذبون قيام الليل
فقد روى أبو داود عن جابر، قال: خَرَجْنا مَعَ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم -يعني في غَزوةٍ ذاتِ الرَّقاع- فأصابَ رجلٌ امرأةَ رجلٍ من المُشركينَ، فحَلَفَ أن لا أنتهي حتَّى أُهريقَ دماً في أصحابِ محمَّد، فخرجَ يَتبَعُ أثَرَ النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، فنزلَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – مَنزِلاً، فقال: "مَن رجلٌ يكلؤُنا؟ " فانتَدَبَ رجلٌ من المُهاجِرينَ ورجلٌ من الأنصارِ، فقال: "كُونا بفمِ الشِّعْب" قال: فلمَّا خَرَجَ الرجلانِ إلى فمِ الشِّعب واضطجَعَ المُهاجريُّ، وقامَ الأنصاريُّ يُصلِّي، وأتى الرجلُ، فلمَّا رأى شَخصَه عرفَ أنَّه رَبيئةٌ للقوم، فرماه بسَهمٍ فوَضَعه فيه، فنَزَعَه حتَّى رماه بثلاثةِ أسهُمٍ، ثمَّ ركعَ وسجدَ، ثمَّ أنبهَ صاحِبَه، فلمَّا عرفَ أنَّهم قد نَذِرُوا به هَرَبَ، ولمَّا رأى المُهاجريُّ ما بالأنصاريِّ من الدَماء، قال: سُبحانَ الله، ألا أنبَهتَني أوَّل ما رمى قال: كنتُ في سُورةٍ أقرؤها، فلم أُحِبَّ أن أقطَعَها[14]
نام أبو سليمان الداراني فأيقظته حوراء وقالت يا أبا سليمان تنام وأنا أربي لك في الخدور من خمسمائة عام.
واشترى بعضهم من الله تعالى حوراء بصداق ثلاثين ختمة فنام ليلة قبل أن يكمل الثلاثين فرآها في منامه تقول له:
أتخطب مثلي وعني تنام … ونوم المحبين عني حرام
لأنا خلقنا لكل امرىء … كثير الصلاة براه الصيام"[15]
"ويحكى عن مالك بن دينار تجربته قائلا: سهرت ليلة عن وردي ونمت، فإذا أنا في المنام بجارية كأحسن ما يكون، في يدها رقعة فقالت لي: اتحسن تقرأ؟، فقلت نعم، فدفعت الى رقعة فيها:
أَلْهَتْكَ اللَّذَائِذُ وَالأَمَانِي**عَنِ البِيضِ الأَوَانِسِ فِي الجِنَانِ
تَعِيشُ مُخَلَّدًا لاَ مَوْتَ فِيهَا** وَتَلْهُو فِي الجِنَانِ مَعَ الحِسَانِ
تَنَبَّهْ مِنْ مَنَامِكَ إِنَّ خَيْرًا **مِنَ النَّوْمِ التَّهَجُّدُ بِالقُرَانِ"[16]
رابعا:ما يعين على صلاة التراويح والتهجد في رمضان
1-أقلل من طعامك: "جاء رجل إلى محمد بن سيرين فقال له: علمني العبادة، فقال ابن سيرين: أخبرني عن نفسك كيف تأكل ؟ قال: آكل حتى أشبع، فقال: ذلك أكل البهائم، ثم قال: كيف تشرب؟ قال: أشرب حتى أروى، قال: ذلك شرب الأنعام، اذهب فتعلم كيف الأكل والشرب ثم جئ أعلمك العبادة."[17] "حاول أن تقلل من كمية الطعام، فقلة الطعام سحاب، وإذا قل الأكل مُطِرَ القلبُ الحكمةَ، فالواجب على الناصح لنفسه ألا يكثر الأكل، فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام"[18]
2-ترك المعاصي: مع كثرة وسائل الاتصال وسهولة الوصول إلى المعاصي وانتشار الفسق والمجون إلا من رحم الله تعالى تجد بعض المسلمين تصوم بطونهم عن الأكل، ولا تصوم جوارحهم عن المعاصي وقد يشتكى انه لم يوفق إلى قراءة القرآن في رمضان ولا إلى صلاة القيام والسبب في ذلك ما قترف من الاثام فيا أخي ويا أخيتى "لا تحتقب الأوزار بالنهار فتُفْسِد عليك صيامك، وتُقَسِّي قلبك، وتحول بينك وبين قيام الليل.
قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد، إني أبيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعد طهوري؛ فما بالي لا أقوم؟، فقال: ذنوبك قيدتك."[19]
3- الاستعانة بالقيلولة نهارا: بعض الناس يستيقظون مبكرا لعمل أو لغرض ما، وقد يستصعبون القيام بالليل، وقراءة القرآن بالأسحار فهؤلاء يستحب لهم أن يقيلوا بالنهار ليستعينوا بها على قيام الليل.
مر الحسن البصري على نفر في السوق فرأى صخبهم ولغطهم فقال: أما يقيل هؤلاء؟ قالوا لا قال: إني لأرى ليلهم ليل سوء[20]
4- خشن فراشك: يصف أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فراش النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ مَرْمُولٍ بِشَرِيطٍ تَحْتَ رَأْسِهِ وسادةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، مَا بَيْنَ جِلْدِهِ وَبَيْنَ السَّرِيرِ ثَوْبٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عمرٌ فَبَكَى، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يُبْكِيكَ يَا عُمَرُ؟ "قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَّا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، فَهُمَا يَعِيثَانِ فِيمَا يَعِيثَانِ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالْمَكَانِ الَّذِي أَرَى! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا تَرْضَى يَا عُمَرُ أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدنيا، ولنا الآخرة؟ "[21].وهذا مما يعين على القيام أما الفراش الوثير المريح فقد يجلب الكسل لصاحبه والله المستعان.
أسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يقيمون شهر رمضان إيمانا واحتسابا وأن يجعلنا من عتقائه من النار
[1] -رواه مالك في الموطأ، كتاب الصلاة في رمضان باب الترغيب، باب الترغيب في الصلاة في رمضان،(1/113) والبخاري في صحيحه، كتاب الإيمان باب: تطوع قيام رمضان من الإيمان رقم الحديث37(1/16)
[2] – تفسير القرآن العظيم، ابن كثير،ت سامي بن محمد سلامة ط دار طيبة ط/2/ 1420ه (6/363)
[3] – محاسن التأويل،محمد جمال القاسمي ت محمد باسل ط دار الكتب العلميه – بيروت ط/1 – 1418 ه(7/436)
[4] – رواه ابن حبان وأبو نعيم في الحلية كما صحيح الجامع رقم(1019)
-[5] رواه الإمام احمد والترمذي كما في صحيح الجامع رقم(2123)
[6] – حلية الأولياء وطبقات الأصفياء،أبو نعيم الأصبهاني، دار الكتب العلمية- بيروت ط 1409ه(6/106)
[7] -رواه البزار وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، واللفظ لابن حبان.كما في صحيح الترغيب رقم (1003)
[8] -رواه الطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن ينظر: صحيح الترغيب رقم 627
[9] – أسرار المحبين في رمضان،محمد حسين بن يعقوب ط مكتبة التقوى ومكتبة شوق الآخرة ط/1، 1426 ه(201)
[10] رواه أبو داوود، وابن خزيمة، كما في صحيح الجامع رقم6439
[11] – صفقات رابحة، خالد أبو شادي، ط دار البشير، ط1421ه(97)
[12] -رواه البخاري في صحيحه، كتاب التهجد، تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب، رقم 1127
[13] – فتح الباري شرح صحيح البخاري أحمد بن حجر العسقلاني ط دار المعرفة – بيروت، 1379ط(3/ 11)
[14] -سنن أبي داود كتاب الطهارة، باب الوضوء من الدم، ت: شعَيب الأرنؤوط – محَمَّد كامِل قره بللي ط: دار الرسالة العالمية ط/1، 1430 ه رقم الحديث 198 (1/141) قال الارنؤوط حديث حسن
[15] – لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، ابن رجب بن الحسن، ط: دار ابن حزم ط/1، 1424ه(47)
[16] – صفقات رابحة،(95)
[17] -السابق نفسه،(99)
[18] – أسرار المحبين(218)
[19] – السابق نفسه(219)
[20] -صفقات رابحة (99)
[21] – صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري،ت محمد ناصر الدين الألباني ط: دار الصديق للنشر والتوزيع ط/4، 1418 ه(451)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.