احتفاءً بمئوية النادي الملكي للزوارق الشراعية طنجة تحتضن مسابقة دولية في الصيد الرياضي    المخرج نبيل عيوش يغوص في عالم "الشيخات ". ويبدع في فيلمه الجديد الكل "يحب تودا "    وجدة: حين يصبح الحبر مغاربياً    في رسالة لمجلس الأمن.. "بوليساريو" تعتبر مشروع القرار الأمريكي حول الصحراء "منحازاً" وتلوّح بعدم المشاركة في المفاوضات    "اتصالات المغرب" تواصل النمو والتطور    ترامب يعفو عن مؤسس "بينانس" للعملات المشفرة    مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب يوسع دائرة المنع من الترشح للانتخابات    الهلالي ينتخب بالاتحاد الدولي للتايكوندو    لويس إنريكي: حكيمي لا يحتاج إلى بديل    رسميا.. الوداد يعلن ضم حكيم زياش    نزلة برد تؤجل جلسة "محاكمة مبديع"    الملك محمد السادس يبارك عيد زامبيا    نشطاء يطالبون بالأمازيغية على أقمصة المنتخبات وواجهات المنشآت الرياضية    دبوس ماسي لنابليون بونابرت يعرض للبيع في مزاد    على رأسهم بنبركة والمانوزي..مطالب متجددة للدولة بالكشف عن مصير ضحايا الاختفاء القسري    "اتصالات المغرب" تتجاوز حاجز 81 مليون زبون    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن الإمدادات    إنتاج الطاقة الكهربائية في المغرب يرتفع ب5.3% بينما تتراجع الطاقات المتجددة ب11%    حزب "النهج الديمقراطي" يطالب بالإفراج الفوري عن معتقلي حراك "جيل زد" وفتح تحقيق نزيه في وفاة 3 شبان بالقليعة    محاكمات "جيل زد".. 240 حكما بالسجن النافذ وصلت حتى 15 سنة ومئات الأحكام الحبسية بأقل من سنة    الكشف عن صور تظهر أوضاعا قاسية لأسرى فلسطينيين داخل سجن إسرائيلي    الصين تطلق أكبر سفينة شحن كهربائية بالكامل لتعزيز النقل البحري الأخضر    الدوحة..انطلاق منافسات بطولة كأس الأمم للكارتينغ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمشاركة المغرب    المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب يطلق مشروعا لنشر أطروحات الدكتوراه    "كاف" يعلن عن موعد إجراء قرعة دور مجموعات دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية    تحفظات المجلس الأعلى للسلطة القضائية على مشروع قانون الدفع بعدم دستورية القوانين    احتجاجات جيل Z من أين؟ وإلى أين؟    مطالب بالتنصيص القانوني على معاقبة المدارس الخاصة التي ترفض تسجيل أطفال في وضعية إعاقة    أردوغان: على أمريكا والدول الأخرى الضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار    رسميا.. ليونيل ميسي يمدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    لجنة نداء الكرامة بتاونات تصعد من احتجاجاتها وتدعو إلى مسيرة للمطالبة بالتنمية المجالية    توقيف ثلاثة قاصرين بسوق الأربعاء الغرب بعد تعنيف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في مقطع مصوّر    لامين يامال يشن هجوما على الريال قبل الكلاسيكو: "يسرقون ثم يشتكون"    انطلاقة نارية للجولة السادسة من البطولة.. وديربي البيضاء يلهب منتصف الأسبوع    مزارعو الضفة الغربية يجمعون الزيتون وسط هجمات المستوطنين المعتادة بموسم الحصاد    بلدان الاتحاد الأوروبي توافق على الانتقال إلى نظام التأشيرة الإلكترونية الموحدة ل"شنغن"    كيوسك الجمعة | غوتيريش يشدد على اغتنام الزخم الدولي الراهن لحل قضية الصحراء    حادثة سير تودي بحياة شابين ضواحي الجديدة    طقس حار نسبيا في توقعات اليوم الجمعة بالمغرب    الذهب يرتفع قبيل صدور بيانات التضخم الأمريكية    الصين: انتخاب المغربي ادريس الهلالي نائبا لرئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو    أكاديمية المملكة تحتفي بالمسار العلمي الحافل للباحث جان فرانسوا تروان    الخطوط الملكية المغربية تعزز رحلاتها الداخلية نحو الأقاليم الجنوبية للمملكة    وفاة الفنان محمد الرزين إثر معاناته مع المرض    وزارة الأوقاف تعمم على أئمة المساجد خطبة تحث على تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام    الفنان محمد الرزين في ذمة الله    الحكومة تصادق على مرسوم يحدد شروط إنتاج الطاقة الكهربائية ذاتياً    في مديح الإنسانية التقدمية، أو الخطاب ما بعد الاستعماري وفق مقاربة فلسفية ايتيقية    المؤسسات والمقاولات العمومية: استثمارات متوقعة لعام 2026 تقارب 180 مليار درهم    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    الملك محمد السادس يأذن بنشر فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تربية الأبناء بين عقد النبوة وعقدة الأجنبي
نشر في هوية بريس يوم 04 - 04 - 2016


هوية بريس – الإثنين 04 أبريل 2016
تفرض طبيعة العمل أحيانا كثيرة نوعا من التّماس المباشر في دائرة اللقاءات التواصلية مع الكثير من آباء وأمهات وأولياء التلاميذ والتي يمكن اعتبارها بطاقة تعريف مصغرة للغالب من أحوال عموم الناس كما همومهم، فكنت ولا أزال وأنا أتابع استدراكات وانطباعات واستفسارات واقتراحات العديد منهم مدفوعا إلى اجترار ما عقده في إقرار ابن خلدون في مقدمته في فصلها الثالث والعشرين في أن المغلوب مولع بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده، وربما كان الناس في إطار هذا الشعور معذورين من جهة أن النفس البشرية بصفة عامة غالبا ما تعتقد الكمال في من غلبها، وهو ما يعبر عنه تجوزا بعقدة الغالب أو الأجنبي.
ولا شك أنها عقدة يزيد تغولها يوما بعد يوم ويغذي عربدتها إعلام بئيس على رأسه تلفزة مستأجرة يلتهم القيّمون عليها بسوء قصد وخبث طوية أخلاقنا ببرامج تكرس التبعية وتضفي على الوافد الصقيعي الموبوء عناوين التفوق المادي والفكري والتربوي، رغم أن الغرب اليوم يتألم في صمت ويكابد في جلد وصبر، ويعاني من مآلات نظرياته في التربية والحقوق، ويتصاغر في ذل ومسكنة جراء ما وصلت إليه مدنيته من تسفل وتنقص وتنكب أخلاقي مس قيم بشريته وانقلب على ملمح إنسانيته بأشكال من المروق الفطري نربأ بأنفسنا عن التسفل في تفاصيله المأساوية.
وقد يقول السفهاء من الناس أن هذا كائن موجود فينا، فيُرد على هذا التنطع بكون التسليم بوجوده هو من جنس النادر الذي لا حكم له، وأنه لم يظهر إلا في غربة وإغراب، وإلا في صفوف من انسلخت أفعالهم عن سوي الفطرة وخاصم ركزهم التدين في جفوة وعداء.
وليس يدري المرء كيف لمن جعله الله ينتمي إلى أمة موصولة بالله تملك في هذا المقام ما لا تملكه سائر الأمم، أن يحتمي ويرتمي في انبهار وتسليم مطلق في حضن النظريات الحقوقية والتربوية الغربية المتهالكة، مستبدلا الأدنى بالذي هو خير، وهل ثمة خير أفضل وأكمل مما راكمته السيرة النبوية فبلغ نصاب التبرير والتسويغ لضرورة الفزع إلى هذا الميراث النبوي النفيس وما أسسه الرحمة المهداة من قواعد وأسس هادفة مستقاة ومستشرفة من منقبة استيعاب حياته البشرية والدعوية لكل الحالات التي يمكن أن تكون فضاء رحبا تدور في مناخه المعتدل قواعد التربية السليمة وتجلياتها المتسامية.
فقد عاش عليه الصلاة والسلام الفقر والغنى، وتذوق الخوف والأمن، وشهد الهزيمة والنصر، وساكن الضعف وعفا عن قوة ومقدرة، بل تأسست بدايات إشراقات حياته المباركة على اليتم والحاجة والعزوبة، ثم بعدها إلى تاجر أمين وزوج قائد مشرف على إدارة شؤون تسع بيوت من بيوت أمهات المؤمنين.
وهو الذي ساس قومه فتحولوا من رعاء غنم إلى قادة أمم، وهم من هم كما وصفهم جعفر بن أبي طالب قائلا: «كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف…».
إن مبررات الفزع إلى المنهج النبوي في التربية والتعليم هي أكثر وأكبر من أن تعد أو تحصى، ولربما كان الحائل بين الناس وبين هذا الفزع إلى الدواء النبوي هو إغلاق الباب وإيصاد النوافذ استجابة لإحساس النفور والبغض المتجذر في نفوس المتربصين والمناوئين للمنهج الرباني، والمنيبين المتيمين في إخبات لمدنية الغرب وصلبان فكرها، رغم ما سجلته النظم البشرية المطروحة في الساحة هنا وهناك وهنالك من عجز ونقص وعدم قدرة على معالجة حالة الاضطراب ومواجهة الفوضى واليأس والفساد الذي يشهده بالصوت والصورة والرائحة كل النسيج الاجتماعي الغربي ومن يعيشون في كنف فكره الاستغرابي المقيت.
إن الطفل في المجتمع الأول ونقصد به مرحلة النبوة كان ينشأ وسط مجموعة تدين لله بالاستقامة حيث كان أمر التربية موكولا إلى التّماس والاحتكاك المباشر سواء داخل كيان الأسرة أو خارجها مع عنصر القدوة الذي كان بضاعة رائجة يومها، فكان الطفل في مرحلة التلقي والبناء والاكتساب والتزكية يأخذ دروسا لها عمقها ووزنها الفعلي والعملي، في غير اقتصار أو حصر على التوجيه بالخطاب والكلام الذي تنسفه قيم التضاد عند أول اختبار سلوكي للموصي والمربي على مرمى سمع وبصر الطفل المقصود بالتربية.
ولنقرب هذا المعنى بما حصل لعبد الله بن عباس وهو يحكي قائلا: «بت عند خالتي ميمونة فرأيت النبي عليه الصلاة والسلام توضأ وقام يصلي الليل فتوضأت وقمت على شماله فأخذني عليه الصلاة والسلام ووضعني على يمينه وكنت إذا نمت أخذ بأذني».
ولا شك أنه تقريب يعطي الانطباع الإيجابي والنموذجي الذي تربى عليه الغلام عبد الله بن عباس في قضية مكابدة ناشئة الليل ووطئها الشديد وما لذلك من فوائد ومقاصد مباركة طيبة، إنه لنموذج واقعي سعى النبي من خلاله أن يربي عليه ضيفه الصغير، وهو عين ما يشير إليه قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «حافظوا على أبنائكم في الصلاة ثم تعودوا الخير فإن الخير بالعادة» ولا شك أن فلسفة العادة والمنطق الإيجابي للإلف قد غاب عن كثير من الآباء في مقاربة التربية بعناصر التحصيل والتحصين والتقويم.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المتن النبوي في مقام أصول الدين غالبا ما يصرفنا وزنه العقدي كحديث «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك…» عن قوله عليه الصلاة والسلام «يا غلام» وكيف أن النبي عليه الصلاة والسلام يخص عبد الله بن عباس على حداثة سنه في مقام التحمل المستشرف بالأداء والنقل والتخبير بأصل من أصول الدين له وزنه وثقله العقدي ومكانته في مقام قيام الحجة على الناس أجمعين بالإرسال والتنزيل، مؤسسا بهذا التخصيص على سبق وتبكير لأحد أكبر مبادئ التربية ونعني به مبدأ «احترام شخصية الطفل» وجعله في مكانة متقدمة تفتح أمامه هامشا من الاطمئنان والتوازن النفسي الذي يعد الزاد والجرعة التي تصاحب الصبي وتجود عليه بما يحتاج إليه من أنفاس قوية ولحظات ذوقية إيمانية متوازنة ومستوعبة لما هو نفسي ومعنوي وجسدي بخصوص مراحل حياة الناشئة.
وانظر في السياق نفسه إلى هذا السلوك النبوي العظيم وقد جيء للنبي في مجلس عام بشراب أو لبن كما في رواية سهل بن سعد الساعدي فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال عليه الصلاة والسلام للغلام: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال: لا والله يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدا، قال: فتلّه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده» فهل استقبح نبينا عليه الصلاة والسلام إصرار الصبي على البُداءة وبركة السبق وقام بطرده في ذلة وصغار بدعوى أنه لم يحترم كبار الصحابة.
وبالرجوع إلى سيرة سيد الخلق نجده قد ربى الرعيل الأول فأحسن تربيتهم فهذا الصحابي الجليل عمرو بن العاص مرَّ على حلقة من قريش فقال: «ما لكم قد طرحتم هذه الأغيلمة؟ لا تفعلوا أوسعوا لهم في المجلس وأسمعوهم الحديث وأفهموهم إيّاه فإنهم صغار قوم أوشك أن يكونوا كبار قوم وقد كنتم صغار قوم، فأنتم اليوم كبار قوم».
وكان ابن شهاب الزهري رحمه الله يشجع الصغار ويقول: «لا تحتقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم فإن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم يتتبع حدة عقولهم».
فأين هذا مقارنة بعصر الحداثة وغزو الفضاء وشطر الذرة، حيث يطرد الصغار من مجالس الضيوف الوازنين، ويتم التحجير على حريتهم بين الكبار، وتهضم حقوقهم بزعم الصغر وقلة الفهم وضعف العقل، بل ويتركون مهملين إهمال البهائم تربيهم الرسوم المتحركة، ومعارك الألعاب الإلكترونية المفلسة، وأناشيد مدخولة النسبة تميل بعواطفهم إلى غير وجهة…
ولنقف على سنة «التكنية» وما لها من أبعاد في الإطلاقات النبوية فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكني الصغار فنجده ينادي مداعبا في رحمة أخ أنس: «يا أبا عمير ما فعل النغير»، وفي موقف مشابه نجده يلاطف صبيّة لبست ثوبا جديدا فيقول لها: «هذا سَنَة يا أم خالد» وغير هذين المثالين كثير.
ولا شك أن هذا له وقعه من جانب أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان يرى في التكنية وسيلة فعالة قادرة على أن تربي في الصغار الإحساس بالمسؤولية وأن تقرع كوامن النضج في دواخلهم وتحرك نفوسهم شوقا لعيشه والسير في صوبه مبكرا في رغبة وصدق وحسن توكل، ولا شك أيضا أن هذا القرع هو ما تفتقده مناهج التربية المعاصرة والتي تفتقد في غالبها لمستشرف نتائجه التي صدقها واقع الرعيل الأول بحكم ما وصلنا عليهم من أخبار تحكي تفوقهم الأخلاقي والأدبي والعلمي والتربوي.
وها هو عليه الصلاة والسلام يحرص كل الحرص على تعليم سيدنا الحسين رضي الله عنه وهو بالكاد في مرحلة الحبو فيحمله مبكرا على التقوى والورع، وقد لقي تمرة في بيت جده عليه الصلاة والسلام فالتقطها يريد أكلها فصاح به النبي عليه الصلاة والسلام «كخ كخ» أما علمت أننا لا نأكل الصدقات، ولعل الناظر إلى هذا الكبح بعين المناهج التربوية الغربية لا يتوانى في وصفه بالشدة والإفراط في غير تناسب بالنظر إلى سن الصبي أو قيمة التمرة من الناحية المادية.
وهذا هو عين الفارق بين التربية بالمقاصد واستشراف المآلات واستثمار الفطرة مبكرا وتعويدها على الخير والتزامه باستمراء منذ الزمن المبكر بضابط قول نبينا عليه الصلاة والسلام «مروا أبناءكم بالصلاة على سبع واضربوهم لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع»، وبين مناهج استفرغت الجهد في مشاريع غمس الطفولة في خندق اللهو واللعب والإهمال المطبوع بالكذب المشرعن بالتحيين المرحلي، والحال أننا نجد نبينا في هذا المقام قد حمى الطفل من نزق الكبار وسلطة تفوقهم الجسدي والعقلي؛ إذ جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال لصبي تعال هاك ثم لم يعطه فهي كذبة»، كما رفض عليه الصلاة والسلام شهادة التأشير والإيجاب لمن فرّق بين أولاده في الهبة والعطية قائلا صلى الله عليه وسلم : «فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور».
ولعلها محطات مشرقة وجب الوقوف عندها طويلا للاعتبار والاقتداء، يجدر معها التنبيه حتى لا يفهم الكلام في غير صوبه وسياقه على أن الإسلام في مقاربته التربوية لم يغفل الهامش الذي أعطاه الله للطفل ونعني به ضرورة عيش مقتضى المرحلة أي امتياز اللهو واللعب والحركة المتحررة، ولكن الفارق كان ولا يزال بينه وبين سائر المناهج الوضعية هو إحاطة الإسلام هذا المقتضى بضوابط تحول دون الوقوع في إفراط مخل أو تفريط مضر أو الميل به الميل الذي يؤبد مشروع مصاحبته؛ لنسمع بعد عمر طويل أن ثمة شيخا طفلا وكهلا صبيا، ومسؤولا منكوس الخلق وما أكثر هذا في صفوفنا وصفوف غيرنا.
يصدق ما ذهبنا إليه في باب الإقرار ما وصلنا من أثر صحيح يحكي بالتواتر حقيقة عزل أمير المؤمنين عمر لوالٍ من وُلاته لمجرد أنه كان لا يلاعب أطفاله.
ولربما كان التصديق هنا من أكبر المؤشرات الحقيقية التي تجعل المناهج الإسلامية التربوية والأخلاقية في منأى عن الرمي رجما بالغيب وتهمة إلصاق أي ذميمة ومقبوحة سلوك بإسلامنا ذلك العظيم المجحود في غير إنصاف ولا تجرد، نسأل الله الرد الجميل…
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.