اتفاق بين الحكومة والنقابات… زيادة عامة في أجور العاملين بالقطاع العام بمبلغ 1000        الاتفاق رسميا على زيادة عامة في أجور العاملين بالقطاع العام بمبلغ 1000 درهم شهريا    الحوار الاجتماعي..الحكومة ترجئ الحسم في ملفي التقاعد والإضراب إلى حين التوافق مع النقابات    المكتب الوطني للسياحة يضع كرة القدم في قلب إستراتيجيته الترويجية لوجهة المغرب    استطلاع: انخفاض عدد الأمريكيين الداعمين لبايدن والغالبية تميل نحو ترامب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية        يوم دراسي حول مكافحة الجرائم الماسة بالمجال الغابوي    مجلس النواب.. انطلاق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية برسم سنة 2024    الفنان الجزائري عبد القادر السيكتور.. لهذا نحن "خاوة" والناظور تغير بشكل جذري    ارتفاع أسعار الأضاحي يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الفلاحة…الدورة ال 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تكللت بنجاح كبير    التنسيق النقابي لقطاع الصحة…يقرر مواصلته للبرنامج النضالي    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه يوسفية برشيد    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !    التنسيق الميداني للتعليم يؤجل الاحتجاج    التقنيون يتوعدون أخنوش بإضرابات جديدة        غزة تسجل سقوط 34 قتيلا في يوم واحد    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين    عقوبات ثقيلة تنتظر اتحاد العاصمة بعد انسحابه أمام نهضة بركان    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الإثنين بأداء إيجابي    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    الروائي الأسير باسم خندقجي يهزم السجان الإسرائيلي بجائزة "بوكر العربية"    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    طلاب مغاربة يتضامنون مع نظرائهم الغربيين الداعمين لغزة    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    تزگل باعجوبة. مقرب من العائلة ل"كود": زكريا ولد الناصري ما عندو رالو وها كيفاش وقعات لكسيدة    للمنافسة عالميا.. جهود مغربية لتطوير صناعة الألعاب الإلكترونية    مجلس المنافسة: 40 في المئة من الخضر والفواكه بالمغرب تتعرض للتلف    حكيمي يتوج رفقة باريس سان جيرمان بالدوري الفرنسي    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك محمد السادس للقفز على الحواجز بالرباط    المشتبه فيه فقتل التلميذة "حورية" بصفرو قرقبو عليه بوليس فاس: العملية الأمنية شاركت فيها الديستي وها فين لقاو المجرم    جماهير اتحاد العاصمة معلقة على الإقصاء: تم التضحية بنا في سبيل قضية لا تعنينا    تقرير: المغرب وإسرائيل يسعيان تعميق التعاون العسكري رغم الحرب في غزة    ماركا: المغرب يستغل الفرصة.. استعدادات متقدمة لنهائيات كأس العالم وسط فضائح الاتحاد الإسباني    الصين: "بي إم دبليو" تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد    200 مليون مسلم في الهند، "أقلية غير مرئية" في عهد بهاراتيا جاناتا    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل إيقاف عضوين في المجلس الأعلى للقضاء يساهم في إصلاح القضاء أم في عرقلته ؟

- ففيما يخص شرط المتابعة:- فإن العضوين الموقوفين غير متابعين جنائيا.- وفيما يخص شرط ارتكاب الخطأ الخطير:- فمن المعروف، أن النظام الأساسي لرجال القضاء، لا يعرف الخطأ الخطير.- وإذا كان قانون العقود والالتزامات ينص على الخطأ ويعرفه ( المادة 78 من ق.ع.ل) فإنه لا يتضمن الخطأ الخطير فبالأحرى أن يكون معرفا له.
- ومع ذلك يمكن إلقاء السؤال الآتي:- هل تسريب نتائج مداولات المجلس الأعلى للقضاء، بصفة كلية أو جزئية، يمكن اعتباره خطأ خطيرا ؟، وإذا افترضنا ذلك فما هو نوع هذه الخطورة يا ترى؟- هل التسريب من شأنه أن يمس بالأمن العمومي أو بالأخلاق الحميدة أو باستقلال القضاء أو بكرامته ؟؟ ، لا نعتقد ذلك.- هل التسريب سيحول دون التصديق، على النتائج المسربة، من قبل وزير العدل أو الملك، كل فيما يخصه؟، لا نرى ذلك، فالقانون لا ينص على عدم المصادقة على النتائج المسربة، كما هي أو بعد إدخال بعض التعديلات عليها، وإن كان المعمول به، عادة وفي الغالب، هو المصادقة على نتائج مداولات المجالس التأديبية، كما هي ودون أي تعديل، سواء منها المتعلقة بالموظفين أو بالمجلس الأعلى للقضاء.
- ومن ناحية أخرى، فإن الهدف من عدم جواز تسريب مداولات المجالس التأديبية، ليس هو المحافظة على سرية النتائج؛ لأن هذه يجب الإعلان عنه للعموم فبالأحرى ومن باب أولى، للمعنيين بها، بعد انتهاء المداولات، وبعد المصادقة عليها، فإذن فإن المنع مؤقت وليس دائم، وإنما المنع الدائم ينحصر في عدم تسريب مناقشة أعضاء المجالس التأديبية، أو بعبارة أخرى، عدم تسريب أسماء من كان في هذا الاتجاه وأسماء من كان في الاتجاه الآخر المعاكس، لأن مثل هذا التسريب هو الذي قد يعرض أمن أعضاء المجالس التأديبية إلى الخطر وبالتالي يمكن اعتباره خطأ خطيرا، ونتيجة لهذا المفهوم المنطقي، فإن تسريب بعض نتائج المجلس الأعلى للقضاء بدون أن يصاحب ذلك ذكر أسماء أصحاب الآراء التي راجت في المناقشات وفي التصويت على الاقتراحات لا يمكن اعتباره خطأ خطيرا يسمح بالتوقيف للعضوين وبراتبيهما الشهري.
- وما نشر في جريدة "الصباح" لا يتعرض لتدخلات الأعضاء بالاسم والصفة، ولا للنتائج بالاسم والصفة.- وحسب التجربة فإن نتائج مداولات المجالس، سواء في نطاق الوظيفة العمومية (اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء) أو في نطاق القضاء (المجلس الأعلى للقضاء) تتسرب قبل المصادقة عليها، ومع ذلك لم يحدث أن فتح تحقيق في الموضوع على يد "الفرقة الوطنية للشرطة القضائية" لمعرفة المصادر، ولم يحدث أن تم توقيف عضو أو أكثر من أعضاء هذه المجالس وتوقيف مرتباتهم وإحالتهم على المجلس التأديبي بتهمة تسريب نتائج المداولات...- والخطير في قرار السيد وزير العدل، أنه لم يقتصر على التوقيف والإحالة على المجلس الأعلى للقضاء، كمجلس تأديبي، وإنما امتد ليشمل توقيف المرتب، مع أن هذا التوقيف، الكلي أو الجزئي للراتب هو مسألة اختيارية وليست وجوبية.- ومما زاد في خطورة قرار متابعة العضوين وإحالتهما على المجلس الأعلى للقضاء، كهيئة تأديبية، هو صدور بلاغ عن وزارة العدل بشأن هذا الموضوع، وإن هذا البلاغ وجه إلى وسائل الإعلام التي نشرت محتوياته، الأمر الذي يعتبر تشهيرا بالعضوين الموقوفين وهو تشهير لا يسمح به القانون كما يتجلى مما يلي:
- فالنظام الأساسي لرجال القضاء لا يسمح بإصدار بلاغ بشأن المتابعة التأديبية للقضاة ونشره على العموم فبالأحرى أن يكون النشر عند متابعة الأعضاء الذين يمثلونهم لدى المجلس الأعلى للقضاء.- وإذا كان القانون الجنائي لا يسمح بالنشر للأحكام الجنائية المتضمنة، كعقوبة إضافية، إلا بتوفر شرطين مجتمعين معا: الأول: أن تكون هذه الأحكام قد قضت بالإدانة. والثاني: أن تكون الإدانة صدرت في نطاق جريمة معينة يسمح القانون، عند ارتكابها بنشر الحكم الصادر بشأنها (المادتان 36/7 و48 من القانون الجنائي)، نقول إذا كان القانون لا يسمح بالنشر في القضايا الجنائية إلا بتوفر الشرطين المذكورين، فإنه من باب أولى وأحق ألا يسمح القانون بالنشر عند المتابعات التأديبية، ما دامت النصوص المتعلقة بهذه المتابعات وبالعقوبات التأديبية الناتجة عنها لا تسمح بالنشر.- متابعة عضوي المجلس الأعلى للقضاء، بسبب ما نسب إليهما من تسريب لمعلومات متعلقة بالمداولات السرية للمجلس، ستترتب عنها نتائج سلبية من شأنها المساهمة في عرقلة إصلاح القضاء، ويتجلى ذلك فيما يلي:
- فوزارة العدل، التي أوكل إليها المشرع، في شخص وزيرها، توجيه النيابة العامة لمتابعة من يخرقون القانون الجنائي والنصوص الجزائية المختلفة، لن تعفي من المسؤولية وهي تخالف قواعد القانون، المسطرية والموضوعية، بمناسبة تحقيقاتها ومتابعتها التأديبية في موضوع تسريبات بعض نتائج مداولات المجلس الأعلى للقضاء في دورته الأخيرة... - والمجلس الأعلى للقضاء، الذي أوكل إليه الدستور مهمة السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاء، أصبح بدوره محتاجا إلى من يحمي أعضاءه من تجاوزات وزارة العدل...- إن المجلس الأعلى للقضاء، عندما سيجتمع، كهيئة تأديبية، للبث في الأخطاء المنسوبة للعضوين المتابعين، سيكون، بناء على المعطيات المعروضة عليه والبحث التكميلي الذي قد يجريه، أمام اختيارين: الأول: هو تبرئة المتابعين، وهذا ما نتمناه، الثاني: إدانتهما بأحد العقوبات التأديبية المنصوص عليها في التنظيم الأساسي لرجال القضاء، فإذا حصل اختيار الإدانة، مهما كانت درجة العقوبة التي ستطبق فسيكون لها انعكاس سلبي على سير أعمال المجلس: إذ كيف سيعمل أعضاء المجلس، بعد الإدانة، في انسجام وبعضهم أدان البعض الآخر ؟، وهذا هو الذي يفسر لنا لماذا قانون المحاماة لا يخول لمجلس الهيئة متابعة ومعاقبة نقيبه وإنما يخول ذلك إلى محكمة الاستئناف، غير تلك التي توجد الهيئة في دائرتها...- إن متابعة عضوين من أعضاء المجلس تأديبيا، وبدون حق ولا قانون، لا يمكن إلا أن ينتج عنه جو إرهابي بين أوساط القضاة الأمر الذي سيترتب عنه المزيد من المس باستقلال القضاء...ما هي الأسباب الحقيقية للمتابعة هل هي الأسباب الواردة في بلاغ وزارة العدل ؟ أم أن هذه مجرد أسباب ظاهرة للتغطية وأن الحقيقة غير ذلك؟؟ومن هو المستهدف من هذه المتابعة التأديبية هل العضوين معا أم أحدهما؟ وأن الآخر متابع لمجرد التغطية ؟ ومن يكون هذا الواحد؟
يرى العديد من المتتبعين، وأنا واحد منهم، بأن الأسباب الحقيقية للمتابعة هي المزيد من تحجيم دور المجلس الأعلى للقضاء من خلال تجميد أو إضعاف دور الأعضاء الفاعلين به المقدرين لجسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، داخل المجلس، كأعضاء فيه، وخارجه، كقضاة أو كمسؤولين بالمحاكم ؟.. فهل العضوين الموقوفين من هذا الصنف ؟:ما أستطيع أن أتكلم عنه وأجزم به هو ما يتعلق بالمواقف المشرفة، للأستاذ جعفر حسون، في إطار الدفاع عن استقلال القضاء وسيادة القانون وكرامة القضاء، والكفاءة المعرفية العالية التي يتمتع بها في ميدان القانون والأحكام القضائية العادلة التي أصدرها في ميدان البث في النزاعات التي فصل فيها واستشير بشأنها.ومن بين المواقف المشرفة التي ساهم في قيادتها، مع ثلة من القضاة الشرفاء، دفاعا عن سيادة القانون وكرامة القضاة:إعداد عريضة احتجاج على اعتقال عدد من القضاة سنة 2003 وإيداعهم بالسجن بأمر من وزارة العدل ، بدون تطبيق الضمانات المسطرية الخاصة بالقضاة "الامتياز القضائي". ولم تكتف العريضة بالتنديد على خرق القانون وإنما نددت كذلك بالبلاغ الصحفي الصادر عن "مكتب جمعية الودادية الحسنية للقضاة" الذي، حسب العريضة، يفتقر إلى أدنى شروط الشرعية...، كما عبرت العريضة عن استياء القضاة من أوضاعهم ومن التجاوزات التي طالت أبسط حقوقهم المهنية بما فيها انعدام أي منبر أو مؤسسة لتأطير الفعل القضائي والشلل الذي تعرفه مؤسسته التمثيلية والدستورية كما تضمنت العريضة إعلان القضاة "...تعبئتهم الشاملة واستعدادهم الكامل للانخراط في إصلاح قضاء فعلي هادئ ورصين بعيد عن المزايدات السياسية والإعلامية التي حادت بالإصلاح القضائي عن نهجه ملتمسة في الأخير من جلالة الملك محمد السادس التدخل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها حفظا لهيبة القضاء التي هي من هيبة الدولة... " وقد وقع على العريضة المذكورة المئات من القضاة تجاوز الألف بمختلف المحاكم المغربية...وبينما عدد الموقعين يزداد ارتفاعا إذا بوزارة العدل تتحرك على عدة واجهات من أجل وضع حد لهذه الانتفاضة المجيدة التي قد تخرج مؤسسة القضاء من تحكمها وسيطرتها وهيمنتها عليها. وقد كان تحركها على عدة واجهات:الواجهة الأولى: الضغط على القضاة الموقعين لسحب توقيعاتهم، وقد خضع البعض لهذا الضغط دون الباقي.الواجهة الثانية: إيقاف الأستاذ جعفر حسون من العمل ومن العضوية بالمجلس الأعلى للقضاء كما تم إيقاف مرتبه ومتابعته تأديبيا وإحالته على المجلس الأعلى للقضاء، كهيئة تأديبية، للنظر فيما هو منسوب إليه من ارتكابه لأعمال تمس بحرمة القضاء وهيبته واستقلاله.وقد كان لتصرفات وزارة العدل الغير المشروعة في مواجهة القضاة المعتقلين وفي مواجهة الأستاذ جعفر حسون ردود فعل قوية من طرف العديد من المنظمات الحقوقية والقانونية والدفاعية بالداخل والخارج، وهي المنظمات التي نددت بالتصرفات المذكورة طالبة وضع حد لها...كما تشكلت هيئة من المحامين للدفاع عنه أمام المجلس التأديبي..الواجهة الثالثة: المساس بحقوق هيئة الدفاع عن الأستاذ جعفر حسون، وقد ظهر هذا المساس أو العرقلة عندما التجأت وزارة العدل إلى تأخير الجلسة التأديبية، من تاريخ لآخر بدون مبرر وبدون انعقاد المجلس التأديبي، فقد تقرر انعقاد المجلس التأديبي في 12 يناير 2004 ليتم تأخيره لجلسة 20 يناير تم ل27 يناير ف9 فبراير وإلى 12 فبراير من نفس السنة (2004)؛ الأمر الذي دفع هيئة الدفاع إلى إصدار بلاغ احتجاجي في الموضوع.الواجهة الرابعة التي تحركت في نطاقها وزارة العدل: الضغط على الأستاذ جعفر حسون من أجل التخلي عن دفاعه من ناحية، ومن أجل تقديم ملتمس استعطافي إلى الملك من ناحية أخرى، ويظهر أنها نجحت في هذا الضغط، فقد رفع الأستاذ جعفر الملتمس المذكور إلى الملك، كما استغنى عن مؤازرة دفاعه الشيء الذي ترتب عليه انعقاد المجلس التأديبي في غيبة عن الدفاع وإصدار عقوبة تأديبية من الدرجة الأولى، على الأستاذ جعفر حسون... كما أن هناك معطى آخر، يمكن اعتباره من الأسباب الحقيقية وراء متابعة الأستاذ جعفر حسون بمبرر مصنوع ظاهري هو تسريب بعض نتائج مداولات المجلس الأعلى للقضاء في دورته الأخيرة، هذا المعطى يتجلى فيما يلي:أن الأستاذ جعفر حسون هو رئيس المحكمة الإدارية بمراكش التي قضت بإلغاء نتائج انتخاب مجلس مقاطعة المنارة كيليز بمراكش بناء على ما ثبت لهيئة المحكمة من تسرب الورقة الفريدة الخاصة بالتصويت، وقد ترتب عن الإلغاء المذكور بطلان انتخاب عمدة مدينة مراكش المحسوبة على أحد الأحزاب الإدارية المدعمة من طرف النظام السياسي بالمغرب، وقد نتج عن البطلان المذكور تحرك السلطة في واجهتين:
الواجهة الأولى: هي إقالة والي جهة مراكش...الواجهة الثانية: الضغط على القضاء من أجل إلغاء الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بمراكش وهي المحكمة التي يرأسها الأستاذ جعفر حسون. وقد تم هذا الإلغاء فعلا.السبب الحقيقي الثالث الذي قد يكون ساهم في متابعة الأستاذ جعفر حسون تحت تغطية تسريب بعض نتائج مداولات المجلس الأعلى للقضاء في دورته الأخيرة، هو أن المحكمة الإدارية بمراكش، التي يرأسها الأستاذ جعفر حسون، إلى أن تم مؤخرا إعفاؤه من العمل كرئيس بها، هو أن هذه المحكمة ألغت قرارا إداريا حل جمعية تشرف على إدارة عدة كتاتيب قرآنية وذلك على اعتبار أن القرار المذكور مشوب بعيب عدم الاختصاص: إذ أن حل الجمعيات هو من اختصاص القضاء وليس من اختصاص الإدارة..هل المتابعة التأديبية من طرف وزارة العدل لأعضاء من المجلس الأعلى للقضاء، بسبب ما نسب إليهم من تسريبات، لها الأولوية والأسبقية والأهمية، على ملفات كبرى تتعلق بتحقيق العدالة، ومع ذلك لا زالت تنتظر المعالجة أو الحل والتنفيذ منذ العديد من السنين؟ : والتي من بينها، على وجه المثال، وفيما له علاقة بوزارة العدل، ومن خلالها، بالبرلمان وبالحكومة، وبصفة عامة بالدولة المغربية:أولا- ملف التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة، والتي لها علاقة بتحقيق العدالة، ومن بين هذه التوصيات:
+ "تدقيق المساطر والآليات القضائية، القبلية والبعدية، الكفيلة بضمان التوازن بين ضرورة توسيع مجالات الحرية وصيانة كرامة الأفراد وحياتهم الخاصة وما يقتضيه مكافحة الإرهاب..."ولا نحتاج إلى التأكيد بأن هذه التوصية غائبة عن التطبيق بصفة مطلقة عندما يتعلق الأمر بملفات الإرهاب...+ "تعزيز المراقبة القضائية لما بعد صدور الأحكام"، ونحن نعلم والجميع يعلم، بأن العديد من الأحكام القضائية النهائية والصادرة ضد الدولة المغربية وإداراتها ومؤسساتها العمومية لا تنفذ الأمر الذي يعتبر تحقيرا لمقررات قضائية من طرف مؤسسات عمومية من المفروض أن تكون نموذجا مثاليا في احترام أحكام القضاء وعونا له في مواجهة الغير من الخواص الممتنعين من تنفيذ أحكامه وقراراته..+ "معاقبة مرتكبي الانتهاكات وشركائهم بأشد العقوبات، كيفما كانت رتبهم أو وضعهم أو وظيفتهم..."والجميع يعرف أن هذه التوصية لا زالت في الرفوف حبرا على ورق، فالعديد من مرتكبي جرائم الاختطاف والتعذيب والاغتيال، في الماضي، والحاضر، لا زالوا بعيدين عن أية متابعة أو عقاب، بل إن بعضهم لا زال يتحمل مسؤوليات في دواليب الدولة أو يتمتع بامتيازات مالية حصل عليها مقابل ما ارتكبه من جرائم...+ "فصل وظيفة وزير العدل عن المجلس الأعلى للقضاء"+ "جعل المجلس الأعلى للقضاء بمقر المجلس الأعلى بالرباط"+ "متابعة تسريع وثيرة إصلاح القضاء والنهوض بمستواه"+ "تحفيز القضاة وأعوان العدالة، وتكوينهم الأساسي والمستمر والتقييم المنتظم لأدائهم.."+ "مراجعة تنظيم واختصاصات وزارة العدل بشكل يمكنه أن يحول دون أي تدخل أو تأثير للجهاز الإداري في مجرى العدالة وسير المحاكمات."+ "تجريم تدخل السلطة الإدارية في مجرى العدالة."+ "تشديد العقوبات الجنائية في حق كل إخلال أو مساس بحرمة القضاء واستقلاله."إن كل هذه التوصيات، وغيرها ممن له علاقة مباشرة بعمل اختصاصات وزارة العدل لازالت غير مفعلة ...
ثانيا- ملف تعريب القضاء: من المعلوم أنه صدر منذ يناير من سنة 1965، أي منذ أكثر من 45 سنة، قانون ينص على توحيد القضاء ومغربته وتعريبه وفي إطار تطبيقه صدر قرار من وزير العدل، في نفس السنة، يقضي بوجوب أن تكون الوثائق المقدمة إلى القضاء محررة باللغة العربية. ومن المعلوم كذلك، أن الدستور ينص على أن اللغة الوحيدة المرسمة بالمغرب هي اللغة العربية، وأن الوزير الأول الأسبق الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي وجه، سنة، 1998، منشورا إلى جميع الوزارات والمؤسسات العمومية يلزمها فيه باستعمال اللغة العربية وسار على منواله الوزير الحالي الأستاذ عباس الفاسي الذي وجه منشورا في نفس الموضوع يرجع تاريخه إلى سنة 2008، ومع ذلك فلا زالت اللغة المستعملة، من الناحية الفعلية في أغلب الإدارات والمؤسسات العمومية بالمغرب، هي اللغة الفرنسية وليست العربية، الأمر الذي نتج عنه أن تصل إلى المحاكم، بمناسبة النزاعات، الآلاف من الوثائق المحررة بلغة أجنبية، ومع ذلك لا يأمر القضاة، تلقائيا، بترجمتها للعربية، ولا يفعلون ذلك إلا بناء على طلب أحد الأطراف، وحتى في هذه الحالة، فإن الترجمة الرسمية للعربية تتطلب وقتا وجهدا ومصاريف قد تصل إلى حوالي مائتين وخمسين درهما (250.00 د) للصفحة الواحدة...هذه بعض الملفات الكبرى التي تتطلب الأولوية في العلاج والبث الفوري بدلا من إضاعة الوقت في المتابعات التأديبية لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء بسبب عرائض واحتجاجات مشروعة، وتسريبات غير ثابتة...
بعد كل هذا وغيره ألا يحق لنا القول، بأن المتابعة التأديبية، بشأن التسريبات، لا تساهم في إصلاح القضاء وإنما في عرقلته...
انتهى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.