وزارة الداخلية: التحضير للاستحقاقات التشريعية المقبلة يتسم بروح المسؤولية الجماعية    التوقيع على اتفاقية انضمام مجلس النواب إلى البوابة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    وصول السفير الأمريكي الجديد إلى المغرب    المنتخب المغربي الرديف يتغلب على نظيره القمري    تخفيض 50% في تعريفة النقل السككي للأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب    تطوان.. إحباط محاولة تهريب 12 كيلوغراماً من الكوكايين عبر مركز باب سبتة    افتتاح قاعة مراقبة جديدة مجهّزة ب 262 كاميرا لتعزيز الأمن بالمدينة العتيقة بمراكش    كأس العرب.. المنتخب المغربي يفتتح مشواره في البطولة بالفوز على جزر القمر (3-1)    مجلس النواب يقر قانون تعويض ضحايا حوادث السير    تكثيف الحضور الأمني بعمالة المضيق–الفنيدق لمواجهة شائعات الهجرة السرية    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأنشطة الإرهابية في غرب إفريقيا والساحل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    شهد شاهد من أهلها.. منظمات إسرائيلية تكشف أبشع عام قتل وتهجير للفلسطينيين منذ 1967    "تمثيلية GST" تزعج الأطر الصحية    نشرة إنذارية .. تساقطات ثلجية وهبات رياح قوية غدا الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    انطلاق التسجيل في اللوائح الانتخابية للغرف المهنية لسنة 2026    فنانون مغاربة: المهرجان الدولي للفيلم منصة لا غنى عنها للإبداع السينمائي    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    تشكيلة السكتيوي أمام جزر القمر    الملك محمد السادس يهنئ الشيخ محمد بن زايد بمناسبة العيد الوطني للإمارات    خط بحري جديد يربط ميناء أكادير بلندن وأنتويرب لتصدير المنتجات الفلاحية الطازجة    "شي إن" في ورطة.. تكساس تفتح تحقيقًا واسعًا بعد العثور على دمى جنسية شبيهة بالأطفال    مشروع كلّف 900 مليون… غضب الحرفيين يوقف توزيع معدات في سوس ماسة لعدم مطابقتها لدفتر التحملات    مشروع مالية 2026 يتخطى العقبة الأولى بمجلس المستشارين بعد المصادقة على جزئه الأول    رئيس بلغاريا ينتظر استقالة الحكومة    فليك يؤكد غياب لاعبه أراوخو عن مواجهة أتلتيكو مدريد لأسباب شخصية    "كاف" يحيل أحداث مباراة الجيش الملكي والأهلي للجنة الانضباط    المغرب يراهن على الجمع بين التحلية والتكنولوجيات المتقدمة لتأمين موارده المائية            قاموس أكسفورد يعلن عن كلمة العام 2025    الصين وباكستان في مناورات عسكرية    الذهب ينخفض مع جني المستثمرين للأرباح    "فيفبرو" تؤازر لاعبي منتخب ماليزيا الموقوفين    قراءة نقدية لقانون مالية 2026    كيوسك الثلاثاء | كندا تختار المغرب كأول بلد في العالم للتأشيرات الرقمية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    فنزويلا.. ترامب يجتمع بمستشاريه ومادورو يحشد أنصاره ويقسم "بالولاء المطلق" لشعبه    الرئيس الفرنسي يبدأ زيارة للصين غدا الأربعاء    كندا تلتحق ببرنامج دفاعي أوروبي    قطر وكأس العرب 2025 .. تمجيد إعلامي مبالغ فيه ومقارنات تستفز الشارع الرياضي العربي    التوزاني: فيلمي "زنقة مالقة"عودة إلى الجذور والأكثر حميمية في مساري    الحصبة تتراجع عالميا بفضل التطعيم    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    عرض فيلم "مع حسن في غزة" بمهرجان مراكش.. قصة بحث إنساني تحولت إلى وثيقة تاريخية    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    حكايات مدرِّسين من أيّام المدرسة    فيلم زنقة مالقة لمريم التوزاني .. نشيد الذاكرة والحب على عتبة الثمانين    مزاد يبيع "لوحة مفقودة" ب2,3 ملايين يورو    لمجرد أمام القضاء بتهمة الاغتصاب    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاتحة مرشيد في حوار حول روايتها "الملهمات"
نشر في أخبار بلادي يوم 24 - 04 - 2011

محاورتنا، طبيبة أطفال استطاعت أن تحتل في الأدب شعرا ورواية، منزلة رفيعة. إذ توجت فاتحة مرشيد، مستهل العام الجاري، بجائزة المغرب للكتاب عن ديوانها "ما لم يقل بيننا"، في حفل احتضنه مقر جهة الدار البيضاء بمناسبة معرض الكتاب.
أصدرت فاتحة مرشيد بعد "لحظات لا غير" و"مخالب المتعة"، روايتها الثالثة "الملهمات"، التي تسائل علاقة الحب بالإلهام والإبداع عموما. الحوار التالي يدور حول الرواية، نقدم فيه رؤية المبدعة فاتحة مرشيد إلى روايتها.
س: هل تتجاوز رواية "الملهمات" روايتيك "لحظات لا غير" و"مخالب المتعة"؟ أم هي استمرار لهما؟
ج: الاثنان معا. مطمح كل كاتب هو أن يستفيد في كل عمل جديد من الأعمال التي سبقته وأن تتجاوز الذات المبدعة نفسها باستمرار. وأتمنى أن أكون قد توفقت في هذا علما بأن الجديد لا يلغي ما سبقه، بل هو استمرار له بكيفية أو بأخرى، بمنأى عن التكرار، طبعا، لأنه عدو الإبداع والمبدعين.
لا مفاضلة عندي بين رواياتي، هي أعمال فنية مختلفة لأنها لا يمكن إلا أن تكون كذلك. وعموما، أفضل ترك تقييم الرواية للقراء وللنقاد معا، لأنه من العسير أن نخير أمّا بين أبنائها.
س: قلت في حوار سابق حول روايتك "مخالب المتعة" إنك أردت أن تمنحي القارئ متعة القراءة دون أن تعفيه من مخالب الأسئلة والخدع السردية. وهو الأمر ذاته الذي يصادفنا في روايتك الأخيرة "الملهمات". هل هذا يعني أن هذه الرواية، من الناحية الفنية على الأقل، هي استمرار ومواصلة للنهج ذاته، والغاية ذاتها من الكتابة الروائية والإبداعية عموما؟
ج: يقول الكاتب ألبير كامي ما مفاده أن: "القارئ ينتظر منا شيئين أن نمتعه وأن نخاطب ذكاءه" وطبعا مخاطبة الذكاء تمر عبر الأسئلة والخدع السردية.
للقارئ كتابته وإضافته الخاصة للنص انطلاقا من معاشه الذاتي ومن مرجعياته الثقافية والاجتماعية الشخصية التي يجب أخذها بعين الاعتبار أثناء الكتابة بترك فضاءات من الصمت تستفز خياله.
كما أن ما يشد القارئ إلى نص روائي ويجعله يستمتع بالقراءة هو عنصر التشويق الذي تخلقه الدهشة والمفاجأة.
وقد حاولت الاشتغال على عنصر المباغتة في مجموع أعمالي. فأحيانا أباغت شخوص الرواية وأحيانا كثيرة تباغتني هي.. ومعا نباغت القارئ الذي قد يباغتني بدوره بقراءة خاصة لم تكن في حسباني.
س: ثمة اشتغال كبير على الجانب النفسي لدى شخصيات الرواية. فبقدر ما يحصل التباعد بينها جسديا وماديا، يحصل التقارب بينها نفسيا وذهنيا، بحيث نجد أنفسنا، في نهاية الرواية، أمام مراجعات ذاتية تذكرنا بالكتابة الروائية الكلاسيكية، التي تفاجئنا بنهاياتها السعيدة. لكن رواية "الملهمات" تضعنا أمام أسئلة محيرة للوجود الإنساني، تلك الأسئلة التي تفتح أفقا جديدا للإنسان. إلى أي حد يمكن القول إن هذه الرواية حاولت المزاوجة بين تقنية الكتابة وموضوعها، أي بين القالب الروائي الكلاسيكي والطرح الإشكالي الفلسفي/ الأدبي للموضوع؟
ج: حتى تكون الرواية مقنعة لا بد من رسم ملامح للشخصيات أقرب ما يمكن إلى الواقع، بحيث يحس القارئ وكأنه يعرفها ويتسنى له بسهوله التماهي مع القصة.
عندما أتكلم عن الملامح فلا أعني بها الملامح الخارجية الظاهرة فحسب، وإنما كذلك الملامح المستترة بمعنى روحها، ذاكرتها و نفسيتها.. إذ لابد من تناسق وانسجام بين كل هذه العناصر حتى نقنع القارئ بأن هذه الشخصية لا يمكن أن تسلك إلا هذا السلوك. كما لا أخفيك بأن لي اهتمام خاص بالنفسية البشرية وبالتحليل النفسي وإن لم يكن الطب النفسي من اختصاصي.
أما فيما يخص تصنيف العمل إلى كلاسيكي أو غيره فهذا من اختصاص النقاد، فوحده العالم الروائي يشغل الكاتب لحظة الكتابة.
س: لماذا جعلت من الكتابة، والإبداع عموما، موضوعا لهذه الرواية؟ هل يمكن التأكيد أن رواية "الملهمات" تحمل، في طياتها" جوابا على سؤال عادة ما يطرحه النقاد حول تفتق رغبة الكتابة لدى الكاتب؟
ج: لا أسعى إلى إيجاد أجوبة بقدر ما أسعى إلى طرح أسئلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بموضوع شائك ومحير مثل موضوع الإبداع في علاقته مع الحب ومفهوم الإلهام. مسألة الخلق والإبداع يحفها الغموض من كل جانب، كما لا توجد وصفة في هذا المجال. لكل كاتب طقوسه الخاصة وعلاقته الخاصة بالكتابة.
ولقد تعمدت في الرواية على الدفع بهذه العلاقة الملتبسة بين الحب والإبداع إلى أقصاها موظفة تقنية الكاريكاتير أحيانا. لأن الكاريكاتير يقربنا أكثر من الواقع في محاولته إبعادنا عنه.
باختصار، ما أسعى إليه، في هذه الرواية، كما في سابقاتها، هو كتابة، ممتعة، تحث القارئ على طرح الأسئلة الحقيقية وتدفعه إلى إعادة النظر في بعض الأمور والثوابت والمعتقدات الجاهزة وله بعد هذا أن يجد أجوبته الخاصة.
س: تتردد في الرواية أسماء مشاهير كتاب عالميين أمثال: "بول إلوار"، "ونستون تشرشل"، "روني شار"، "أوسكار ويلد"، "لورد بايرون"، "موريس شبلان"، جبران خليل جبران، "بليز سندرارس". كما تحيل الرواية على أعمال أدبية وفكرية عالمية معروفة، من خلال الإشارة إلى عناوينها، أو الإحالة على كتابها. هل تعني هذه الإحالات تأثرك بهذه الأسماء والأعمال؟ أم أن الأمر يشكل مجرد تأثيت لفضاءات الرواية وأحداثها؟
ج: موضوع الرواية هو الذي يفرض عليك طريقة كتابتها وليس العكس، تماما كما أن شكل البيت هو الذي يفرض طريقة تأثيثه وليس العكس. فكون الشخصية كاتب يبوح بأسرار الكتابة والحب في آخر كتاب يهديه إلى قرائه، فهو يستعمل مرجعياته المعرفية والثقافية الخاصة، ربما لتزكية أقواله أو ربما لإقناع قارئه، أو لربما لإقناع نفسه فقط. فما بدا ضروريا في رواية "الملهمات" كان سيبدو زائدا في رواية "مخالب المتعة" مثلا، لأن شخصية السارد لها مرجعيات مختلفة.
س: تشبه الرواية، في جزء مهم، على الأقل، يتعلق بالحوارات، التي تجري بين أمينة وزوجها في المصحة، رواية "باب الشمس" للأديب اللبناني إلياس خوري، التي يحاور فيها البطل، وهو في هذه حالة طبيب المستشفى، والده المغمى عليه. لكن رواية "الملهمات" هي أقرب إلى عمل أدبي آخر، حائز على جائزة "الغونكور" الفرنسية، هو رواية "حجرة الصبر" للأديب الأفغاني عتيق رحيمي، التي تروي معاناة امرأة أفغانية تحاور زوجها، الذي أصابته رصاصة، فأغمي عليه بسببها. هل يمكن تصنيف روايتك ضمن هذا التوجه الأدبي العالمي، الذي يروم الغوص في النفس الإنسانية؟ أما أنها تحكي تجربة شخصية مع الوالد، تمتح من التجارب اليومية، باعتبار أنك تمارسين الطب؟
ج: في رواية الملهمات حكايتين انطلقتا من فكرتين مختلفتين. الأولى هي الحديث مع شخص في غيبوبة والسؤال الذي لازال يؤرق الطب: هل يسمع أم لا؟ والفكرة الثانية هي علاقة الكتابة بالحب ومفهوم الإلهام.
أنت تشير إلى الفكرة الأولى. بحكم عملي كطبيبة، واجهت مرارا هذه الحالات لكن ما جعلها تحرك مكامن الإبداع بداخلي هي بالفعل تجربتي الخاصة مع والدي، رحمه الله، الذي ظل في غيبوبة خمسة أسابيع، وتعاملي مع هذا الصمت الرهيب الذي يستفز فيك الكلام فتجد نفسك داخل مونولوج وكأنك تحاول أن تستبقي الآخر الممدد أمامك على قيد الحياة.. لأن صمته يقربه من الموت. أو لربما لأنها فرصتك الوحيدة لتثأر لسنوات الصمت أو لتصفية حسابات قبل فوات الأوان، كما هو الحال في رواية الملهمات.
لم أقرأ بعد هاتين الروايتين ولا أعتقد أن نجاحهما عائد لطبيعة الموضوع المعالج، إذ ليس الموضوع ما يرفع برواية ما إلى مستوى العالمية بل طريقة تحويله إلى أدب وقدرة كاتبه على الإمساك بالبعد الإنساني والكوني أثناء معالجته.
كما لا يوجد موضوع جيد أو رديء، وحدها طريقة تقديمه في حلة فنية تحدد قيمته.
س: تعكس الرواية مواقع ومواقف مختلفة للمرأة المغربية، سواء في علاقتها مع نظيراتها من النساء، أو في علاقتها مع الرجل عموما. كما تعكس غنى وتنوعا في هذه العلاقات. لكنها لا تتوج هذه العلاقات بذلك الصراع الأبدي، الذي تورده مجموعة من الأعمال الأدبية، على غرار الروائية العالمية المعروفة "فرجينيا وولف". إذ تنتصر للمصير المشترك بين المرأة والرجل والمساواة بينهما، حيث تنتهي الرواية بمصالحة بين بطلي الرواية الكاتب إدريس والناشرة أمينة. كما تفتح أفاقا متعددة لهذه العلاقة، ما يجعلنا نعتقد أن ثمة عائقا في التواصل بين الاثنين، تريد الرواية أن تقضي عليه وتتمرد عليه. إلى أي حد تصح هذه القراءة في رواية "الملهمات"؟
ج: الرواية عمل فني خالص يقرأ لذاته ولا يجب تحميله قضايا أكبر من حجمه.
لم يكن يدور بخلدي أثناء الكتابة إيجاد نوع من التوافق بين الجنسين، فكثيرا ما تنفلت الشخوص من يد الكاتب لتحدد مصيرها بنفسها ليكون هو أول من يفاجأ بنهاية لم يخطط لها مسبقا. أما عن الأستاذ إدريس وأمينة فقد فرقهما حب (حبهما لعمر) وصالحتهما موت (موت عمر).
المواضيع التي تطرقت لها الرواية: الحب بصفة عامة، الحب في علاقته بالإبداع، الوفاء، الخيانة، الصداقة.. الخ. طرحت في بعدها الإنساني وهي تخص المرأة والرجل على حد سواء، بعيدا عن ال"كليشيهات" المداولة والأحكام الأخلاقية.
س: ثمة إحساس قوي بالفقد. إلى أي حد يمكن القول إنه إحساس لاشعوري تعيشينه في حياتك اليومية، ولم تستطيعي التغلب عليه في الرواية، أو بعبارة أخرى، لم تتمكني من كبحه في الرواية؟
ج: الإحساس بالفقد هو إحساس إنساني كوني لا أختص به و لا أعتقد بمقدور أحد الهروب منه. فكل منا قد فقد عزيزا في مرحلة من حياته، بل إن الحياة سلسلة فقدان.. نحن نكبر بالفقدان ولا نكتسب أشياء إلا بفقداننا لأخرى.
ثم نحن نكتب بوعينا وبلا وعينا كذلك، وكل كتاب هو مادة خام لتحليل نفسية كاتبه ونفسية المجتمع الذي انبثق منه. وقد استفاد علم النفس والباحثين فيه من الأدب والأدباء الشيء الكثير.
الأحداث المغربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.