ارتفاع حصيلة ضحايا سيول آسفي إلى 14 وفاة في تحيين رسمي جديد    فاجعة السيول بآسفي تُغلق المدارس    "القبائل" تعلن من باريس استقلالها عن الجزائر        مستشار خامنئي: إيران ستدعم "بحزم" حزب الله في لبنان    التوفيق يبرز بواعث الحاجة إلى المذهب المالكي في ظل التحولات المجتمعية    لقجع ل"فرانس فوتبول": كرة القدم المغربية بُنيت بعقل استراتيجي لا بمنطق الإنجاز العابر    انهيار صخري يقطع الطريق بين الجبهة وتطوان ودعوات لتوخي مزيد من الحذر    رحلة جوية بين مدريد وتطوان كادت تتحول إلى مأساة    الخصوصية التفاعلية والقاتلة    طنجة تحتضن البطولة الوطنية للشرطة في الجيدو والكراطي بمشاركة واسعة    انتخاب محمد شويكة رئيسا للجمعية المغربية لنقاد السينما    الرباط تحتضن مهرجان "ربادوك" للسينما الوثائقية        بلقات: «استهداف أشخاص في سيدني وقتلهم لمجرد أنهم يهود لا يقبله دين ولا أية أعراف.. إنه جرم مدان قطعا»    رونار: السلامي صديقي لكن عليه التوقف    تقرير: نصف المجتمعات المحلية فقط مطلعة على أداء المدارس رغم تقدم تنظيم التعليم بالمغرب    أولاريو: مواجهة المغرب الرديف قوية وسنلعب بطموح العبور إلى نهائي كأس العرب    احتفال تحوّل إلى مذبحة .. الهجوم على يهود سيدني يطلق اتهامات سياسية    المغرب يوقّع على سابقة غير مسبوقة في تاريخ كأس أمم إفريقيا    أكادير تحتفي بعشرين سنة من تيميتار: دورة إفريقية بامتياز تسبق كأس أمم إفريقيا وتجمع الموسيقى الأمازيغية بالعالم    توقيف مشتبه به في حادث جامعة براون    من شفشاون إلى الرباط: ميلاد مشروع حول الصناعة التاريخية    تطبيق "يالا" يربك الصحافيين والمشجعين قبل صافرة انطلاق "كان المغرب 2025"    أوجار من الناظور: الإنجازات الحكومية تتجاوز الوعود والمغاربة سيؤكدون ثقتهم في "الأحرار" عام 2026    عشرة قتلى على الأقل إثر إطلاق نار عند شاطئ بونداي بأستراليا خلال احتفال بعيد يهودي    توحتوح: المغاربة لم يفقدوا الثقة في السياسة بل في من أخلفوا الوعود    شغب رياضي يتحول إلى عنف خطير بالدار البيضاء    تمديد فترة الترشيح للاستفادة من الدورة الثانية من برنامج "صانع ألعاب الفيديو" إلى 21 دجنبر الجاري    ائتلاف يدعو إلى وقف تهميش المناطق الجبلية وإقرار تدابير حقيقية للنهوض بأوضاع الساكنة    مجلس النواب والجمعية الوطنية لمالاوي يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون البرلماني    استقالات جماعية تهز نقابة umt بتارودانت وتكشف عن شرخ تنظيمي.    إسرائيل تندد ب"هجوم مروع على اليهود"    مباراة المغرب-البرازيل بمونديال 2026 الثانية من حيث الإقبال على طلب التذاكر    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب غرب إندونيسيا    ألمانيا: توقيف خمسة رجال للاشتباه بتخطيطهم لهجوم بسوق عيد الميلاد    مسؤول ينفي "تهجير" كتب بتطوان    افتتاح وكالة اسفار ltiné Rêve إضافة نوعية لتنشيط السياحة بالجديدة    إطلاق قطب الجودة الغذائية باللوكوس... لبنة جديدة لتعزيز التنمية الفلاحية والصناعية بإقليم العرائش        البنك الإفريقي للتنمية يدعم مشروع توسعة مطار طنجة    إسرائيل تعلن استهداف قيادي بارز في "القسام" بغزة و"حماس" تتهمها بخرق وقف إطلاق النار    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي            من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(hogra'ttitude ) الحكرة
نشر في لكم يوم 04 - 01 - 2012

الحكرة...مصطلح جزائري الأصل نتداوله نحن المغاربة بشكل كبير في حياتنا اليومية ، وهو يرمز إلى السلطوية و الإستعلاء اللذان يعامل بهما كل ضعيف لا جاه له و لا قوة.
تستمد هذه المفردة مصدرها من كلمة " الحقر" وهي تعرف في قاموس لسان العرب بالذلة والتصغير والإحتقار ، سلوكات تلخص تعامل المغاربة مع أنفسهم أحيانا ومع بعضهم أحيانا أخرى .
الحكرة قد تكون سلوكا فرديا أو جماعيا من طرف فئة أو طبقة تجاه أخرى .. ولكي يحتقر فرد ما إنسانا آخر،يجب تكون هناك فوارق اجتماعية أو ثقافية أو مادية لها طابع سلطوي بالمعنى المجازي أو المادي تؤدي الى " تبرير" الحكرة أو الاحتقار من طرف من يمارسه كما تؤدي الى الشعور بالإهانة والمذلة من طرف الذي يعاني من السلوك الاحتقاري.
لقد ترسبت بدواخلنا عقد كثيرة مرتبطة بحب المال والجاه والنفوذ والسلطة ، فغدونا نعاني الأمرين : نقسو على أنفسنا باللجوء إلى عوالم المظاهر والبذخ بكل الوسائل، متجاوزين بذلك كل القيم الإنسانية النبيلة التي أصبحت تندثر شيئا فشيئا من مجتمعنا ، ونقسو على من هم أضعف منا بإخضاعهم للإهانة والطاعة ، انتصارا لكبرياء حطمه من هم أقوى منا وانتقاما لعقد النقص التي تنخر كياننا . إنها رقصة الديك المذبوح التي نتفنن في استعراضها ...
و إذا تعمقنا في تحليل هذه الظاهرة ، سنجد لها أبعادا تاريخية و أخرى ثقافية :
في أحد تصريحاته ، قال المفكر المغربي المهدي المنجرة أن ما دفعه إلى اختيار " الإهانة" كعنوان لكتابه، هو موقف أثر فيه إبان الإستعمار الفرنسي ، حيث شاهد وهو جالس في مقهى كيف أهان أحد الفرنسيين ماسح أحدية مغربي وصفعه لمجرد أنه عرض عليه خدمة,وعوض أن ينصفه ، قام شرطي مغربي بطرده...
لقد رسخ فينا الإستعمار عقدة الإحساس بالنقص والدونية ، يكفي أن تدخل أحد المرافق التجارية مصحوباً بأجنبي لترى كيف سيعامل كل منكما ، الأولوية تكون دائما للأجانب لأننا نحتقر بعضنا البعض ، نستهين بقدرات بعضنا البعض ، و نرى في الغرب ما لا نراه في أنفسنا ... وخير دليل على ذلك تلك القيمة التي نحظى بها بمجرد أن ننبس ببعض الكلمات بلغة أجنبية ...
"لقد كرس الاستعمار هدا الاسلوب الاحتقاري تجاه ما كان يسمى " السكان الأصليون " ووضع كثيرا من القيود والضوابط العرفية والقانونية والسلوكية التي تتضمن أقصى أنواع الاحتقار والإدلال ..ونجح بشكل خاص في سحق سكان البوادي ( بعدما سحق ثوراتهم المسلحة ) ليجسد على الأرض وفي كل الممارسات اليومية، تفوق البيض والأوربيين على ما عداهم من الأجناس ." يقول عدنان جزولي أستاذ مادة السوسيولوجيا بجامعة محمد الخامس قبل أن يضيف:
"اعتقد أن المشروع الاستعماري في جوهره وكدلك المشروع السلطوي البعيد عن أية مقاربة ديموقراطية ، لابد أن يعتمد كأحد مقومات وجوده واستمراره على مفهوم الحكرة والتحقير والاحتقار ..على اعتبار أن الهيمنة السلطوية بمختلف أشكالها الطبقية والفئوية وحتى الجهوية لابد أن تجد لها مسوغات ومبررات مثلما كان يقال لنا كثيرا حين كنا نطالب بالديموقراطية وحقوق الانسان بأن هذا الشعب لم يصل بعد الى مستوى يخول له استحقاق ذلك ....
ولازالت الى يومنا هدا عدة تصورات مثل هده تحكم سلوك وتعامل مجموعات سياسية ولوبيات تعتبر الآستمرار في احتقار الشعب واهانة المواطنين وتكريس السخرة والحكرة أمورا ضرورية للحفاظ على الامتيازات التي تصنع هيمنتها على المجتمع ..."
في ثقافتنا ، كل من حظي بقليل من السلطة يتجبر ويستعلي و يظلم ويحقر و ينتقم ...في واقعنا اليومي، قد نتعرض للحكرة في البيت، في الشارع ،في الشغل ، في الإدارات العمومية ، وفي كل مكان نحتك فيه مع أناس يحملون في أعماقهم بعض العقد التي تفرض عليهم - ودون وعي أحيانا- الفرار من شخصيتهم الضعيفة، وتقمص دور يرضي حاجتهم لكسب احترام" الناس" ولو بالعنف والقوة ، رغم أنهم في الحقيقة لا يكسبون سوى خوفهم و ضعفهم.
"حكروني "... كان هذا آخر ما قالته فدوى العروي ، الشابة المغربية التي احرقت نفسها قبل شهور على الطريقة" البوعزيزية "، احتجاجا على عدم تدخل السلطات لإنقاذها من وضعيتها الإجتماعية المزرية ، حتى صار العديد من المغاربة يخرجون إلى الشارع للمطالبة بإسقاط هذا السلوك الذي يهين كرامة المواطنين ، وينتهك حقهم في المساواة والكرامة.
لم يعد مصطلح الحكرة الآن ، يعرف كمجرد سلوك نتعامل به فيما بيننا، بل أصبح يرتبط بقضايا إنسانية واجتماعية ، ساهمت في إسقاط أنظمة قوية وجبارة ، ودفعت بالعديد من الشعوب إلى الخروج عن صمتها والثورة ضد كل أشكال الإهانة و الظلم و التهميش...
الحكرة انجبت العديد من العلماء و المثقفين والأدباء و الفنانين و الأبطال ، الذين تحدوا نظرة المجتمع الدونية ، وساروا بخطى ثابتة نحو ما سطرته اهدافهم وتطلعاتهم...فكفانا حكرة لأنفسنا ولبعضنا البعض ،لنأخذ دروسا مما يقع حولنا ، ولنتخذ من المثل الشعبي المغربي " العود لي تحكروا يعميك" عملة ننتصر بها لمبادئ الحق والمساواة واحترام الكرامة الإنسانية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.