شر البلية ما يضحك! هذا ما ينطبق على بعض المواقع الإلكترونية التي تورطت في حملة التشهير ضد الصحفية هاجر الريسوني التي تم الحكم عليها بسنة سجنا نافذة بمعية من معها بتهمة الفساد والإجهاض!! وفي هذا السياق فقد نشر أحد المواقع الإلكترونية خبرا طريفا، يفيد بأن فرنسا جندت "عملائها في الداخل والخارج" لجلد المغرب والتهجم عليه إعلاميا من أجل انتزاع مكاسب اقتصادية عن طريق الابتزاز مستغلة في ذلك قضية هاجر الريسوني! لنفترض أن هذا الطرح سليم، وينطوي على قراءة دقيقة لخلفية دخول الإعلام الفرنسي "الرسمي والخاص" بشكل قوي على خط هذه القضية التي اخدت بعدا دوليا مند تفجرها، فالمشكلة في تقديري الشخصي المتواضع، ليست في الإعلام الفرنسي، ولا في فرنسا التي أصبحت بين عشية وضحاها متهمة بابتزاز المغرب وجلده، بل تكمن المسكلة في الكيفية التي تم بها التعامل مع قضية هاجر ومن معها مند البداية! هل كان الاعلام الأوروبي والغربي سيركز اهتمامه على قضية الريسوني لو تم التصرف بقليل من الحكمة والتعقل مع الواقعة؟ عندما تأخد أي قضية بعد حقوقي دولي، وتصبح خلفياتها غير قانونية، فمن المؤكد أنها ستأخذ طريقها نحو التدويل، وذلك من خلال دخول منظمات دولية وإعلام دولي على الخط، لأن المغرب لا يوجد في جزيرة معزولة عن العالم الخارجي كما يتصور البعض!! هذا الأمر نبه له العقلاء داخل المغرب مند البداية، ولكن الإصرار على العناد كان سيد الموقف، وهو الذي أعطى للقضية زخما حقوقيا وإعلاميا غير مسبوق على المستويين الدولي والأوروبي، بل إن متابعة ملف هاجر الريسوني ومن معها، لم تقتصر على الإعلام الفرنسي، بدليل أن الصحافة الأمريكية، والصحافة الإيطالية، والصحافة الألمانية، والصحافة الإسبانية، تطرقت بدورها إلى الموضوع، وهو الأمر الذي لا يخفى على الدولة التي تتوصل بتقارير إعلامية بشكل يومي عن طريق سفاراتها المعتمدة في عدد من الدول!! زعم استهداف فرنسا للمغرب، أمر مشكوك فيه وفي خلفيته الحقيقية، لأن الدولة المغربية نفسها، ومن خلال تصريحات رسمية وعلى مستويات عدة، ترى في فرنسا شريكا استراتيجيا للمغرب على أكثر من صعيد. كيف تحولت فرنسا الشريك وفرنسا الصديق إلى دولة مبتزة للمغرب بين عشية وضحاها من أجل انتزاع مصالح اقتصادية؟ وهل تدخل العريضة التي وقعتها شخصيات مغربية على رأسها ليلى السليماني والطاهربنجلون،والتي اختاروا نشرها على جريدة لومند، هي الأخرى في إطارالحملة الفرنسية المعادية لمصالح المغرب؟ ما هو موقف من يتبنون هذا الطرح من الموقعين على هذه العريضة والذين تجاوز عددهم 400 موقع كلهم شخصيات مغربية معروفة؟ هل كل هؤلاء عملاء فرنسا داخل وخارج المغرب…ومن بينهم شخصيات جلست إلى نفس طاولة الغداء مع الملك محمد السادس والرئيس ماكرون في قصر الإليزي؟ الكلام عن انخراط الإعلام الخاص والرسمي الفرنسي في قضية هاجر بسوء نية، يفيد أن "ماما فرنسا" دولة معادية، والحال أن فرنسا الرسمية متهمة حقوقيا بالتماهي مع الدولة في قضايا عدة، بل إن المؤشرين الاقتصادي والأمني، يفيدان بأنها شريك اقتصادي وأمني مهم للمغرب، وحتى سياسيا ودبلوماسيا كانت فرنسا دائما أقرب للمغرب في المحافل الدولية، بخصوص قضية الصحراء وقضايا أخرى لا يسمح المقال بالتفصيل فيها! لماذا كل هذا التهويل المظلل؟ وهل تحتاج فرنسا في علاقتها بالمغرب إلى الضغط الإعلامي لكي تجني مصالح اقتصادية منه عبر الابتزاز؟ وضع فرنسا الاقتصادي في المغرب يهدم هذا الطرح ويجعله متجاوزا بل يدفع إلى التساؤل حول دوافعه الحقيقية؟ الاعلام الفرنسي يتمتع بهامش كبير من الحرية، وقضية هاجر ومن معها، أساءت كثيرا للصورة الحقوقية للمغرب بسبب أخطاء ما كان لها أن تكون لولا ثقافة العناد التي تضر ولا تنفع في شيئ! كفى من تضخيم الامور وقلب الحقائق، ولا عيب في الاعتراف بالخطأ بعد ارتكابه، لاسيما، عندما يتحول هذا الخطأ الى فضيحة، وتصبح الحقيقة فيه ساطعة كسطوع الشمس في يوم جميل! قضية الصحفية هاجر الريسوني ومن معها كانت موضوع إدانة حقوقية وطنية ودولية. كما حضيت على المستوى الإعلامي بمتابعة منابر دولية كبرى تنتمي لدول أوروبية وغربية متعدة، ومن لديه شك في هذا الامر، فما عليه إلا رقن اسم هاجر الريسوني بكل اللغات في الانترنيت ليتأكد من صحة هذا الكلام. تصوير فرنسا كما لو أنها عدو للمغرب بسبب هاجر الريسوني مجرد ضحك على الدقون لأن آخر باحث في العلاقات الدولية يدرك طبيعة الأبعاد الاستراتيجية في علاقة المغرب بفرنسا مند عهد الحماية إلى الآن. وما تقوله بعض المواقع عن ابتزاز فرنسا للمغرب لن يسمعه المغاربة على الإطلاق على لسان المسؤولين في الدولة وهذا هو الأهم. أما الزبد فيذهب جفاء كما يقال!