الأحرار دار ميسا لكاع الدوائر للي فالدروة ف الانتخابات الجزئية    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    بطولة إيطاليا لكرة القدم.. تأجيل احتفالات فريق إنتر باللقب ومباراته ضد تورينو إلى الأحد المقبل    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    شراكة مغربية أوروبية.. إعلان عن إطلاق طلب مشاريع لتشجيع الزراعات الإيكولوجية    وزير فلسطيني: المغرب الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس    الجيش الإسباني يدرب الحرس المدني على "الدرونات" قرب الناظور    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن "تمجيد الإرهاب" إثر بيان حول حماس    أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي يكثف هجماته في مختلف أنحاء القطاع    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    مازال غاديين فتطرفهم وكلاخهم.. ايران عاقبت گول المنتخب غير حيث عنق مشجعة كانت مخلوعة    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    عندما تخاف فرنسا.. تُكثر من التصريحات وتعود إلى حضن المغرب!    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بادو: الدولة احتكرت الفضاء العمومي وعسكرته في فترة الحظر الصحي.. وعليها أن تتصالح مع عمقها الثقافي والهوياتي
نشر في لكم يوم 29 - 05 - 2020

يدعو عبد الله بادو، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة “أزطا أمازيغ” الدولة لأن “تتصالح مع عمقها الثقافي والهوياتي وتنكب على تعزيز حضور كل القيم الإنسانية الراقية ضمن منظومة القيم المؤطرة للمدرسة المغربية والإعلام العمومي، بما يخدم مصلحة البلاد والعباد”.
ويؤكد بادو، في حوار مع موقع “لكم”، أن كورونا فرصة بالنسبة للدولة لإعادة بسط سيطرتها وهيمنتها على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعودة لاحتكار الفضاء العمومي وعسكرته بشكل مبالغ فيه أحيانا، وأنها لجأت على مستوى القرار العمومي إلى إعادة مركزة القرار في دائرة ضيقة حيث تدار وتدبر كل الجهات من العاصمة الرباط”.

ويرى بادو أن “الأفق غامض بالنسبة للغة والثقافة الأمازيغيتين لأن الصيغة الحالية للقانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية لن يضمن لها الشروط والمقومات الأساسية لضمان رسمية اللغة الأمازيغية.. كما أن الصيغة الحالية للقانون التنظيمي المحدث للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية أفرز هندسة مؤسساتية لا تنصف الأمازيغية ولا يرتقي بها لتلعب أدوارها ووظائفها حاليا ومستقبلا، وأن اختصاصات المعهد في صيغته الحالية من داخل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية ضعيفة بالمقارنة مع حاجيات اللغة الأمازيغية في المرحلة الراهنة والمستقبلية”.
ويتمنى بادو لأن “يكون هذا النكوص الحقوقي والديمقراطي في بلادنا ظرفيا وأن لا يمتد في فترة ما بعد كورونا”.
وفي ما يلي صحته:
ماذا يعني لك الحجر الصحي؟
اعتبر الحجر الصحي في سياقه إجراء استباقي وقائي اضطراري لجأت إليه الدولة لحماية مواطنيها من جائحة كورونا، كما أنه مناسبة لنقف عند مستوى هشاشة بنياتنا الصحية، حيث كشفت الظرفية أننا نعيش مستوى كبيرا من الهشاشة في قطاعات جد حيوية كالصحة والتعليم، كما أن هذا التدبير دليل قاطع على فشل كل المخططات التنموية السابقة بحكم أنها لم توفر لنا من البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية ما يكفي لنصمد ولو قليلا. بالإضافة إلى أنه كشف أننا دولة ضعيفة بدون رؤية أو استراتيجية لتدبير الطوارئ والأزمات، حيث انهارت العديد من القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية من أول اختبار لها.
واللجوء إلى الحجر منذ أولى الإصابات خير دليل على ذلك، وهو إجراء كانت تقوم به الدول من أكثر من قرن.
رب ضارة نافعة، كما أن الحجر كان فرصة قسرية للاستراحة والراحة والخلوة ولو لفترة للتوقف المؤقت عن كثرة التنقلات للعمل والسفر لأغراض مهنية وجمعوية.
ما الذي تنشغل يه في الحجر الصحي؟
أثناء فترة الحجر الصحي تتعدد الانشغالات والاهتمامات، ولكن لا تخرج عن إطار الانشغالات الأساسية والاعتيادية، وإن اختلف سياقها وطريقة إنجازها، كما أنه أثناء الحجر الصحي يصعب أن تتوفر على برنامج يومي خاص، بقدر أننا في الغالب نقوم بتدبير المهام والمسؤوليات المهنية والشخصية والجمعوية والمنزلية أحيانا حسب الحاجة أو الآجال والمواعيد الخاصة. عمليا فإن وقتي يتم تقسيمه في الغالب وإن بشكل غير متساو بين كل ما سبق ذكره، حيث أعمل على تدبير المهام والمسؤوليات بالشكل والإمكانيات التي يتيحها فضاء وزمن الحجر الصحي، من خلال الاستمرار في:
أولا: تأدية التزاماتي المهنية كمفتش تربوي ومنسق جهوي تخصصي للغة الأمازيغية حيث أسهر على تتبع مهامي عن بعد كعملية التعليم والتكوين عن بعد من خلال المساهمة في تتبع وتقييم الإنتاجات الرقمية التي تنتج على صعيد الجهة، ومواكبة عملية الاستمرارية البيداغوجية وتقديم الاستشارات التربوية والبيداغوجية للمؤسسات التربوية.
ثانيا: العمل على تتبع عمل الجمعية التي أرأسها وأقصد الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة-أزطا أمازيغ، من خلال مواكبة وتتبع وبرمجة أنشطتها والتواصل مع الأعضاء والشركاء (اجتماعات، اتصالات، ندوات وأنشطة رقمية عن بعد …)
ثالثا: استثمار بعض الوقت في مجال البحث الأكاديمي والقيام ببعض القراءات في مجال تخصصي في علم الاجتماع أو مجالات تدخل الجمعية، إلى جانب المساهمة في العديد من الندوات والأنشطة عن بعد.
وأخيرا، حتى لا أنسى القيام أحيانا ببعض المهام المنزلية: التسوق وأشغال منزلية من طبخ ونظافة وغيرها.
ما قراءتك لما يقع اليوم وما الذي كشفته هاته الأزمة؟
تتشكل لدي انطباعات شخصية أولية بخصوص ما يقع، حيث ويصعب تقديم تقييم حول الوضعية الراهنة للبلاد لأنني لا أتوفر على ما يكفي من المعلومات بخصوص آثار الإجراءات المتخذة من طرف الدولة، مما يعقد الأمر نوعا ما، حيث أن الوضعية الحالية نظرا لطبيعتها الاستثنائية والتي فاجأت الجميع، يبدو أنها كانت فرصة بالنسبة للدولة لإعادة بسط سيطرتها وهيمنتها على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث عاينا وبالملموس عودة الدولة إلى احتكار الفضاء العمومي وعسكرته بشكل مبالغ فيه أحيانا، على الأقل وفق ما رصدته في الرباط بحكم أنني أقطن بها. كما أن الظرفية أبرزت بجلاء ضعف الخطة التواصلية للحكومة وشابتها اختلالات وكانت مرتبكة ومسومة بعدم تقاسم مختلف مكوناته لنفس التصور ولنفس المعلومات مما جعل رئيس الحكومة وبعض الوزراء خارج التغطية وتصريحاتهم متناقضة ولا تنم عن اطلاع كاف بدقائق الأمور وتتبع مؤشرات ما يقع.
كما أن السرعة التي اتخذت بها الدولة زمرة من الإجراءات والتدابير المتخذة في كافة المستويات (الصحة، التعليم عن بعد، الدعم المالي للأسر، التعويض عن فقدان الشغل…)، حيث انتقلت إلى السرعة القصوى لاستثمار ما توفره الوسائط الرقمية من إمكانات للتواصل والعمل كان له آثار سلبية كبيرة من أهمها: تهميش نسبة كبيرة من المواطنين وعزلهم عن الولوج لتلك الخدمات، فضح مستوى الهشاشة الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد المغربي. كم أنها فضحت ضعف البنيات التحتية في مجال الاتصال والتواصل الرقمي وعدم تملكها من طرف نسبة مهمة من موظفي واطر الدولة ، بالإضافة إلى ضعف رقمنة الإدارات العمومية واعتماد أساليب تدبير الإجراءات لا يتناسب مع خريطة توزيع الربط الاليكتروني (إقصاء فئات عريضة من المواطنين من الخدمات والدعم بسب عدم توفرهم على المعلومات أو عدم ولوجهم إلى الخدمات الإليكترونية).
هناك من يعتبر أن سلوك التضامن والتآزر التي تنامى خلال الأزمة، سيدفع السلطات لتمرير قرارات أو مواقف والإجهاز على الحقوق والحريات كما نبهت إلى ذلك الأمم المتحدة. هل لديك هذا التخوف؟
غالبا ما تلجأ الدول إلى استغلال الظروف الاستثنائية لتمرير بعض القرارات والسياسات مقتنصة فرصة انشغال المواطنين والفاعلين أو صعوبة تحركاتهم وتقييد حركتهم أو عدم ولوجهم للمعلومات. وبالفعل كانت هناك محاولة لتمرير قانون للحد من حرية لتعبير في ظل حالة الحجر الصحي من قبل وزارة العدل، ولحسن الحظ أن المجتمع المدني كان يقضا وتصدى للعملية وتم وقف تمرير ذلك القانون المشؤوم الذي يروم تكميم المواطنين والمواطنات وسلب حريتهم في التعبير ويكبل حرية الرأي.
البعض يرى خلال هاته الأزمة، أن دور الأحزاب محدود ومقلص ومهمش. أين يكمن الخلل؟
اعتبر أن الأمر تحصيل حاصل نظرا لغياب إطار قانوني وتشريعي لتدبير حالات الطوارئ والوضعيات المشابهة، وهذا لا يعني أن الدولة ليس بإمكانها بلورة تصور يسمح بإشراك الجميع في تدبير الأزمة، ولا أظن أن الأمر يقتصر على المغرب فقط، حيث أن غالبية الدول نهجت نفس السياسة ولو بنسب متفاوتة، وأظن أن هذا السيناريو ليس الوحيد بل هناك سبل تدبير أخرى ممكنة.
ففي ظل غياب الإطار القانوني والتنظيمي ينظم مختلف تدخلات الفاعلين، لوحظ أن الدولة لجأت على مستوى القرار العمومي إلى إعادة مركزة القرار في دائرة ضيقة حيث تدار وتدبر كل الجهات من العاصمة ونلامس أحيانا أن تلك القرارات لا تتناسب مع الخصوصيات الجهوية ومع وضعيتها الصحية ووضعية انتشار كرونا بها، مثلا ما الداعي إلى تطبيق نفس إجراءات الحجر الصحي وتعميمه على كل جهات المملكة، علما أن بعض الجهات لم تسجل فيها ولو حالة إصابة واحدة ولعدة أسابيع.
هناك نزوع ونكوص نحو تعزيز أدوار وزارة الداخلية، أم الوزارات، على المستوى المركزي والترابي بالموازاة الإمعان في إقصاء وتهميش باقي الفاعلين والمتدخلين خاصة المنتخبين والأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني، الشيء الذي نتج عنه التضييق على الحريات والحقوق، كما أن بعض رجال السلطة وأعوانها سعوا إلى استرجاع أمجاد البطش والتعسف ضدا على ما تم تحقيقه من تراكمات على مستوى الحريات والحقوق.
كل هاته الأمور وأخرى تعيد السؤال بخصوص مآل المكتسبات الحقوقية ومستقبل الديمقراطية ببلادنا، حيث أفرز الوضع عن هشاشة النظام السياسي وقابليته للنكوص والتراجع واستغلال أي ظرفية لضرب كل المكتسبات، كما أن الوضعية تعيد سؤال علاقة المركز بالجهات، وما مدى التقدم المحرز في مجال تعزيز اللامركزية واللاتركيز الإداري. وأتمنى أن يكون هذا النكوص الحقوقي والديمقراطي ظرفيا وأن لا يمتد في فترة ما بعد كورونا.
صدر القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة خلال فترة الأزمة.. كيف ترى موقع الامازيغية ومستقبل هذه المؤسسة؟
يبدو الأفق غامضا بالنسبة للغة والثقافة الأمازيغيتين نظرا لعدة اعتبارات من أهمها أن الصيغة الحالية للقانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية لن يضمن لها الشروط والمقومات الأساسية لضمان رسمية اللغة الأمازيغية، ولن تؤهلها لتعلب وظائفها كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية بعد انقضاء كل الآجال المحددة في القانون التنظيمي.
كما أن الصيغة الحالية للقانون التنظيم المحدث للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية أفرز تصورا للهندسة المؤسساتية لهذا المجلس لا ينصف الأمازيغية ولا يرتقي بها لتعلب أدوارها ووظائفها حاليا ومستقبلا باعتبارها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، باعتباره مؤسسة مرجعية دستورية في مجال السياسة اللغوية، لا تكرس مأسسة متكافئة بين اللغتين الرسميتين للبلاد، بشكل لن يضمن المساواة مستقبلا بينهما، حيث أن الملاحظ أن اختصاصات المعهد في صيغته الحالية من داخل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية ضعيفة بالمقارنة مع حاجيات اللغة الأمازيغية في المرحلة الراهنة والمستقبلية.
إلى جانب الصعوبات التي تعيق تحقيق المساواة بين اللغتين الرسميتين في باقي المجالات والسياسات العمومية حيث اللاتكافؤ سيد الموقف في العديد من القطاعات والمرافق والخدمات (القضاء، الإعلام المؤسسات الجامعية والتعليمية والإعلامية … ) كما أن الحكومة والمؤسسات الرسمية لم تشرع بعد في وضع وتنزيل مخططاتها القطاعية لتفعيل الطابع الرسمي مخلة بذلك بالتزاماتها الدستورية.
وما الذي سيرهن مستقبل الأمازيغية بعد أزمة كورونا خاصة وأن رهانات ايمازيغن أكبر؟
تزامنت الجائحة مع ظرفية خاصة بورش تنزيل القوانين التنظيمية الخاصة بالأمازيغية، ففي الوقت الذي كنا ننتظر فيه أن تفرج القطاعات الحكومية عن خططها لتفعيل “الطابع الرسمي” نهاية شهر مارس الماضي كما هو منصوص عليه في القانونين التنظيميين 26.16 و14.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وإدماجها في المجالات ذات الأولوية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، حيث لحدود الساعة لم تفصح ولم تعلن كل الوزارات المعنية بالورش أية مخططات ولم تتخذ أية تدابير أو إجراءات ذات الصلة بالموضوع، مما يدعونا للتساؤل إلى أي مدى تسهر الحكومة على احترام التزاماتها ودستور المملكة وما المانع من إخراج المخططات إلى حيز الوجود والإعلان عنها؟.
ومن محاسن كورونا أنها كشفت أننا في حاجة ماسة إلى تطوير استعمال اللغة الأمازيغية في كافة المجالات حيث لامسنا التهميش والعزلة التي عاشتها مناطق وفئات عريضة من المواطنين بسبب ضعف وندرة المواد الإعلامية الموجهة إلى غير الناطقين باللغة العربية، إلى جانب الصعوبات التي واجهت رجال وأعوان السلطة في إيصال مضامين خطابهم وتعليماتهم باللغات التي يتقنها المواطنون والمواطنات، حيث رصدنا ما يلي:
– المسؤولون بمختلف مستوياتهم لا يمتلكون قدرات تواصلية تساعدهم على تدبير مختلف الوضعيات المرتبطة بمهامهم المتعلقة ليس فقط على فرض الحجر الصحي وضعف تملكهم للغات الساكنة المحلية يجعلهم عاجزين على التواصل معها وتحقيق الغايات من إخبارها مما قد ينجم عنه تعريض حياتهم للخطر وحرمانهم من الاستفادة من التدابير والإجراءات التي قامت بها الدولة ‘التعويض عن فقدان العمل، النصائح والتوجيهات العملية للوقاية من الفيروس…)
– المسؤولون الترابيون يلجؤون أحيانا إلى استعمال خطاب عنيف يفتقد لمقاربة حقوقية، ويتمادون في تنفيذ الإجراءات والتوجيهات بشكل يخل بمهامهم في حفظ الأمن وحماية حقوق الساكنة وحماية سلامتهم البدنية.
– في تغييب للدستور وللخصوصيات السوسيولغوية يسجل ضعف استعمال استبعاد استعمال الأمازيغية في أغلب القنوات العمومية ومن طرف المسؤولين الترابيين (رجال وأعوان السلطة، الدرك الملكي، الأمن، المنتخبين…) مما قد تكون له آثار سلبية مستقبلا في احتواء الجائحة وتطويقها خاصة في المناطق ذات الأغلبية الأمازيغية ولدى الفئات التي لا تتقن غير الأمازيغية حتى بالمدن الكبرى والمتوسطة.
– لا يتم استحضار خصوصية اغلب المناطق القروية والجبلية والتي تفتقر للبنيات التحتية والآليات (أنترنيت، طرق، صيدليات، متاجر، وحدات صحية وأحيانا حتى لرجال وأعوان السلطة وغيرهم…).
– قلة المادة الإعلامية والتوعوية باللغة الأمازيغية وباللهجات الجهوية وتعبيراتها المختلفة (تريفيت، تمازيغت، تشلحيت)، ماعدا المجهود الاستثنائي الذي تبدله القناة الأمازيغية والإذاعات الأمازيغية رغم محدودية إمكانياتها المادية والبشرية، بينما القنوات العمومية الأخرى لم تبذل جهدا في هذا الاتجاه واكتفت بفقرات نادرة كلما تيسر لها ذلك وهنا يسائلنا الى أي مدى تحترم هذه المؤسسات الإعلامية مسؤوليتها ورسالتها في التوعية والتحسيس.
– النشرات الإخبارية تقدم بالعربية والفرنسية دون أن تعمل القنوات الإعلامية العمومية بالخصوص إلى ترجمتها وتخصيص حيز زمني للغة الأمازيغية وباللهجات الجهوية والمحلية، في إطار تمكين المواطنين من المعلومة.
– أغلبية الوصلات الإشهارية يتم تقديما باللغتين العربية والفرنسية ونسبة قليلة باللغة الأمازيغية مما يحرم نسبة كبيرة من المغاربة من حقهم في الولوج إلى المعلومة والأخطر أن ضعف الإخبار والإعلام باللغة الأم قد يمس حقهم في السلامة البدنية ويعرضهم لخطر الإصابة بالفيروس لجهله بالتدابير والإجراءات الحمائية والوقائية لتجنب الإصابة بالفيروس.
ومن أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من ظرفية الجائحة والحجر الصحي أن تسريع وتيرة تعليم الأمازيغية وتطوير الإعلام العمومي الناطق بالأمازيغية وتوفير كل الخدمات التواصلية وخدمات المرافق العمومية بالأمازيغية صار على قائمة أولوية الأولويات للتصدي مواجهة الجائحة، لأنها ستساهم في التوعية والتحسيس وتعبئة عموم المواطنين للتصدي ومواجهة الجائحة واستيعاب ما يقم من حولهم من تحولات وإجراءات وتدابير أمنية وصحية.
من بين القيم التي عرف بها “إيمازيغن” مبادرات “تيويزي”. كيف يمكن استثمارها ورسلمتها وتنميتها في زمن ما بعد “كورونا” ولأجيال المستقبل؟
كانت وما تزال القيم الأمازيغية والكونية ذات العمق الإنساني ملهمة للشعوب في مواجهات الكوارث والطوارئ التي تتهدد المجتمعات الإنسانية و”تويزي” كقيمة وسلوك وآلية للتضامن والتعاون والتآزر بين الناس كانت حاضرة بقوة عبر التاريخ، إلا أننا نلاحظ تراجع قيمي كبير وانتشار قيم الفردانية واضمحلال الرابط الاجتماعي بين الفئات الاجتماعية وتفكك البنيات الاجتماعية الحاضنة لمثل هذه القيم كالقبيلة والعائلة والأسرة الممتدة. إلى جانب تغييب تدريس مثل هذه القيم والتنشئة عليها في مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالمدرسة والجامعة، والإعلام..
ما رصدناه من تنامي عمليات التضامن الواسعة بين مختلف مكونات المجتمع المغربي خلال فترة الحجر الصحي، يمكن أن نعتبره مؤشرا إيجابيا على استمرار تشبت المغاربة بقيم التضامن والتعاون والتطوع، إلا أن ذلك لا يمكن أن يحجب عنا واقع آخر بدأ يتشكل تدريجيا وينتشر في غفلة منا، ويبتعد عن القيم الأصيلة للشعب المغربي و”إيمازيغن” بشكل خاص كتويزي وغيرها من القيم الانسانية، حيث أصبحنا إما فردا متشبعا بقيم الفردانية من جهة، وممارسات أفرغت كل مبادرات التضامن من قيمتها وصيرتها طقوس احتفالية لخلق البوز أو لتلميع الصورة بسيلفيات (شوفوني كنتضامن وكانعاون المحتاجين)، أي أننا أمام سلوك “تضامن احتفالي” له غايات أخرى غير المساعدة والدعم للفئات المحتاجة أو المعوزة افرغ تلك العملية من عمقها وأبعادها الإنسانية.
نتمنى أن تسعى الدولة وكل المؤسسات إلى التصالح مع عمقها الثقافي والهوياتي وتنكب على تعزيز حضور كل القيم الإنسانية الراقية ضمن منظومة القيم المؤطرة للمدرسة المغربية والإعلام العمومي بما يخدم مصلحة البلاد والعباد.
في ظل هاته الأزمة، كيف تنظر لمستقبل عيشنا المشترك؟
أظن أن من أهم خلاصات هذه الظرفية أن المغرب مطالب بإعادة النظر في نموذج الدولة وفي اختياراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الثقافية من خلال الحرص على توفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وتغذية، وبنيات تحتية قوية ومتطورة تساير متطلبات العصر وتحقيق التنمية المستدامة، مع العمل على استعادة منظومة قيمنا القائمة على التضامن والتآزر والتعاون وعلى رأسها تيويزي وتضمينها لمنظومة قيم مؤسسات التنشئة الاجتماعية وتعزيزها عبر أوراش مفتوحة للشباب وتعزيز قيم التطوع والعمل الإنساني.
كما نتمنى أن تأخذ الدولة الدروس والعبر من الجائحة بالاعتبار، وأن تعمل على تكريس نهج تدبيري قائم على قيم ومبادئ الديمقراطية وتعزز آليات وفضاءات الإشراك والمشاركة الفعلية للجميع، لأننا مدعوون إلى الانفتاح أكثر على كل الفئات والمكونات الثقافية للمجتمع المغربي وتعزيز قيم الانتماء والمواطنة من خلال إعادة الاعتبار لكل المكونات الثقافية وتمكينها من الحماية الضرورية وشروط التطور والنمو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.