غلاء الخدمات السياحية وعزوف مغاربة الخارج عن قضاء عطلتهم بالمغرب يجر الحكومة للمساءلة البرلمانية    دعوات لتشكيل جبهة وطنية وعربية لمواجهة تغول الحركة الصهيونية في المشهد الإعلامي    تقديم المدعوة ابتسام لشكر أمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    كرة القدم.. المدافع زابارني ينتقل إلى باريس سان جيرمان    زياش قريب من العودة للدوري الهولندي    تمديد هدنة الرسوم الجمركية يرفع أسعار النفط    المغرب يمد يد العون للبرتغال بطائرتي كنادير لمواجهة حرائق الغابات (فيديو)    ارتفاع أسعار النفط بعد تمديد الولايات المتحدة والصين هدنة الرسوم الجمركية    بسبب جرائم حرب الإبادة في غزة.. فرنسا توقف تجديد تأشيرات عمل موظفي "إلعال" الإسرائيلية        مجلة "فوربس" تتوج رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رائدا للاستثمار الفندقي في المغرب        "شين أنتر" تختتم احتفالية بالجالية        "شين أنتر" تشارك تجربتها مع شباب الجالية المغربية خلال أيام الأبواب المفتوحة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    الرئيس الكوري يزور الولايات المتحدة لبحث قضايا الأمن والشراكة الاقتصادية    وفاة السيناتور الكولومبي أوريبي.. الأمم المتحدة تجدد دعوتها لإجراء تحقيق "معمق"    اعتقال عسكريين في مالي بعد محاولة انقلابية على المجلس الحاكم    ضبط وحجز 1.8 طن من الآيس كريم غير صالح للاستهلاك بموسم مولاي عبد الله أمغار    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    كان يُدَّعى أنه يعاني من خلل عقلي.. فحوصات تؤكد سلامة الشخص الذي اعترض السيارات وألحق بها خسائر بطنجة ومتابعته في حالة اعتقال    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    بعد نشر الخبر.. التعرف على عائلة مسن صدمته دراجة نارية بطنجة والبحث جار عن السائق    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    إسبانيا: إجلاء أزيد من ألف شخص بسبب حرائق الغابات    حكومة سانشيز تطعن في قرار بلدية خوميا بمنع صلاة العيد.. والقضاء الإداري يترقب        المغرب يشارك في معرض بنما الدولي للكتاب    "لبؤات كرة المضرب" يتألقن بناميبيا    الملك محمد السادس يهنئ رئيس تشاد    بورصة البيضاء تنتعش بنتائج إيجابية    مبادرة مغربية تطالب العالم بتصنيف البوليساريو ضمن المنظمات الإرهابية    نادي الفتح الرباطي يتعاقد مع أمحيح    "ويبنز" يتصدر تذاكر السينما بأمريكا الشمالية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    كريستال بالاس يخسر استئناف قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم باستبعاده من الدوري الأوروبي    كرة القدم.. النصر السعودي يتوصل إلى اتفاق مع بايرن ميونيخ لضم الدولي الفرنسي كينغسلي كومان (إعلام)    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    توقيف "داعشي" كان يحضر لعمليات ارهابية    الدولة والطفولة والمستقبل    عمالة الحسيمة تحتفل باليوم الوطني للمهاجر    أشرف حكيمي يتمسك بطموح الفوز بالكرة الذهبية رغم انزعاج باريس سان جيرمان    وفاة أسطورة كرة القدم اليابانية كاماموتو عن 81 عاما    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا لن تئدوا أحلامنا وإنسانيتنا؟
نشر في لكم يوم 06 - 02 - 2013

أن يزيح بعضهم أعينهم بعيدا عن مشهد أو واقعة "فاحشة" لأي دافع كان أمر وحق مؤكد للفرد، لكن أن يبلغ الأمر بالبعض الى مستوى اعتبار كل الحركات والسكنات التي تصدر عن باقي الأفراد فواحش وإخلالا بالحياء العام يشير إلى مستوى موغل من الشذوذ يجرد الإنسان من كل أحاسيسه الجميلة وعواطفه الجياشة التي تمده بالأمل وتساعده على الحلم، تلك الأحاسيس التي يحق له أن يحياها وقتما شاء وأينما شاء ودون انتقاص، لحظات رقي إنساني يصعب على من وضع عصابات على عينه وعقله أن يتمثلها ويدركها، أو بالأحرى أن يعيشها من ينظر إلى العالم من خلف السواد، فتنمحي في عينيه الألوان ولا يرى العالم وما حوله إلا متشحا بالسواد،
إن ما حدث يوم الخميس 10 يناير الجاري على متن الطائرة المصرية المتجهة من القاهرة نحو الدار البيضاء، حين ثار زمرة من "ثوارنا البواسل" احتجاجا على قبلة "فاحشة" عرضية في أحد الأفلام المعروضة على شاشات التلفاز الخاصة بالطائرة، إلى حد تعريض حياة المسافرين الأخرين للخطر بسبب رفض طاقم الطائرة الإذعان لمطلبهم بتغيير الفيلم كما جاء في مقال للمفكر المصري سعد الدين إبراهيم الحاضر في نفس الطائرة تحت عنوان: القُبلة التى كادت تودى بحياة مئة راكب بسبب متشددين مغاربة ، نشر بجريدة التحرير الاليكترونية بتاريخ 25/1/2013، لا يهم من قام بالأمر ولا صفاتهم ومواقعهم بقدر ما يهم فهم الحدث والخلفية التي أنتجته، فالحدث في ذاته الى جانب اخرى تعتبر مؤشرات أولية لبروز اتجاهات اجتماعية ذات أساس ثقافي وديني مؤسسة على قراءة متطرفة للدين تنزع إلى فرض قراءة أحادية دون غيرها، وتكريس منظومة قيم خاصة لا تحضى بالإجماع من لدن كل مكونات المجتمع وبعيدة كل البعد عن الفكر المتنور والمنفتح على القيم الإنسانية الكونية، إن الحدث، رغم بساطته وقلة الاضرار التي نجمت عنه للطف الاقدار وحسن تصرف الطاقم في تدبير الازمة المفتعلة بسبب قبلة الرجل العنكبوت، يستحث فينا التفكير والنظر في ما يقع ربما في غفلة عنا، حيث ان الامر يستدعي تجاوز اعتبار الحادث وما وقع حدثا عرضيا أو سلوكا معزولا ( وهنا من المهم تذكر مجموعة من الأحداث المشابهة: لجان عين اللوح، الهجوم على الممثلة لطيفة أحرار، مسرحية ديالي، فتاوي عبد الله نهاري، فيلم "تنغير جيروزاليم"....). الحدث مناسبة للتساؤل هل ثواني القبلة تستحق كل هذا اللغو والضجة؟ ما هي المعايير التي تحدد معنى الحياء العام وما هو مستوى الخدش الذي ألحقته به تلك القبلة؟ ومن له السلطة في وضع تلك المعايير وإقامة آليات الرقابة والردع؟
إن التطاول المقصود والمدعوم من جهات وأطراف سياسية بعينها مستغلة الدين، أصبح يطال الفضاء العام وتمتد رقعته لتشمل مجالات عديدة كالسياسة، الثقافة، الفن، ... في ما يشبه موجة من التطرف والغلو صارت تكتسح المجتمع رويدا رويدا، وفي غياب الدولة ومؤسساتها لضمان وحماية الحريات والحقوق للجميع وعلى قدم المساواة، يدعونا الى التساؤل عن مستقبل البلاد والعباد:
- هل سنجلد أو لما لا نصلب كل ممثل أو ممثلة تقدم على تصوير أو تجسيد مشهد يخدش الحياء العام؟
- هل سنحرق كل دواوين نزار قباني و أبي نواس...؟
- هل سنقطع أيادي كل الفنانين(ات) الذين يجرؤون على رسم جسد عاري؟
إن ما حدث على الطائرة ويأخذ اشكال اخرى في حياتنا اليومية، يفصح عن تنامي فكر متطرف وشاذ، ينم عن فهم سطحي للفن بكل أشكاله وجهل بوظائفه الاجتماعية في التغيير والتربية والسمو بالكائن البشري في زمن سيطر عليه قيم السوق السلعي باعتباره آلية من اليات المواجهة منظومة قيم التبادل الرأسمالية، إن السلوكات والممارسات من هذا النوع تعبر بصدق عن قصر النظر إذ يحصرون زاوية نظرهم على السينما والفن ككل في شكليات ويفرغونه من محتواه الحقيقي، فيركزون على الجانب الإيروتيكي في القبلة، الجسد، الرقصة أو العمل الفني ككل بغض النظر عن الرسالة أو القيمة الجمالية التي يمثلها ذلك العمل، وهنا لا يختلفون عن صانعي الفيلم ذاته، الذين يخضعون الفن لهيمنة الفكر السلعي الذي يدمر العقل ويكرس الاستلاب بسعيهم الى تقنين كل مظاهر الحياة بما فيه وضع معايير تقيد الفن وتقتل الطابع الابداعي للحد من امكانيات الخلق الفني وتعطيل وظائف الفن الاجتماعية، فالأعمال الفنية السائدة والرائجة لا ترقى في مجملها بالخلق والإبداع الفني، بل تعمل على تسويق أفكار تسعى الى نشر الفكر الاستهلاكي وتدمير الدفاعات الانسانية التي تقاومها، ومنتوجات فنية تقضي على استقلالية الفرد وحريته، بشكل يتنافى مع طبيعة الفن، باعتباره الحل والملاذ للإنسان للخلاص بعد تراجع أدوار الثقافة والدين نتيجة التحكم فيها من طرف القوى السائدة، اذن فقد كان من الاجدى توجيه النقد من زاوية أخرى تسمو بالفن وعبره القيم الجمالة والدينية والروحية والحسية التي كانت موضوع احتواء وتغييب من طرف مؤسسات التسليع والتشويش على حق الإنسان في الإحساس و حقه في السعادة والحلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.