لا يمكننا قطعا أن نصف المشاركة المغربية في أولمبياد طوكيو بالفضيحة، لأنها ليست بالاستثناء بقدر ما هي استمرار لخيبات سابقة.. خيبات تبدأ بكرة القدم ولا تنتهي بالتايكواندو: كرة القدم: كثيرا ما توهمنا أننا أمة ذات انجازات كبيرة في كرة القدم، وأننا بحق بلد الكرة.. حسنا لنتأمل بعضالارقام ولنترك الحكم للاخير.. "ميزانية جامعة كرة القدم تفوق ميزانيات عشرات الوزارات في المغرب"، هذا كلام وزير الصحة المغربي خالد ايت الطالب. وطبعا هو محق جدا في ما قال فميزانية الجامعة تتراوح بين 80 و 100 مليار وهي بذلك الميزانية الأعلى في إفريقيا، في حين تبلغ ميزانية الاتحاد البينيني مثلا 300 مليون سنتيم. (للتذكر فقط: منتخب البنين هو الذي اقصى المنتخب المغربي من دور الثمن خلال كأس أمم افريقيا الأخيرة).. إذن ما دامت ميزانية جامعتنا هي الأعلى فمن المفروض أن ينعكس ذلك على على نتائج المنتخب والفرق، لكن للأسف فهذا لا يحصل: بالنسبة للمنتخب: تأهل المتخب المغربي خمس مرات لكأس العالم من أصل 21 مرة متعادلا بذلك مع تونس، ومتأخرا عن الكاميرون(7مرات)، وعن نيجيريا ( 6مرات). المنتخب المغربي فاز بكأس افريقيا مرة وحيدة تعود لسبعينات القرن الماضي، حين فاز المنتخب المصري بالكأس سبع مرات، والكاميروني خمس مرات، والغاني أربع مرات… بالنسبة للفرق: فازت الفرق المغربية، وهي الرجاء والوداد والجيش، ست مرات بعصبة الأبطال الافريقية، في حين فاز نادي الأهلي المصري لوحده بعشر بطولات، والزمالك بخمسة منها… وحتى لا نطيل بالحديث عن باقي المنافسات الافريقية الأخرى نسرد باختصار هذه الأرقام: حصلت الفرق المغربية على 20 لقبا إفريقيا، والفرق المصرية على 36 لقبا، تتوسطهما الفرق التونسية ب 22 لقبا. كرة السلة: طبعا جميعنا نتذكر فضيحة مسؤولي جامعة كرة السلة التي فتحت غرفة جرائم الأموال التحقيق بشانهم 2019.. ربما تكفي هذه الإشارة لنفهم واقع كرة السلة في المغرب. أما عن الانجازات، فلم يسبق للمنتخب الوصول لبطولة العالم لكنه وصل مرة واحدة للأولمبياد، وعلى غرار نتخب كرة القدم فقد فاز مرة وحيدة ببطولة افريقيا من أصل 18 مشاركة.. كرة اليد: ربما منتخب كرة اليد ليس أفضل حالا من سابقيه فقد شارك 5 مرات في بطولة كأس العالم و18 مرة في بطولة إفريقيا للأمم ولكن دونان يفوز بأي لقب. طبعا لا يمكننا الحديث عن الرياضات الجماعية كاملة وبتفاصيلها المملة، لكننا حاولنا في ذكرناه التركيز على الرياضات الثلاث الأكثر شعبية والتي تخصص لها ميزانية مرتفعة مقارنة مع باقي الرياضات. أما فيما يتعلقبالرياضات الفردية فهي أكثر سواد من الرياضات الجماعية: عندما نقول الرياضات الفردية فنحن نقصد الحديث، بالدرجة الأولى، عن الرياضات التي يستطيع أصحابها الوصول باستمرار للالعاب الأولمبية الصيفية على غرار الملاكمة، التكواندو، الجيدو، وطبعا ألعاب القوى… : الملاكمة: دعونا نبدأ التصرف الطريف اللأخلاقي الذي أقدم عليه الملاكم المغربي يونس باعلا بعضه لمنافسه الملاكم النيوزيلندي خلال مواجهتهما في ألعاب طوكيو الحالية، ثم دعونا نقفز خمس سنوات للخلف وبالضبط لأولمبياد ريو وفضيحة لا أخلاقية أخرى بطلها ملاكم مغربي ايضا هو حسن سعادة الذي بدل أن يستعد لمواجهة منافسيه وجد نفسه معتقلا بتهمة التحرش الجنسي تجاه خادمتين بالقرية الأولمبية… ربما الواقعتين مختلفتين إلا أنهما يعبران بشكل ساخر عن واقع الملاكمة المغربية البعيدة كل البعد عن منطق الاحتراف كعقلية، وهو ما تؤكده النتائج مع بعض الاستثناءات متمثلة في الحصول على 4 ميداليات نحاسية كانت آخرها نحاسية محمد ربيعي بريو، والذي استطاع قبل ذلك الفوز ببطولة العالم في الدوحة. الجيدو: قبل سنتين تم ضبط مدرب المنتخب المغربي للجيدو وهو يستخرج فيزات لمقربين له وأشخاص لا صلة لهم بالجيدو، طبعا مقابل مبالغ مالية كبيرة أو صغيرة، لا يهم.. ببساطة ماذا سنتوقع من لعبة يتاجر مدربها في الفيزات؟.. لذلك لا يمكننا أن نتحدث عن انجازات هذه الرياضة لأنها ببساطة لا توجد إذا ما استثنينا وصول لا عبين أو ثلاثة للأولمبياد كل دورة وخروجهم من الأدوار الأولى. التايكواندو: فيما يخص التايكواندو سنتحدث عن واقعتين مشهورتين عندنا هنا في المغرب: أولها ما أقدم به البطل المغربي أنور بوخرصة لحظة قام برمي ميداليته الذهبية في البحر خلال هجرته السرية على أحد قوارب الموت نحو اسبانيا. أما الواقعة الثانية فهي حرمان البطلة أبو فارس من المشاركة في الاقصائيات المؤهلة لأولمبياد طوكيو وهي الحاصلة على أول ميدالية ذهبية في تاريخ الألعاب الأولمبية للشباب، وهو الأمر الذي أغضب البطلة ومدربها وجعلهما يشهران شواهد طبية تؤكد سلامة أبو فارس على عكس ما ادعته الجامعة، قبل أن تتتراجع البطلة في منشور فيسبوكي، ربما كتب تحت الضغط النفسي الذي تعشيه، لتقول أنها لا تريد التأثير على زملائها المشاركين في طوكيو وأنها مصابة… الواقعتان توضحان ربما بشكل مستفز واقع التايكواندو في المغرب الذي لم يستطع عبر عقود من حصد أية ميدالية أولمبية. ألعاب القوى: كانت نقطة الضوء الوحيدة في الرياضة المغربية سواء تعلق الأمر ببطولات العالم أو الألعاب الأولمبية، إذ يعود لها الفضل في حصول المغرب على ست ذهبيات أولمبية، خمس فضيات وثمان برونزيات كانت آخرها لعبد العاطي اكدير بلندن 2012.. لكن للأسف ألعاب القوى المغربية توقفت هي الأخرى عن انتاج الأبطال خلال العقد الأخير لنكتفي بمشاركات باردة في الألعاب الأولمبية بل وأصبحت المشاركة انجازا في حد ذاتها حسب ما صرح به وزير الثقافة المغربي مؤخرا. وأنا أبحث عن أرقام الرياضة المغربية لكتابة هذا المقال، وجدتني مشوشا كثيرا بين واقع الأرقام ووهم الانجازات التي عمل الإعلام لسنوات على أن يوهمنا بها، فواقع الرياضة المغربية يقول أننا مجرد ذيل للعالم وأننا بحق لسنا بلد رياضة بقدر ما نحن بلد الإنجازات الوهمية. عند كل منافسة عالمية نعيد نفس الجملة عن كون المهم هو المشاركة وعن كوننا ربحنا أبطالا للمستقبل، هو المستقبل الذي تأخر كثيرا ولن يصل أبدا لأننا ببساطة نعمل بمنطق الترضيات ومنطق باك صاحبي، فحتى وإن كان العمل قاعديا ومبني على أسس حقيقية يحضر منطق باك صاحبي ليستبدل نتاج العمل القاعدي بولاد لفشوش وبنات الفشوش لينهار كل شيء، ولكم أن تسألوا أبو فارس عن الأمر. للإشارة فقط، في حديثي عن الألعاب الجماعية اقتصرت على فئة الذكور لأن فئة الإناث أسوء بكثير.