ندوة تناقش بطنجة مساهمة قوانين صرف العملات في خدمة التنمية الاقتصادية بالمغرب    امحمد أبا يبرز بنيويورك الدعم الدولي المكثف لمخطط الحكم الذاتي    ندوة بالرباط تسلط الضوء على الترسبات الحيوية على السفن    إطلاق مشروع بطنجة لتحفيز شباب ونساء على الاستثمار في مقاولات صديقة للبيئة    إيقاف مباريات القسم الممتاز في عصبة الشمال بعد بث تسجيلات صوتية تشير إلى "تلاعبات"    جهة الشرق توقع اتفاقية شراكة مع "ترارزة" الموريتانية للتعاون في تربية المواشي والرعي    جنيف..السكوري يكشف خطة المغرب للحد من عمالة الأطفال    حزب "الجمهوريون" الفرنسي يطرد رئيسه بعد دعوته إلى التحالف مع اليمين المتطرف    الرباط وروما تتفقان على إنشاء "مجموعة مشتركة" لمواجهة ضغط الهجرة    إسبانيا المُصدر الأول من الاتحاد الأوروبي إلى المغرب    بتنسيق مع الديستي.. أمن أكادير يوقف 3 أشخاص متلبسين بحيازة مادة "السلسيون"    بعد انتحار تلميذة بآسفي.. حادثة مماثلة تهز مدينة تطوان    طقس الخميس.. قطرات مطرية مرتقبة ببعض مناطق المملكة        الاتحاد الأوروبي يعلن عن تاريخ الشروع في تطبيق قواعد جديدة للهجرة    الاتحاد المصري لكرة القدم يسقط عقوبة محمد الشيبي    الرجاء يطرح تذاكر افتراضية لمباراة مولودية وجدة    تقرير رسمي: أزيد من 100 ألف طفل يشتغلون بالمغرب وأغلبهم يقومون بأشغال خطيرة    تقرير أمريكي يصنف طنجة في المرتبة 17 ضمن أكثر المدن غلاء في افريقيا    رئيس مقاطعة المرينيين يرد على ضجة تسمية شارع باسم والده: "لم نحذف اسم يوسف بن تاشفين... ولم أقترح اسم والدي"    إذا كان نظام الكابرانات يؤمن بتقرير المصير فليفتح مخيمات تندوف!!    مركز الإمام ورش لتحفيظ القرآن الكريم بالجديدة يحتفي بتلاميذه في حفل اختتام الموسم الدراسي    الحكومة تعيد تنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين    الحكومة تحل العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب والشرايين    مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    أسعار النفط ترتفع بدعم من توقعات انخفاض المخزونات العالمية    غلاء أسعار الأضاحي.. بايتاس: الحكومة قامت بمجهود كبير واتخذت إجراءات    عشرات القتلى في حريق مهول بمنطقة سكنية بالكويت    النيابة العامة تمنح "مومو" خبرة الهواتف    السعودية تطلق تجربة التاكسي الجوي لأول مرة في موسم الحج    مهرجان أكورا للسينما والفلسفة: فيلم بلجيكي يحصد جائزة ابن رشد للفيلم الطويل    الملك محمد السادس يهنئ بوتين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أول تعليق لعموتة بعد قيادته الأردن للفوز على السعودية في عقر دارها    دياز: المغرب يختم الموسم بفوز كبير    الإيسيسكو تجدد التأكيد على التزامها بالمساهمة في القضاء على تشغيل الأطفال    "تقرير أممي يكشف عن كمٍ غير مسبوق من الانتهاكات ضد الأطفال في غزة والضفة الغربية وإسرائيل" – الغارديان    إعادة انتخاب المغرب عن جدارة في اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة    كيف انطلقت بطولة كأس الأمم الأوروبية؟    حقيقة الانسولين الروسي الذي سيدخل السوق المغربية لعلاج مرض السكري؟    رغم المرض .. المغنية العالمية "سيلين ديون" تعد الجمهور بالعودة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    قدوم أكثر من 1.5 مليون حاج من خارج السعودية عبر المنافذ الدولية    الارتفاع يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    تقرير: المغاربة أكثر من رفضت إسبانيا طلبات تأشيراتهم في 2023    الخلاف الحدودي السعودي-الإماراتي على الياسات: نزاع حدودي أم صراع نفوذ؟    حكيمي يكشف السر وراء الفوز الساحق على الكونغو    اليونسكو.. تسليط الضوء على "كنوز الفنون التقليدية المغربية"    اليد الربعة: تجربة جديدة في الكتابة المشتركة    أقصى مدة الحمل بين جدل الواقع وسر سكوت النص    لوحات فريدة عمرو تكريم للهوية والتراث وفلسطين والقيم الكونية    غباء الذكاء الاصطناعي أمام جرائم الصهيونية    أفاية: الوضع النفسي للمجتمع المغربي يمنع تجذّر النقد.. و"الهدر" يلازم التقارير    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    رفيقي يكتب: أي أساس فقهي وقانوني لإلزام نزلاء المؤسسات السياحية بالإدلاء بعقود الزواج؟ (2/3)    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالات التعدد اللغوي في المغرب العربية والامازيغية
نشر في لكم يوم 02 - 04 - 2013

أفرز الحراك السياسي الذي عرفه المغرب منذ الخطاب الملكي في 9 من مارس 2011،عدّة إشكالات مختلفة من حيث مكانتها داخل النظام العام الذي تقوم عليه الدولة،ومن حيث أيضا طبيعتها السياسية الحساسة،ولعلّه من بين أهم هذه الإشكالات نجد، "قضية دسترة الأمازيغية" وما أثاره هذا التنصيب السياسي لهذه اللغة من نقاش سالت فيه مداد كثيرة،وصلت إلى حد المفاضلة الأديلوجية بين كل من أنصار اللغة العربية و أنصار "الأمازيغية". كما أنه لا يخفى على كل باحث في قضايا اللسانيات السلالية،وكذلك في قضايا التعدد اللغوي بأن عملية إضافة "الأمازيغية" كلغة رسمية لهذا البلد قد يترتب عنها نتائج وخيمة،لا من حيث الصراع السياسي والإثني بين العرب والأمازيغ فقط،بل سيصل هذا الاحتدام إلى طلب المدد من المؤسسات الأجنبية كالفرنكفونية مثلا،من أجل اخذ الدعم المادي والدبلوماسي لتقوية الامازيغية وبعثها على حساب اللغة العربية،،وهنا بالضبط تلتقي الأهداف المدسوسة لكل من الحركة البربرية المتطرفة والمؤسسة الفرنكوفونية ويأتي على رأس هذه الاهداف محاصرة اللغة العربية وإزاحتها بشكل قطعي ونهائي ما أمكن ذلك.
لنسلم بداية بأن الموقف الذي يعتبر الأمازيغية لغة قائمة الذات هو موقف غير صحيح،وباطل من وجهين : أولا؛انعدام "الامازيغية" على مستوى الواقع قدرةً وإنجازاً،على خلاف ماعتقده الباحث البربري محمد شفيق حين قال: ((والواقع أن اللغة الامازيغية لا تزال حية محافظة على كيانها الذاتي،إلا لمن كلف نفسه قليلا من الاهتمام باللهجات وما بينها من التداخل والتكامل))أنظر؛لمحة عن33 قرنا من تاريغ الأمازيغن.ص60.وهذا خلط منهجي إذ لا يمكن اعتبار الاشتراك بين اللهجات دليلا على وجود الأمازيغية كلغة.فإذا كان اشتراك هذه اللهجات في بعضٍ من مكونات النظام اللغوي بتعبير اللغوي تمام حسان يعني ضرورة وجود اللغة الأمازيغية،فإلى ماذا سيؤدي الاختلاف الحاصل بين اللهجات التي يقصدها وهي : الشلحية والريفية والسوسية،يضاف إلى هذا الدليل أنه لو اجتمع متحدثو هذه اللهجات لما استطاعوا التواصل بينهم نظرا لجهل لغة بعضهم البعض،وهناك مبرر آخر هو استعمال هذه اللهجات في الاعلام السمعي البصري كنشرات إخبارية مختلفة...،هذا بغض النظر عن كون هذه اللهجات مجرد لهجات عامية لا تعدو ان تكون لغات عالمة تفرعت عن اللغة الأصل التي هي في زعم البعض "الأمازيغية". تبعا لهذه الأدلة لا يمكن اعتبار "الأمازيغية" لغة قائمة الذات،إلا إذا اعتبرنا هذا مطمحا تسعى إلى تحقيقه الأبحاث اللسانية في إطار منهج اللسانيات السلالية.ثانيا؛ ان العمل على بعث "الأمازيغية" المفترضة في إطار المشروع الحالي للسانيات الوصفية البربرية لا يمكن أن يقدم نتائج إجابية لصالح هذه 'اللغة'بل سيعطي نتائج ذات أبعاد سياسية وذلك كإعادة ترميم الصف الأمازيغي وتوحيده حول مسالة اللغة والهوية...خصوصا وأن البحث عن الامازيغية "المنقرضة جوازا" بالمنهج الفيلولوجي المقارن الذي يخدم أهداف سياسية وليس لغوية هو منهج فاشل باعتراف رائده "اشليجل" حين اعتبر من يريد بعث لغة منقرضة (نبيا يتنبأ بالذي مضى).
تبعا لهذين الوجهين السالفين الذكر لا يمكننا الحديث عن لغة اسمها "الأمازيغية" نهائيااما فيما يخص اصطناع الحرف "تيفيناغ" كما هو وارد في بعض أبحاث المنظرين لهذه اللغة المفترضة ليس دليلا على أصولية هذه اللغة أو قدمها لأن عملية وضع "الحروف" والقواعد يمكن ان تحتدث بمناهج لسانية مختلفة،ويمكننا أن نفترض "وجود اطفال داخل بيت لا يتواصل معهم احد وانتظرناهم حتى نضجهم فيمكننا ان نعثر على لغة اصطنعوها بينهم من اجل التواصل"ويمكن تبعا لتلك الاصوات أن نضع حروفا وقواعد...هذا فضلا –حسب اللغوي محمد الأوراغي—أن لفظة "تيفيناغ" لا معنى لها في اللهجات السالفة الذكر،وإنما هي لفظة مركبة من "تفٍ" وتعني الوجود،ثم "ناغ" وتعني ضمير المتكلم..
فإعطاء الطابع الرسمي لهذا "النسق اللغوي المنقرض او المفترض"جوازا،كان ترسميا سياسيا محضا،قائم على احتواء الشارع الأمازيغي وامتصاص غضبه خصوصا وأن الحدث عموما كان في سياق تاريخي يشهد حراكا سياسيا في الوطن العربي،ولا ننسَى الأبعاد الخارجية لهذا الترسيم الذي طال "الامازيغية" فبمجرد ترسيم هذه اللغة،خرجت الحشود الأمازيغية في الجارة الجزائر مطالبة بنفس الترسيم...فالمسالة إذن خاضعة لتسييس هبت به رياح الثورات العربية،هذا إضافة إلى ان من نتائج هذا التعدد اللغوي الرسمي والدستوري أنه يثير أسئلة متعلقة بالمجال الاقتصادي والثقافي،سنعرفها لاحقا.
*********
بعد الحلقة الاولى من هذه السلسلة،تبيّن لنا ولو بإيجاز أن "الأمازيغية" لغة مفترضة/منقرضة،وأنّ ما يوجد الىن من لهجات هو مجرد أنساق لهجية عامية لا تعدو أن تكون في النهاية قد تفرعت عن الأمازيغية المزعزمة.
اما في هذه الحلقة فنريد بداية أن نحدد المقصود ب"الفرنكوأمازيغ" وهو مصطلح نحتناه من مصطلحين اثنين هما: (الفرنكوفونية ثم الأمازيغية) ومذهبُنا في هذا الجمع والتأليف بينهما هو ما نراه من تعضيد بعضهما البعض ضدّ اللغة العربية في مستوى الواقع اليومي التّداولي، ولعلّ تاريخ وجود "ألمتفرنسين" منذ بداية الاستعمار الفرنسي للمغرب حافل بقصص غنية تؤكد محاربةَ اللغةَ العربيةَ حتى في مظاهر التواصل العادية،إضافة إلى "الحركة البربرية المتطرفة" التي أقامت تحالفا مع الفرنكوفونية من أجل القضاء على اللغة العربية بل القضاء على الاسلام في البعد المدسوس بين اهدافهما.
لن نتردد في وصف "الفرنكوفونية" بأنها منظمة توسعية عالمية وضعت نصب أعينها نشر اللغة الفرنسية في جميع أصقاع العالم الممكن إخضاعها للفرنسية،هذا إضافة إلى إعادة إذكاء الفرنسية الموجودة في المستعمرات القديمة نتيجة للتوسع الامبريالي الفرنسي،"بلدان المغرب العربي نموذجا"،وفي الاطار نفسه نجد فرنسا تقدم دعما ماديا ومعنويا للدول الفقيرة _خاصة_ ويكون هذا الدعم مشروط بشرطين هما :1) تلقين العلوم باللغة الفرنسية في جميع أسلاك التعليم،2) توظيف الفرنسية في التوثيق الاداري والمؤسساتي ..،وكان من نتائج هذا الوضع هو انتاح نخبة عريضة من "المجتمع المغاربي خصوصا" تتكلم الفرنسية افتخارا وتميزا..وهذا جانب آخر يمكن البحث فيه عبر اللسانيات النفسية.
وعلى سبيل التخصيص أنشٍئ "المعهد الفرانكفوني للتعاون السمعي البصري" الذي يهدف إلى توسيع رقعة الفرنسية على حساب اللغة العربية في مجال الإعلام وذلك بنشر فرنسية الخطاب الإشهاري..إنتاج برامج حوارية باللغة الفرنسية، إضافة إلى الدعم المادي للصحافة المكتوبة خصوصا الصحف التي تعتبر تابعة للخط التحريري لبعض الصحف الفرنسية والتي تعتبر فرعا عنها في المغرب –مثلا-،وحتى لا نتيه بعيدا فإنه لا يخفى على أحد التدخل الفرنسي في مشروع دافتر التحملات الذي تقدم به الوزير مصطفى الخلفي،وما كان ذلك التدخل إلا من أجل الحفاظ على وضع الفرنسية في الاعلام المغربي،وضمان استمرار الفرنسية وتأكيد التبعية اللغوية في شكل جديد من استعمار القرن 21.خصوصا مع تصاعد الأصوات المنتصرة للغة العربية.
أما من حيث تضافر الحركة البربرية مع الفرنكوفونية من أجل القضاء على اللغة العربية،فإنني سأكتفي بمثال واحد هنا وهو الواقعة اللسانية السياسية التي جرت وقائعها بين وزير البريد سابقا المحجوب أحرضان والوزير الدويري المكلف بالأشغال العمومية حين تدخّل أحرضان باللغة الفرنسية أثناء اجتماع مجلس الحكومة،فلم يستسغ الدويري ذلك فقاطعه مطالبا إياه بالحديث باللغة العربية الرسمية،فلم يستجيب أحرضان بل واصل كلامه بلغة قبيلته الشلحية،فتعذر التواصل في المجلس الحكومي،وانفضّ علقاً جدول أعماله.
إذا كان هذا هو حال المحجوبي أحرضان وهو وزير للبريد،فماذا سيكون حال اللغة العربية لو وضعنا هذا الرجل على زمام أمور اللغة والدين والهوية..فحتما انه سيأتي لنا بأحكام العرف الأمازيغي ويشرع لنا القوانين بأزارفه الوثنية.
والحقيقة أن هذا الوضع يؤكد حقيقة لسانية وحيدة هي أن الفرنكوأمازيغ يسعونَ إلى تحاشي اللغة العربية قدر المستطاع اعتقادا منهما ان نشر اللغة الفرنسية بعد تعذر نشر الأمازيغية،لا يمكن أن يتحقق في قطاع التعليم فقط،بل حيث ما وجد التواصل توجد اللغة،وضرورة ان توجد اللغة الفرنسية بدل اللغة العربية تبعا لدسائسهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.