العرائش.. مصرع سائق دراجة نارية في حادث اصطدام        إقليم شفشاون.. حريق غابوي مفاجئ يستنفر فرق الإطفاء    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. الجناج الدولي غريليش ينتقل من سيتي إلى إيفرتون على سبيل الإعارة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بارتفاع طفيف    افتتاح متجر يرفر 350 منصب شغل بمرتيل    "الأسود" يسعون لتجاوز كبوتهم أمام زامبيا للحفاظ على آمال التأهل إلى ربع نهائي "الشان"    النيابة العامة تقرر متابعة ابتسام لشكر في حالة اعتقال وإحالتها مباشرة على المحاكمة    اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    الجماهير تصوت على حكيمي وبونو    ذروة "شهب البرشاويات" تزين سماء المغرب في منتصف غشت الجاري    الناشط أسيدون في وضع صحي حرج    الحجابة الملكية تسلم هبة للأمغاريين    سجن عراقي يقلق عائلات في المغرب    السياحة الجبلية تنعش الاقتصاد المحلي بإمليل    نهائيات "الشان" .. خروقات في مباراة المغرب وكينيا تغضب "الكاف"        إنقاذ مهاجرين غير نظاميين في البرتغال وسط إجراءات ترحيل صارمة    صحفي هولندي يرجح انتقال زياش إلى أياكس أو تفينتي        المغرب ضيف شرف الدورة ال 21 لمعرض بنما الدولي للكتاب    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    رحيل الفنانة التشكيلية المغربية نجوى الهيتمي عن عمر يناهز 46 سنة    احتجاجات متواصلة في المدن المغربية تنديدا باستهداف الصحافيين في غزة وتجويع القطاع    حكيمي وبونو... أيقونتان مغربيتان تقتربان من معانقة المجد الكروي العالمي    رئيس كوريا الجنوبية والرئيس الأمريكي يعقدان قمة في 25 غشت    القنيطرة تحتفي بمغاربة العالم وشعارها: الرقمنة بوابة لتعزيز الروابط وخدمات القرب    ما ‬هكذا ‬تورد ‬الإبل ‬يا ‬حكام ‬قصر ‬المرادية ...‬    توقيف عدائين سابقين بعد تعنيف قائد خلال وقفة احتجاجية أمام مقر جامعة ألعاب القوى بالرباط    كرة القدم.. المدافع زابارني ينتقل إلى باريس سان جيرمان    المغرب يمد يد العون للبرتغال بطائرتي كنادير لمواجهة حرائق الغابات (فيديو)    "شين أنتر" تختتم احتفالية بالجالية        مجلة "فوربس" تتوج رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رائدا للاستثمار الفندقي في المغرب        ارتفاع أسعار النفط بعد تمديد الولايات المتحدة والصين هدنة الرسوم الجمركية    الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    وفاة السيناتور الكولومبي أوريبي.. الأمم المتحدة تجدد دعوتها لإجراء تحقيق "معمق"    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استئصال القدرة على التفكير
نشر في لكم يوم 05 - 02 - 2023

يعاني إنسان الزمن الراهن،عطالة زخم جوهره الآدمي، المفترض أنه يعكس دائما وأبدا هويته النقية، فأضحى نتيجة ذلك مختبِرا لتجربة واقعية أفرغت مضمون مشاعره النفسية وهواجسه الذهنية.
إنسان تائه ومضطرب بلا عقل ولاعاطفة ولامشاعر ولانزوعات أصيلة، قد تجرَّد تماما من إمكانيات الوعي بملابسات ذاته. تكمن حبكة هذا المآل الدرامي في استئصال قدرته على التفكير، من ثمة اختزاله إلى طيف مشوَّه بلا جدوى أو معنى. يلتهم ذاته بجنون.
منظومةغيرإنسانيةتطورتعلىامتدادعقودطويلةمن منحاها التجسيمي، البدائي، والمباشر، كما جسدته تاريخيا بكيفية لالبس معها شمولية أنساق الثقافة السياسية الديكتاتورية باستعبادها البشر استعبادا دنيئا بواسطة آليات الحديد والنار،لأنها تعتبرهم بلا جدوى، فقط معطيات هياكل مادية غريزية، تعيش حالة الطبيعة المتوحشة يستنزفها كل لحظة وآن، الخواء والعوز، لاغاية من يومياتها سوى تنمية رتابة النمط، والانخراط جملة وتفصيلا بين طيات القوالب الجاهزة.
حاليا، بجانب استمرار الاستبداد وفق صيغته البربرية؛ بانتزاع إنسانية الإنسان، حيث بلغ أقصى مستويات تجليه خلال القرن العشرين مع النازية، الفاشية، المركزيات البيروقراطية الشيوعية، العسكرتارية، بل كافة أنظمة الحكم غير المؤسساتية، ذات المرجعيات الإيديولوجية الواحدة؛ سواء تجلت تحت غطاء مدني أو ثيولوجي. أقول، نعاين تحول نفس توجهات التوتاليتارية الملوِّثة للحس الإنساني، من مرتكزاتها الكلاسيكية بمظاهرها الملموسة و الفورية، كي تلج مسار المراحل التي بلغتها مابعد الحداثة تبعا لتجليات المنظومة الرقمية والتطلع صوب أتمتة الفضاء المجتمعي.
ديكتاتورية جديدة، سادت العالم منذ بداية الألفية الثالثة، جعلت البشرية تتقاسم كل لحظة ذات المعجم تقريبا، إضافة إلى المرجعيات المعرفية والاتيقية التي حدَّدت منذئذ المقولات الإنسانية في صيغتها المعاصرة المنتعشة على إفرازات السيبرانية، بمفاهيمها التي قوضت جذريا، اللبنات التقليدية بالاستناد على قاعدة اكتست أبعادا عدمية؛ أفقها التالي : تقويض ثابت الهوية، ثم تعددية دون بؤرة محورية تخترق هذا التعدد.
هكذا صاغت المفاهيم سياقها الابستمولوجي بناء على عدمية جانحة حقا دون ضوابط ذاتية، يتحقق معها كل شيء دفعة واحدة،كي لايتحقق في نفس الوقت أيّ شيء، تشبه محاولة الإمساك بالماء بين الأصابع.حقيقة الوهم بامتياز، ثم واقع السراب بكل ما تعنيه دلالات سراب الواقع. بلمسة أنامل على شاشة بحجم الكفِّ، تتدفق على صاحبها في طرفة عين شتى ممكنات العالم،غير أنها تتسارع مختفية تباعا بذات سرعة حضورها.
إذن، بناء على رهانات عقلانية الديجيتال، تتوطد أكثر فأكثر، بقفازات حريرية هذه المرة؛ غير مرئية، أساليب استئصال و اقتلاع نواة قدرة الكائن البشري على التأمل المتوقد والمنتبه، فصار الأخير فقط مستهلكا شرها، دؤوبا بلا كلل، يبتلع كل مايقدم إليه،على "طبق من ذهب"، منقادا يزحف على بطنه مهرولا خلف مثيرات ومنبهات، ذات أبعاد هندسية حلزونية ولولبية.
بقدر مايجسد الأفق المعرفي للثورة التكنولوجية المعاصرة محض اشتغال للذكاء الإنساني،والانتقال به وجهة سياقات محض ذكاء اصطناعي، فقد حدث للأسف تضخم غير محسوب العواقب،على حساب الذكاء الطبيعي والذي يختلف عن مولوده بكونه : مفهوم/خيال، نظرية/شعور، فكر/إحساس، استدلال/شغف، عقل/روح، جسد/ذهن، إلخ.
نتيجة كل أمراض الروح الجديدة، حسب تعبير جوليا كريستيفا، الناجمة عن تطورات هذه الثورة الرقمية، التي تسندها عولمة مالية أساسا جارفة لمختلف رذائل النيو– ليبرالية بكل أمراضها الفتاكة، تتجلى من خلال ذلك بوضوح أوراش استئصال التفكير وتعويضه بماكينة الجاهز، بوتقة لما تبقى من الأمراض.
-"لاتفكرْ ! لاتتعبْ هدوء المادة الرمادية، نحن بصدد تهيئ و توضيب كل مايصلح لمصيركَ، وماعليكَ سوى الامتثال، وإعادة مدِّ الآخرين بنفس الجاهز". إنه وازع التوتاليتارية الجارية، المنطوية على جل معاني استعباد الإنسان وإخضاعه لمزادات أسواق النخاسة الحديثة، لذلك صار مجرد شيء ضمن أشياء كثيرة، تداخلت فيما بينها تداخلا سورياليا، فالتبس أخيرا كل شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.