كشف استطلاع رأي أنجزه المركز المغربي للمواطنة والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عن تنامي التمييز والكراهية لدى الشباب المغربي تجاه المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء بالمغرب. ورصد الاستطلاع أن 86% من المغاربة يعتبرون أن تزايد عدد المهاجرين سيصبح إشكالية يعاني منها المغرب في المستقبل، ولا يوافق %66 منهم على أن يصبح المغرب بديلا للإقامة الدائمة للمهاجرين الذين لم يتمكنوا من الولوج الى أوربا ولا يرغبون في العودة الى بلدانهم الأصلية، ويوافق 25% على ذلك بشروط. ويري %87 من المشاركين في الاستطلاع وجوب تعزيز مراقبة الحدود المغربية لمنع ولوج مهاجرين آخرين إلى المغرب، في حين أن 7% فقط لا يرغبون في ذلك. وأبرز الاستطلاع أن الفئة العمرية الأقل من 30 سنة تعرف ارتفاع منسوب عدم التسامح تجاه المهاجرين، ويتجلى ذلك في كون 53% منهم يرفضون تمكين المهاجرين من الولوج الى الخدمات الاجتماعية من قبيل الصحة والتعليم، في حين أن هذه النسبة لا تتجاوز 26% بالنسبة لباقي الفئات العمرية. كما أن 58% من المشاركين دون 30 سنة لا يقبلون بإدماج المهاجرين كمستخدمين أو عمال في المقاولات والشركات بالمغرب، ولا يقبلون أن يجاورهم في السكن مهاجر، في حين أن هذه النسبة لا تتعدى 32 إلى 37% لدى الفئات العمرية الأخرى. ومقابل ذلك، قدم 70% من المشاركين الذين يتجاوز عمرهم 30 سنة مساعدات مادية للمهاجرين مقابل 46 % فقط بالنسبة للأشخاص دون 30 سنة. وأكد الاستطلاع أن هناك تناميا في خطابات الكراهية لدى الشباب أقل من 30 سنة، والبعيدة عن قيم التسامح التي يتميز بها الشعب المغربي. وفسر الاستطلاع هذا الأمر بردة فعل ضد الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها الشباب، خصوصا البطالة، وكردة فعل ضد خطابات بعض المهاجرين الذين يدعون أن شمال إفريقيا هي للأفارقة من جنوب الصحراء، كما أتاح التعامل السطحي لبعض المجالس المنتخبة مع مشكلة احتلال المهاجرين للفضاءات العامة في مناطق حساسة مثل منطقة أولاد زيان بالدار البيضاء الفرصة لرافضي الهجرة لتشويه صورة المهاجرين وتخويف المغاربة من خطر الهجرة. وأشار الاستطلاع إلى أنه ورغم ترحيب العديد من المغاربة بالمهاجرين على أرض المغرب للاستقرار والعيش فيه، إلا أنهم يطرحون مجموعة من الأسئلة بخصوص قدرة المغرب على تلبية حاجيات شبابه، فما بالك بهذا العدد من المهاجرين المفروض عليهم الاستقرار بالمغرب دون إرادتهم. وتوقف الاستطلاع في خلاصاته على أن المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء لا يعتبرون المغرب إلا محطة للعبور، لكن تشديد المراقبة على الحدود حولهم إلى "مهاجرين فرض عليهم الاستقرار في المغرب" إما بشكل مؤقت في انتظار الفرصة للعبور، أو في انتظار العودة لبلدانهم مستفيدين من الدعم المخصص لذلك، أو فرض عليهم الاستقرار بشكل نهائي والاندماج في النسق الاجتماعي المغربي. وأكدت الخلاصات على أن المقاربة الأمنية التي تتبناها الدول الأوروبية والمبنية على التشدد في المراقبة والإغلاق الحدودي والتجريم القانوني للهجرة لم تنجح في تقليص أعداد المهاجرين غير الشرعيين، بل قامت بتصدير إشكالية تدبير الهجرة الى بلدان العبور وتحويلها إلى بلدان الاستقبال. وأوصى الاستطلاع بضرورة مراجعة دور الدركي الذي يقوم به المغرب، خاصة وأن هذا الدور وبالقدر الذي يريح أوروبا من أعباء اقتصادية واجتماعية وحقوقية، فهو يثقل كاهل المغرب على جميع هذه الأصعدة، كما أن هذا الدور يؤدي إلى تنامي ظاهرة العنصرية ويغذي معضلة التحريض على الكراهية. وحذر الاستطلاع من تحول موضوع الهجرة إلى أداة جيو-استراتيجية للضغط والابتزاز من قبل دول الشمال على دول الجنوب بغرض تحويلها إلى دركي في مجال محاربة الهجرة غير النظامية، دون النظر إلى العوامل التي تفرض هذه الظاهرة، مثل ضعف التعاون الدولي في مواجهة تجارة البشر، والأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تحفز تدفق الهجرة غير الشرعية، والتي تقع مسؤولية تنظيمها على كافة الدول بصفة مشتركة ما بين دول المنشأ ودول العبور ودول الاستقبال. ودعا الاستطلاع إلى العمل على نشر قيم التسامح والعيش المشترك وثقافة حقوق الإنسان، مع ضرورة إشراك هيئات المجتمع المدني في السياسات العمومية الهادفة الى إدماج المهاجرين من جنوب الصحراء.