أكدت العديد من الهيئات الحقوقية أن الحق في التنظيم بالمغرب يعرف اختلالات وانتهاكات متعددة، تسعى إلى التضييق على الجمعيات الحقوقية الجادة، بهدف إسكاتها وإقبارها. ونبهت الهيئات في كلمات لها خلال ندوة نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الانسان، مساء أمس السبت، حول "انشغالات ومهام الحركة الحقوقية المغربية" إلى ما يحاك ضد الحركة الحقوقية، بهدف ضرب مصداقيتها لدى المواطنين، فضلا عن تغول وزارة الداخلية، وانتهاكها القانون والدستور لمنع الجمعيات الحقوقية من حقها في التنظيم. صراع دائم مع الدولة وفي هذا الصدد، قال عبد الله مسداد عن الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان إن الحق في التنظيم لطالما كان في المغرب موضوع صراع دائم ومتواصل بين القوى الحقوقية والدولة. وسجل أن حرية التنظيم تضيق وتتسع حسب موازين القوى، فعندما يميل لصالح الحركة الحقوقية نجد هامش حرية اكبر، وعندما يميل الميزان للدولة نجد التضييق الذي ويتواتر ويصبح أكثر وضوحا. وأبرز مسداد أن الحق في التنظيم له صلة وثيقة بكافة حقوق الانسان لأن توفره يعطي إمكانية للنضال أكثر من أجل باقي الحريات والحقوق. وتوقف الحقوقي على فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات، التي عرفت هامشا أوسع على المستوى الحقوقي، بسبب النهوض الجماهيري القوي، المتمثل في طرح ملف الاعتقال السياسي بقوة، ومعارك كبرى للكشف عن مصير المختطفين، ومئات المناضلين الذين كانت تعج بهم السجون، حيث كان الضغط قويا لاطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعرفت هذه المرحلة مكتسبات حقوقية مهمة، عكس ما نشهده في هذه المرحلة. وأكد المتحدث أن القانون اليوم في واد والممارسة في واد آخر، فمن له اليد الطولى في الحق في التنظيم هي وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التي لا تحترح المقتضيات القانونية والدستورية. ولفت إلى أن الحق في التنظيم يعرف جملة من الانتهاكات القانونية من بينها عدم احترام منح وصل الايداع فورا، وبعد 60 يوما منح الوصل النهائي، إضافة إلى الحرمان من الفضاءات العامة، وغيرها من الانتهاكات التي توضح أن انتهاك الحق في التنظيم ممنهج. تغول وزارة الداخلية بدوره، توقف مبارك العثماني عن الهيئة المغربية لحقوق الإنسان على الانتهاكات الحقوقية التي أصبحت متواترة بشكل تصاعدي. وأشار العثماني إلى ما تكابده الهيئة من التعسف والتضييق والحصار، ما يشكل حجة على حالة التردي الحقوقي ومثالا على خرق الحق في التنظيم وتغول مسؤولي وزارة الداخلية وبقائهم خارج المحاسبة. وأكد الحقوقي أن منطق التعليمات لا يزال مستمرا في بلد المفروض أن يكون قد قطع مع هذه الممارسات. وأضافة"لا شيء تغير على أرض الواقع، فالهيئة محرومة من وصل الايداع القانوني منذ اربع سنوات، والمنع والتضييق يطالها بدون مبرر، و رغم طرق مختلف الأبواب ومراسلة مختلف المؤسسات والمسؤولين لا يزال الوضع على حاله، واليوم لا تزال الهيئة تواجه المنع والحرمان من استعمال الفضاء العمومي، لعقد مؤتمرها في دجنبر المقبل". وأفاد العثماني أن الهيئة ممنوعة من الحصول على مركز الملتقيات ببوزنيقة لعقد مؤتمرها، حيث صرح باشا بوزنيقة انه توصل بالتعليمات من جهات عليا للمنع. وجزم الحقوقي بأن تصريح وزير الداخلية غي 2014 كان أكبر تغليط للرأي العام تجاه الحركة الحقوقية، ومؤشرا عن انقلاب وتملصالدولة من الالتزامات التي قطعتها، واليوم وبعد تسع سنوات من تصريح الوزير أمام البرلمان تنكشف حقيقة ان التحكم راسخ وان الإرادة للانتقال إلى سيادة القانون بعيدة المنال. محاولة إفساد من الداخل عادل تشيكيطو رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أكد خلال كلمته أن العصبة بدوها تتعرض للتضييق على حقها في التنظيم، شأنها في ذلك شأن الهيئات الحقوقية المناضلة. وأشار تشيكيطو إلى أن ما يحدث في ولاية الرباط، ارتباطا بالملفات القانونية للجمعيات والحصول على وصولات الإيداع غير مفهوم، ويتم الأمر بطريقة وقحة. وقال إن المسؤولين التابعين لوزارة الداخلية يخضعون للتعليمات ولا يكترثون بالقانون ولا بالدستور، ويشتغلون بمنطق "عينينا فيكم" ما يؤكد أن الحركة الحقوقية بشكل عام مستهدفة. ونبه الحقوقي إلى أنه يتم اتباع العديد من الوسائل التعجيزية لمنع الجمعيات من الوصولات، مشيرا في هذا الصدد إلى أن أحد فروع العصبة طلب منه وصل إيداع 1972، خلال عملية تجديد الفرع. كما نبه تشكيطو إلى ما يحاك ضد الجمعيات الحقوقية لنهشها من الداخل، حيث يتم زرع أشخاص في الفروع غرضهم قتل المصداقية التي تتوفر عليها هذه الهيئات عبر مجموعة من الممارسات المخلة. وقال إنه وبعد النجاح في زرع مثل هؤلاء الأشخاص في الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية من أجل إفسادها من الداخل، تتكرر المحاولة اليوم مع الجمعيات الحقوقية، وهو ما ينبغي التنبه له ومواجهته.