أصدرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تعليمات للصحفيين الذين يغطون الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بتقييد استخدام مصطلحي "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" و"تجنب" استخدام عبارة "الأراضي المحتلة" عند وصف الأراضي الفلسطينية، وفقا لنسخة مسربة من مذكرة داخلية، نشر موقع "انترسبت" مقالا تحليليا حولها. وتطلب المذكرة أيضا من المراسلين عدم استخدام كلمة فلسطين "إلا في حالات نادرة جدا" والابتعاد عن مصطلح "مخيمات اللاجئين" لوصف مناطق غزة التي استوطنها الفلسطينيون النازحون تاريخيا الذين طردوا من أجزاء أخرى من فلسطين خلال الحروب الإسرائيلية العربية السابقة. بينما تعترف الأممالمتحدة بهذه المناطق كمخيمات للاجئين وتأوي مئات الآلاف من اللاجئين المسجلين، وفقا لملاحظة محرري موقع انترسبت. المذكرة التي كتبتها سوزان ويسلينج، محررة معايير نيويورك تايمز، والمحرر الدولي فيليب بان، ونوابهما، "تقدم إرشادات حول بعض المصطلحات والقضايا الأخرى التي تعاملنا معها منذ بداية الصراع في أكتوبر"، حسب تقرير انترسبت. وبينما يتم تقديم الوثيقة كمخطط عام للحفاظ على المبادئ الصحفية الموضوعية في تغطية حرب غزة، قال العديد من العاملين في نيويورك تايمز لموقع انترسبت إن "بعض محتوياتها تظهر دليلا على احترام الصحيفة للروايات الإسرائيلية." وقال مصدر في غرفة الأخبار في صحيفة نيويورك تايمز، طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام، عن مذكرة غزة: "أعتقد أن هذا النوع من الأشياء يبدو احترافيا ومنطقيا إذا لم تكن لديك معرفة بالسياق التاريخي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي". واستدرك قوله: "ولكن إذا كنت تعرف، فسيبدو لك واضحا (في المذكرة) مقدار الاعتذار لإسرائيل". Leaked NYT Gaza Memo Tells Journalists to Avoid Words "Genocide," "Ethnic Cleansing," and "Occupied Territory" https://t.co/VdSDVYeFf8 by @jeremyscahill, @ryangrim https://t.co/VdSDVYeFf8 — The Intercept (@theintercept) April 15, 2024 تم توزيع التوجيهات لأول مرة على صحفيي نيويورك تايمز في نونبر 2023، وتم تحديث التوجيهات، التي توسعت في التوجيهات النمطية السابقة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بانتظام خلال الأشهر التالية. وفتحت هذه المذكرة المسربة نافذة داخلية على تفكير محرري نيويورك تايمز الدوليين عندما واجهوا اضطرابات داخل غرفة الأخبار المحيطة بتغطية الصحيفة لحرب غزة. توضح مذكرة نيويورك تايمز إرشادات حول مجموعة من العبارات والمصطلحات، "حيث أدت طبيعة الصراع إلى لغة تحريضية واتهامات تحريضية من جميع الأطراف. لهذا يجب أن نكون حذرين للغاية بشأن استخدام مثل هذه اللغة، حتى في الاقتباسات." ويضيف المحررون: "هدفنا هو تقديم معلومات واضحة ودقيقة، وغالبا ما تؤدي اللغة الساخنة إلى حجب الحقيقة بدلاً من توضيحها." وتابعت المذكرة: "إن كلمات مثل "مذبحة" و"مجزرة" غالبًا ما تحمل مشاعر أكثر من المعلومات. فكر مليا قبل استخدامها بصوتنا"، وفقا للمذكرة. "هل يمكننا توضيح سبب استخدامتا لهذه الكلمات على موقف معين دون آخر؟ وكما هو الحال دائمًا، يجب أن نركز على الوضوح والدقة، وأن نصف ما حدث بدلا من استخدام التصنيف." مناقشات حساسة وتتطرق مذكرة التايمز إلى بعض اللغات المشحونة أكثر، والمتنازع عليها، حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. حيث توضح التوجيهات، على سبيل المثال، استخدام كلمة "إرهابي". وجاء في مذكرة التايمز المسربة: "من الدقيق استخدام كلمتي "الإرهاب" و"الإرهابي" في وصف هجمات 7 أكتوبر، والتي تضمنت الاستهداف المتعمد للمدنيين في عمليات القتل والاختطاف". ويضيف المحررون: "لا ينبغي لنا أن نخجل من هذا الوصف للأحداث أو المهاجمين، خاصة عندما نقدم السياق والتفسير". كما تنصح التوجيهات الصحفيين ب "تجنب كلمة "المقاتلين" عند الإشارة إلى هجوم 7 أكتوبر؛ لأن المصطلح يشير إلى حرب تقليدية وليس هجومًا متعمدًا على المدنيين. وكن حذرًا في استخدام كلمة "المتشددين" التي يتم تفسيرها بطرق مختلفة وقد تكون مربكة للقراء. في المذكرة، يقول المحررون لصحفيي نيويورك تايمز: "لسنا بحاجة إلى تعيين تسمية واحدة أو الإشارة إلى هجوم 7 أكتوبر باعتباره "هجومًا إرهابيا" في كل إشارة؛ من الأفضل استخدام الكلمة عند وصف الهجمات على المدنيين على وجه التحديد. يجب علينا ممارسة ضبط النفس ويمكننا تغيير اللغة باستخدام مصطلحات وأوصاف دقيقة أخرى: هجوم، اعتداء، اجتياح، الهجوم الأكثر دموية على إسرائيل منذ عقود، وما إلى ذلك. وبالمثل، بالإضافة إلى "الإرهابيين"، يمكننا تغيير المصطلحات المستخدمة لوصف أعضاء حماس الذين نفذوا الهجوم: مهاجمون، ومسلحون". ولا تصف صحيفة نيويورك تايمز هجمات إسرائيل المتكررة على المدنيين الفلسطينيين بأنها "إرهاب"، حتى عندما يتم استهداف المدنيين. وينطبق هذا أيضا على الاعتداءات الإسرائيلية على المواقع المدنية المحمية ، بما في ذلك المستشفيات. وفي القسم الذي يحمل عنوان "الإبادة الجماعية واللغة التحريضية الأخرى"، تقول التوجيهات إن "الإبادة الجماعية" لها تعريف محدد في القانون الدولي. "وبصوتنا، ينبغي لنا عمومًا أن نستخدمها فقط في سياق تلك المعايير القانونية. ويجب علينا أيضًا أن نضع حاجزًا مرتفعًا للسماح للآخرين باستخدامه كإتهام، سواء في الاقتباسات أم لا، إلا إذا كانوا يقدمون حجة موضوعية بناءً على التعريف القانوني"، حسب ما جاء في المذكرة. وفيما يتعلق ب "التطهير العرقي"، تسميه الوثيقة "مصطلحا آخر مشحونا تاريخيا"، وتوجه الصحفيين: "إذا كان شخص ما يوجه مثل هذا الاتهام، فيجب علينا الضغط للحصول على تفاصيل أو توفير السياق المناسب". مخالفة الأعراف الدولية وفي حالات وصف "الأراضي المحتلة" ووضع اللاجئين في غزة، تتعارض المبادئ التوجيهية بأسلوب نيويورك تايمز مع المعايير التي وضعتها الأممالمتحدة والقانون الإنساني الدولي. وفيما يتعلق بمصطلح "فلسطين"، وهو اسم يستخدم على نطاق واسع لكل من المنطقة والدولة المعترف بها من قبل الأممالمتحدة، تحتوي مذكرة نيويورك تايمز على تعليمات صريحة: "لا تستخدمه في سطور البيانات أو النصوص الروتينية أو العناوين الرئيسية، إلا في حالات نادرة جدًا مثل عندما ورفعت الجمعية العامة للأمم المتحدةفلسطين إلى دولة مراقبة غير عضو، أو إشارات إلى فلسطين التاريخية." وتشبه إرشادات التايمز هذه تلك الخاصة بإٍشادات وكالة أيوشيتيد بريس. وتوجه المذكرة الصحفيين بعدم استخدام عبارة "مخيمات اللاجئين" لوصف مستوطنات اللاجئين القائمة منذ فترة طويلة في غزة. حيث يقول المحررون:"بينما تسمى مخيمات اللاجئين، فإن مراكز اللاجئين في غزة هي أحياء متطورة ومكتظة بالسكان يعود تاريخها إلى حرب عام 1948. قم بالإشارة إليها كأحياء أو مناطق، وإذا كان السياق الإضافي ضروريًا، اشرح كيف تم تسميتها تاريخيًا بمخيمات اللاجئين." وتعترف الأممالمتحدة بثمانية مخيمات للاجئين في قطاع غزة. واعتباًا من العام الماضي، قبل بدء الحرب، كانت هذه المناطق موطنًا لأكثر من 600 ألف لاجئ مسجل. والعديد منهم ينحدرون من نسل أولئك الذين فروا إلى غزة بعد طردهم قسراً من منازلهم في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، والتي شهدت تأسيس الدولة اليهودية والتشريد الجماعي لمئات الآلاف من الفلسطينيين. منذ 7 أكتوبر، قصفت إسرائيل بشكل متكرر مخيمات اللاجئين في غزة، بما في ذلك جباليا والشاطئ والمغازي والنصيرات. وتقول تعليمات المذكرة بشأن استخدام "الأراضي المحتلة": "عندما يكون ذلك ممكنًا، تجنب المصطلح وكن محددا (مثل غزة والضفة الغربية، وما إلى ذلك) حيث أن لكل منها وضعًا مختلفًا قليلا". وتعتبر الأممالمتحدة، إلى جانب معظم دول العالم، غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية أراضٍ فلسطينية محتلة، استولت عليها إسرائيل في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967.