شهدت جلسة مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، التي عُقدت اليوم الثلاثاء بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب، بحضور وزير العدل عبد اللطيف وهبي، تقديمَ تعديلاتٍ هامة، ارتكزت أساسًا على توسيع دور جمعيات المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد. وكشف وهبي خلال الجلسة أن الحكومة قبلت بعض التعديلات المقترحة، حيث وافقت على 43 تعديلا من أصل 155 مقدما من فريق الأغلبية، و42 تعديلا من أصل 309 مقدما من الفريق الاشتراكي، و28 تعديلا من أصل 186 مقدما من الفريق الحركي، و11 تعديلا من أصل 167 مقدما من فريق التقدم والاشتراكية، و21 تعديلا من أصل 435 مقدما من مجموعة العدالة والتنمية. أما بالنسبة للنواب غير المنتسبين، فقد قبلت الحكومة تعديلا واحدا من أصل 12 للنائبة ريم شباط، وتعديلين من أصل 55 للنائبة فاطمة التامني، وتعديلا واحدا من أصل 24 للنائبة نبيلة منيب.
وركز النقاش بشكل حاد حول المادة الثالثة من المشروع، التي تنص على أن إقامة الدعوى العمومية وممارستها أصبح اختصاصا حصريا للنيابة العامة، كما تقضي بأنه لا يمكن إجراء الأبحاث أو إقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم المتعلقة بالمال العام إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك. واتنقد نواب من المعارضة، من خلال التعديلات التي تقدموا بها، ما اعتبروه "تقييدا" لحق المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، خاصة تلك المرتبطة بالمال العام، داعين إلى حذف هذا "القيد" والعودة إلى ما كان منصوصا عليه في القانون ساري النفاذ والذي يمكن الموظفين المختصين قانونا من تحريك الدعوى العمومية. كما أثارت المادة 7 نقاشا واسعا، إذ تنص على أنه يمكن للجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة والحاصلة على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيمي أن تنتصب طرفا مدنيا. وتشبثت المعارضة في تعديلاتها بحذف التنصيص على عبارة "الحاصلة على إذن بالتقاضي"، معتبرة أن مقتضى هذه المادة تضمن تقييدين إضافيين على حق الجمعيات التي كان منصوصا على أهليتها كطرف مدني؛ يتمثل الأول في الحصول على إذن من السلطة المكلفة بالعدل، فيما يهم الثاني الإحالة على نص تنظيمي. واعتبر نواب المعارضة أن اشتراط الإذن بالتقاضي "يتعارض مع التطور الحقوقي والقانوني الذي تم تحقيقه في المملكة"، كما أن تقييد انتصاب الجمعيات بشرط الإذن الخاص في كل قضية من شأنه، في تقديرهم، أن "يفرغ الدور الذي يفترض فيها القيام به من مضمونه ويهمش أداءها". وقد رفضت الحكومة كافة التعديلات التي قدمتها المعارضة على المادتين 3 و7، معتبرة أن النيابة العامة هي الجهة المخولة قانونا بمتابعة مثل هذه القضايا.